| الثقافية
قدمت لكم قبل اسابيع ملخصا لعروض المهرجات واشرت أني سأتناول عروضا بعينها كلما وجدت الوقت لذلك والحقيقة أني لم اكن لأترك الحديث عن العرض الجميل الذين قدمته نخبة من المسرحيين في المنطقة الشرقية واخص بالذكر تجربة عبدالعزيز العطا الله في التأليف من إخراج عبدالعزيز السماعيل الذي هو مؤلف بنفسه.
وعرضي للعمل محاولة لتفسير ظاهرة ركوب الموجة السائدة بين المسرحيين السعوديين وابناء الخليج هذه الأيام والتي تقوم على التصالح مع الجمهور من خلال مسرحيات سياحية مسرفة احيانا حتى ولو ادى ذلك الى التعمية على المضمون واختزال جماليات العرض الفنية لأن علاقة المسرح بجمهور اليوم تؤسسها القيمة الاستهلاكية اكثر مما تقدمها الجوانب الفنية الراقبية التي قد يعتبرها العاملون بالمسرح لا تقدم نجما ولا ترضي منتجا في احد اماكن البيع,, اقول هذا ما قد نسمعه من تبرير لظاهرة تحميل تدني المضامين على اسباب متطلبات الكوميدي.
هذا التوجه جعلنا امام ظاهرة جديدة هذا العام حيث فاقت العروض السياحية الترفيهية العروض الجادة وكأن المسرحيين السعوديين ملوا وجوههم الجامدة التي لا تبتسم فبدلوهااحيانا بوجوه لا تبتسم الا بقوة وإكراه وهو خلط بين التهريج ومفهوم المليو دراما والتراج كوميدي من جانب والهزليات والمهازل والتهريج من جانب آخر.
مسرحية الرجل المتفجر حرك تبلش ليست مثالا للظاهرة فقد كانت جادة النص والمضمون لكنه اعتراها ما اعتراها مما سنعرض له بعد سطور.
المسرحية اخرجها الفنان القدير عبدالعزيز السماعيل رئيس شعبة المسرح بجمعية الدمام ومن إعداد الفنان عبدالعزيز العطا الله وقد اسماها المعد حرك تبلش واصل المسرحية لكاتبين فرنسيين هما بيير فراري وربير بيك وسبق لهذه المسرحية ان شاركت في المهرجان الخليجي للفرق الأهلية الذي أقيم في عمان العام الماضي حيث تشكى طاقم المسرحية ومعهم رئيس الوفد من ظلم لجنة التحكيم في المهرجان وشارك في هذه الشكوى الأستاذ إبراهيم الحمدان ولي رأي آخر بعد مشاهدتي للمسرحية فلجنة التحكيم كانت على حق.
والحقيقة ان الحديث عن هذه المسرحية شئ مختلف بعض الشئ لأننا نحاسبها بأهمية العناصر المشتركة وهم نخبة من المسرحيين السعوديين تأليفا واخراجا وتمثيلا حتى انه يصعب التفريق بينهم لمن يعرفهم لأنهم من الصف الأول من المسرحيين السعوديين في شرق المملكة وبعد مشاركتها في عمان جاءت اعتراضات على التحكيم المسرحية بدعوى انها ظلمت العمل وتبين ان هذا الرأي جانب الصواب فالمسرحية لا تقدم ما يجعلها جديرة بالمنافسة في مهرجان لكنها مسرحية جميلة في الجانب الجماهيري وتحقق نجاحا رائعا في الترفيه السياحي.
النص ينتمي للشكل الكوميدي المولييري حتى ان من يطلع على الحكاية لا يشك انها لموليير من واقع الحكاية و العناصر المشكلة لهذا المسرح الكوميدي بل لعلك لو اخفيت اسم المؤلفين الأصليين ونسبتها لمجموعة مسرحيات موليير في الإسلوب والتقنية لما عدوت الحقيقة ومن ابرز سمات هذا المسرح السخرية من تصرفات المترفين الأرستقراطيين الفوقية وعدم النظر للقريب,, ثم تسخير السيدالبطل والخادم الظل او السيدة والوصيفة لأن المسرح في ذلك الوقت يحتاج الواشيالفهلوي وتبادل هذه الأدوار عدد من الممثلين امام فارس من صنف دون جو ان في التفكير الحر وهو العم لكنه واقعي في نظره للحياة العملية وهو ما جعلني أحسب بدءا انها اسبانية الأصل لأن فكرتها ونصها اقرب للمسرح الأسباني في القرن الماضي ويقدم العم المظلل صورة المشدوه أمام ابناء اخيه الذين يجرون تجارب علمية خيالية ضررها اكثر من نفعها ويجرونها على بشر غير مقدرين النتائج.
ورغم تواضع التجربة بوصفها عملا مهرجانياً كنا امام اساتذة تمثيل يفوقون المحترفين وامام مخرج ممارس له دوره الفني ومؤلف له رؤية قوية يدل عليها اختيار النص الأصلي وشرف الكتابة الذي لم يجعله يقفز فوق ظهر المؤلف بل الف من خلاله وكان بإمكانه ان يمارس ما مارسته مسرحيات كثيرة عرف الجمهور انها مسروقة من اعمال ونصوص سابقة,, وهذا يدل على مستوى الالتزام الأدبي للمعد البارععبدالعزيز العطا الله الذي تفتقر الساحة المسرحية لمثله ما عدا اسماء معدودة.
المسرحية جنحت لإسلوب المسرح السياحي في العرض وحاولت ان تستدر ضحك الجمهور واقحمت الكثير من الموسيقى والغناء الذي لم يخدم اي غرض سوى الاقتداء بالمسرح التجاري ومحاولة استرضاء الجانب الاستهوائي وتقليد المسرح الخليجي التجاري,, وبدا لي ان المسرحيين ذهبوا الى التصالح مع الجمهور على حساب القيم الثقافية الرئيسية وهو الأمر الذي جنحت له المسرحية في اكثر من مفصل من مفاصلها مما اعطاني المبرر لفهم عدم تميزها في مهرجان الخليج لأنها جاءت غير مربوطة الأوصال بسبب اقحام المعطيات الموسيقية وبعض المفردات السينوجرفية ورغم أنها عرض ناعم الا انها بدت في بعض مفرداتها مبتذلة التودد للجمهور وقدمت نفسها رغم جمالها رخيصة متهافتة ولم تتح مجالا للترفع عن المستوى الأقل من تجاري او سياحي احيانا.
|
|
|
|
|