| الثقافية
لعل أعظم ميزة للفنان الأديب الشاعر تكمن في قدرته على مزاولة الحلم التخيل, والإنسان العادي لا يملك ذلك, ان تحلم معناه أنك تفجر في داخلك عدداً من الأسئلة الحادة وتحاول الإجابة عليها في نفس اللحظة, أنت بذلك تخلق عالماً جديداً, عالماً خاصاً بك تضعه في مقابل العالم الذي حولك,, قد تحلم بعصفور ينقر شباكك وقد تحلم بغيمة مليئة بالمطر وأحلام ورؤى اخرى,, هكذا سلسلة من الأحلام تتأجج في داخلك وتجري كلها في لحظة عابرة قد لا تتجاوز الدقائق ولكنها تشكل عالماً قائماً بذاته.
إن أعظم ميزة للشاعر هي أنه يستطيع ان يحلم بإسراف ان يتخيل دون حساب,, والحلم هو الشيء الوحيد الذي تستطيع ممارسته دون أن يحاسبك أحد عليه,, ومع هذا فإلانسان العادي لا يفعل ذلك؟
حينما يفتقد الشاعر هذه الموهبة الإلهية الرائعة,, موهبة الحلم فيجب عليه أن يتوقف, لا بد أن يتوقف تلقائياً, وإذا قال شيئاً, كلاماً فثق أنه ليس بشاعر إنه كلام أو هو ثرثرة, إنه يستعين بمحفوظاته القديمة ولغته القديمة مابين هاكم وتلكم,, أو بمسموعاته أو مرئياته,, ثم يصنفها ويرتبها, يختار لها الكلمات المناسبة والعبارات الانيقة الفخمة ليقدمها على أنها شعر ومادام كلامه بهذه الفخامة التي توحي لك بجلال التاريخ فعليك أن تعتبرها شعراً.
إن هذا الانسان التراثي هذا الكائن الموزون المقفى قد تعطلت لديه أداة من أدوات الشعر, فقد حاسته الشعرية حاسة الحلم والتخيل وبدلاً من ذلك راح يستعين بأحلام الآخرين,, وراح يستفيد من تخيلاتهم رغم انهم لم يروا السيارة ولا ركبوا الطائرة ولا استمعوا الى الراديو او شاهدوا التلفزيون رغم انهم كذلك لم يختلفوا حول دوران الارض ولاخطر ببالهم الوصول إلى القمر ولم يروا غيمة تخرج من بطن الارض وتهاجر في عكس الريح لتمطر في بلاد الطوفان,, إنهم بعكس ذلك تماماً فحياتهم بسيطة واضحة.
ليس المهم أن تحلم بل المهم ان يكون لك حلمك الخاص, فلو حلمت بقطة تغني أوحلمت بنملة تحتفل بذكرى ميلادها أوبحمار يجر له عربة,, فأنت اذاً شاعر.
مادمت تملك هذه القدرة الخفية هذه القدرة الديناميكية على تدمير الواقع البائس ومقابلته بواقع مغاير,, إذن أنت شاعر,.
القدرة على الحلم معناها القدرة على طرح الاسئلة وأنت إنسان متحضر بمقدار ما في داخلك من تساؤلات,إن الإيجابية في السؤال تكمن في أنك وصلت مرحلة من فهم الواقع تؤهلك لمحاكمته,والأمة التي لا تملك قدراً من علامات الاستفهام هي أمة متخلفة بمعنى آخر الأمة التي لا تحلم هي أمة محكوم عليها بالخيبة والفشل,وأنت تستطيع أن تقيس نسبة الحلم في الأمة بالوقوف على عدد من فيها من الشعراء.
إبراهيم محمد الجبر ثرمداء
** نحترم الرأي الذي يطرحه الصديق ابراهيم الجبر في هذه المقالة ولكننا نختلف معه في ان (الحلم) هومتاح للإنسان العادي وايضاً الشاعر وبنفس الدرجة والتأثير,, ولكن الاختلاف يأتي في قدرة الشاعر على رؤية ووصف هذا الحلم بشكل فني راق وهنا فقط يكمن الاختلاف بينهما!
ثم ان التركيز على جزئية (الحلم) وأنها هي التي تصنع (الشاعر) وبدونها تتوقف موهبته كلياً,, فهذا كلام (مغلوط) ويمكن الرجوع الى كتب النقد الادبي للتأكد من ذلك!
وعلى الجانب الآخر فإننا نتفق مع الصديق ابراهيم في النقطة التي اثارها في مقالته والتي تتعلق بمسألة طرح الاسئلة وربطها بالحضارة وان الانسان الذي يواصل طرح الاسئلة بتفكير جدي هوإنسان وصل لمرحلة من فهم الواقع تؤهلك لمحاكمته!كنت أتمنى لو أن الصديق ابراهيم انطلق من هذه الجزئية ليبني عليها مقالته,, وربما قد يكتب لنا شيئا حول ذلك في المستقبل القريب بإذن الله.
|
|
|
|
|