| الاقتصادية
وأخيراً ظهر نظام الاستثمار الأجنبي، نعم لقد ظهر النظام في ثوبه الجديد بعد ان تم العمل بموجب النظام القديم لفترة زمنية تزيد على العقدين من الزمان على الرغم من عدم مواكبة الكثير من الجوانب التي تضمنها ذلك النظام للكثير من التطورات التنموية التي عاشتها المملكة خلال العشرين عاما الماضية، كذلك فقد ظهرت الهيئة العامة للاستثمار بعد ان ظل مكتب استثمار رأس المال الاجنبي بإمكاناته المحدودة مسؤولا ومشرفا على الاستثمارات الاجنبية بالمملكة، حيث لم يكن ذلك المكتب يتجاوز كونه احدى الادارات الصغيرة التابعة لوزارة الصناعة والكهرباء, وحديثي اليوم لن ينصب على الاسباب التي أدت إلى التأخر في تطوير نظام الاستثمار وانشاء تلك الهيئة العامة المشرفة على شؤونه، وإنما سينصب على ما يمكن ان يتحقق لوطننا الغالي من جراء التطوير الذي حدث مؤخرا على هذا النظام والموافقة على الهيئة.
فلو نظرنا إل جمهورية مصر العربية او بعض بلدان النمور الآسيوية كماليزيا واندونيسيا وسنغافورة لادركنا ان تلك الدول بعد ان طورت انظمة الاستثمار وأنشأت هيئة عامة للاستثمار قد نجحت خلال مدة لاتزيد على الخمسة عشر عاما ان تصنف نفسها من قبيل الدول الاكثر جذبا لرؤوس الاموال الاجنبية، فهل ستصبح المملكة خلال السنوات القادمة من مناطق الجذب الاستثماري في العالم؟ لابد من التأكيد على ان التحديث والتطوير الذي شهده نظام الاستثمار الجديد وحتى هذه اللحظة لا يعدو كونه تطويراً شكليا أو صياغيا في عدد من نصوص ومواد النظام، وان ذلك التطوير الصياغي لن يكون ذا جدوى ما لم يكن ذلك مصاحبا لتحديث وتطوير كافة السياسات القانونية والاقتصادية والادارية اضافة إلى تطوير كافة الاجراءات البيروقراطية التي كان الاستثمار الاجنبي يعمل في نطاقها في الماضي, وبمعنى أدق، فإن تطوير نصوص ومواد النظام يجب ان يتم في نطاق تطوير سياسات الاستثمار في معناها الاشمل.
فما نطمح الى تطويره هو البيئة والمناخ الاستثماري الذي تستطيع التحرك بين جنباته رؤوس الاموال الاجنبية، وبالتالي فإن تطوير نظام الاستثمار الاجنبي لا يعد كونه اداة من الادوات المتعددة التي يعتمد عليها نجاح المناخ والبيئة الاستثمارية في جذب ليس تلك الاموال الاجنبية فحسب وانما توطين الاموال السعودية المهاجرة ايضا.
ان ما يتوجب وضعه في الاعتبار هو ان النظام الجديد للاستثمار الاجنبي قد تم وضعه من خلال مراعاة بنود الاتفاقية العامة للتجارة والتعرفة الجمركية )Gatt(، اضافة إلى كافة الاتفاقات التي اقرتها منظمة التجارة العالمية )WTO(، علما بأن أحد أهم الاتفاقات التي اقرتها منظمة التجارة العالمية تتعلق بالاجراءات والشروط التي تتخذها الحكومة المحلية فيما يخص الاستثمارات الاجنبية او ما تسمى ب)TRIMS( فوفقا لهذا الاتفاق يتوجب على الحكومة المحلية الا تتخذ ايا من الاجراءات التي من شأنها التأثير على نمو التجارة العالمية من خلال مخالفة المبادئ التي جاءت بها اتفاقية الجات وأكدت عليها منظمة التجارة العالمية وتأتي اهمية تلك الجوانب إذا ما علمنا بأن المملكة توشك على الانضمام لمنظمة التجارة العالمية.
أما فيما يتعلق بنجاح الهيئة العامة للاستثمار، فإنني وعلى الرغم من تفاؤلي اللامحدود بتعيين سمو الأمير عبدالله بن فيصل بن تركي محافظا للهيئة نظرا لما عرف عن سموه من خبرة وقدرة في هذا المجال خاصة بعد النجاحات الملحوظة التي حققتها الهيئة الملكية للجبيل وينبع برئاسته، إلا انني أرى بأن هناك جانبين على قدر كبير من الاهمية لنجاح تلك الهيئة في القيام بالمهام المتوخاة منها, الجانب الأول ويتعلق بمدى تعاون وتكاتف كافة اجهزة الدولة مع الهيئة ومدى التفهم للدور والغرض الذي انشئت من اجله، ومن ثم تقديم كافة التسهيلات للهيئة والتي ستؤدي ومما لاشك فيه الى جذب الكثير من اصحاب رؤوس الاموال الاجنبية للمملكة.
والجانب الثاني يتعلق بمدى قدرة ومهارة كافة العاملين بتلك الهيئة وعلى كافة التدرجات الوظيفية, فإذا كانت الموافقة السامية قد قضت باحلال الهيئة العامة للاستثمار محلا للدار السعودية للخدمات الاستشارية، فيجب ألا يفهم من ذلك انتقال كافة العاملين بالدار إلى ملاك الهيئة، حيث يفترض ان يقتصر ذلك على المتميز منهم, فالهيئة ناهيك عن كونها الجهة المشرفة على كافة الجوانب الاجرائية والتنظيمية المتعلقة بالاستثمار، فهي ايضا تقوم بالدور التسويقي للفرص الاستثمارية امام اصحاب رؤوس الاموال الاجنبية، مما يعني أهمية ان يكون كافة منتسبي الهيئة على درجة كبيرة من القدرة والتخصص.
|
|
|
|
|