| العالم اليوم
إبان الاستعمار البريطاني للجنوب الأفريقي توسعت السلطات الاستعمارية في كل من جنوب افريقيا وموزمبيق وزمبابوي في منح المستوطنين البيض الأراضي الزراعية، وتحت مظلة الحكم الاستعماري نشط البيض في إقامة المزارع فالأرض الخصبة كانت تحت أيديهم والسلطات تسهل لهم كل الاجراءات والحماية، والمواطنون السود يعملون في تلك المزارع أشبه بنظام السخرة، إذ كان معظم الأفارقه يعملون هم وعوائلهم مقابل إشباع بطونهم وإسكانهم في الاكواخ الملحقة بالمزارع، وهكذا سيطر البيض على الزراعة في بلدان الجنوب الافريقي، وعندما حصلت تلك البلدان على استقلالها بعد كفاح مرير لم يجد المواطنون سوى نسبة قليلة من الأراضي الزراعية ليعيشوا منها، فالأراضي الصالحة في زمبابوي تقل عن 1% في حين يمتلك البيض كل الأراضي الزراعية الخصبة، ولأن مزارع البيض هي التي تنتج المحاصيل والمنتوجات الزراعية فقد سيطر البيض على اقتصاد البلد، وعندما أراد موجابي إصلاح الوضع لجأ إلى قانون الإصلاح الزراعي وهذا القانون سواء جاء تطبيقه بصورة غير منظمة أو تطبيقاً تعسفياً فإن الوضع الذي كان سائداً، والفوضى التي شهدتها زمبابوي من محاولة المحاربين الوطنيين القدامى الاستيلاء على المزارع يظهر الى أي مدى يمكن أن يترك الاستعمار الاستيطاني من مشاكل وأزمات حتى بعد تحقيق الاستقلال في الدول التي كانت مستعمرة، أو في الدول التي يفرض عليها التنازل عن أراضيها وحقوقها تحت مسميات التسوية السلميه أو غيرها من اصطلاحات الأمر الواقع.
وما يحصل في زمبابوي حالياً، يفترض أن ينبه الاسرائيليين قبل غيرهم لما ينتظر مستوطنيهم إن هم بقوا ومستوطناتهم على الأرض الفلسطينية، فالفلسطينيون إذ هم يرضخون للأمر الواقع وجبروت القوة والتسلط، لن يظلوا مستكينين أبداً إذ لا بد أن يأتي يوم ويطردوا المستوطنين الاسرائيليين كما يفعل الآن المحاربون الوطنيون الأفارقة مع البيض.
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser @ Al-jazirah.com
|
|
|
|
|