| محليــات
ولأن المباني التي تمثل مواقع الكليات، وقاعات الدراسة، والمكتبات، والمعامل، والاستراحات، والأنشطة، لا تتوافر لها الصفات الأساس للغرض الذي تستخدم له، فإن الدراسة بالنسبة للطالبات في الجامعات تمثل تضحية كبرى تمارسها النساء، ذلك لأن المرأة في كثير تحتاج إلى مواقع مظللة، منبسطة، ميسرة للتنقل صعوداً إلى أدوارها العليا، أو انتشاراً في مساحاتها البعيدة، من جهة، ومن جهة أخرى: سعة مقاعدها، تقاربها في المسافة، تحلُّقها حول المكتبة، والمعمل، والإدارة، ومركز البحوث، ومراكز الاتصال بحيث تتمكن من التواصل سواء مع من هم داخل الجامعة ومكتباتها، أو مع من هم خارجها، ممن تربطهم بأمور دراستها رابطة.
وكل ذلك في مجمله غير متاح لمباني الدراسة في معظم الجامعات الخاصة بالطالبات، الأمر الذي أدى إلى المحاولة لأن يتم في هذا الأمر ما يحقق للجامعات أن تشمل مواقع جيدة ومناسبة فيها لدراسة الطالبات, لذلك وجدنا أصواتاً متعددة تطالب بمسألة: إن لم يكن البناء ، للغرض الذي يستخدم له، فلا أقل من عمل ما يجعله مناسباً لذلك.
والأمر هذا يتطلب أن توفر الجامعات من ميزانياتها ما تواجه به واقعه,,,، فهي مسؤولة عن ذلك مسؤولية مباشرة، لذلك اختلفت جهود الجامعات في شأنه، نجحت في شيء، وفشلت في آخر، لأن البناء الذي لا يقوم أساساً على ما هو له، يعجز عنه عندما يواجهه.
والجامعات تقيم حفلات التخرج، وفيها من المسؤولات من يحرصن على تحديث مواقع الدراسة حسب الحاجة التي يلمسنها عملياً وبشكل يومي، فمن خلال تلمس هذه الحاجات فقد حرصن على إدخال العيون المسؤولة إلى الأقبية، والحجرات، والساحات، والطرقات,,,، كي تقف على الواقع، وكي تعمل على تغييره.
ولأن هناك في المقابل من يتفاعل بصدق مع هذه الرغبات،,,, فقد جاءت دعوة هؤلاء المسؤولات لأم عبدالعزيز بن فهد - حفظها الله - محققة لكل الطموحات التي كانت تراودهن.
فلقد جاءت إلى جامعات البنات، زارتها جامعة جامعة، ووقفت على جوانب القصور في شؤونها كافة، واستوعبت حجم حاجة كلٍّ منها، ووقفت وقفة جادة وسخية مع حاجاتها، تبرعت لكل جهة بحجم حاجتها، ولتغطية هذه الحاجة فيما هو مستعجل ، ونقلت الصورة جلية للمسؤول الأول,,.
وكان أن قدّرت هذه الوقفة جامعة أم القرى،,,, وأخذت في وقتٍ قياسي بمبادرة تتناسب مع مبادرة الأميرة النابهة الواعية,,,، وحين أتحدث عنها كذلك فإن جميع النساء في كافة مواقع المسؤولية ممن عرفنها يؤكدن ذلك، فلا مجاملة ولا محاباة، وقد جاء هذا التأكيد في الحفل الذي أقامته جامعة أم القرى مساء الثلاثاء الثالث عشر من هذا الشهر في مكة المكرمة بمناسبة افتتاح مباني الطالبات الجديدة والتي تشمل قاعة كبرى على أحدث ما صممت عليه قاعات المحاضرات في الجامعات الراقية وسميت عرفاناً وتقديراً باسمها,, قاعة الجوهرة ,.
فالجوهرة الواعية، السخية المعطاء، المثقفة، الدمثة، المتواضعة تبرعت بعشرين مليوناً لمباني الطالبات فيها، وأخذت الجامعة تعمل في دأب، كي تخرج بجميع طالباتها، وأعضاء التدريس من النساء فيها من الحجرات الضيقة المظلمة إلى القاعات الواسعة الفسيحة المضيئة، ومن الألفي طالبة إلى العشرة آلاف طالبة، ومن حيث التراب والضيق، إلى حيث السعة والنظافة والنظام، أقامت أم القرى مبانيها في المساحة التي تبرع بها ولي الأمر - حفظه الله - لطالباتها، فرمَّمت المستخدم ثم أنشأت المستجد على ما منحته من أرض فجاء البناء مدهشاً حد التخيُّل، سريعاً بمثل ندى اليد الكريمة التي امتدت به دون تردد,,.
جاء الاحتفال يماثل الموقف في حميميته، وحماسته، ووفائه، وصدقه,,.
تألقت فيه الجوهرة بهدوئها ومبادراتها ومشاركاتها التي تركت بصمات واضحة في نفوس الكل بما جعل الكل يشعر أن لا حواجز بينها وبينهن,, من الطفلة الصغيرة صاحبة أربع السنوات على أناقتها وهي ترتدي الزي الحجازي القديم وهي تقف بين يديها لتحييها شعراً، ومروراً بكلمة معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور سهيل قاضي، وسعادة عميدة مركز الطالبات الدكتورة وفاء الفراش، وعبوراً بالأوبريت المصور والمرئي والمسموع والمشاهد في سلسلة متداخلة من الفنيات الراقية في المسرح تلك التي جعلتنا ونحن نشاهد ونسمع نتخيل أننا أمام أكبر عرض مسرحي متقن لمجموعة متمرسة من موهوبي العالم هذا الذي حكى قصة العلم من خلال مسيرة النماء والعطاء الاجتماعي منذ الجاهلية وحروب القبائل حتى وحَّد الملك عبدالعزيز رحمه الله هذه البلاد إلى أن انتشر العلم على أيدي الملوك الذين جاءوا من أبنائه,,, حتى هذا العهد الزاهر حفظه الله، ذلك العمل الشعري الذي وضعه سلطان الحضرمي وشاركته أخته نوف فيه وقامت بإخراجه د, الريس عضو هيئة تدريس من النابهات السعوديات وساعدتها مجموعة لا تحضرني أسماؤهن الآن لعدم قدرة الذاكرة على حصرهن، وتلك القصائد التي أخرجت على شكل أدعية، أو فلكلور، وقصة البيئة الحجازية بأمثالها وعاداتها,,,
وما رافق ذلك من خلفيات مسرحية، وأدوات وزخارف ورسوم جميعها من صنع الطالبات وضعاً وتصميماً وتنفيذاً ما يؤكد حرص الجامعة على الإتقان في كل شيء,, وانتهاء بتكريم الجوهرة الرائعة، وبتكريم رموز العلم والعمل في المجتمع ممن حصلن على شهادات عالية في مجالهن كالأستاذة الدكتورة سميرة إسلام، والأستاذة الدكتورة سلوى الهزاع، والسيدة الجوهرة العنقري, فالتحية لسمو الأميرة النابهة المبادِرة الجوهرة البراهيم، وتحية لجامعة أم القرى بكل مَن فيها وما فيها,,.
وللحديث بقية يوم الثلاثاء
|
|
|
|
|