| مقـالات
زقزقة:
حذارِ أن يسبق لسانك تفكيرك
حكمة يونانية
***
يحكى عن أرسطو أنه ذات مرة استشفع لإنسان لدى آخر فلم يفعل فكتب إليه يقول: إن كنت قد أردت فلم تقدر فمعذور، وإن كنت قدرت ولم ترد فسيأتيك يوم تريد فيه فلا تقدر .
والحكاية قديمة ولكنها بليغة إذ تعكس فلسفة الرفض والقبول، ببساطة نعم ولا، وهاتان الكلمتان على قلة الأحرف فيهما لا يستهان بهما،
فالكلم مسؤولية وليس صحيحاً أن الكلام رخيص، بل هو بالفعل من ذهب.
كلمة نعم أو لا تغيّر حياة الإنسان ترفع من قدره أو تهينه، تفتح له أبواب المستقبل أو تقفلها في وجهه.
بعض الناس يدرك خطورة النعم واللا خاصة إذا كان يعمل في موقع متصل بالجمهور وأن الكلمة التي ينطقها مؤثرة في حياة الآخر بلا شك فيفكر قبل أن تصبح الكلمة لديه اعتيادا.
أما البعض الآخر فيستعذب اللا، يقسو بها ويعذب الآخرين التي تشكل الكلمة منعطفا في حياتهم، فهو يستخدمها كأداة تعريفية بحجم السلطة التي يملكها.
والمضحك هنا أنه يسهو عن أن الكراسي تدور ولم يسبق لإنسان أن أمضى حياته كلها على كرسي السلطة فهو وإن طال الجلوس منتقل عنه أو عن الدنيا بأكملها.
لا أحد يعلم الغد! وكيف تسير الأمور في المستقبل! كلنا يتصور، يحلم، يتوقع ويأتي الواقع مختلفا وإن شابه في بعض جزئياته توقعاتنا.
نعم أو لا ليست مجرد كلمة على أن الكلمات تحمل في طياتها موت الإنسان وحياته ولكنها سياسة وفلسفة لسلوك الإنسان وقدرته على التفاعل في الحياة.
للعرب حكمة جميلة تبين تأثير الكلمات التي ينطق بها اللسان أو يترجمها على الورق تقول: (يقول اللسان كل صباح وكل مساء للجوارح كيف أنتن؟ فيقلن بخير إن تركتنا) والشواهد على أولئك المغيبين عن أهمية معرفة فن القبول أو الرفض عديدة وسوف تلاحظ وأنت تقرأ هذا المقال أنك تذكرت بعضا منهم تعرفهم أو تسمع عنهم كذلك حين كنت أكتب مقالتي هذه فقد استحضرت تلك النماذج وشكرتها لأنها علمتني كيف هو فن التعامل مع الآخرين!!
أجل هو فن أن تعرف متى تقول نعم فلا تضعف ومتى تقول لا فلا تظلم.
فالكلمة مثل الحجر الذي ترميه بعيداً لا يمكن التقاطه أو هي كالسهم إذا أطلقته لم تعد تملكه.
ولذلك ينصح الحكماء بمضغ الكلمات أكثر من مضغ قطع الخبز
ابدأ بنفسك وانظر إلى أي مدى تدرك معنى الرفض والقبول ثم انظر حولك وتأمل إلى أي مدى يعرف الناس تلك الفلسفة ستجد الذي هو فنان في التعامل مع الرفض والقبول وآخرين يرمون الحجارة ويرشقون السهام دون إدراك!!
تحياتي لهم فقد كانوا ملهمي فكرة هذا المقال!!
|
|
|
|
|