| مقـالات
* الحمد لله الذي ألهم سمو وزير الداخلية، ووفق صانعي القرار في هذه الوزارة الكبيرة، اتخاذ هذا القرار الصائب، الذي يعيد العمل بنظام المرور في المملكة، فتعود معه إن شاء الله الهيبة للشارع، والوقار للحركة، والنظام للسير العام، بعد سنوات عجاف، أحسسنا معها، ان بعض السيارات يسير بدون سائق، وأن البعض الآخر يطير بدل أن يسير، وأن بعض الناس نسي نظم السير، ونسي معها نفسه، وخيل (لبعضهم)، أن الإشارات المنصوبة في الميادين والدوارات، ما هي إلا للفرجة والزينة,,! وأن الأرصفة جُعلت لوقوف السيارات وليست للمشاة، وتصور البعض الآخر، بأن الشارع، هو من ضمن أملاكه الخاصة، فهو لا يتحرج من الوقوف بسيارته في وسط الشارع العام متى شاء وكيفما شاء,,! ولا بأس أن يصطف بعض المغترين بسياراتهم جنباً إلى جنب في شارع عام، ليتبادلوا التحايا والنكات والكلام الفارغ، بينما السيارات من خلفهم صفوف,, صفوف,, والأبواق تعلو في الفضاء لتصم آذان القارين والمارين على حد سواء,, فلا حياء ولا أدب عند من أمن العقوبة,,!
* أما العربات والسيارات، فهذه مصدومة، وهذه مشقومة، وثالثة مثلومة، ورابعة تجر خلفها على الأرض بعضا منها يسحب على الأرض,,!
* لا أدري من هو صاحب الفكرة العبقرية أو (الجهنمية),,! التي نادت وسعت إلى تذويب جهاز كبير كامل قائم، كان له نظام وأسس وقواعد ومقار وآليات، وكانت له قوة بشرية مدربة، وخبرة تمتد إلى أكثر من خمسين عاما,,؟ أود لو نتعرف عليه لنشكره على فكرته العظيمة هذه، لأنها عرتنا أكثر كمجتمع عايش المرور وتعود عليه فصعب عليه فراقه، فعبر عن لوعته هذه بما نعرف من مخالفات أتلفت الأموال، وذهبت بالأنفس، آلاف الموتى وعشرات الآلاف من المصابين، ففي عام 1419ه وحده وقع (264) حادثاً مرورياً، نتج عنها وفاة (4190) شخصا، وهذا يعني أن قتيلا واحدا وأربعة مصابين يسقطون كل ساعة بسبب حوادث السيارات,,! إنه ثمن فادح ندفعه لكي نعرف أنفسنا أكثر، فليت هذا العبقري يظهر ويوضح لنا أبعاد فكرة التذويب ونتائجها، وعما إذا كان على كامل الاستعداد لتحمل هذه النتائج,,؟
* وليت أولئك المداحين والمطبلين في الصحافة، الذين أشبعوا هذه الفكرة تمجيداً ومدحاً حتى قبل الشروع في تنفيذها، ليتهم يسكتون هذه المرة عن ممارسة هذه الغواية، ويكفون عن المدح والتطبيل والتهويل، فما آفتنا في هذا الزمان، إلا مثل هؤلاء الذين يضللون ولا ينيرون، ويضرون ولا ينفعون، ولا استبعد ان يسعى احدهم اليوم لمدح ما كان يرى بالأمس انه دون المدح، فقد تعودنا على مثل هذه الاسقاطات من المفلسين في الكتابة الجادة.
* عاد المرور ,, فشكراً لوزارة الداخلية على هذا التوفيق في اتخاذ مثل هذا القرار، وأتمنى أن يظهر المرور في مرحلته القادمة، بثوب جديد من (حديد),, مرتكزاً على خبراته السابقة، وهي خبرات ناضجة، وأن يستفيد من مرحلة (التذويب)، فهي غنية بالتجارب التي يستفاد منها حتماً، حتى ولو كان فيها بعض المرارة، وأحسب أن شكل السير في المدن وبينها، يحتاج إلى اعادة توصيف وتصنيف، للارض والسائق والمركبة على حد سواء وأتمنى ان يقلل المرور من استخدام السيارات والعربات في العمل الميداني، وأن يكثر من استخدام الدراجات النارية، فهي اقل كلفة وأيسر في التنقل وأفعل في الملاحقة, وعسى ان يصاحب عودة المرور الى الحياة العامة، ظهور المحاكم المرورية التي صدر بها على ما أظن تنظيم سابق، وأن يصبح للمرور ونظمه وعلاقته بالحياة العامة، مناهج اكاديمية تدرس للافراد قبل التحاقهم بالعمل، سواء من خلال الجامعات، أو من خلال الكليات الأمنية التي يتخرج فيها رجال الأمن العام، إضافة إلى إدخال هذا المفهوم في برامج التربية الوطنية في المدارس على عمومها بنين وبنات.
* لا أدري كيف أصف سرور الناس وفرحهم بقرار عودة المرور، وأنا لست من المداحين ولا أجيد التطبيل، وعندما تم انهاء المرور في تجربة الأمن الشامل قبل سنوات، كتبت رأيي، وقلت ما يرضي ضميري، وغضب مني البعض، ولكن الحق أحق أن يتبع، فنحن امام عودة واعية إن شاء الله لجهاز كان ذات يوم من أقدم الأجهزة، وأكملها تجهيزا وخبرة وآلية تنفيذية، فكان يوازي الدفاع المدني او يفوقه خبرة وانتشارا، ونتمنى لهذه العودة (الصائبة)، النجاح والتوفيق، وخدمة البلاد والعباد، وهذا هو ما يريده ولاة الأمر، وما يطمح إليه المواطن في كل شبر في هذه الوطن المعطاء.
* عاد (المرور) فمتى يعود (العسّة),,؟
* الحقيقة أن (الحال)، تتطلب عودة العمل بنظام الحراسة الراجلة، أو لنقل: الدوريات الراجلة، اولئك الرجال الذين يناط بهم السهر على راحة وأمن الناس في بقع محددة تحت مسؤولياتهم، مثل هؤلاء كُثر في المجتمع، ويطمحون لمثل هذه الخدمة الوطنية الشريفة، بمخصصات قليلة، فهم في معظمهم من المتقاعدين، وكثير منهم من رجال خدموا في الدولة، وفي أجهزة الأمن، وفي الامكان الاستفادة من خبرتهم ونشاطهم وحماسهم، ومن حبهم لمجتمعهم وبلادهم، واعتقد بأن اعادة العمل بنظام العسس، يوازي في الاهمية والمطلب عند كافة المواطنين، اعادة العمل بنظام المرور، خاصة والحاجة تدعو إلى وجود رقيب مقيم بالشارع والحي، وعين ساهرة تعرف من يدخل ومن يخرج في هذا الحي، أو من هذا الشارع، فقد زادت حوادث السرقات للمنازل خاصة ولغيرها، وتقول احصاءات وزارة التخطيط، ان الحوادث الجنائية المسجلة في العام الفارط بلغ عددها (30,932) حادثا، منها (13568) حادث سرقة,,! أي أن حوادث السرقة تشكل حوالي (45%),, وهذه نسبة كبيرة، وعدد كبير لم نعهده أبداً, وكما قلت في مقال فارط، فإننا لا نحتاج إلى سيارات وعربات وآليات وكفاءات أكاديمية، نحن فقط نحتاج إلى ناس بسطاء مخلصين جادين، محتاجين لتحسين احوالهم المعيشية بدخل اضافي، يزاد إلى تقاعدهم بعد الوظيفة.
* عدد كبير من الذين تباعوا هذا الموضوع، طلبوا مني الكتابة فيه مرة اخرى، والطلب إلى سمو وزير الداخلية الامير نايف بن عبدالعزيز حفظه الله، بالنظر والدراسة على ضوء التجارب السابقة للمملكة في هذا التقليد الأمني، الذي كان يعمل به الى سنوات قريبة، فهو امتداد لنظام اسلامي عريق، كان موجودا في الحياة العامة في الدولة الاسلامية من ايام الصحابة رضوان الله عليهم، بل كان معمولا به أيام الرسول صلى الله عليه وسلم على نحو ما بل ومندوباً إليه, فقد روى الترمذي رحمه الله تعالى عن عائشة رضي الله عنها قالت: سهر رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه المدينة ليلة فقال: ليت رجلاً صالحاً يحرسني الليلة,
قالت: فبينا نحن كذلك، إذ سمعنا خشخشة السلاح, فقال: من هذا؟ قال: سعد بن أبي وقاص, فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما جاء بك؟ فقال سعد: وقع في نفسي خوف على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئت أحرسه, فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم نام.
* والحراسات الأمنية بنظام العسس على صورته الاسلامية، مازال أحد المظاهر اللافتة في كثير من العواصم والمدن العربية والاسلامية، والمملكة هي قلب العرب النابض، وقبلة المسلمين من كل انحاء الدنيا، وهي الأجدر بالحفاظ على هذا النظام العريق والمفيد.
|
|
|
|
|