| مقـالات
يعتبر الأدب نتاجاً شعورياً وذهنياً للإنسان، وهو ملكة بشرية بيانية ساحرة ركبها الله في نفس البشر المحظى بها، والإنسان العائش معها أثناء النهار وثنايا المساء المنير, والأدب بنثره وشعره له علم يؤصله، وفن يزينه، فمن ذلك النظرية الأدبية في ضوء الإسلام، ونظرية الأدب بمثابة الرؤية البيانية والموضوعية للانتاج الأدبي شعراً ومقالاً ورواية ومسرحية, تحكم رأي الأديب، وتؤمن نتاجه، وتنظر إلى الأدب مسايرة له بالأغراض والمضامين والطبيعة الصورية والمنزع الفني لتطوره وتاريخه.
وهذه الفكرة الموضوعية هي قيد كتاب نظرية الأدب في ضوء الاسلام للأستاذ الدكتور عبدالحميد بو زوينة وينقسم إلى ثلاثة أقسام، القسم الأول يضع المؤلف من خلاله النظرية الاسلامية للادب من خلال عنوان النظرية العامة للأدب والقسم الثاني يعالج المؤلف فيه علاقة الأدب بالمرأة التي يقول بصددها: إن كان فن الحكمة يفقه هذه القضية ويعرفها فإن فنون الأدب في الأغلب الأعم ما زالت تجهلها بل تتجاهلها عن تعمد مقصود، لأن موجهي الآداب والفلسفات والفنون يريدون تحطيم دعائم الإنسانية والقيم الخلقية وان محتوى الحكمة يدور حول خطورة مركز المرأة الاجتماعي، ودورها الكبير في توجيه الأمة الوجهة المرادة ويرمي المؤلف الى علاقة المرأة بالأدب بهدف توضيح أهمية الدور لنظرية الأدب تجاه المرأة، وإن هذا الدور له الصلات الحميدة والعديدة بأغراض الأدب وأجناسه المختلفة من تربية شعورية حسنة، وصلة تعليمية وعلاقة انسانية راسخة في المجتمع عامة والمجتمع المسلم خاصة الذي يعالج من خلاله الأديب كافة القضايا الاجتماعية بالوسائل الأدبية من غزل موضوعي وحكمة اجتماعية ومدح ووصف وتعلق كل ذلك على ضوء النظرية الاسلامية للأدب، لأن المرأة لها دورها الانساني والاقتصادي والأخلاقي والفني بعكس النظرية الجمالية المادية المنسوبة إلى ابيقور الفيلسوف اليوناني القديم وأثره في ترسيخ وتعميق دعائم النفعية في عقول الأدباء، وبهذا يقول المؤلف د, عبدالحميد بوزوينة: تجلت النفعية المادية وسيطرت على حياة الناس كلها بجانبيها المعاشي والثقافي إلى درجة أن التفكير النفعي استحال بدرجة لا تناقش، في جو العلاقات الاجتماعية اليومية ، وهذا الاتجاه النفعي الرأسمالي لا يبعد قليلاً أو كثيراً عن المذهب الشيوعي وموقفه اللدود من المرأة، وكذا نظرية العقلانيين ومنهم عمانويل كانت الألماني والذين يزعمون ان العقل هو جوهر الإنسان وماهيته المدركة للوجود ولما يدور حوله من مخلوقات، ونجد أمثال أولئك وهؤلاء أنصار نظرية العاطفة ونظرية علماء الاجتماع، ومن خلال هذه النظريات نجد خطأها الفادح بعكس الإسلام الذي أنصف المرأة، ممثلاً في قول الرسول الكريم: إنما النساء شقائق الرجال أو كما قال صلى الله عليه وسلم عليها ما عليه ولها ما له، إلا في الاستثناء والفرق الواضح بينهما كما هو مفهوم من الشريعة الإسلامية والفقه الديني والتراث الاسلامي والأدبي ثم يأتي القسم الأخير الثالث وموضوعه المتمم للكتاب عنوانه الأدب والمذاهب الأدبية ويبحث المؤلف من خلاله أثر المذاهب والنزعات الفكرية والعقائدية والفنية في آداب العالم بعامة والأدب العربي بخاصة وواضح ان المؤلف يشير إلى الأمة محذراً أفرادها ومجتمعاتها من أكبر سلاح يهددها ألا وهو الصراع الفكري لأنه كما يقول يحرص كل الحرص على تشويه جوهر الإنسان الذي هو عقله وفكره وروحه، وهو عبارة عن نبتة نبتت في بيئة غريبة عن بيئتنا في ذات الوقت، وهذا ما أسماه كثير من المفكرين العقلاء بالاستغراب أو ب الاستلاب أو الغزو الفكري الثقافي كما هو معلوم.
على أن المؤلف يشرح الموضوع من خلال تعريفه للمذهب الأدبي من موضوعه العام وفكرته الأساسية بأنه وليد ظروف معينة وخلاصة تفاعل عوامل محيطية واجتماعية وثقافية، وغني عن البيان ان النقاد يكادون يجمعون على أن المذهب الأدبي هو الاتجاه الواضح الذي تسلكه مجموعة كبيرة من الأدباء في عملية الإبداع الفني، ثم يسمي مؤلف الكتاب المذاهب الأدبية في أدب الأمم الانسانية العالمية مثل الكلاسيكية ، الرومانسية ، الواقعية ، الجمالية ، الرمزية ، السريالية ، الوجودية إلى آخرها, ومن ثم ينقدها بعد التعريف تعريفاً مدروساً بالاتجاهات والتيارات الفكرية والثقافية في الأدب العالمي، ويأتي نقد تلك المذاهب تقييماً منهجياً من المؤلف د, عبدالحميد بوزوينة بالطرق العلمية باعتبار الأدب نتاجاً إنسانياً له خصائص فنية متعلقة بالعلوم الإنسانية الاجتماعية وترسيخاً منه لتفرد المذهب الإسلامي للأدب ب الإسلامية في طابعه ومنهجه ومحتواه ومبادئه وأهدافه الإسلامية وغاياته الحضارية مما جعل المؤلف الفاضل يقف موقفاً فكرياً من المسألة النظرية للأدب في ضوء الإسلام.
|
|
|
|
|