| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
عندما تتبدل العواطف وتصبح بألف لون وألف شكل وتلبس الوجوه الابتسامات الصفراء ويصبح الود والإخاء عملة نادرة الوجود يحس المرء انه يعيش زمنا كل ما فيه صحراء عاطفية مجدبة لا تعرف العطاء,, حتى الدموع التي تذرفها العيون والضحكات التي تطلقها الأفواه تلمس قلوبهم موقعا يمكن ان تزهر فيه نية عطاء او تنطلق منه لحظة صدق؟تحس كانسان ان وجوه كل من تلتقي بهم تتبدل كل لحظة واتجاهاتهم تتغير كل ثانية، فيصبح الصدق واقعاً واهياً.
عواطف الناس,, صدقهم,, تتحول اليوم الى علاقة (مطاطة) يمكن تشكيلها بأي قالب وتطويعها ل(الظروف) والمناسبات والمقامات والزمن لا يعترف بالحقيقة المجردة او الصدق غير المبني على مصلحة,, الحقيقة في هذا الزمن اصبحت (قاسية) هكذا يقولون,, لأنها تصور الأمور بدون مجاملة,, أو خداع,, وهذه الحقيقة لو (مورست) بشكلها الصحيح لعرت الكثيرين وكشفت الكثيرين وأظهرت كل شخص بحجمه الحقيقي وصورت كلا بصورته.
ولأن الكثيرين يعيشون واقعا (مزيفا) مليئاً بالكذب فهم لا يريدون ان تمارس الحقيقة دورها عليهم وتفض بكارة طهرهم المزيف وتخلع أقنعتهم, لهذا اصبح من الأمور المسلم بها ان يصبح الصدق لدى البعض أمراً لا وجود له,, ويصبح الكذب المغلف ب (السولوفان) لدى هؤلاء هو صدق اليوم.
ومع هذا (التدهور) العاطفي والاجتماعي الذي يعيشه البعض قد يصبح العثور على الصدق في مجتمعات هؤلاء من رابع المستحيلات لأننا مارسنا كل اساليب الوأد على الصدق,, في محاولة لإخفائه نهائيا,, خنقناه بالأيدي,, وركلناه بالأرجل وضربناه بالسياط,, وأحرقنا جسده بالنار,, بنينا عليه أسواراً عالية من الحديد والحجارة وكبلناه بالسلاسل,, حتى توارى وانزوى بعيداً.
ولكن هل انتهى الصدق من الوجود,, واصبحت الحياة كلها كذبا,, لا فالصدق لايزال موجودا لأنه الأصل,, ولكنه متوار لدى البعض والصدق يظل هو الاضاءة الجميلة في هذه الحياة رغم محاربة البعض له.
الصدق سهل,, ولكنه جارح لأنه لا يعرف اللعب على الحبال.
إبراهيم محمد الجبر ثرمداء
|
|
|