| أفاق اسلامية
* تحقيق: يوسف بن ناصر البواردي
* مدخل: حالة إنسانية:
استنجد أهل البنت بإمام المسجد ليخرج لهم ذلك الجني الذي تلبس بجسد ابنتهم بعد أن تغير كل شيء في حياتها من سلوكها وتصرفاتها,, قام الشيخ على عجل من محرابه على صراخ البنت لحظة إدخالها إلى المسجد، تعرف على مشكلة البنت بسرعة ثم بدأ يقرأ عليها بعض آيات القرآن الكريم وبدأت البنت تتفاعل مع الآيات ووقفت تفعل أشياء طائشة,, ارتاب الشيخ في أمر البنت وفطن لها من خبرته لمثل هذه الأمور أن هناك شيئاً ما وراء تصرفات هذه البنت، طلب من أهلها الابتعاد بحجة أنه يريد التحدث مع الجني وتهديده,, وافق الأهل,, سأل الشيخ البنت بصوت منخفض,, لماذا تتصرفين هذه التصرفات ولم يكن عليك جني ولا غيره؟! أجابت البنت إن زوجها يضربها ضرباً مبرحاً ويحتسي المسكر كل يوم ويجبرني بالضرب لأسامره وأشرب معه ولم أجد إلا هذا الباب لأمثل به,, فض الشيخ هذه الجلسة منبهراً وراح يتقصى عن أحوال الزوج وبالفعل تأكد من كلام الزوجة انه يشرب الخمر ولا يصلي، ثم طلب جلسة أخرى ليقرأ على البنت واستطاع الشيخ بتوفيق من الله وبحيلة ذكية أن يطلق البنت من زوجها ويريحها من جبروته ومنكراته وتغافل الأهل عن سلوك هذا الزوج المشين!!
أخي القارئ هذه حالة ضمن آلاف الحالات التي طلقت وكان السبب هو بعض الأزواج المتمردين، حيث جعلناها افتتاحية هذا الموضوع المهم والذي لازلنا نسمع عن مثل هذه الحالات وهذه التفككات الأسرية حتى أصبح الطلاق ظاهرة اجتماعية خطيرة فاقت كل التصورات.
يحدثنا أحد المدرسين بالمدارس الابتدائية وهو الأخ خالد بن سليمان ان أبناء ضحايا الطلاق بدأوا يلحظون بشكل كبير في المدارس حيث كان لهذا الطلاق أثر كبير على سلوكهم وأخلاقهم ودراستهم، مضيفاً إلى أن هؤلاء الضحايا وللأسف يعرفون وبشكل كبير بأخلاقهم السيئة والسبب هو التذبذب الذي يعيشه الابن خاصة في المراحل الأولى.
نسب الطلاق
ومن ذلك أيضاً ما أشار إلينا به أحد الباحثين في الجمعيات الخيرية بأن نسبة المطلقات اللاتي يقبلن للتسجيل في الجمعية فاقت الخيال وأصبحت نسبة مخيفة تعدت الأرامل وأسر السجناء والعجزة حيث بلغت 90%، مشيراً إلى أن النسبة العظمى يكون سبب الطلاق فيها تعاطي الزوج للمخدرات الذي يبيع كل شيء الذي قد يصل العرض!! ويرجع هذا الباحث إلى أن ذلك قد يكون عقوبة من الله لهذه المرأة التي سكتت منذ البداية على هذا الزوج الذي لا يصلي والذي تطور به الأمر إلى السفر إلى الخارج ثم الوقوع في المخدرات، وهذا حال غالب المطلقات اللاتي يسألن عن حالهن, ويضرب هذا الباحث مثلاً لذلك فيقول: ذات مرة قدمت إلينا امرأة كبيرة مطلقة تريد التسجيل ولها تسعة أبناء وبالسؤال عن حالتها أخبرت بأن زوجها طلقت منه عند القاضي وحكم القاضي بسحب الأبناء من هذا الرجل السفيه وتسليمهم للمرأة وذلك لتعاطيه المخدرات حيث باع الزوج كل شيء ولم يبق في البيت إلا مكيف واحد ونجفة في المطبخ، حيث أشارت إلى أن حياتهم أصبحت مخيفة ويبقون في رعب هي وأبناؤها في البيت إلى أن وقفت الأم بحزم وطالبت بالطلاق.
إحصائية وأرقام
وماذا عن لغة الأرقام؟ وهل ياترى ستفيد هذه اللغة في إيقاف هذا الزحف المخيف؟! أما عن إحصائية الطلاق فتشير إحصائية محكمة الضمان والأنكحة بالرياض لعام 1419ه إلى أن صكوك الطلاق التي وقعت بلغت ما مجموعه ثلاثة آلاف وثلاثمائة وخمسون صكاً منها ألفان وسبعمائة وخمسة وسبعون 2775 صكاً للسعوديين من زوجاتهم السعوديات والباقي مقيمون، وهذا ما يخص محكمة الضمان والأنكحة بالرياض فقط,, أما عدد صكوك الطلاق في المملكة لعام 1419ه ما مجموعه خمسة عشر ألفاً ومائة وتسعة وستون صكاً15169 .
أسباب الطلاق
في البداية يتحدث فضيلة رئيس محكمة الضمان والأنكحة بالرياض الشيخ سعود المعجب ويشير إلى بعض أسباب الطلاق فيقول: إن من أسباب الطلاق عدم التفقه في الدين والابتعاد عن شرع الله عز وجل وتطبيق أحكامه وواجباته وارتكاب المعاصي والآثام وقد يكون من الأسباب التي نسمعها كثيراً من المطلقين الذين يراجعون المحكمة الغش والتدليس على أحد الزوجين فقد يكون في المرأة أو الرجل عيب سواءً في المطلقين الذين يراجعون المحكمة الغش والتدليس على أحد الزوجين فقد يكون في المرأة أو الرجل عيب سواءً في الخلق أو المظهر وقد يكون أحدهما مصاباً بمرض خفي لا يراه إلا الزوجان بعد الزواج ولا يخبر الولي الخاطب بأن في ابنته عيباً حتى ولو كان بسيطاً حرصاً منه على تزويجها وبعد الزواج يحصل الشقاق والنزاع بين الزوجين بل قد يتفاقم النزاع بين الزوج وولي أمر الزوجة وكان بالإمكان تدارك ذلك قبل الزواج بالإخبار عن العيب,, أيضاً من الأسباب عدم معرفة الرجل بالمرأة وهي أيضاً لا تعرفه معرفة تامة في دينه وخلقه عند الخطبة وبعد الزواج يجد الرجل أن المرأة ليست الزوجة التي كان يأملها وهي كذلك تجد أن الرجل ليس هو المناسب لها فيحصل الخلاف وينفر كل منهما من الآخر فتنتفي المودة والرحمة بينهما ويحصل الطلاق.
ويضيف الشيخ المعجب من أسباب الطلاق كذلك أن يطلب الزوج من زوجته أمراً لا تستطيع القيام به ولا تطاوعه في ذلك أو هي تطلب منه أن يفعل لها شيئاً فيرفضه فيحصل العناد بينهما والخصام خاصة إذا كانا جاهلين بالحقوق والواجبات الشرعية لكل منهما على الآخر إضافة إلى تدخل أقارب الزوجين في الحياة الزوجية بما يكدر صفوها فبدلاً من الإصلاح بين الزوجين يقوم بعض الأقارب بالإفساد بين الزوجين وقد يفهما أنه ناصح لهما فيملي عليهما بعض الأمور لتنفيذها وعندما يرفضها أحد الزوجين يحصل التصادم والتناحر وهم ولله الحمد قلة في مجتمعنا المسلم ولكن أقول لمثل هؤلاء أن يتقوا الله عز وجل وأن يصلحوا ولا يفسدوا وليقولوا خيراً أو ليصمتوا كما أحذرهم من الوقوع في المحرم بفعلهم ذلك، وكذلك من الأسباب عدم الاهتمام بالنفس من قبل أحد الزوجين فنجد أن الزوجة لا تهتم بمظهرها أمام زوجها لانشغالها سواء بالأولاد أو بالزيارات للأهل والأقارب والصديقات والخروج للأسواق وعندما تعود تجدها متعبة غير مبالية بحقوق زوجها عليها وكذلك الزوج يسهر مع الأصدقاء خارج المنزل في الاستراحات ونحوها وإذا عاد لمنزله عاد مرهقا من السهر واللهو ومظهره سيئ كريه الرائحة غير مبال بحقوق زوجته فتكرهه الزوجة وتنفر منه قال تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة .
القنوات الفضائية
بعد ذلك يشاركنا فضيلة رئيس مركز هيئة الشفاء الشيخ محمد بن عبدالعزيز الماجد وذلك بذكر بعض الأسباب والتي منها تأثير القنوات الفضائية وآلات اللهو التي جعلت البعض يطلع على أشياء ما كان يعرفها في السابق، فلما يأتي الرجل ويشاهد الممثلات والمغنيات والمذيعات في أبهى صورة وقد وضعت مكياجا حديثا وموضات حديثة حتى القبيحة تصبح منهن جميلة، يصبح هناك فرق شاسع يلحظه هذا المتفرج بين صور النساء الفاتنات وبين زوجته.
ولكن هذا الزوج حينما يغض بصره كما تعالى: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ولا ينظر إلا لزوجته فقط فإنها تجمل في عينه، أما إذا أطلق الزوج بصره فإنه يزهد في زوجته ويحتقرها وقد يطلقها لهذا السبب، مضيفا كذلك من الأسباب التي تلحظ أن نجد بعض الأزواج مع زملائه وأصدقائه بارا بهم مؤديا لخدمتهم على أكمل وجه فلو اتصل عليه أحد زملائه في آخر الليل لهرع إليه مسرعا، أما الأهل فقد يطلبون منه أمورا قد تكون من الأهمية بمكان كمراجعة مستشفى وغيره فنجده يؤجل هذا الموعد وقد يطوف الموعد ولا يذهب بهم، ويضيف الشيخ الماجد كذلك تضخيم القضايا بين الزوجين فقد تكون هناك مشكلة بسيطة وتضخم من قبل أحد الزوجين وقد يحصل الطلاق وهذا راجع إلى أن الزوج والزوجة في الأصل غير مرتاحين لبعضهما وليس بنيهما ألفة ومودة منذ البداية فيستغل كل من الزوجين أي خطأ لأجل الإيقاع بالآخر.
إفشاء الأسرار
وكذلك أيضا من الأمور المهمة يذكر الماجد أسرار البيت وهي من الأسباب التي تجعل الأمور تتفاقم فكل ما يدور في البيت بذهب هذا الزوج ويشعر أمه بذلك ويعتقد أنه من البر بأمه وهي من السذاجة والحماقة، فإن أراد أن يذهب إلى أي مكان ما أخبر أمه بذلك حتى ولو للسوق، وهو بذلك يرتكب حماقات حيث إن الأم لا تريد ابنها أن يخسر وأن ينفق وقد تتدخل الأم فينشب الخلاف بينها وبين الزوجة, فالسرية في هذه الأمور من التعقل بل من صفات الزوج الناجح، ويستطرد الشيخ الماجد بذكر الأسباب فيقول: ومن الأسباب كذلك الشك الذي يحصل بين الزوجين وخاصة بين الفئات التي لها ماض في المعاكسات والعلاقات المحرمة، فلما يتزوج هذا الشاب فإنه يطبق هذا الواقع على أي تصرف تتصرفه زوجته، فمثلاً يكون في عمله وتكون سماعة الهاتف قد سقطت سهوا فيتصل على البيت ويجد الهاتف مشغولاً قد يصل الوضع إلى ساعتين أو ثلاث وقد تنتبه الزوجة فتغلق السماعة، فلما يأتي إلى البيت يثير هذه القضية وقد يصل به الأمر إلى تطليق زوجته، ومن الاسباب كذلك عدم إيجاد البدائل في واقع الحياة الزوجية، فنجد هذا الزوج حينما يمنع زوجته مثلاً من السفر إلى الخارج بصحبته وحينما تطالبه بالبديل من السفر إلى ربوع بلادنا الحبيبة نجده يتهرب ولا يهتم لذلك، والأمثلة في ذلك كثيرة وخلاصة الأمر أن يوجد الزوج البدائل المناسبة والمتاحة لزوجته وأبنائه لأنهم بشر ويحسون بمن حولهم، وكما هو منهج القرآن الكريم حينما حرم الربا أحل البيع وحينما حرم الزنا أباح الزواج.
صفات سيئة
إذاً وبعد ذكر هذه الأسباب العديدة هل يمكننا أن نجمل أغلب الصفات في الرجل والمرأة بشكل عام والتي تكون ذات أثر ناجح أو فاشل في الحياة الزوجية ونطبقها على أرض الواقع؟ حول هذا الموضوع تشير الأستاذة نورة بنت فهد الطريقي الاخصائية الاجتماعية بكلية التربية للبنات إلى أن الصفات السيئة لدى المرأة والرجل والتي قد تؤدي بهما إلى الطلاق هي كالتالي:
أولاً: المرأة السلبية تجاه زوج إيجابي الرأي والمشورة معتمد على التفاهم في علاقاته وحياته الزوجية والعامة فالزوجة هنا مجرد إنسانة تتمم على ما يقول دون التفكير في الرأي إن كان صحاً أم خطأ فكل ما يشغلها بيتها وأولادها وزياراتها فكلمتها دائماً أفل ما تريد لا أعرف .
ثانياً: إهمال الزوجة والتقصير في أداء واجباتها الزوجية وإهمال المنزل وشئونه فلا نظافة ولا ترتيب والمطبخ لا تعرف له طريقاً.
ثالثاً: المرأة التي تهتم بالبذخ الزائد في مقابل محدودية دخل الزوج فتطلب كثيراً غير مبالية بما قد تجلب لزوجها من معاناة الغرق في الديون وتراكم الهموم من جراء ذلك.
رابعاً: الغيرة الزائدة والتي قد تصل في بعض الأحيان إلى الشك في تصرفات وعلاقات الزوج فهي له كظله مما قد يؤدي إلى الطلاق.
خامساً: الدكتاتورية: فالمرأة المتسلطة قد تجلب الحرج لزوجها أمام الجميع مما قد لا يتحمله الزوج فيفكر بالطلاق حفاظاً على كرامته وشخصيته كرجل خاصة أمام أبنائه.
سادساً: البرود في العلاقات الزوجية والغفلة عن تبادل عبارات الود والاحترام والاعتذار عن الخطأ.
سابعاً: الاعتقاد الخاطئ بأن الزوج مجرد شيء لابد منه دون تحمل مسئولية الزوج والأبناء وعدم مراعاة أن الحياة الزوجية شركة إما رابحة أو خاسره طرفاها الزوجان.
ثامناً: الخيانة: وهي أسوأ ما تتصف به المرأة حاملة هذه الصفة وهي شر الحياة ومن أكبر المصائب التي قد تؤدي إلى الطلاق دون تردد.
تاسعاً: إفشاء الأسرار: إن أهم ما في الحياة الزوجية أن تكون مدعومة بالسرية في جميع مساراتها, فالزوجة التي لا تحفظ سر زوجها وحياتها الأسرية وتبوح بجميع أمورها لمن عرفت ومن لم تعرف فهي الجانية على نفسها فقد يكون مصيرها الطلاق، فما كل ما يكون يقال ولا كل ما يحدث من خلافات زوجيه يباح، وإن كان لأقرب المقربين لها ألا وهما الوالدان، وذلك حتى لا تتشعب الأمور وتتفاقم المشاكل فمن كتم سره كان الخيار في يده .
العصبية الزائدة
وفي مقابل ذلك فهناك صفات سيئة قد يحملها الرجل وتؤدي به إلى الطلاق، تجملها الطريقي كالتالي:
أولاً: العصبية الزائدة واستخدام أسلوب الضرب حتى في أتفه الأمور.
ثانياً: الشك في تصرفات الزوجة والدخول في دائرة المراقبة لجميع تحركاتها مما قد يضايق الزوجة ويشعرها بالملل والهروب من الحياة الزوجية.
ثالثاً: الزوج المتكاسل أو العاطل عن العمل في حين وجود أطفال بحاجة إلى رعاية واعتماده على زوجته العاملة فهو يأخذ ما يريد دون تعب مما يجعل المرأة تنفر من حياتها معه.
رابعاً: السيطرة التامة من قبل الرجل وإلغاء شخصية المرأة.
خامساً : ضعف الشخصية للرجل في حين مطالبة المرأة لزوج يحميها أمام الخلافات الأسرية, فهناك من يحرك مسار حياته مع زوجته لوالده أو والدته أو إخوانه، فلا حق لزوجته ولا حكم له.
سادساً: تجاهل حقوق المرأة واعتبارها للإنجاب فقط دون مشاركتها في التنفيس عن الضغوط النفسية التي قد تواجهها, فهي من وجهة نظره وجدت للمنزل فقط بينما يقضي الزوج معظم وقته مع رفاقه في السهر والسفر إلى غير ذلك.
عمل المرأة,, هل هو قضية ملحة؟!
فيما ترى الباحثة الاجتماعية الأستاذة بثينة السيد العراقي أن قضية عمل المرأة مازالت قضية ملحة تطرح نفسها للنقاش وقد كان لعمل بعض النساء أثر كبير في طلاقهن حيث تشير إلى ذلك قائلة: لا شك أن خروج المرأة للعمل له انعكاسات ومضاعفات خطيرة على كل أعضاء الأسرة سواء الزوج أو الأبناء أو الزوجة نفسها، فبالنسبة للزوج فإن الرجل الذي يفقد قوامته المادية على امرأته فإنه بالتالي يفقد قوامته النفسية والمعنوية، ونجد الزوج اليوم يعيش في مأزق نفسي يخلق له العديد من المشاكل، فلقد أحست المرأة العاملة الزوجة أنها كيان قائم بذاته، لها عملها الذي تحصل منه على أجر قد يساوي مرتب زوجها، وتشعر في قرارة نفسها وفي أعماقها بأنها لم تعد في حاجة ماسة إليه، على الأقل مادياً,, وقديماً كانت المرأة تقدم نفسها للزوج كرمز لعطائه المادي والمعنوي اللذين لا يمكن أن ينفصلا في وجدانها أو حياتها,, أما الآن فإنها بعملها تشعر بالاستقلال,, وهذا ينعكس بشكل أو بآخر على علاقتها بزوجها وبيتها.
أما بالنسبة للأبناء فتقول بثينة: فهم الضحية لهذا الوضع الغريب، الأب والأم كلاهما مشغول، ولا يدريان عن أمر أبنائهما شيئاً، وهما لا يجدان الوقت أو الطاقة التي تمكنهما من التحدث مع أبنائهما، ومناقشة ما يعتلج في صدورهم ونفوسهم من مشاكل أو أفكار, كما أن انشغال الأم والأب عن أبنائهما هواليتم الحقيقي فقد ينحرف الابن أو البنت والأبوان لا يشعران بذلك فهما في واد آخر لا يفيقان إلا بعد فوات الوقت، وهذا لا يحدث لو كانت الأم حقيقة في بيتها ترعى أبناءها وتحميهم من كل ما يسوقهم إلى مزالق الخطر.
أما بالنسبة للزوجة نفسها فترى بثينة أن عملها خارج البيت قد انعكس عليها كامرأة، حيث فقدت الكثير من انوثتها ورقتها ووقتها، لأنها تحملت عبئاً آخر وهو عملها خارج البيت، وما يتبعه من مسؤليات وتبعات بالإضافة إلى أعبائها داخل البيت، فهي تحاول جاهدة لاهثة أن تؤدي حق عملها وحق أسرتها وبيتها بنفس الإتقان والالتزام, غير أنها غالباً ماتقصر في حق بيتها,, مما يدفع المواقف بينها وبين زوجها الى الاشتعال، لأن الزوج في كل الأحوال لا يجد الاهتمام والحنان والرعاية بالدرحة الكافية عند عودته إلى منزله من عمله مرهقاً لأنها أيضاً عائدة من العمل متعبة,, وأخيراً تخلص الأستاذة بثينة إلى قولها:: إننا لا ندعو المرأة إلى العودة إلى المنزل لأننا لا نستطيع ذلك، لأن عمل المرأة أصبح أمراً واقعياً، ولا نستطيع الرجوع عنه في مجالات لا يستطيع غيرها القيام به، ولكننا ندعوها إلى تحديد الأولويات، بمعنى أيهما في أمس الحاجة إليها أطفالها وبيتها أم عملها؟!
الآثار النفسية للطلاق
بعد ذلك يتطرق د, محمد الصغير استشاري الأمراض النفسية بالمستشفيات الجامعية إلى الآثار النفسية على المطلقة والمطلق أحياناً والتي قد تنجم عن حالات الطلاق في النقاط التالية:
* ردة فعل نفسية تشمل القلق والتوتر والحزن والإحباط والخوف على المستقبل الشخصي ومستقبل الأولاد ولوم النفس وتأنيب الضمير وكذلك اضطراب النوم وشهية الأكل والشرب ومنها أيضاً كثرة الأوجاع والآلام البدنية ذات المنشأ النفسي مثل: الصداع، الدوار، اضطرابات المعدة والأمعاء، ويشير د, الصغير كذلك إلى تراكم مشاعر الغيظ والحنق والغضب على الزوج أو أهله وازدياد العدواة والنفور والخلافات والخصوماتفي بعض الحالات , ومن الآثار الشعور بالوحدة النفسية والعزلة الاجتماعية والتوجس من الآخرين وشماتتهم ولومهم وعدم الارتياح لهم ولأسئلتهم عن الظروف الاجتماعية وكذلك ضعف التأقلم الاجتماعي والوظيفي لتراكم الهموم والمشكلات النفسية وضعف التركيز الذهني والحماس والنشاط والهمة, وكذلك من الآثار أحياناً العزوف عن الزواج والحكم على الآخرين حكماً جائراً بأنهم لا يوثق بهم والسلامة منهم خير.
ويرى د, الصغير أن هذه الآثار محتملة وليست لازمة ويختلف الأشخاص فيها بحسب عوامل كثيرة منها درحة التدين والذكاء والرزانة والاستقرار في الشخصية والأوضاع الاجتماعية الأخرى.
ثم يتطرق د, الصغير بعد ذلك إلى الآثار النفسية للطلاق على الأولاد حيث يشير إلى أهم أثر وهو الحرمان من حنان وعطف أحد الوالدين أو كليهما,, وإعاقة النضج الاجتماعي والنفسي لبعد الولد عن رعاية والديه معاً بسبب تغيير البيئة ونمط التربية,, وكذلك ضعف الثقة بالنفس واختلال الهوية الذاتية ,, مع التهيئة لعدد كثير من العلل النفسية مثل: القلق، الخوف، التوتر، الصراع النفسي، كره أحد الوالدين أو كليهما وضعف الثقة فيه وفي الناس خصوصاً إذا استمر النزاع بين الوالدين بعد الطلاق وكذلك الاكتئاب والإحباط وضعف المعنويات,, إضافة إلى انحراف سلوكي تدخين، تعاطي مخدرات، سرقة، تمرد وعدوان، تخريب ممتلكات,,
ويختتم د, الصغير تحقيقنا هذا بذكر بعض الآثار المترتبة على الطلاق فيقول: ومن الآثار أيضاً سوء التوافق الاجتماعي مع الأقارب وفي المدرسة وغير ذلك وكذلك اختلال الشخصية في المستقبل وضعف القدرة على التكيف مع الأزمات ومواجهة المشكلات والإحباطات ومنها أيضاً ضعف التحصيل الدراسي وتدني المستوى العلمي.
|
|
|
|
|