أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 28th April,2000العدد:10074الطبعةالاولـيالجمعة 23 ,محرم 1421

تحقيقات

الجزيرة تطرح القضية الموسمية وتحاور المسؤولين في القصيم
إحراق بقايا محصول القمح يخنق الأنفاس والصحة والتربة!!
* تحقيق : سليمان بن إبراهيم الفندي
تأتي منطقة القصيم في مقدمة المناطق الزراعية بالمملكة، وهي منطقة الخضرة حيث تتشح بالندى والعشب، وتأتزر بالنضارة والحسن والبهاء والجمال، منطقة ينبض فيها كل شيء حتى حبات الرمل، ويهزج فيها كل شيء حتى الشجيرات ويطرب فيها كل شيء حتى الماء.
منطقة القصيم كغيرها من المناطق الزراعية تعاني من ظاهرة إحراق بقايا محصول القمح، وعملية الحرق لها آثار سلبية على البيئة والصحة، والأرض والتربة، ناهيك عن الحوادث التي تقع أثناء مواسم الحصاد من الحرائق إلى غير ذلك,,!!
هذه الظاهرة كغيرها من الظواهر هي محل اهتمام صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم, فقد عقد حفظه الله عدة اجتماعات مع المسئولين لمناقشة هذه الظاهرة وقدمت خلال هذه الاجتماعات شتى المقترحات.
وفي هذا التحقيق نحاول أن نسلط الضوء على هذه الظاهرة لنطرح الآثار والسلبيات ونبحث عن الحول وعن العلاج الناجح.
** في البدء يحدثنا الدكتور أحمد بن علي الرقيبة عميد كلية الزراعة والطب البيطري، في فرع جامعة الملك سعود بالقصيم عن تأثير حرق بقايا محصول القمح على الآفات ومحصول الحبوب وخصوبة التربة فيقول:
عملية حرق بقايا المحصول ليس لها تأثير إجابي على محصول الحبوب ولا تأثير على آفات التربة الفطرية والحشرية والنيماتودية كما انها تضر بالبيئة من حيث التلوث بالأدخنة كما ترفع من ملوحة التربة وتقلل بشدة من المحتوى الكربوني والنيتروجيني للتربة وان كانت تزيد من تركيز الفوسوفور, إلا أن عملية دفن بقايا المحصول تزيد من خصوبة التربة ومن قدرتها على الاحتفاظ بالماء.
ولقد تعود بعض مزارعي القمح في المملكة على حرق بقايا المحصول بعد عملية الحصاد بهدف القضاء على الآفات والحشائش المنتشرة بالحقول ولجأ البعض الآخر إلى إزالة البقايا كاملة أو حرثها في التربة دفنها ولم تكن هناك دراسات لتجيب على أسئلة المزارعين عن أفضل الطرق الممكن استخدامها من بين هذه المعاملات الثلاث تحت ظروف المملكة, ولذلك قام باحثون باقسام وقاية المزروعات والتربة والمياه والمحاصيل والمراعي بكلية الزراعة والطب البيطري بالقصيم بعدة تجارب للإجابة على تساؤلات المزارعين وإرشادهم لأفضل الطرق, وقد دلت الدراسات المماثلة في العالم على ان الزراعة المتكررة للقمح تساعد على استفحال مشكلة الآفات وأن ترك بقايا المحصول فوق سطح التربة دون حراثته يؤدي إلى زيادة مشكلة الآفات التي تقطن هذه البقايا نظرة لعدم تعرض هذه الآفات لعوامل التحلل الطبيعية في التربة وأن عملية الحرق للبقايا تؤدي إلى القضاء على معظم الآفات التي تصيب المجموع الخضري وتقضي حياتها فوق سطح التربة كما أن دفن بقايا المحصول في التربة يساعد على الحد من هذا النوع من الآفات دون اللجوء إلى الحرق,.
أجريت هذه التجارب في محطة تجارب كلية الزراعة والطب البيطري بالقصيم لدراسة تأثير معاملات البقايا على تعداد الكائنات الدقيقة المسببة لعفن جذور القمح في التربة وحشرات القمح القاطنة للتربة وبقايا المحصول وكذلك تأثيرها على الملوحة والكربون العضوي والعناصر الغذائية في التربة.
اشتملت التجربة على ثلاث معاملات لبقايا محصول القمح من الصنف يكوراروجو وهي:
دفن بقايا المحصول في التربة بعد الحصاد مباشرة او إزالة البقايا كاملة او حرق بقايا المحصول, ومع نهاية كل موسم زراعي تم حصاد القمح آليا على ارتفاع 20 سم فوق سطح التربة ثم حرقت بقايا المحصول أو دفنت في التربة بواسطة محراث قلاب أو أزيلت جميع البقايا كاملة بحشها فوق سطح التربة تماماً.
ثم تقدير الصفات المحصولية وأخذت عينات التربة قبيل زراعة المحصول التالي لتقدير أعداد الكائنات الدقيقة الممرضة للقمح وكذلك الحشرات الضارة وبالنسبة لتحليل خصوبة التربة فقد أخذت العينات قبل الزراعة مباشرة وقبيل الحصاد من كل موسم زراعي.
وقد أظهرت نتائج التجارب التالي
أولاً: تأثير للمعاملات الثلاثة دفن او حرق او إزالة على المحصول:
لم تسبب هذه المعاملات اي تغيير في عدد حبوب القمح أو عدد السنابل في المتر المربع أو عدد الحبوب في السنبلة ووزن الألف حبة, لذلك لم تؤثر هذه المعاملات على محصول الحبوب.
ثانياً: تأثير معاملات بقايا محصول القمح على مرض عفن الجذور ومسبباته:
أدت الإزالة أو الحرق لبقايا المحصول الى خفض نسبة النباتات المصابة بعفن الجذور وكذلك شدة المرض في السنة الأولى من التجربة فقط بينما لم يحدث تغيير بعد ذلك, ولم تؤثر عملية الحرق للبقايا على اعداد الكائنات الممرضة للنبات في التربة وان قل بعضها نسبيا وذلك نظرا لوجودها مدفونة بعيدا عن اثر الحرق, أدت عملية الدفن للبقايا الى زيادة في أعداد الكائنات الممرضة ولكن لم يؤثر ذلك على المحصول, لذلك لم يكن هنالك اي تأثير معنوي على شدة مرض عفن الجذور وبالتالي لم يتأثر محصول الحبوب.
ثالثاً : تأثير معاملات بقايا المحصول على الحشرات:
لم تؤثر المعاملات المختلفة على حشرات المن أو الديدان القارضة او التريس كما لم تؤثر على محصول الحبوب, ويعزى هذا الى ان الحشرات عادة تسقط الى التربة في طور ساكن ولا تطالها عمليات الحرق او الازالة لبقايا المحصول لانها لا توجد داخل اجزاء النبات, وعلى الرغم من ان دفن بقايا المحصول من شأنه أن يساعد في تحسين خواص التربة والعناصر الغذائية بها بزيادة المادة العضوية، إلا أن ذلك يساهم عادة في إثراء البيئة الدقيقة التي تقضي فيها بعض الآفات بياتاً شتوياً أو صيفياً مما يفاقم من مشاكل هذه الآفات الحشرية احيانا في المواسم التالية.
رابعاً: تأثير معاملات القش على نيماتودا الحويصلات في القمح:
لم يكن هناك اي تأثير لأي من معاملات القش سواء بإزالتها أو دفنها أو حرقها على أعداد نيماتودا الحويصلات في جذور القمح أو على عدد النباتات لكل متر مربع أو على محصول الحبوب وعموماً فمن المنطقي الا تتأثر شدة الإصابة بنيماتودا الحويصلات في القمح بعمليات حرق أو إزالة القش لطبيعة تواجدها في التربة وفي شكل حويصلات تتحمل الكثير من الظروف البيئية غير الملائمة.
خامسا: تأثير معاملات بقايا المحصول على ملوحة وخصوبة التربة.
الملوحة: اظهرت النتائج أن الملوحة في الطبقة العليا من التربة بعمق صفر 15 سم دائماً أعلى من الطبقة الأعمق 15 30سم خاصة في نهاية فصل الصيف أي قبيل الزراعة، وهذا قد يكون راجعاً إلى البخر الشديد من التربة أثناء فصل الصيف شديد الحرارة مما يؤدي الى تراكم الأملاح في الطبقات العليا, وأعلى تركيز من الأملاح كان في معاملات حرق البقايا نتيجة لزيادة تركيز الملح الناتج من عملية الحرق ولم تكن هناك فروق معنوية بين المعاملات من حيث تركيز الملوحة.
الكربون: بالنسبة للكربون العضوي فقد تناقص بشدة مع نهاية فصل الصيف نتيجة لتحلل بقايا المحصول في التربة مع ارتفاع درجة الحرارة كما تزايد تركيز الكربون العضوي بصورة كبيرة في الطبقات العليا من التربة مع نهاية فصل النمو بالمقارنة بالطبقات الأعمق حيث كانت الزيادة من 1,5 2,5 ضعف وذلك راجع إلى سطحية جذور القمح وعدم تغلغلها كثيراً في عمق التربة, كان أعلى تركيز للكربون العضوي في حالة دفن بقايا المحصول في التربة بينما أقل تركيز له في التربة التي جرى حرق بقايا المحصول بها, هذا ولم يكن هناك استمرارية في زيادة تركيز الكربون العضوي من يوم إلى آخر مع أستمرارية زراعة القمح إلا أن أعلى معدل للزيادة كان في معاملات دفن بقايا المحصول في التربة.
الفوسفور: أدت عملية دفن بقايا المحصول أو حرق بقاياه الى زيادة واضحة في عنصر الفوسفور في الطبقة العليا من التربة وكان لعملية حرق البقايا الأثر الأكبر في زيادة الفوسفور وهذا منطقي حيث تؤدي عملية حرق بقايا المحصول أو دفنها إلى انطلاق عنصر الفوسفور من قش القمح.
النيتروجين: بالنسبة لمحتوى التربة من النيتروجين العناصر المغذية npk بينت النتائج أن أعلى قيمة للنتيروجين الكلي والمتاح وجدت في حالة دفن بقايا المحصول في التربة في حين كانت أقل قيمة في معاملة حرق البقايا, والتي قد ترجع إلى فقد النيتروجين بالحرارة فقد قدر النيتروجين بالحرارة بالتطاير ب 50 70% نيتروجين, ولكن فقد النتيروجين بواسطة عملية الحرق في هذه الدراسة قدر ب 74كجم N هكتار 74 كيلو جرام نيتروجين للهكتار أو 154 كيلوجرام يوريا للهكتار , كان أعلى تركيز لعنصر البوتاسيوم في التربة التي حرقت بقايا المحصول بها وذلك لإضافة k2o للتربة نتيجة لعملية الحرق, ومع هذا فإن دراسات التربة المذكورة هنا توضح أن عملية الحرق تضر بخصوبة التربة وتزيد تركيز الأملاح ويفضل خلط البقايا في التربة لتحسين خواصها من عام إلى آخر.
** أما الأستاذ إبراهيم بن عبدالرحمن البليهي مدير عام الشئون البلدية والقروية بالقصيم فيتناول آثار عملية الحرق على البيئة: ويطرح بعض الحلول قائلاً:
لاشك ان عملية احتراق المحاصيل الزراعية يؤدي إلى مشاكل بيئية كثيرة وذلك لان العملية تتم على ارض مكشوفة وبمساحات كبيرة جداً تقدر بمئات الهكتارات المزروعة ولنا أن نتخيل هذه المساحة لو ادركنا ان مساحة دورة كاملة من برج محوري واحد تساوي هكتارا واحدا تقريباً9503م2 للبرج بطول 55م الهكتار = 10000م2 .
والاحتراق عبارة عن تفاعل كيميائي يتم باتحاد الاكسجين مع الهيدروجين والكربون بنسب مختلفة مما يؤدي إلى انبعاث طاقة حرارية كبيرة نسبياً.
1 إحراق النباتات المختلفة في نهاية الموسم الزراعي من المحصول يؤدي إلى انبعاث طاقة حرارية عالية جداً تنفذ الى طبقات الجو المحيط مما يؤدي إلى رفع درجة الحرارة حول مكان الحريق, واذا كان مكان الحريق حول تجمع سكاني فسوف يشعر السكان باختلاف درجة الحرارة أو قد يكون بجانب حظائر للحيوانات أو الطيور مما يؤدي إلى تأثر تلك الحيوانات أو الطيور تأثرا يصل الى حد النفوق أحياناً.
2 تصاعد الدخان الناتج عن عملية الاحتراق وهو عبارة عن مواد لم تحترق او احترقت جزئيا بكميات كبيرة وانتشاره في الجو المحيط يؤدي الى اضرار على صحة الكائن الحي الذي يتنفس الجو المشبع به ومن اهم تلك الاضرار امراض الحساسية والتهاب الشعب الرئوية ناهيك عن امكانية انتقال كميات الدخان الى مناطق اخرى بفعل الرياح.
3 يتأثر الغلاف الجوي بالدخان المتصاعد وخصوصاً ان كان يحوي بعض الأكاسيد مثل اكسيد النيتروجين حيث يؤدي إلى تكون احماض على شكل أبخرة منتشرة في الغلاف الجوي مما يؤدي إلى نزوله مع الأمطار وهو ما يعرف بالأمطار الحامضية.
4 يؤدي الاحتراق الى اختلاف واختلال في الدورة الطبيعية للأحياء الدقيقة والموجودة في التربة حيث يؤدي اللهب المباشر على الأحياء الدقيقة الى موتها وبذلك تفقد التربة عنصراً مهما يقوم بوظيفة مهمة وهي تحليل بقايا المحاصيل التي تكون مغيبة عن سطح التربة حيث ينتج عن عملية التحلل تحرير العناصر الأولية المكونة للنباتات والمواد المتحللة وهي عملية تسميد طبيعية.
5 إن احتراق بقايا المحصول بكميات كبيرة قد يؤدي إلى تقليل نسبة الأكسجين الموجود في الجو، ويزيد نسبة الرطوبة مما يعيق عملية التنفس خصوصا أن عملية حرق بقايا محصول القمح تتم في وقت ترتفع فيه دجة الحرارة.
6 يؤدي الحرق إلى إزهاق أرواح الكائنات الحية التي تعيش في بيئة المحصول المزروع وهو تعذيب بالنار فيه محظور كبير.
7 عملية حرق بقايا المحصول عملية خطيرة قد تؤدي إلى انتشار الحريق والتسبب بحرائق أخرى وخصوصاً في الأماكن المزدحمة.
ويتحدث عن الحلول قائلاً:
إن من أهم الحلول لهذه المشكلة الحلول التي تؤدي إلى اقتناع المزارع بأن هذه العملية ضررها أكبر من نفعها وأن الحلول البديلة خير منها وأنفع للأرض,,, ونذكر هنا بعض الحلول البديلة لعملية الحرق:
1 حرث الأرض بعد نهاية الحصاد بالمحراث المطرحي أو القرصي لتقلب التربة السطحية وتأخذ معها النباتات وبقايا المحصول لداخل التربة ثم تغطي التربة بغطاء بلاستيكي شفاف منفذ لأشعة الشمس وهي طريقة حديثة تفيد في تعقيم التربة بطاقة الشمس التشميس وهي تجمع مزايا الحرق والحرث معاً.
2 ترك المخلفات في الحقل لترعاها الأغنام والأبقار والإبل ثم حرثها بعد ذلك وريها ثم حرثها مرة أخرى للقضاء على ما تبقى من بقايا المحصول والاعشاب وغيرها.
وهناك حلول عامة للمشكلة وهي:
1 استصدار فتوى شرعية لحكم الحرق لما فيه من إزهاق لأرواح الحشرات والزواحف بالنار حتى الموت.
2 التصدي لإعمال الحرق عبر منابر المساجد كخطوة تابعة لسابقتها.
3 إصدار نشرات إرشادية توضح أهمية المخلفات الزراعيةنواتج وبقايا المحاصيل الزراعية من أوراق وسيقان وجذور ,, الخ وفوائدها المتضمنة ما يلي:
أ دورها في رفع مستوى خصوبة التربة بإضافة مادة عضوية عند التحلل.
ب تحسين خواص التربة وتهويتها.
ج المساهمة في تقليل كميات المياه المستعملة في الموسم التالي لدور مخلفات الزراعة في حفظ رطوبة التربة كالبيتموس تماماً.
د تقليل النفقات المدفوعة في تغذية الحيوانات في حالة استغلالها كمراع مما يساهم في نمو الثروة الحيوانية بالمزرعة.
4 عدم منح وزارة الزراعة والمياه أي شهادات زراعية حتى يتأكد لها من أن هذا المزارع لم يقم بإحراق بقايا محاصيله السابقة مع تقديم جميع ما يثبت أنه لم يقم بذلك.
5 أن تتوفر في المزرعة جميع أدوات السلامة، ويطلب من صاحبها موافقة الدفاع المدني على احتياطات السلامة المتخذة لديه, وعلى الدفاع المدني أن يتأكد من تطبيق المزارع لجميع شروط السلامة المقررة بهذا الخصوص.
6 قيام لجنة من الدفاع المدني ومديرية الزراعة والمياه بدوريات تفتيشية على المزارع في وقت ما بعدد الحصاد للكشف عن أي مخالفات.
7 وجوب مساهمة كل الجهات الإعلامية مرئية كانت أو مسموعة أو مقروءة في حملة توعية وتوصيل المعلومة للمزارع,,, وبعدها تكلف المراكز التابعة لوزارة الداخلية في القرى بالإبلاغ عن أية مخالفة، ويطبق بحقه الغرامة حسب المساحة المحروقة, وتحصيل الغرامات من قبل الجهة البلدية في موقع المخالفة وفي حال تكرار المخالفة يمنع المزارع من الشهادات الزراعية للموسم المقبل.
8 إلزام أصحاب المزارع بحرث التربة مباشرة بعد الحصاد تفاديا لاستخدام أسلوب الحرق.
ومن الملاحظات التي وردت ملاحظة أن الشهادات الزراعية تؤخذ على المزارع الكبيرة بينما المزارع الصغيرة التي غالبا ما تكون بين المساكن والمخططات السكنية وهي أخطر على الصحة العامة من المزارع الكبيرة البعيدة فلذلك يجب وضع غرامة على مخالفتها.
ونرى أن توعية المزارعين والمواطنين على حدٍ سواء بخطورة هذا العمل هو أمر ضروري تحتمه وتفرضه الحاجة لدعم الإصحاح البيئي في المنطقة, مثل قيام الجهات المختصة بإنتاج فيلم لإيضاح أبعاد هذه المشكلة والأضرار الناتجة عنها على صحة الإنسان والبيئة والحياة الفطرية, ويتعامل معها على أنها مشكلة وطنية يجب حلها بشكل سريع ومنسق,,,, مع التأكيد على المحافظين ورؤساء المراكز بالقرى للإبلاغ عن أي مزارع يقوم بمخالفة ذلك,.
** ومن الناحية الصحية يتطرق لذلك الدكتور ياسر بن سعيد الغامدي مدير عام الشئون الصحية بالقصيم بقوله:
مع ازدياد رقعة الأراضي الزراعية، واقتراب العمران والسكان من هذه الأراضي، فإن الحرق الموسمي للمزروعات يعرض القريبين منها لأضرار صحية تصيب بالدرجة الأولى الجهاز التنفسي، ناهيك عن تطاير نواتج الحرق، التي تلوث الهواء وكما نعرف فإن التلوث البيئي يمتد وينتشر مسافات بعيدة.
إن الهواء هو العامل الرئيسي الذي ساعد على وجود الحياة على سطح الأرض، والله سبحانه وتعالى قد خلق الهواء ملكاً مشاعاً لجميع المخلوقات حتى تتنفس وتعيش,, وهذه هي الأهمية الأولى له,, والهواء عبارة عن خليط من الغازات، ولكي يبقى صالحاً للتنفس يجب أن يظل تكوينه ثابتاً، فعلى الرغم من التغيرات التي تطرأ على الهواء بسبب التفاعلات الحيوية مثل التنفس الذي يستهلك الأكسجين، فإننا نجد الأشجار على الجانب الآخر تقوم عن طريق التمثيل الضوئي بإنتاج الأكسجين، وبذلك تظل مكونات الهواء متوازنة مع أنها في حركة وتغيير دائمين، وهذا ما يسمى بالتوازن البيئي.
وللتوازن البيئي قدرة كبيرة في الحفاظ على نقاء الهواء، ولكن هذه القدرة الكبيرة مازالت محدودة أمام التدخلات البشرية المتزايدة، والتي باتت تهدد البيئة، وبالتالي تهدد جميع المخلوقات التي تعيش فيها,, وحرق المزروعات يمكن اعتباره أحد هذه التدخلات البشرية التي تخل بالتوازن البيئي، ومع أن هناك حرائق طبيعية تصيب مناطق الغابات بين حين وآخر، إلا أن تأثيرها يكون محدوداً لأنها لا تتكرر بصفة مستمرة، ولكن الخطر الحقيقي يكمن في الحرائق التي يكون الإنسان السبب فيها,, ومن وجهة نظر بيئية فإن منطقة القصيم تخلو من الحرائق الطبيعية، فهي منطقة صحراوية تنتشر فيها الواحات، ولكن حرق كميات شاسعة من الأراضي الزراعية، يكون له تأثير مشابه للحرق المتعمد للغابات ، وهذا يزيد نسبة ثاني أكسيد الكربون الغاز المعروف تأثيره على سخونة كوكب الأرض، والتلوث البيئي، كما تنتج غازات أخرى لها تأثيرات حادة مثل غاز أول أكسيد الكربون.
ونظراً لعدم توفر بيانات واضحة ودقيقة عن تأثير هذه الممارسة على صحة المواطنين والسكان في منطقة القصيم، فإن هذا يدفعنا إلى توجيه الدعوة إلى الباحثين والدارسين إلى الغور في دراسة هذه الظاهرة,, وتبقى الأولوية حسب وجهة نظري الشخصية في البحث عن بدائل مفيدة وعملية يستخدمها المزارعون حتى يقلعوا عن هذه الممارسة دون الإضرار بمصلحتهم.
أخيراً فإنه من المفترض أن تكون الأراضي الزراعية مصدراً للنقاء والصحة، ولكن التطورات التي واكبت أساليب الزراعة الحديثة كان لها بجانب منافعها الكبيرة آثار جانبية ضارة، منها استخدام المبيدات والأسمدة الكيميائية,, إن التلوث الناجم عن حرق المزروعات واضح للعيان، وتستطيع أنف أي إنسان اقتفاء أثره بسهولة دون حاجة إلى أجهزة معقدة ، ومما لاشك فيه أن هذا التلوث سيؤثر سلباً على التربة وتنوع الحياة على المدى البعيد,, المشكلة أن التلوث البيئي يستغرق سنوات حتى يظهر تأثيره، وحينما تظهر وتتضح هذه التأثيرات يكون من الصعب تداركها أو علاجها,,ويبقى السؤال الحائر الذي يبحث عن إجابة هو: هل يستمر المزارع على هذا الأسلوب السهل والرخيص في التخلص من بقايا القمح والمزروعات أم هل يمكن تدارك الوضع لوقف جميع وسائل التلوث البيئي؟ ولكن ماهو البديل؟
**ومن وجهة نظر الدفاع المدني يؤكد مدير عام الدفاع المدني بالقصيم العميد ركن عويض بن سعد الجعيد أنه من خلال إحصائيات الحوادث التي تقع أثناء مواسم الحصاد عند احراق بقايا المحاصيل الزراعية غالباً ما تؤدي إلى نواتج لا تحمد عقباها إذا لم يراع المزارع قواعد السلامة حيث إن هناك نسبة كبيرة من حوادث التخلص من بقايا المحاصيل نتج عنها احتراق أشجار ونباتات زراعية لم يتم جني المحصول منها وأحياناً تتطور فينتج عنها احتراق معدات زراعية داخل المزرعة ومن ثم تحمل المزارعون خسائر مادية كبيرة كان يمكن تلافيها لو تم الأخذ بأبسط قواعد السلامة العامة.
لذلك فإن مديرية الدفاع المدني بمنطقة القصيم إيمانا منها بخطورة ما يحصل بسبب هذه التجاوزات من مخاطر وحرصا على ممتلكات كل مواطن ومقيم فإنها تقوم في بداية كل موسم حصاد بتجهيز فرق إطفاء موسمية تتمركز هذه الفرق بالقرب من المزارع لمواجهة أي حوادث لا سمح الله كما أنه اثناء وقبل بداية الموسم يتم إرسال دوريات السلامة لتعريف المزارعين بالطرق السليمة لعملية الحصاد وعملية حرق بقايا المحاصيل الزراعية مع توزيع النشرات الإرشادية عليهم مما يوضح في هذه النشرات أنه في حالة رغبة المزارع التخلص من أي مخلفات أن يكون الحرق وقت سكون الرياح مع استعداد أجهزة الري لاستخدامها لأي طارئ ويتم الحرق بمراقبة من المزارع وعمال المزرعة مع توفير خزان مياه مجهز ومركب على مقطورة الحرث وذلك لمواجهة أي انتشار مفاجئ للحريق لاسمح الله ولما تقدم نرى أن عملية إحراق بقايا المحاصيل الزراعية طريقة غير مجدية نظرا لما يصاحبها من مخاطر تؤثر كما أسلفنا على البيئة وتؤدي إلى إهدار طاقات رجال الدفاع المدني التي كان يمكن أن تستغل في مواجهة حوادث أكثر أهمية وخطورة.
** من جانبه يطرح مدير عام الزراعة والمياه بالقصيم المهندس سلمان بن جار الله الصوينع البديل لهذه الظاهرة والاجراءات التي يمكن للوزارة اتخاذها لمنع هذه الظاهرة فيذكر أن ظاهرة احراق بقايا محصول القمح التي يقوم بها بعض المزارعين للتخلص من بقايا المحصول طريقة سريعة للتخلص من بقايا المحصول ويتم بها القضاء على نسبة كبيرة من بذور الحشائش وكذلك القضاء على بعض الامراض الفطرية حيث يؤدي ذلك الى التقليل من استخدام مبيدات الحشائش والمبيدات الفطرية الا ان لهذه العملية مساوىء على البيئة والمواطنين وخاصة المزارع القريبة من المدن.
اما البديل لهذه العملية فهو قيام المزارعين بتلبين بقايا المحصول والاستفادة منه كأعلاف للحيوانات وما تبقى منه يحرث مع الارض.
ومن الاجراءات التي يمكن للوزارة ان تتخذها حيال منع هذه الظاهرة القيام بتوعية المزارعين بعدم القيام بحرق بقايا المحصول لما تشكله هذه الظاهرة من تلويث للبيئة والمساكن ويمكن طرح إجراءات أخرى تتم دراستها,الأستاذ تركي بن إبراهيم القهيدان الباحث الزراعي والمؤلف عن ملوثات البيئة مدير وحدة الآثار والمتاحف بالإدارة العامة للتعليم بمنطقة القصيم يبدي رأيه حول هذه الظاهرة ويبين أن أهالي القصيم يلاحظون تغير ألوان أسطح منازلهم بسبب تناثر ذرات الرماد خاصة بعد حصاد محصول القمح وتلعب الرياح دوراً بارزاً في نقل ملوثات الحرق إلى داخل المدينة، مما يساعد على تلوث الهواء بالحبيبات الدقيقة وهي جسيمات صغيرة جداً يتراوح قطرها بين جزء من المئة من الميكرون إلى 500 ميكرون وتتكون من عدة مصادر منها دخان ورماد الحرائق ومخلفاتها, وهذه تسبب أضراراً مختلفة على الجهاز التنفسي والعيون كما تسبب بعض أمراض الحساسية,وقد أثبتت الدراسات أن إحراق المزارع من العوامل الرئيسية المسببة لأمراض حساسية الصدر والأنف ويرى أن علاج هذه المشكلة يبدأ من ترشيد المزارعين بأضرار حرق النباتات وبعد ذلك تأتي مرحلة أخرى وهي وضع ضوابط صارمة على من يقوم بحرق بقايا محصول القمح,وأخيراً التقت الجزيرة بالمزارع الشيخ عبدالله بن وائل التويجري في مزرعته بالمليدا غرب بريدة وقال حول احراق بقايا محصول القمح: منذ سنوات ونحن نزرع القمح ولا نعرف الإحراق تماماً إذ لا ضرر ولا ضرار فنحن لا نضر أنفسنا أولاً ولا نضر الآخرين ثم إن الأرض فيها دواب فلا نعرضها للحريق والذي نفعله بعد الحصاد نترك الأغنام ترعى في بقايا محصول الأرض عدة أشهر وبعد ذلك تأتي عملية الحرث.
وبعد هل يكف المزارعون عن عملية الإحراق ويأخذون بالبدائل السليمة والمفيدة؟ نرجو ذلك.
أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved