** قرءة أولى,,.
ألا يحدث للملل,, للسأم ان يتحول إلى سلسلة من علامات الاستفهام, تكتب في ورقة طاهرة البياض,, اقسم احياناً ان الكلمة ذاتها تتحول الى صورة عاجزة عن رسم الابتسامة تتحول من عمق الملل وشدته الى مجرد شيء يختصر الزمن,, الشعور,, الكلمة!!!
** قراءة ثانية,.
يقول جان مارك بطل رواية الهوية لميلان كونديرا,.
ربما قلت ان كمية الملل اذا كان الملل قابلاً للقياس اعلى بكثير اليوم منها في السابق لأنه ما كان التفكير في مهن الماضي في نصيب كبير منها على الأقل، دون ارتباط عاطفي، الفلاحون العاشقون لأرضهم، جدّي ساحر الطاولات الجميلة، الحذاؤون الذين يعرفون عن ظهر قلب أقدام كل الفلاحين، عمال الغابات، البستانيون، بل افترض ان الجنود أنفسهم كانوا يقتلون إذ ذاك بشغف لم يكن معنى الحياة مشكلة كان معهم بصورة طبيعية جداً في ورشاتهم، في حقولهم, كانت كل مهنة قد خلقت عقليتها الخاصة، صورتها الخاصة في الوجود,, الطبيب يفكر بصورة مختلفة عن الفلاح، للعسكري سلوك مختلف عن المعلم,, اما اليوم، فكلنا متشابهون، كلنا موحدون باللامبالاة المشتركة حيال عملنا,, هذه اللامبالاة أصبحت عاطفة، العاطفة الكبرى الجماعية الوحيدة في زمننا,, وهذا مايحدث لنا الآن,, كلنا متشابهون في شعور الملل,, في شعور ان لا جديد تحت شمس تشرق كل يوم,, ألفنا الحياة,, ألفنا الملامح,, ألفنا الفرح, ألفنا الحزن,, ألفنا الألفة ذاتها,, ألفنا حتى الموت البطيء تحت قاعدة يجب,, ان تعيش قاعدة الحياة للعيش فقط,, القاعدة التي يصبح فيها,, صوت التنفس ايضا صوتا يبعث على الملل!!,.
أسأل نفسي,, وأسألك قارئي العزيز, لماذا اصبح وهج الاشياء من حولنا ينطفىء,, بعد عمر قصير؟! لماذا دوماً ندخل زمرة الملل ك(خذوه فغلوه)؟!
لماذا نفكر احياناً,, ان المس ايضاً عاطفة جماعية أخرى نعيشها,, وتعشعش داخلنا؟!!
** قراءة ثالثة:
اريد لحظة حب,.
لحظة انفعال,.
لحظة دهشة,.
لحظة تعطي لحياتي معنى,, ان حياتي من أجل اكل العيش لا معنى لها,, لأنها مجرد استمرار,.
مجرد استمرار,, هذا ما اختتم به مصطفى محمود كلماته، لنبحث عن شيء واحد ليس مجرد استمرار أو على الاقل لم يتحول بعد الى مجرد استمرار كثير مما حلمنا,, وحصلنا,, وتعودنا,, تحول إلى مجرد استمرار وربما حتى احلامنا الجديدة,, التي لاتزال قيد التحقيق قد تتحول الى مجرد عبث ,, مجرد محاولة,, لزيادة ازعاج صوت التنفس,, مجرد محاولة تقتل بالالفة,, وتغلف بالمملل,, ولها أذن أن تغلف بالألم,.
** قراءة رابعة,.
سئل فونتيل قبيل وفاته ولفرط العجز الذي ألم به,, بم تشعر فأجاب بصعوبة كبيرة جداً في العيش,, لقد آن الأوان لأرحل عن هذا العالم فلقد بدأت ارى الاشياء كما هي؟!!
يجعلنا الملل ايضاً نرى الاشياء كما هي,, غير قابلة للتبديل أو التغيير,, انه يتسرب الى عروقنا,, فيبهت لون الدم,, لون الحياة,, تبت يداه,, مراراً فمعه,, لا جديد,, لا جديد,, لا جديد!!
قراءة,, قبل الأخيرة,.
عودة إلى بدء,, عودة الى علامات الاستفهام المنقذة من كتابة الملل ,, الكتابة عن الملل,, بملل,.
أيتها الكلمات,, لماذا تفقدين احيانا,, وهجك؟!
أيتها اللغة,, كيف يفقدك التأمل بسأم,, كل جولات نصرك,,ايتها الابتسامة كيف تفقدين قوتك,, وترحلين؟!!
ايتها العين,, ما اخبار زرقاء يمامتك,, أأفقدها الملل,, القدرة على طمأنة النفس,, بفيض قادم؟!
ايتها النفس,, ماذا تريدين؟! ما الذي يشبعك؟! ما الذي يسكت بحثك,, وتعبك,, من؟!!
قراءة أخيرة,, لغادة السمان,.
كأني مت,, لا جديد,,كأني مت,.
والعشب في الحديقة عاد عشباً,.
ولم يعد كوناً من غابات السحر,.
والاشجار عادت أشجاراً,, ولم تعد دروباً إلى مدن العجائب,.
وحتى الطائر,, الذي احتضر قليلاً,.
ثم مات للتو على نافذتي.
ليس أكثر من جثة طائر,.
ستفوح منها رائحة نتنة,,حين يحمي النهار,.
غادة عبدالله الخضير
|