| الفنيــة
* المنامة - منى عبدالله الذكير
* في حوار أجراه الناقد السينمائي إبراهيم العريس مع المخرج الكويتي خالد الصديق قال خالد: بزغ حب السينما لدي بشكل لا شعوري، وبت غير قادر على العيش من دون السينما, وبعد سنوات من ذلك عرض أول فيلم له بس يابحر وكان مفاجأة حقيقية دون سابق استعداد لدى المتلقين وقالوا: إنها تجربة لا مستقبل لها في الخليج , لماذا؟,, لم تُطرح الأسباب في حينها، ورغم ما تبدو عليه دول الخليج من ثراء ظاهري وهو ما تحتاجه صناعة السينما، إلّا أن تلك الصناعة ظلت من المحظورات ولم تتقدم خطوة, ومنذ عشرات السنين، أو منذ بداية السبعينات لم يُنتج أو يُخرج غير عدد قليل من الأفلام معظمها وثائقي, عبدالله المحيسن المخرج المبدع السعودي له بعض أفلام دخلت مهرجانات ونالت جوائز,, وغيرهم كثيرون، ولكن لا يعتبر انتاجهم سينمائيا فنيا.
* السينما بدأت كشغف جماهيري راسخ ولم يزل عشقاً حتى اليوم ومنذ مائة عام مضت,, في كتابه الرائع تاريخ السينما في العالم يتكلم الناقد والأديب الفرنسي جورج سادول عن بدء ظهور ذلك الجمال الخفي المرئي,, ولكنه يخاطب الخيال والإحساس,, إنه صنو الحياة اليومية,, فن السينما الذي يُدخلك إلى صُلب تفصيلات اليوم المعاش والمُمارس,, إنك أنت وعائلتك وأصدقاؤك وذكرياتك, مآسي الحياة وفواجعها، أفراح ومسرات اللحظة، دموع الوقت المنصهر، وابتسامات القلب الحنون,, كلها يجسدها لك فن السينما,, ويقول في سياق كتابه الذي أعيد طباعته عشرات المرات بكل لغات العالم أما عن العالم العربي، فإنني لا أعرفه بالقدر الذي كنت أريد، لقد زرت تونس والجزائر وسوريا، وأقمت في لبنان وشهدت مؤتمرات عن السينما العربية تنظمها اليونسكو منذ الستينات من هذا القرن، مما دعا اليونسكو,, أن تعهد اليَّ بكتابة مقتطفات مكرسة للسينما العربية، تاريخها وتطورها .
مع العلم أن سادول وثق للسينما العالمية منذ عام 45 ميلادية, ويذكر بأن اختراع الصورة المرئية في السينما تم عام 1830م حيث قام فيزيائي بريطاني مشهور ببناء (عجلة فراداي) Farday وهي لعبة ذات عجلة من المقوى، تعرض عدة صور بشكل دائري, ثم توصل الانجليزي هورنر سنة 1834م الى ان يعطي هذه اللعبة شكلاً حديثاً مؤلفاً من شريط من الصور ملصق على مقوى مما بشر قديماً بولادة الفيلم,ولكن ولكي تخلق السينما ذاتها كان لابد أن يتم استعمال التصوير الشمسي, إن اختراع التصوير الشمسي قدم للعالم اختراعاً من أكثر الاختراعات الحديثة إبهاراً.
لقد دخل أثرياء أمريكا، وأكثرهم شهرة، الملياردير,, بولاند ستانفورد في مسألة تطوير آلات التصوير, وقد أنفق ثروة طائلة لكي يتسني تصوير تتابع حركة الإنسان، أو سباق الخيول وسرعتها التي كان يعشقها.
كان العالم الفرنسي فاراي يتابع منذ عشرين سنة أبحاثه الحركية، واخترع الأشرطة المثقوبة، والبندقية المصورة 1876م, حتى ظهرت صفيحة فيلم كوداك وحتى عام 1888م استطاع ان يحقق عملياً الكاميرا والتصوير الحديث.
كان أديسون ينقل السينما الى مرحلتها الحاسمة وذلك باختراعه الفيلم الحديث قياس 35,م,م وكان قد نفذ مشروع التوزيع الأول للكهرباء احتكرته شركة جنرال الكتريك العالمية.
حاول أديسون تطبيق السينما الناطقة وذلك بالاستفادة من اختراعه التليفون الهاتف وذلك بدمجه مع التصوير الحي 1894م، ولكنه لم يستطع ذلك في حينه.
شرع لويس لوميبر أب السينما الحديثة في صنع جهاز أسماه السينما توغراف ومنه اشتقت كلمة سينما وبذلك حقق لوميبر الذي كان يدير مصنعاً ضخماً لآلات التصوير في مدينة ليون الفرنسية انتصاراً تقنياً وطرح افلاماً ذات موضوعات قيمة اشتهرت عالمياً, واصبح الناس يزدحمون بالألوف في كل دول العالم في قاعات مظلمة لمشاهدة الأفلام.
عندما بدأ القرن العشرين اخترع ميلييس الفرنسي فن الإخراج الذي طور الفيلم السينمائي, وأدى الى افتتاح أول سينما دائمة في لوس أنجلوس تلك المدينة النائية في حي يدعى هوليوود الأمريكية والتي اصبحت منذ منتصف القرن العشرين حتى اليوم عاصمة السينما العالمية، والتي تطرح عبقريات الافلام تقنياً ونصاً وإبداعاً.
* حسناً,, الذي قادنا الى بدايات اختراع السينما والفيلم المتحرك هو إعلان ولادة جمعية السينمائيين الخليجية ضمن فعاليات مهرجان السينما الأول الذي أقيم في دولة البحرين، وكتجربة أولية فهي تستحق الثناء دون شك , للمصادفة فقد حضرت الاجتماعات الأخيرة للسينمائيين من دول منظومة مجلس التعاون مع اخوة من دولة عُمان ودولة اليمن,, كانت وجوه خير سعدنا بلقائها ونتمنى ان يستمر التواصل، فنحن أبناء الخليج لنا طيبة الرياحين، وعبق نكهة الهيل، ولسعة القهوة العربية المتفردة,, لذلك لابد أن يكون تجمعنا أصمومة زهور برية تطرز صحراء جزيرتنا العربية العريقة، لتنثر اريجها الغامض الشهي في أجواء العالم,, ربما كعادتنا دوماً نأتي متأخرين، ونجاذب فن السينما على استحياء بعد ان قطع مائةعام ووقف شامخاً وقد أخضع كل تقنيات العقل البشري لخدمته، نحن كعادتنا نحصل على روائع الإنتاج الفكري والعقلي لغيرنا,, هذا قدرنا,, كما ان قانون الطبيعة يقول ان هناك منتجاً، وهناك لابد ان يكون مستهلك,, فقط لنا تطلعات ولا نقول أمنيات لأنها عزيزة المنال، بينما الطموحات بالجهد نستطيع تحقيقها,, طموحنا ان نكون جادين في مسألة الإبحار في خلجان ذلك الفن البصري العظيم، ولنبعد عن أذهاننا بأن السينما للمتعة الحسية فقط ولإثارة مكامن اللذة، على العكس إنه فن الرقي، والفكر والثقافة، والافلام الوثائقية والتاريخية والوطنية خير دليل على الحفاظ على التاريخ المعاصر وجهد الإنسان,
نأمل أن نرى إبداع فنانينا بشرط ان يتناولوا النص الأدبي الجيد، وان يكون الفيلم الخليجي روح الخليج ونكهته وان يكون ملتزماً مع تعاليم الدين الحنيف وتقاليدنا العربية الخليجية.
|
|
|
|
|