| الثقافية
قد يكون معرض الكتاب الإلكتروني الذي أقامه مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في الفترة بين 21 30/12/1420ه يحمل رسالة خاصة لكل من له علاقة بالكتب والمكتبات، هذه الرسالة فحواها إن النسخة الورقية من الكتاب في طريقها إلى التلاشي وسيحل مكانها الأقراص المدمجة وشبكات المعلومات عبر الحاسب الآلي والخطوط الهاتفية، أي أن ثمة أمرا جديدا سيطرأ على الكتاب والمكتبات، وستسعى المكتبات كما عبر عنه الدكتور هشام عباس في إحدى الندوات المصاحبة للمعرض في حديثه عن مستقبل المكتبات بأن القائمين على المكتبات الحديثة سينتقلون من إستراتيجية الاقتناء إلى إستراتيجية الوصول عبر الخطوط الهاتفية وأجهزة الحاسب الآلي إلى مكامن المعلومات في العالم، ومن هنا لنفكر قليلا,, كيف تكون مكتبة المستقبل,, وقبل ذلك يجب أن يفهم الجميع إن الاتجاه صوب النشر الإلكتروني لا يعني انتهاء العلاقة بالنسخة الورقية من الكتاب، مطلقاً لأنه من المستحيل أن يجد القارئ متعة كاملة عندما يقرأ رواية أو عملا إبداعيا منشورا على شاشة الحاسوب، فالكتاب له علاقته الحميمية الخاصة التي ستبقى إلى الأبد، نعود ونتساءل مرة أخرى كيف ستكون مكتبة المستقبل، ربما وبكل بساطة ستكون القاعات المخصصة للمستفيدين أكبر وأوسع من القاعات المخصصة لأوعية المعلومات وبالذات الكتب والدوريات، سيتجه كل مستفيد إلى جهاز حاسب وضع على إحدى المقاعد، غالبا لا يحتاج أن يحمل معه أوراقا ربما كل ما يحتاجه قرص مضغوط من أقراص الحاسب، سيعتمد على ما خزنه في ذلك القرص وسيقوم بإضافة ما يحصل عليه من معلومات بما فيها صفحات من كتب ومقالات منشورة في دوريات مدخلة في الشبكات المعلوماتية، كل ما يحتاجه ذلك المستفيد إذا كان لديه بحث هو أن يضيف ويحذف وينسخ ويلصق ويتجه إلى محركات البحث ليجد ملايين الصفحات عبر الإنترنت متاحة له ليأخذ منها ما يشاء من كافة أقطار الأرض، وحين يحتاج إلى رأي الآخرين سيتجه إلى المجموعات الاخبارية عبر البريد الإلكتروني، وستصله الرسائل تباعاً دون أن يحتاج إلى خدمات طيب الذكر ساعي البريد، وهنالك من يرتاد المكتبات لقضاء وقت يستمتع به بالقراءة العامة التي يغلب عليها طابع العشوائية إضافة إلى تصفح الصحف اليومية والأسبوعية والدورية، إذا أراد ذلك فهو لا يحتاج أن يغادر مكانه ، إلى الحاسب وسيجد المتعة التي ينشدها ليس فقط بالقراءة بل مضافاً إليها متعة السماع والرؤية فحينما يرغب أن يمتع نفسه بقراءة شيء من الشعر فسيجد متعة أكثر عندما يستمع لذلك الشعر وقد يتجاوز الأمر ذلك عندما يرى الشاعر ماثلاً أمامه يقرأ قصائده بنفسه أتحدث هنا عن شعراء العصر الحديث وما أقوله ليس من باب الخيال فهنالك الأقراص المدمجة التي تحتوي على موسوعة الشعر العربي ومن أراد أن يرى ويسمع شعراً فعليه زيارة موقع المجمع الثقافي في أبوظبي عبر شبكة الإنترنت إذا المستفيد لن يصيبه الملل مطلقاً,, ربما سيتعب قليلاً من الجلوس الطويل، وهذا ما فكرت به المكتبة البريطانية حيث قامت بتصميم مقاعد صحية للمستفيدين في مبناها الجديد، بعد ذلك سيواجهنا السؤال الصعب والمخيف: ماذا عن المكتبيين في مكتبة المستقبل، ربما يقول البعض وجودهم كعدمه فما الذي أضافوه وما الذي سنخسره عندما ينقرضون، فصورة أمين المكتبة العربية في أذهان الكثيرين سيئة جداً، فمن يقوم بعمل أمين المكتبة في بعض المكتبات العامة والمتخصصة والمدرسية ليسوا من أهل الاختصاص أولا وثانيا لا يملك بعضهم الثقافة الجيدة ليكون لديه القدرة في الإفادة بأي أمر من الأمور المرجعية بحيث يحدد أن موضوع كذا في كتاب كذا وفي موسوعة كذا، وأخيرا يجعل بعضهم المكتبة آخر المطاف في مؤسسته قبل تقاعده لأنه سيشعر بالراحة فلا معاملات ولا مراجعين ونستثني من هؤلاء من يملك علاقة جيدة بالكتاب فكما يحرص أن يصل للمعلومة يحرص أن يوصل تلك المعلومة للآخرين، ففي مكتبة المستقبل سيرتاح المكتبيالعربي كثيراً لأن المستفيد سيقوم بخدمة نفسه بنفسه، ومن المؤكد أن من سيعمل في مكتبة المستقبل يجب أن يكون لديه مواصفات خاصة، أهمها الخبرة والدراية بالتعامل مع جهاز الحاسب الآلي ومعرفة البرمجة وطرق الاتصال بشبكات المعلومات، والقدرة على التحديد الدقيق للبحث أو تضييق مجال البحث لانتشال المستفيد الباحث من متاهة آلاف أو ملايين الصفحات المتاحة عبر الشبكة العنكبوتية التي لها علاقة بموضوع عام أدخله في محركات البحث، الأمر المهم لمكتبي المستقبل هو الإلمام باللغة الإنجليزية ولو بصورة مبسطة لأنها هي اللغة المشتركة لهذه القرية الصغيرة، ربما من أهم الأشياء في مكتبة المستقبل إلغاء مسمى أمين مكتبة فالأمانة ترتبط بخزانات الحفظ للكتب ومكتبة المستقبل تحتاج لمن يكون مسئولا عن تقنية المعلومات لذا فيكون هنالك المدير المسؤول يتبعه عدد من المكتبيين ممن لهم دراية جيدة في تقنية المعلومات إضافة إلى المبرمجين ومسئولي الصيانة لصيانة أجهزة الحاسب وشبكات الاتصالات، تحتاج مكتبة المستقبل إلى مبان خاصة ملحق بها أماكن لمولدات كهربائية خاصة تحسبا للطوارئ لأن الكهرباء هو الدم الذي يضخ في شرايين تلك المكتبة فمتى ما انقطع توقفت الحياة بها، قد يكون ذلك أشبه بالخيال، ربما نرى أنه من المهم التفكير بعلاقة الناس رجالا ونساء بالمكتبة، وبكل صراحة تعاني المكتبة العربية من قلة روادها، فهنا بالمملكة يرتاد المكتبات من لديه بحث معين وغالبا يكون من ضمن المتطلبات الدراسية فتنتهي علاقته بالمكتبة بانتهاء بحثه، وهنالك من يأتي للمكتبة محملاً بكتبه الدراسية بحثاً عن مكان هادئ يذاكر فيه فلا يكون له علاقة بالمكتبة مطلقاً فهي مجرد مكان، وهنالك من يأتي ليطالع الصحف والمجلات وهذا في حد ذاته جيد ولكن لا تصل هذه العلاقة بالبحث أو الاطلاع، ربما تكون مكتبة المستقبل وسيلة لإغراء الناس وبالذات فئة الشباب لارتياد المكتبات بدلاً من مقاهي الإنترنت طبعاً يصاحب ذلك توجيه لهم باستخدام هذه الخدمة بصورة جيدة وربما أيضاً وجود أجهزة الحاسب بجانب أرفف الكتب وسيلة جيدة للفت نظر هؤلاء الشباب بأن ثمة صديقا لم يعقد معه العرب الصداقة الجيدة وبالذات في العصر الحديث، هذا الصديق القديم هو الكتاب، ربما تكون مكتبة المستقبل جميلة ومبهجة إذا امتلأت بالرواد ولو لم يكن بها إلا جهاز حاسب واحد والذي سيكون حتماً إحدى النوافذ التي نطل بها على مستقبل أزهى وأروع.
Asalsl 1999 @ ahoo.com
|
|
|
|
|