| الاقتصادية
أخذت العلاقة السياسية والاقتصادية الدولية تخضع منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وبشكل متزايد الى نظام عالمي جديد تميز بالسعي المستمر نحو توسيع نطاق الوطنية في اتجاهين هما: العولمة او العالمية والقولمة او الاقليمية.
وقد شغلت ظاهرة العولمة بالذات اهتمام وسائل الإعلام المختلفة في كافة انحاء العالم وذلك بالاضافة الى اهتمام العديد من الباحثين وعلماء الاقتصاد والفلاسفة ورجال الفكر والأدب والكثير من القادة ورجال السياسة ورجال المال والأعمال وأصبحت العولمة وتحدياتها وافرازاتها وتأثيراتها ولا سيما في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية موضوعاً أساسياً للعديد من المحاضرات والندوات والمؤتمرات واللقاءات.
ويأتي الجانب الاقتصادي في مقدمة الجوانب الأكثر تأثيراً وتأثراً بنتائج وتحديات العولمة ويسعى هذا البحث الى التعريف بأساسيات العولمة الاقتصادية الراهنة وتحليل أهم ابعادها وتأثيراتها الايجابية والسلبية على الاقتصاد الوطني السعودي ومسيرة تنميته في خلال السنوات القادمة بقصد التعرف على متطلبات التكيف مع هذه الظاهرة العالمية الهامة, ولن يتطرق البحث الى الايجابيات والسلبيات غير المباشرة التي يمكن ان تنعكس على الاقتصاد السعودي من جراء عولمات في مجالات أخرى مثل العولمة السياسية والاجتماعية, كذلك فإن الغرض من هذا البحث ليس للمساعدة في اتخاذ القرار بقبول الدخول في ترتيبات وتدابير العولمة، فالانعزال والتقوقع والانكفاء عن تيار العولمة بات يعني التعرض للتهميش والتقزيم والتتخيم من تخوم ، والأمل هو ان يسهم هذا الجهد المتواضع في التعرف على امكانات زيادة قدرات الاقتصاد الوطني السعودي على الاستعداد لمواجهة تحديات العولمة الاقتصادية وتفادي واحتواء سلبياتها والعمل على جني أقصى استفادة ممكنة من الايجابيات والفرص التي يمكن ان تتيحها، والله الموفق.
أولاً: أساسيات العولمة
لم يعد من المثير او المشوق في هذه الأيام الحديث عن العولمة وتداعياتها وذلك لكثرة ما كتب ويكتب عنها بحيث يكاد ألا تخلو دورية من الدوريات المتخصصة او مجلة من المجلات او حتى صحيفة من الصحف اليومية من موضوع أو أكثر من الموضوعات المرتبطة بجانب أو بآخر من جوانب العولمة, فماذا عسائي ان اضيف لما كتب ويكتب عن هذه الظاهرة ولما سبق ان كتبته انا نفسي عنها (1) ,؟ وهو مايذكرني هنا بمقولة زهير بن ابي سلمى:
ما أرانا نقول الا معاداً،
أو معاراً في قولنا مكرورا .
غير أنه في ظل التغيرات والتحولات العالمية السريعة تتجدد المعاني وتستحدث الاتجاهات والتوجهات ويصبح من المفيد بين الفينة والفينة ملاحقة مستجدات ظاهرة هامة مثل ظاهرة العولمة للتعرف على مفاهيمها وخصائصها وتحديد ملامحها.
1 مفهوم العولمة: GLOBALISATION
لا يوجد تعريف دقيق او تعريف يمكن الاتفاق عليه لكلمة العولمة, ولغوياً يقال عولمه بمعنى صيره وجعله ونشره وعممه عالمياً او على مستوى او نطاق العالم كله وهو فعل يبدو انه مشتق على وزن فاعل, والعولمة هي اسم فعل مصاغ على غرار القولبة والعوربة والغوربة والأوربة وتعني صبه في قالب او حالة الفعل فيقال عوربه بمعنى صاغه في شكل او على نطاق عربي وغوربه وتعني صياغته او قولبته في نموذج غربي او على نطاق الدول الغربية, وتشير العولمة بالمعنى الاقتصادي الى ظاهرة توسع النشاطات الاقتصادية وانتشارها وامتدادها المتزايد وانسيابها خارج الاطار الوطني الى الدول والاقاليم المجاورة او على نطاق اوسع الى العالم اجمع, وعرفت هذه الظاهرة ايضا بالعالمية نسبة للعالم والتدويل نسبة للدول والكوننة والكوكبة نسبة للكون والكوكب الارضي, ويقصد بها عموما الاتجاه المتزايد نحو الانتشار الجغرافي الواسع والمكثف للانشطة الاقتصادية من انتاج وتمويل وتسويق وتقانة, ويتضح مما سبق ان تعريف العولمة يقوم على عنصرين هما نطاق جغرافي وشكل أو إطار او نهج معين, ومن الطبيعي ان يتأثر النطاق الجغرافي بأفكار ومذاهب واطر ومناهج مركز القيادة السياسية والعسكرية والاقتصادية لذلك النطاق.
والعولمة كظاهرة ليست بالجديدة بل هي توجه توسعي قديم قدم التجمعات البشرية، حيث كانت العولمة تتم في الأزمنة الغابرة بالتوحيد والضم العسكري وبناء الامبراطوريات والاستعمار الاستيطاني, وقد جاء ديننا الإسلامي الحنيف بعولمة واضحة الهدف منها هداية البشرية الى منهج الله عز وجل يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون وما أرسلناك الا كافة للناس بشيراً ونذيراً وبالعولمة انتشر الاسلام وبانفتاحيات العولمة الحديثة يمكن تكثيف نشره في العالم في الوقت الراهن, وتختلف العولمة الإسلامية عن غيرها من العولمات مثل الفارسية، اليونانية، الرومانية، البريطانية، الغربية بأنها تقوم على قيم نبيلة ومثل سامية ومبادىء عادلة ولا نسعى لاستغلال وامتصاص مقدرات وموارد الأمم والشعوب.
وتسعى العولمة الاقتصادية الراهنة الى تكثيف الترابط والتشابك والاندماج بين اقتصاديات دول العالم كما ان نجاحها يتطلب تقليصا تدريجيا في السيادة الوطنية لصالح جماعية اقليمية او دولية، غير انه من الصعب الانسياق وراء مايراه البعض من ان العولمة الحالية سوف تحول الاقتصاديات الوطنية او القومية الى اقتصاد عالمي او كوني واحد اشبه مايكون بقرية عالمية صغيرة تصبح فيها الشركات متعددة الجنسية وليست الدولة هي الوحدة الأساسية, بمعنى انه من غير المتصور في المستقبل المنظور ان تنتهي العولمة الراهنة الى اختفاء الدول القومية بالانصهار والذوبان في دولة واحدة كما يذهب الخيال الرومانسي لدى بعض المفكرين.
هذا ومهما يكن من أمر، فإن العولمة كاصطلاح حديث ازداد الاهتمام به واخذ استعماله في الانتشار بشكل واضح بعد سقوط حائط برلين وانهيار منظومة الدول الاشتراكية واختفاء الحرب الباردة وانتهاء التمييز العنصري في افريقيا واندلاع حرب الخليج الثانية في اوائل العقد الماضي واخذ تيار العولمة الحديثة على اثرها يتعمق ويتوسع بكثافة عالية في كل الاتجاهات بحيث اصبحت العولمة تتميز في الوقت الراهن بعدد من الخصائص لعل اهمها الخصائص الرئيسية التالية:
1 انها ارادية حيث تستند الى اتفاقيات ومعاهدات دولية تعقد بارادة الدول المعنية بدلاً من فرضها بالقهر والقوة من خلال الحروب والاحتلال العسكري.
2 توجهها وادارتها من خلال مؤسسات ومنظمات دولية بالاضافة الى الشركات متعددة الجنسية, اي استنادها الى مؤسسة واضحة.
3 تسارع وتيرتها وتزايد كثافتها بسبب التقدم التقاني الهائل في المواصلات والاتصالات والمعلوماتية والإعلام.
4 تبنيها لمرجعية الرأسمالية والليبرالية السياسية والاقتصادية بما فيها فرض مبدأ احترام نظام اقتصاد السوق وهيمنة النظام المالي والمصرفي الرأسمالي، باعتبار هذه المرجعية هي نمط دول الحضارة الغربية النافذة ولاسيما أمريكا وهي الدولة الأقوى في العالم.
وعموماً يلاحظ على العولمة الاقتصادية الراهنة مايلي:
1 أنها ظاهرة قديمة وليست بالجديدة.
2 انها حتمية تاريخية لايمكن الانعزال عنها.
3 انها ليست عابرة كظاهرة وانما العابر فيها مرجعيتها الغربية.
2 ملامح العولمة:
ان التقدم الهائل في وسائل الاتصال والمواصلات والانخفاض الكبير في تكاليف النقل وتكاليف الاتصالات الالكترونية السريعة وشبكات المعلومات وشبكات الاتصالات والحاسبات أدى الى تسريع وتسهيل العولمة الاقتصادية وطبعها بعدد من الملامح والمظاهر كان في مقدمتها الملامح الرئيسية التالية:
1 تضاعف التجارة الدولية في السلع والخدمات حتى بلغت نحو 13 تريليون دولار أمريكي في عام 1998م تشكل الخدمات منها 23 في المائة, وعموماً تؤكد الاحصاءات انه في حين تضاعف الناتج العالمي الى ثلاث مرات في ربع القرن الماضي تضاعفت التجارة العالمية اربع مرات خلال نفس الفترة وذلك بسبب تخفيف القيود على تدفقات السلع والخدمات وتزايد الاهتمام بآلية السوق وانفتاحية الاقتصاديات الوطنية على اقتصاديات بقية دول العالم, وفي هذا السياق اخذ الانخفاض الكبير في تكاليف استخدام شبكات الاتصال الدولي السريع يؤدي الى تحول تدريجي واضح في أسواق المنتجات للعمل على غرار الأسواق المالية.
2 تزايد التدفقات الاستثمارية المباشرة تعتبر القفزة الهائلة في تدفقات رؤوس الأموال الاجنبية بين الدول ولا سيما خلال العقد الماضي من أبرز مظاهر العولمة, حيث سجلت الاحصاءات المنشورة ان سرعة تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة كانت تفوق كثيراً سرعة تدفق الصادرات العالمية وتتجاوز معدلات نمو الناتج الاجمالي العالمي, وقد ساهم في تزايد هذه التدفقات خلال الفترة عدة عوامل (2) منها: الاستقرار السياسي والاقتصادي العالمي والارتفاع المستمر في دخول الدول الصناعية الرأسمالية والتسابق المحموم لاستقطاب واجتذاب الاستثمارات الاجنبية المباشرة عن طريق تحسين الضمانات ومناخ الاستثمار وتقديم الحوافز والمزايا والتسهيلات, وقد تجاوزت هذه التدفقات الاستثمارية مبلغ 300 مليار دولار في السنة في الأعوام القليلة الماضية.
3 النمو الهائل في اندماج وتوسع أسواق الأوراق المالية العالمية وأسواق النقد الاجنبي, حيث اصبحت الأموال الناتجة عن الاستثمار تتطاير بين أسواق المال والنقد العالمية بسرعة مذهلة عبر وسائل الاتصال الحديثة ودون أية قيود او ضوابط, واصبح حجم تدفقات هذه الأموال في الوقت الراهن يقدر ببضعة تريليونات دولار امريكي في اليوم الواحد، كما بات من السهل الحصول على تمويل من خارج الحدود ولا سيما بالنسبة للشركات والكيانات الوطنية الكبيرة والعملاقة.
4 التوسع الهائل في نشاط الشركات متعددة الجنسية أي MULTINATIONAL COMPANIES )MNC,S( وتسمى ايضا شركات عبر الأمم TRANSNATIONAL CORPORATIONS )TINC'S( أحياناً وهي مؤسسات او شركات عملاقة عالمية النشاط مثل شركة نستلة، IBM، كولا، اكسون، شل، فيلبس، جنرال الكتريك، وقد اطلق عليها تجاوزاً عبارة متعددة الجنسية اذ هي من الناحية الواقعية تظل في معظمها مؤسسات وطنية نشرت أنشطتها في الخارج وذلك بسبب احتفاظ الوطن الأم لهذه المؤسسات بالجوانب الرئيسية التالية:
1 القسم الأعظم من أنشطة الشركات, 2 الرقابة على رأس مالها, 3 وظائف الإدارة العليا للمؤسسة 4 برامج البحث والتطوير وهو نشاط استراتيجي هام في المؤسسات.
وتعتبر الشركات متعددة الجنسية من أهم أدوات وآليات العولمة الاقتصادية حيث يتم عن طريقها عولمة التمويل والاستثمار والانتاج والتوزيع ومجمل العمليات المالية والتجارية وانتقال المعلومات والخبرات الفنية والتسويقية والإدارية, وفي عام 1990 م بلغ عدد هذه الشركات أكثر من 37 ألف شركة بعد ان كان عددها لا يتجاوز 11 ألف شركة في عام 1975م، وقد بلغت مبيعاتها في نفس العام 1990 نحو نصف اجمالي الناتج العالمي وفي الوقت الراهن اصبحت هذه الشركات تستحوذ على أكثر من 50 في المائة من حجم التجارة الدولية ويمثل انتاج الالف شركة الكبرى منها نحو أربعة اخماس الناتج الصناعي العالمي.
5 تصاعد نشاط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للانشاء والتعمير ومؤسساته في ربع القرن الماضي وتكثيف جهودها في ترسيخ العولمة ودمج اقتصادات الدول النامية في الاقتصاد العالمي عن طريق برامج التثبيت والتكييف الهيكلي, وكما هو معروف فإن هاتين المؤسستين الدوليتين تم تأسيسهما في عام 1944 م لتتولى اولاهما الصندوق إدارة السياسة النقدية الدولية وتسهيل استقرار أسعار صرف العملات، بينما تختص الثانية البنك الدولي بإدارة السياسات المالية الدولية وتوفير الأموال اللازمة لاعادة اعمار مادمرته الحرب العالمية الثانية في دول غرب أوروبا وتمويل التنمية في الدول النامية.
6 قيام منظمة التجارة الدولية WORDL TRADE ORGANIZATION )WTO( وذلك مع مطلع عام 1995 لتحل محل الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة الجات THE GENERAL AGREEMENT ON TARIFFS AND TRADE )GATT( وتختص منظمة التجارة الدولية عموماً بادارة السياسات التجارية الدولية والغاء القيود على تدفق السلع والخدمات بين الدول الاعضاء وتشمل مهامها على وجه الخصوص مايلي:
1 إدارة الاتفاقات التجارية المتعددة الأطراف، 2 تنظيم المفاوضات التجارية الدولية، 3 مراقبة السياسات التجارية للدول، 4 الاشراف على فض المنازعات التجارية، 5 تقديم المساعدات الفنية والتدريبية للدول النامية مركز التجارة الدولية ، 6 التعاون مع المنظمات الدولية الأخرى.
وبهذه المناسبة يفضل وصف هذه المنظمة بالدولية بدلاً من العالمية التي شاع اطلاقها عليها للأسباب التالية:
1 ان الاصل في تسميتها هو INTERNATONAL TRADE ORGANIZATION )ITO(.
(2) ان المنظمة انشئت بناء على اتفاقية دولية, 3 ان أعضاء المنظمة دول, 4 ان المنظمة مكملة لصندوق النقد الدولي وليس العالمي , 5 ان المنظمة ترعى أساساً تشجيع التجارة المعروفة بتسميتها بالدولية او الخارجية وليس العالمية.
7 القولمة REGIONAL ISATION وهي الأقلمة او تشكيل تجمعات وتكتلات اقتصادية اقليمية عملاقة مثل الاتحاد الاوروبي منطقة التبادل الحر لأمريكا الشمالية نافتا /جماعة التعاون الاقتصادي لدول آسيا الباسفيكية ابيك / السوق المشركة لأمريكا الوسطى كاكم / المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا سيو / مجلس التعاون لدول الخليج العربية/ رابطة جنوب شرق آسيا آسيان وذلك بهدف التكامل فيما بينها والتعامل مع العالم الخارجي كمجموعة دول بدلاً من كل دولة بمفردها ومن ثم السعي للحصول على أكبر مكاسب ممكنة من التجارة الخارجية, وقد شهدت العقود الثلاثة الماضية اتجاهاً متزايداً لتكوين هذه التكتلات الاقليمية الكبيرة التي باتت القولمة آلية هامة للعولمة الجزئية وأصبح يوجد في العالم في الوقت الراهن أكثر من 30 تكتلا اقتصاديا اقليميا, وتنتشر هذه التجمعات في كل القارت وتختلف من حيث عدد الدول الأعضاء المكونة لها ومن حيث درجة تقاربها وكثافة تعاونها من مجرد اتفاقيات وتسهيلات تجارية تفضيلية ومناطق تجارة حرة الى اتحادات جمركية وأسواق مشتركة واتحادات اقتصادية, وتجدر الاشارة هنا الى ان احكام اتفاقيات منظمة التجارة الدولية تسمح بالتفضيلات والمزايا الخاصة بالقولمة في ترتيباتها من مرحلة مناطق التجارة الحرة فصاعداً، كذلك يؤكد المتتبعون لحركة القولمة انه لايوجد دليل احصائي على ان القولمة تؤدي الى اضعاف التجارة العالمية.
ثانياً: إيجابيات وسلبيات العولمة
نظرا لتفوق اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية وهيمنته الواضحة على الاقتصاد العالمي المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي وانتصار وانتشار الرأسمالية الغربية ونموذج القيم اللبرالية والديمقراطية الاقتصادية الأمريكية ولا سيما بعد تفكك الاتحاد السوفيتي ومنظومته الاشتراكية، فقد تسابق الكتاب العرب وغير العرب الفرنسيون مثلاً الى تفسير العولمة الحالية على أنها محاولة لامركة العالم وفرض النظام الاقتصادي والثقافي, الخ الامريكي على بقية دول العالم, وامتداداً لهذه السيطرة، ونظراً للمشاركة الفاعلة للاتحاد الأوروبي في صنع القرارات الاقتصادية الدولية فقد رأى البعض اعتبار العولمة غوربة واسلوبا مستحدثا لإعادة فرض الاستعمار في جانبه الاقتصادي واحكام السيطرة على ثروات وموارد الدول النامية والعمل على دمج وصهر اقتصادات هذه الدول في اقتصادات الدول المتقدمة على أساس تعميق وتأكيد وتوسيع تخصيصها في انتاج المواد الأولية اللازمة لاقتصادات الدول المتقدمة النافذة وان الترتيبات والتدابير المصاحبة للعولمة ماهي إلا غطاء لابتلاعية مدروسة وامتصاص محكم لمقدرات وخيرات الدول النامية ومن ثم يتم تقاسم ثرواتها من قبل مركز القوى الاقتصادية العالمية الثلاثة أمريكا، الاتحاد الأوروبي، اليابان , هذا في الوقت الذي تتطلع فيه الدول النامية الى امكانات الاستفادة من المكاسب الموعودة التي يمكن ان تتيجها الانفتاحيات التسويقية والانتاجية والتمويلية المرتبطة بالعولمة الاقتصادية وذلك دون ان تخفي مخاوفها وقلقها الشديد حول السلبيات والمخاطر والتحديات التي يمكن ان تفرزها العولمة على جهودها المبذولة من أجل تسريع تنميتها الاقتصادية, فما أهم ايجابيات وسلبيات العولمة الاقتصادية في وجهات النظر الساندة؟
إيجابيات العولمة:
يزعم دعاة العولمة الاقتصادية بان انفتاحيات العولمة تؤدي الى رفع كفاءة توظيف واستخدام الموارد عالمياً والى زيادة كبيرة في فرص العمل المتاحة مع توسيع وتعميق الاستفادة من التطورات التقانية الحديثة، كما تؤدي العولمة الى تحفيز الدول النامية على إعادة هيكلة اقتصاداتها لمواجهة التحديات التي تفرزها، والأهم من هذا كله ان العولمة تنتهي الى تحسين مستوى معيشة كثير من دول العالم, وعموماً يمكن تلخيص أهم ايجابيات العولمة في النقاط الرئيسية التالية:
1 زيادة حجم التجارة الدولية بسبب تحرير هذه التجارة والغاء الحواجز وازالة العوائق التي تعترض تدفق السلع والخدمات بين الدول, وتشير تقديرات منظمة التجارة الدولية في هذا الصدد الى ان التطبيق الكامل لاتفاقيات الجات بحلول عام 2005 م سيؤدي الى زيادة حجم التجارة العالمية بمبلغ 500 مليار دولار امريكي سنوياً وهي تزيد حالياً عن 13 تريليون دولار, وفي هذا السياق تؤدي العولمة الى زيادة صادرات المملكة البترولية وكذلك صادراتها من منتجات المصانع القائمة بسبب تزايد النمو الاقتصادي والتزام الدول الاعضاء في منظمة التجارة الدولية بتطبيق مفاهيم تحرير التجارة في السلع ولا سيما بالنسبة لصناعة مشتقات البترول والصناعات البتروكيماوية والمنتجات المعدنية الأساسية كثيفة الطاقة .
2 فتح فرص أكبر للاستثمار واجتذاب رؤوس الأموال الاجنبية للدول النامية عموماً وللمملكة على وجه الخصوص للاستثمار المباشر في عدة قطاعات وفي مقدمتها قطاع الغاز وفي صناعة المشتقات البترولية والصناعات البتروكيماوية بالاضافة الى الخدمات مثل البنوك والسياحية والنقل والخدمات الصحية وذلك عن طريق شركات متعددة الجنسية, حيث تصاحب الاستثمارات الأجنبية المباشرة عادة بالاضافة الى الامكانات التمويلية تقانات فنية متطورة وخبرات إدارية ومهارات تسويقية تساعد عن طريق المنافسة على تطوير الامكانات والقدرات المحلية في مجال اداء الأعمال كذلك تساعد هذه الاستثمارات في ايجاد فرص جديدة للعمل وتساهم في تحسين نمط توزيع الثروة والدخول محلياً بسبب تأثيرها المباشر في تخفيض عوائد رأس المال ورفع أجور العمل.
3 رفع معدلات نمو مجموع الناتج المحلي والاجمالي العالمي وزيادة فرص النمو الاقتصادي على مستوى الاقتصادات الوطنية بسبب ارتفاع الطلب على مختلف انواع السلع والخدمات بعد الغاء القيود المفروضة على تدفقاتها وزيادة الاستثمارات المباشرة الأمر الذي يؤدي الى ارتفاع الطلب على مصادر الطاقة ومنها بترول المملكة في الأسواق العالمية.
4 تنويع المنتجات من السلع والخدمات وتحسين جودتها وخفض تكاليفها ومن ثم اسعارها بسبب المنافسة الشديدة التي تسود الأسواق المعولمة في مجال السلع بما فيها ألآلات والمعدات وقطع الغيار والخامات والخدمات وهو مايؤدي الى خفض تكاليف مدخلات الصناعة ويسهم في تحسين ورفع مستوى رفاهية ومعيشة المستهلكين او السكان.
5 توسيع الاستفادة من المزايا النسبية التي تتمتع بها الكثير من الدول النامية في العديد من السلع والخدمات كالمنتجات الزراعية والملابس والمنسوجات عموماً, والمشتقات البترولية والمنتجات البتروكيماوية والمنتجات الكثيفة الاستخدام للطاقة بالنسبة للمملكة على وجه الخصوص.
6 تسريع تنفيذ توجهات الخصخصة وتوسيع مشاركة القطاع الخاص في بعض الأنشطة الاقتصادية المقتصرة او المحصور تقديمها حالياً على القطاع الحكومي.
7 مساعدة الاقتصاد الوطني في التغلب على ظاهرة الإغراق وانتشار السلع المقلدة في السوق الداخلية وأسواق التصدير ولا سيما المنتجات الصناعية وهي ظواهر يعاني منها حالياً العديد من الصناعات القائمة في المملكة حيث يمكن استخدام آلية منظمة التجارة الدولية في مكافحة الاغراق واتخاذ الاجراءات الوقائية المناسبة ضد المنافسة الاجنبية غير العادلة.
8 التشجيع على البحث والتطوير وتسهيل الحصول على التقانات الحديثة من الدول المتقدمة بسبب الالتزام الأكثر جدية بحماية الحقوق الفكرية والابداعية والمرتبط بترتيبات منظمة التجارة الدولية.
9 الضغط من اجل تسريع عصرنة الاقتصاد الوطني من خلال سرعة تجديد وتحديث وتطوير الأنظمة والتشريعات السائدة وتبسيط وتسهيل الاجراءات المطبقة حالياً لتلبية متطلبات العولمة بما في ذلك الالتزام بشفافية أكبر في التعامل مع المراجعين هذا بالاضافة الى اعطاء أولية متقدمة لتطوير انظمة المعلومات والاتصالات لمواكبة متطلبات سرعة الحركة في التعامل مع بقية دول العالم.
2 سلبيات العولمة:
ترتبط العولمة الاقتصادية واستحقاقاتها بمجموعة من السلبيات والمخاطر والتهديدات على الاقتصادات الوطنية ولا سيما بالنسبة للدول النامية أدت المبالغة في تهويل شرورها واضرارها الى خلق مخاوف اصبحت تعرف باصطلاح الجلوبوفوبيا أو هوس العولمة.
وتشمل هذه المخاوف السلبيات الرئيسية التالية:
1 تزايد انكشافية وتبعية الاقتصاد العالمي ومن ثم اضعاف الأمن الاقتصادي بسبب تعميق تأثير الاقتصاد الوطني بتقلبات الساحة الخارجية, فالتقيد بتطبيق انفتاحيات منظمة التجارة الدولية بآلياتها الراهنة من شأنه ان يؤدي ولا سيما في المدى البعيد الى تعريض استقرار الاقتصاد الوطني الى هزات وتقلبات يعتمد مدى اضرارها على الانفراجات السياسية ومتانة العلاقات الودية مع الاطراف الدولية ولا سيما دول مراكز القوى العالمية, ويأتي في هذا السياق تفشي ظاهرة الفوضى المالية والانهيارات والأزمات الاقتصادية الدولية والاقليمية العنيفة مثل ازمة المكسيك وازمة دول شرق آسيا وهو مايدعو لتسمية العولمة (بالكركبة) بدلاً من الكوكبة الاقتصادية.
2 اتساع تفاوت الدخول وتزايد الثروة بين الدول وبين السكان في داخل الدولة الواحدة افقار الفقراء واثراء الأغنياء وهو ماحذر منه الكاتبان المعروفان هانس مارتن وهير الدشومان في كتابهما المعنون فخ العولمة ذلك ان المكاسب المتوقعة من تعميق العولمة لايتم تقاسمها بالتساوي بين الأمم والشعوب وذلك لعدد من الأسباب يأتي في مقدمتها الأسباب التالية:
أ عدم تكافؤ الأطراف المشتركة في مسيرة العولمة, فالشركات متعددة الجنسية مثلاً والتي سيزيد استغلالها لمقدرات وخيرات الأمم في ظل العولمة تابعة عادة للدول المتقدمة.
ب الطبيعة اللا انسانية لديمقراطية السوق وذلك لاعتمادها على شريعة الغاب والتنافس بدلاً من التنافس حيث البقاء للأقوى ومطالبة الدول بالتخلي عن دورها الاجتماعي في تخفيف حدة الفقر بين الدول وبين سكان الدولة الواحدة.
ج تشويه انماط الاستهلاك السائدة وتعويد مجتمعات الدول النامية على الاستهلاك الترفي والتفاخري والافراط في الاستهلاك على وجه العموم وذلك عن طريق نشر نمط الاستهلاك الغربي تحت التأثير الإعلامي القوي والإعلاني المكثف والموجه لتوحيد سلوك وعادات البشر على نسق الحياة الغربية.
3 تراجع حصيلة الدولة من الرسوم الجمركية بسبب خفض والغاء التعرفة الجمركية على المنتجات المستوردة، وهو ماسيكون له تأثير على الميزانية العامة وبالتالي القدرة على تمويل الانفاق على التجهيزات الأساسية ومنها التجهيزات الأساسية الصناعية.
4 تعرض القطاعات الاقتصادية السلعية الزراعة والصناعة والخدمية المحلية الخدمات المالية، الاتصالات، التوزيع والنقل، اعمال المهن الحرة، الخدمات السمعية والبصرية لهجمات تنافسية شرسة من السلع والخدمات المستوردة من الدول المتقدمة، وهي ذات الشركات العريقة والكيانات العملاقة متعددة الجنسية والمعروفة بتفوقها وبقدراتها الفنية والإدارية والتسويقية الهائلة، وهو ماقد يؤدي الى اختفاء وانقراض عدد من الصناعات والمؤسسات والنشاطات الخدمية ذات الكفاءة المنخفضة والتي لا تقوى على مواجهة رياح العولمة.
5 رفع اسعار مدخلات المنتجات الزراعية والغذائية بسبب ارتفاع تكلفة شرائها وتوريدها للالتزام بالغاء الاعانات المقدمة لها تطبيقاً لاتفاقات منظمة التجارة الدولية.
6 رفع تكاليف انتاج وتوزيع بعض الصناعات التصديرية وخاصة في المراحل الأولى لوصولها لأسواق الدول المتقدمة بسبب اشتراطات ومواصفات تعجيزية في جودة المنتج وفي التغليف والتعبئة من قبل الدول المتقدمة بالاضافة الى شروط حماية البيئة وتطبيق أحكام اتفاقيات التدابير الصحية والصحة النباتية SPS ، هذا مع قلة خبرة المصدرين وندرة المعلومات الخاصة بأسواق التصدير.
7 رفع تكاليف انتاج الصناعات المعتمدة على نقل التقانات الحديثة بسبب المبالغة في تطبيق أحكام حماية حقوق الملكية الفكرية TRIPS ومن ثم رفع اسعار الكثير من الآلات والمعدات المصنعة حديثاً في الدول المتقدمة صناعياً ولا سيما الصناعات الكيماوية والدوائية.
8 تقييد السلطة المحلية في اتخاذ القرارات الاقتصادية المتعلقة بالسياسات التجارية والمالية والزراعية والصناعية والأنظمة والاجراءات المتعلقة بها، حيث يجب ان تكون هذه السياسات والأنظمة والاجراءات وتعديلاتها منسجمة مع اهداف ومبادىء منظمة التجارة الدولية, ويدخل في هذا الشأن احتمال مطالبة المنظمة بمراجعة بعض الحوافز والمزايا والتسهيلات المقدمة حالياً للزراعة وللصناعة مثل الإعانات المقدمة للزراعة والأفضلية في المشتريات الحكومية واسلوب الحماية الحالي لبعض المنتجات الصناعية.
ثالثاً: التكيّف مع العولمة
يبدو مما تقدم ان العولمة الاقتصادية الراهنة تبلورت في شقين هما: الشق الأول: التطور التقاني الواسع والتقدم المادي الهائل في مجالات عديدة ولا سيما في النقل والإعلام والاتصالات والمعلوماتية.
الشق الثاني: الجهود الدولية المبذولة لتوصيع الانفتاحيات القائمة واتخاذ التدابير والترتيبات اللازمة لمأسسة دمج الأسواق والاقتصادات الوطنية في سوق عالمية واحدة, والمطلوب هنا هو الاقبال وبكل حماس للاستفادة بأقصى مايمكن من الشق الأول والانتفاع بمنجزات التقانة وتطوراتها في مختلف المجالات لرفع مستوى المعيشة ولتحسين الرفاه المادي للمواطنين وتعزيز القدرات التنافسية للاقتصاد الوطني هذا في الوقت المطلوب فيه مسايرة حذرة ومشاركة ايجابية واعية في التعامل مع الشق الثاني للعولمة وذلك لضمان الحصول على أقصى مكاسب ممكنة للاقتصاد الوطني وتفادي التأثيرات السلبية على مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية, وفي هذا الصدد يقتضي بناء قوة الاقتصاد الوطني وتطوير استراتيجية جادة وواقعية وعملية لتعظيم استفادة المملكة من أهم فرص ومزايا وايجابيات العولمة الاقتصادية ومناهضة التحديات والتهديدات والسلبيات والمخاطر التي تفرزها وذلك في إطار عدد من المبادىء الرئيسية التالية:
1 المضي وبخطوات أسرع في تنفيذ برامج الاصلاح الإداري والمالي والاقتصادي الذي تبنته قيادتنا الرشيدة في المملكة بما في ذلك مراجعة وتطوير وتحديث الأنظمة والتشريعات وإضافة انظمة جديدة عند الحاجة (مثل نظام مكافحة الاغراق في السوق المحلية وقواعد ولوائح تشجيع المؤسسات والشركات الوطنية على تأسيس كيانات عملاقة وتسهيل الدخول في اندماجات وعقد تحالفات محلية واقليمية ودولية) والعمل بشفافية وجدية أكبر على ازالة المعوقات والموانع الروتينية والتعقيدات الاجرائية لتيسير تنفيذ هذه الأنظمة بما يساعد على مواكبة سرعة الحركة في التعامل مع متغيرات العولمة.
2 تجديد الاهتمام بتعميق جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة وتوسيع قاعدة التجهيزات الأساسية والنهوض بالموارد البشرية وتطوير وتحسين مستويات التأهيل والتعليم ودعم ومساندة وتوجيه النمو في القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية مثل قطاع الصناعات التحويلية وقطاع الصناعات التعدينية غير البترولية وقطاع السياحة بالاضافة الى مساندة قطاعات أخرى (مثل القطاع المصرفي) والتي تحتاج الى مساعدة مؤقتة لاعادة هيكلتها وتأهيل مؤسساتها لمجاراة متطلبات العولمة بما في ذلك تطبيق قواعد وأحكام منظمة التجارة الدولية.
3 تطوير سوق الأسهم والأوراق المالية والتجارية المحلية بشكل يتمشى مع التقدم السريع في أسواق الأوراق المالية العالمية، والسعي لصياغة وتبني تطبيق اتفاقية متعددة الاطراف لتنظيم ومراقبة الاستثمارات الدولية وايجاد آلية لمتابعة التعاملات في الأسواق المالية وتجنيب الاقتصادات الوطنية تأثيرات التقلبات والأزمات المالية العالمية.
4 التشدد في تطبيق المواصفات القياسية ومواصفات الجودة وقواعد مكافحة الغش التجاري ولا سيما بالنسبة للمنتجات الصناعية المستوردة للسوق المحلية وذلك حماية للمنتجات الوطنية وتشجيعاً للصناعات التصديرية على الحصول على حصة أكبر في أسواق التصدير.
5 تكريس وتوظيف العلاقات الاقليمية على المستوى الخليجي والعربي والإسلامي واستخدام المحافل والمنابر الدولية للضغط من اجل أنسنة وأخلقة الطابع اللبرالي المفرط في العولمة الاقتصادية الغربية بتخفيف الاستغلالية المادية وزيادة الاهتمام باحترام الكرامة الانسانية واعتماد ضوابط وقواعد ومبادىء العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات ومراعاة عدم الاضرار بالآخرين.
6 استخدام وتوظيف حلقات العلاقات الدولية بما فيها حلقة الدول النامية للضغط وبكل قوة من اجل الزام الدول المتقدمة بالتقيد التام بتدابير وترتيبات العولمة وتطبيق احكام اتفاقيات منظمة التجارة الدولية حيث تفرض هذه الدول على الدول النامية فتح أسواقها أمام منتجاتها بينما توصد هي أبواب اسواقها أمام منتجات الدول النامية كالمنتجات الزراعية والملابس والمنسوجات بالاضافة الى منتجات صناعية أخرى باشتراطات صحية او شكلية (تغليف وتعبئة).
7 الاستفادة من تجارب ومعلومات الدول الأخرى الشقيقة والصديقة في مجال التصدي لتحديات العولمة وتعظيم المكاسب المترتبة عنها لا سيما في مجال ترتيبات منظمة التجارة الدولية والاستعانة بفنيي المنظمة وخبرائها للمساعدة في تأهيل المملكة لعضوية فعالة في المنظمة.
8 تكثيف الجهود المبذولة لإتمام قولمة اقتصاد المملكة في نطاق خليجي وعربي وإسلامي بتسريع انشاء السوق الخليجية المشتركة باعتبارها ضرورة بقاء وتفعيل دور جامعة الدول العربية لاستكمال تنفيذ اتفاق منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وانشاء سوق عربية مشتركة (العوربة), واستكمال الجهود المبذولة للتدرج في انشاء سوق إسلامية مشتركة وذلك على اعتبار القولمة هي الخيار الوحيد للمواجهة الفعالة لتحديات العولمة وتحسين فرص التصدير واستقطاب الاستثمارات نحو الأنشطة الانتاجية المحلية الواعدة.
والخلاصة ان العولمة الاقتصادية الراهنة جاءت لتبقى وتتوسع وان الاستفادة من وجهها التقاني مطلب أساسي ومهم لمواكبة تقدم وتطور الأمم اما وجهها الاندماجي والانفتاحي، فلا بد من العمل بجد واجتهاد على تعظيم ايجابياته وتحويل سلبياته الى ايجابيات, والقلق والمخاوف من شرور سلبيات العولمة الاقتصادية على مقدرات الاقتصاد الوطني مبالغ فيها ذلك ان اقتصاد المملكة أخذ يعيش العولمة منذ زمن بعيد من خلال التعامل مع أفواج الحجيج والمعتمرين ومع استخراج البترول وبدء تصديره الى الأسواق العالمية,ويعتبر اقتصاد المملكة في الوقت الراهن من أكثر اقتصادات العالم انفتاحا على العالم الخارجي بكل المقاييس (مثلاً حجم التجارة الخارجية للناتج المحلي/ حجم المدخرات المستثمرة بالخارج/ حجم العمالة الوافدة), ومع هذا يظل من المهم التخلص من أعراض المخاوف المفرطة من سلبيات العولمة الجلوبوفوبيا عن طريق الاصرار على زيادة الاستفادة من ايجابيات وفرص العولمة والعمل الجاد بصورة فردية وجماعية اقليمية ودولية لتفادي أهم سلبياتها واحتواء مخاطرها وتهديداتها وذلك بالتركيز على تبني المقترحات الرئيسية التالية:
1 الاستفادة بأقصى مايمكن من المنجزات التقانية المصاحبة للعولمة مثل تقانة الفضائيات والانترنت والحواسب الآلية وذلك في تحديث وتطوير مختلف مناحي الحياة الاقتصادية في المملكة.
2 تقوية وتعزيز امكانات الاقتصاد الوطني من الداخل بتعجيل وترسيخ جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، وتسريع تنفيذ برامج الاصلاح الإداري والمالي والاقتصادي.
3 تحصين الاقتصاد الوطني عن طريق قولمة اندماجية تكاملية مدروسة على مستوى خليجي ومستوى عربي ومستوى اسلامي مكثف تمهد لاندماجية متدرجة في الاقتصاد العالمي.
4 العمل وبكثافة أكبر في إطار فردي وجماعي للحصول على أقصى مزايا ممكنة للاقتصاد الوطني من تطبيق تدابير وترتيبات منظمة التجارة الدولية بما في ذلك الحصول على فترات انتقالية اطول لفتح الأسواق وتأجيل التزامها بتطبيق احكام بعض الاتفاقات لتحسين فرص التكافؤ مع الاقتصادات المتقدمة, نص المحاضرة التي ألقيت ضمن فعاليات المؤتمر السادس عشر لرؤساء الأندية الأدبية مساء يوم الاربعاء 14 محرم 1421ه بالمدينة المنورة للدكتور محمد الفرج الخطراوي استاذ الاقتصاد بجامعة الملك سعود سابقاً، ،عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية رئيس اللجنة الصناعية، عضو اللجنة الاستشارية بالمجلس الاقتصادي الأعلى.
(1) أنظر مثلا: 1 منظمة التجارة الدولية ومستقبل التنمية الصناعية بالمملكة العربية السعودية محاضرة للمؤلف ألقيت في الغرفة التجارية الصناعية بالمدينة المنورة 1418ه/1998
الصناعة السعودية في ظل العولمة الاقتصادية محاضرة للمؤلف ألقيت بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض 1420ه/1999م .
(2) انظر د, رمزي زكي ظاهرة التدويل في الاقتصاد العالمي وآثارها على البلدان النامية ص 15 المعهد العربي للتخطيط الكويت 1993م.
|
|
|
|
|