أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 28th April,2000العدد:10074الطبعةالاولـيالجمعة 23 ,محرم 1421

مقـالات

الرياض: عاصمة الثقافة
د, محمد بن سعد الشويعر
تعتز الأمم بما يمنحها الآخرون من مكانة، وبما تمنح من ألقاب جاءت من جهود وأعمال محسوسة وبارزة آثارها واليوم أصبحت الرياض عاصمة الثقافة العربية: أخذت هذا الاسم بجدارة، فهي مدينة حديثة قديمة، قديمة في تأسيسها وحضارتها، حيث تعرف قديما بحجر اليمامة، وسكنتها من بين من سكنها قبل الإسلام قبيلتا طسم وجديس من الأمم البائدة وحديثة في نموّها واتساعها، وسرعة أخذها بكل جديد.
كان الإمام تركي بن عبدالله آل سعود (,,, 1249ه ) أول من جعلها عاصمة للدولة السعودية في طورها الثاني فازدهرت بالعلماء وقصدها طالبو العلم,, ثم لما استردها الملك عبدالعزيز رحمه الله (1292 1373ه ) صبيحة 5 شوال سنة 1319ه ، واستبشر الناس بمقدمه لها، انبعث شعاعها السياسي والثقافي، بنور امتد اثره، مع مسيرة الملك عبدالعزيز، في توحيد أطراف البلاد، وجمع الكلمة.
كانت مراحل المسيرة في البناء والتأسيس، التي امتدت من فتح الرياض 1319ه ، حتى إعلان الاسم الجديد للدولة، الذي ينبئ عن التئام الشمل، ونبذ الأعراف القبلية، والبعيد عن الانقسامات والانشقاق، المملكة العربية السعودية، في عام 1351ه ، تمثل دور التأسيس، الذي سايره الأمن والاستقرار، لم ينس عبدالعزيز، مع الأحداث ومتاعب أيام البناء، وتعميق الأسس، دور العلم وأثره في بناء الأمة، خاصة انه قد اهتم بالعلم الشرعي، الذي عزم منذ بدء المشوار، على أن تكون دولة اسلامية، تحكّم شرع الله في أرض الله، دستورها القرآن الكريم، ودينها الإسلام الحق، والقدوة في العمل والإرشاد والدعوة، رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أسس الهجر حتى تستقر البادية، وحرص على تعليمهم وتهذيب طباعهم، فحقق بالنية الصادقة، والاخلاص في العمل، لأن من كان مع الله، كان الله معه، في هذا السبيل معجزة من معجزات العصر، لأن تجارب عديدة في أنحاء من الأرض، حاول المخططون إيجاد حلول لمشكلات اجتماعية أقل حجما مما هي في الجزيرة، وأيسر أسبابا من الوضع في الجزيرة، ورصد لذلك مبالغ وجهود، ولم تحقق غرضا، وبقي الجاهل على جهله، والفقير يرتع في فقره.
بينما الملك عبدالعزيز، قلب الموازين بمشروعه في توطين البادية، الذي حقق نتائج، وبرزت ثماره في سنوات قليلة، وبجهد أقل ولا إعانات او ميزانيات لهذا المشروع, فكان هذا نافذة واسعة، فتح بابها الملك عبدالعزيز، على الثقافة والعلم، وتحضّرت معه واستقرت، أعداد كبيرة جدا إذا قيس هذا بعدد السكان في ذلك الوقت,.
ولما انضم الحجاز بدءاً من عام 1343ه ، الى كيان الدولة انفتح باب السياسة والعلاقات الخارجية مع أمم الأرض، حيث كان لصوت عبدالعزيز السياسي، ثم الديني، الذي ملك به قلوب المسلمين في كل مكان لما حرص عليه من رعاية للحجاج، وتأمين سبلهم، وإبدال خوفهم أمنا، بتأمين طرق الحج، وتيسير أسبابه,, ثم رعاية أحوال الحجاج، منذ دخولهم البلاد، حتى يقضوا مناسكهم ويعودوا لبلادهم، واحاطتهم بالرعاية والعناية,, مما كان مفقودا من قبل.
ثم بعد استسلام جدة عام 1344ه ، التفت لإصلاح الحرمين الشريفين، وما تحتاجه المدينتان المقدستان، مكة والمدينة، وأمر بتشكيل هيئات ولجان، قدمت لجلالته ما تحتاجه كل مدينة، وما يحسن العناية به أو تجديده في الحرمين الشريفين, ومن ذلك التاريخ والحجاج والزوّار، يرون في الحرمين أعمالا كبيرة وجهودا جبارة، حيث سار أبناء عبدالعزيز، على دربه في حب العمل وخدمة الإسلام والمسلمين، واحدا بعد الآخر,, حتى بلغت التوسعة فيهما في عهد خادم الحرمين الشريفين شأوا عالي القدر، وانبهر منه كل وافد لهذه البلاد زائرا او متعبدا .
ولم تقتصر الجهود والأعمال على الحرمين الشريفين، والمشاعر كلها، بل عمّ الأمر كل مرفق في المدن والقرى مما يهم المواطن، ويريح الوافد للحج والزيارة,, فالطرق عبّدت، وعلى أمكن المقاييس والمواصفات، والجبال شقّت بالانفاق وخاصة في مكة، التي تقارب فيها البعيد، وتيسر ما كان صعبا.
والمياه التي كانت تشح في مكة والمدينة، بالذات اصبحت وافرة ونقية من زمزم الذي جعله الله ماء طهورا ومن البحار التي نقّتها الدولة، وتدفقت للجميع في كل مكان، لا فرق بين مواطن ووافد ولا بين متطلبات الإنسان او الحيوان, الكل ينعم بهذا الخير الوفير، الذي به قوام الحياة، ولا مشقة في الحصول عليه.
وهكذا جميع السبل والمرافق، قد سار أولاد عبدالعزيز، في توفيرها والعناية بها، على درب والدهم وهمته في تذليل الصعاب، مع العمل الجاد بهدوء وسكينة ولا ضجيج أو منة.
اما التعليم الذي هو قوام الثقافة، فقد تدعمت أركانه بتأسيس المديرية العامة للمعارف في عام 1345ه التي أخذت بتوجيهات عبدالعزيز، ونفّذت أوامره بفتح المدارس، ووضع قواعد البناء للمسيرة التعليمية، التي شمخ بناؤها، وارتفع صرحها في عهد الوزارة الأولى للمعارف، حيث أمسك بمقود المسيرة الأمير فهد بن عبد العزيز - خادم الحرمين الشريفين - فكانت أيام عمله في هذه الوزارة هي سنوات الازدهار، والقفزات في الكم والكيفية في فتح المدارس، وتنوّع التعليم، وفتح أول جامعة في المملكة والتوسع في التعليم العسكري والانفتاح على العالم الخارجي بإرسال البعثات الدراسية في شتى العلوم، وفنون المعرفة، تلا ذلك تعليم المرأة الذي وصل الى مكانة عالية في فترة قصيرة,.
ناهيك بالأعمال الأخرى: من أمنية وصحية، واجتماعية وزراعية وعسكرية وصناعة وكهرباء، وتعليم فني ومهني ومواصلات وكل ميدان من ميادين الحضارة، كانت مشروعات الدولة تتبارى فيه، كأنها تتنافس في هذا العمل الذي يشعر المتابع لتلك الجهود انه امام منافسة وتسابق في تقديم ما فيه فائدة ومصلحة لهذه الدولة التي انبعثت أمام العالم فتية النشأة، فارتقت السلم بعد أن كانت منسية في زاوية آسيا الغربية الجنوبية,.
وارتفع صوتها في المحافل الدولية، بعد أن كان خافتا لا يلتفت اليه، وذلك بعد توفيق الله ثم بحرص القيادة فيها، على إثبات الوجود، والمنافسة بالذكر الحسن والسمعة الطيبة.
لقد تغيّرت المظاهر والصور خلال مسيرة المائة عام، التي أحيا المسئولون تذكّره في العام المنصرم، من باب ذكر النعم لتشكر، وأما بنعمة ربك فحدث .
فكانت تلك المناسبة نجمة ساطعة في جبين الأمة، لأنه تحقق فيها نتائج للبلاد والعباد، وظهرت أعمال وجهود أبانت الدور القيادي، والأعمال المبذولة,, التي يتابعها المسؤولون من أبناء عبدالعزيز كل في ميدانه.
برزت صورة البلاد مع شمسها الساطعة بمقارنات تمايز بين حال وحال,.
فقد أبدل الله مسارب الصحراء، ومجاهل شعابها ووديانها، الى طرق معبّدة ربطت القاصي بالداني، وسهّلت الاتصال: بالطرق الارضية والسكك الحديدية والشبكة الجوية في الداخل والخارج واتصالات حديثة.
وتغير ابن البادية الراعي للإبل والغنم إلى أن أصبح طيارا بارعا، ومهندسا ماهرا، وطبيبا نطاسياً وأستاذ جامعة يحمل أرقى الشهادات العلمية، رجالا ونساء, مع ثقافة واسعة في شتى العلوم وفنونها,.
- وانقلبت بتوفيق الله، ثم بالتوجيه السليم الصحراء القاحلة والأرض اليابسة من ندرة النبات، الى جنات وارفة الظلال، ومزارع جيدة العطاء، دائمة الخضرة، ومحاصيل زراعية من كل نوع تعطي ثمارها، ويطيب أكلها في كل فصل من فصول السنة بما يناسبه.
- وهكذا في شئون الحياة الأخرى، من صناعة وتجارة ومن تسابق علمي وفني يجد المتابع إعلاميا واحصائيا الدور الذي تحقق ظاهرا وأثر المتابعة من المسؤولين حيث بثوا روح المنافسة، وهيأوا الأسباب المعينة ويسّروا السبل، حيث يجد المرء ان الرياض خليقة بأن تتبوأ في كل عام الريادة في كل ميدان الذي بدأ بالمئوية وثنّى بالرياض عاصمة الثقافة.
فالطب الذي حازت فيه الرياض مكانة جيدة بمستشفياتها المتميزة وقدرات الاطباء السعوديين، في زراعة الأعضاء، وطب العيون، وجراحة القلب، وغير ذلك من أعمال ظهرت للعيان، وبرزت سمعة ومكانة عالمية حقيق بان تأخذ الرياض فيه لقب المنافسة والعرفان بالمكانة التي وصلت إليها مستشفياتها.
- ان الملك عبدالعزيز الذي تعتز مدينة الرياض بأن رسم معالمها الحديثة ثم بما وصلت اليه من مكانة عمرانية وعلمية وصحية وثقافية، بجهود أميرها وحبيبها سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، ورئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، تتزين اليوم بثوب الثقافة أمام نظرتها.
فقد وضع الملك عبدالعزيز الصّوا على مسيرة البناء والإعمار لهذه المدينة التي كان سكانها عندما دخلها فاتحا في 5 شوال سنة 1319ه ، لا يبلغون عشرة آلاف نسمة، وترسّم خطاه سمو الأمير سلمان أميرها خلال أربعة عقود، وسبر أغوارها وأدرك متطلباتها، بعد ما بلغ سكانها أربعة ملايين وامتد عمرانها في جميع الجهات, فكان الشبل من ذاك الأسد,, وكان مما قاله : النهضة الثقافية في المملكة نتيجة الاستقرار السياسي.
كان في رأس عبدالعزيز أفكار عديدة وامنيات وآمال، للرياض وغير الرياض، من مدن وقرى هذه البلاد فجاء أبناؤه من بعده ليبرزوا الأفكار عملا، ويحققوا الأمنيات والآمال عيانا,.
- فلئن كان يهتم بالمثقفين والأدباء أمثال الشاعر محمد بن عثيمين، والشاعر سليمان بن سحمان، والراوية عبدالله العجيري والصحفي يوسف ياسين، فلقد كبرت الدائرة وتزايد المثقفون والأدباء والإعلاميون بفضل الله، ثم بما يسّر أبناؤه للمواطن من مناهل العلم، ودور المعرفة، حتى أصبحت الرياض عاصمة للثقافة في العالم العربي كله بجامعاتها وكلِّياتها وبما يسر لأبنائها من ثقافة واسعة ومكتبات وغيرها.
ولئن كان عبدالعزيز يرعى المواطنين ويهتم بصحتهم فيرسل أمثال الشاعر سليمان بن سحمان الى البحرين لعلاج عينيه، ولم يفلح العلاج ويرسل غيره للعلاج الطبي من أمراض عديدة في الهند وغيرها إذا بالرياض تكون في مستشفى الملك خالد للعيون شمعة تضيء الأمل لمن عجز أطباء العالم عن علاجه.
وفي عام 1341ه عندما استقدم ديم الطبيب المبشّر الامريكي لمعالجة المواطنين في مدنهم وقراهم وفي مدينتي الاحساء والرياض بالذات، فاستفاد من استفاد، وفشل من فشل، إذا بالرياض تتربع السمعة الطبية في مستشفياتها المتخصصة وجدير بها ان تكون رائدة في الطب كما هي اليوم رائدة في الثقافة.
- اما الصناعة التي بدأت متأخرة لكن على أسس متينة: كفاءة وعلماً وتخطيطاً، حيث بدأت تبرز في الميدان الدولي، وتتنافس جودة وخبرة في مباريات تجرى بينها، ومعارض تمثّل الجودة والمثالية والسمعة فغزت أسواقا عديدة، كانت داعمة لسوقنا الاستهلاكي، فإذا بضاعتنا تغزو أسواقهم لتزاحم ما هو عندهم، وتتقدم عليه بالجودة والكفاءة.
في هذا وغيره من شتى الميادين نجد أن المسؤولين بذلوا جهودا وأخذوا بيد المواطن ليعمل ويزاحم غيره، مما يبعث عندنا الأمل بأن تتجدد المناسبات، وأن تزداد المكانة بما عندنا ثقة واتساعا، وهذا مما يجب ان يذكر ويشكر.
حكاية غريبة:
أورد أبو نعيم في الحلية والسيوطي في تفسيره على قوله تعالى: في بروج مشيّدة هذه القصة العجيبة رواية عن مجاهد قال: كان قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم امرأة، وكان لها أجير فولدت المرأة فقالت لأجيرها: انطلق فاقتبس لي ناراً، فانطلق الأجير فإذا هو برجلين قائمين على الباب، فقال أحدهما لصاحبه: وما ولدت؟ فقال: ولدت جارية، فقال أحدهما لصاحبه: لا تموت هذه الجارية حتى تزني بمائة، ويتزوجها الأجير، ويكون موتها بعنكبوت, فقال الأجير: أما والله لأكذبن حديثهما,, فرمى ما في يده، وأخذ السكين وشحذها وقال: ألا تراني أتزوجها بعدما تزني بمائة، ففرى كبدها، ورمى السكين، وظن أنه قد قتلها, فصاحت الصبية، فقامت أمها، فرأت بطنها قد شق فخاطته وداوته حتى برئت.
وركب الأجير رأسه، فلبث ما شاء الله ان يلبث وأصاب الأجير مالاً، فأراد ان يطلع لأرضه، فينظر من مات منهم ومن بقي,, فأقبل حتى نزل على عجوز وقال لها: أبغى لي أحسن امرأة في البلد حتى أصيب منها وأعطيها,, فانطلقت العجوز الى تلك المرأة، وهي أحسن جارية في البلد فدعتها الى الرجل، وقالت: تصيبين منه معروفاً؟ فأبت عليها,, وقالت: إنه قد كان ذاك مني فيما مضى، فأما اليوم فقد بدا لي ألا أفعل، فرجعت إلى الرجل فأخبرته، فقال: فاخطبيها لي، فخطبتها وتزوجها، فأعجب بها, فلما أنس إليها حدّثها حديثه، فقالت: والله لئن كنت صادقاً، لقد حدثتني أمي حديثك، وإني لتلك الجارية قال: أنتِ,,؟ قالت: أنا, قال: والله لئن كنت أنت، إن بك لعلامة لا تخفى فكشفت بطنها فإذا هو بأثر السكين فقال: صدقني والله الرجلان، والله لقد زنيت بمائة، وإني أنا الأجير، وقد تزوجتك، ولتكون الثالثة,, وليكونن موتك بعنكبوت، فقالت: والله لقد كان ذالك مني ولكن لا أدري مائة أو أقل أو أكثر، فقال والله مانقص واحداً ولا زاد واحداً، ثم انطلق الى ناحية القرية فبنى فيها مخافة العنبكوت، فلبث ما شاء الله أن يلبث، حتى اذا جاء الأجل، ذهب ينظر، فإذا هو بعنكبوت في سقف البيت وهي الى جانبه، فقالت: والله إني لأرى العنكبوت في سقف البيت، فقال: هذه التي تزعمون أنها تقتلني، والله لأقتلنها قبل ان تقتلني, فقام الرجل وزاولها وألقاها, فقالت: والله لا يقتلها غيري، فوضعت أصبعها عليها فشدختها، فطار السمُّ حتى وقع بين الظفر واللحم فاسودّت رجلها فماتت، فسبحان مقدّر الأعمار والأسباب الدر المنثور: 595 596

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved