| محليــات
تزامن قرار سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، بالموافقة على توصية مجلس منطقة الرياض، بإنشاء جمعية خيرية تعنى برعاية ومساعدة مرضى الفشل الكلوي برياسة سموه، مع ما أحصاه المركز الوطني لزراعة الأعضاء (مديره الدكتور فيصل شاهين) من وجود 5706 مرضى الغسيل الكلوي في المجتمع السعودي، نهاية عام 1999م، منهم كثر من 2500 مريض على قائمة الانتظار، فيما اضطلع المركز بزراعة 263 كُلية في العام نفسه، منها 76 كُلية من متوفين دماغيا، و188 كُلية من الأقارب الأحياء.
ومع أن الخبر لم يشر إلى عما إذا كان هناك تراجع أو تصاعد، في حالات الفشل الكلوي في المجتمع السعودي، إلا أنه يمكن ان نستنتج من المؤشرات المستقاة من الملاحظة العامة، أن هذه النسبة في تصاعد مستمر، وإن كان قولي هذا لا تؤيده حتى ساعة كتابة هذا المقال معلومات رسمية موثقة يُركن إليها.
على أية حال يظل موضوع مرضى الفشل الكلوي حديث الساعة، بل وكل ساعة في أيام هذا المجتمع، ولعل لدى المركز الوطني لزراعة الأعضاء، ومن ثم الصديق الاستاذ عبدالرحمن الشثري (أبي هشام) الكثير من المعلومات في هذا الصدد، بحكم أنه واحد من أبرز الذين عانوا من الفشل الكلوي، حتى قيض الله له من تبرع بكليته فزرعها وعافاه الله، الذي نسأله أن يهيئ لكل مريض مصاب بالفشل الكلوي، من يتبرع بإحدى كليته، لينقذ انسانا من هذه المعاناة، وهل هناك أصعب من معاناة من يُضطر يوميا أو يوما بعد يوم، إلى الشخوص صوب أحد المستشفيات، لإجراء عملية الغسيل التي لا مفر منها.
قرار الأمير سلمان بن عبدالعزيز برياسة هذه الجمعية، يسجل له بالتقدير والاحترام، وهو استجابة لقيت اصداء حسنة، ليس عند فئة من فئات المجتمع السعودي، شاءت إرادة الله عز وجل ولا راد لمشيئته أن تتعرض لهذا المرض، بل لدى الاوساط كافة، وهي استجابة ليست بالجديدة، أو الغريبة، أو الطارئة، على صِدق وأصالة توجُّهات سموه، النابعة من قيم وتقاليد وأعراف المجتمع السعودي، بل هي لمسة حانية تضاف إلى لمسات سموه في المجال الانساني، حتى غدت عبارة سلمان الإنسان أشد ما تكون انطباقا على واقع توجهات سموه، وترددها أفواه من يقدرون الأعمال الإنسانية حق قدرها.
في الرسالة التي تلقيتها من الأستاذ سليمان بن محمد القناص، أمين عام مجلس منطقة الرياض، عن إبداء رأيي في المشاركة عضوا مؤسسا لهذه الجمعية المقترحة، تمهيدا لتسجيلها في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ومن ثم صدور الترخيص الرسمي لها، وما نجم عن ذلك من موافقتي على قبول شرف الانتماء إلى هذه الجمعية الانسانية، أقول في هذه الرسالة صورة بانورامية لأهداف الجمعية، حري بكل مواطن مخلص أن يقف عليها، وأن يتبين مراميها ومقاصدها النبيلة.
فالجمعية أولا: سوف تدعم المراكز التي تقدم العلاج المعارض للفشل الكلوي بجميع اشكاله مثل: مراكز التنقية الدموية والبروتينية، ومراكز متابعة المرضى بعد زراعة كلى لهم، بغية تقديم خدمة مميزة، ،نوعية افضل من العلاج للمرضى، مما يؤدي إلى الاستقرار النفسي، وتخفيف المعاناة عنهم.
والجمعية ثانيا: تتوخى مساعدة مرضى الفشل الكلوي خارج المراكز، فيما يتعلق بالناحية المعيشية، إذا كانت ظروفهم العادية صعبة، كما تسعى إلى تأمين علاج الفشل الكلوي خارج المراكز (التنقية الدموية في مسكن المريض).
والجمعية ثالثا: أنيطت بها مهام دعم برنامج التبرع بالاعضاء من المتوفين دماغيا، من الناحية الاعلامية، عبر وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وتنظيم التوعية للتبرع بالأعضاء، والنشاطات المختلفة التي يمكن ان تساعد في توعية عموم الناس، من اجل التبرع بالأعضاء، فضلا عن إدخال مفهوم الوفاة الدماغية وفكرة التبرع بالأعضاء في المناهج التعليمية، إذ إن من شأن ذلك، زيادة عمليات الزراعة، وتخفيف الازدحام على مراكز التنقية الدموية.
والجمعية رابعا: تقدم الدعم المادي لنشاطات المركز السعودي لزراعة الأعضاء، بغية القيام بدورات تدريبية للكادر الطبي والتمريض، وإجراء لقاءات مع عموم الناس في انحاء المجتمع السعودي، من اجل زيادة الوعي بأهمية التبرع بالاعضاء وزراعتها.
والجمعية خامسا: تعمل على تشجيع البحث العلمي، فيما يختص بمرضى الفشل الكلوي، وخاصة فيما يتعلق بدراسة اسبابه.
وهكذا تتسع الاهداف المناطة بهذه الجمعية، وهي أهداف انسانية بحتة في المقام الأول، لأنها تتوخى الوقوف بجانب اخوة لنا في هذا المجتمع منطلقين في ذلك من التلاحم والتراحم، الذي يسود اجواء وتصرفات اعضاء هذا المجتمع كافة, جمعية رعاية ومساعدة مرضى الفشل الكلوي، المزمع ظهورها قريبا في المجتمع السعودي برياسة سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز، أقلّ ما توصف به انها: تحاول نزع فتيل اليأس، الذي يحيط بحياة مرضى الفشل الكلوي، وتبديد الكآبة عن هؤلاء المرضى، ورسم ابتسامة على شفاههم، وتقديم الدعم الأمني والنفسي والاجتماعي لهم.
فهل من باغٍ للخير يُقبل؟ وهل تجد هذه الجمعية من يترجم فعليا مقولة: على قدر أهل العزم تُؤتى العزائم ؟ ألسنا مجتمع التعاون، والتواد، والتكاتف والتكافل، والتضامن؟ بلى وربّ الكعبة.
الجمعية تشرع أبوابها أمام الجميع، كي يبتغوا من وراء ذلك مرضاة الله، والإسهام في هذا العمل الانساني النبيل.
شكراً للأمير الإنسان سلمان بن عبدالعزيز، الذي لبى نداء الواجب والإنسانية، عن طيب خاطر، وحبا في الخير، لبلد كله خير، وفي مهمة كلها خير.
اللهم أدم علينا هذه الخيرية، واجعلنا ممن يهبون الخير، لمن هم في حاجة للخير، وخير هذه الجمعية يعم الجميع، وليس مرضى الفشل الكلوي فحسب.
|
|
|
|
|