| الاقتصادية
عندما كانت الكنيسة الكاثوليكية تحكم أوروبا في العصور الوسطى، كان رجال الدين المسيحيون يحكمون الناس بموجب مبادئ وقواعد غير معروفة إلا لهم، وتعد من الأسرار الكهنوتية التي لا يجوز للمواطن العادي الاطلاع عليها، فكان الظلم بديلا للعدل والمساواة.
وفي عصرنا الحديث، وعندما قررت دول العالم الانضواء تحت مظلة اتفاقيات (الجات) ومن بعدها منظمة التجارة العالمية لم تنس أن العدل يوجب الشفافية، ولذلك تبنت (مبدأ الشفافية) واعتبرته شرطاً من شروط العضوية، وعلى الدولة المنضمة او الراغبة في الانضمام ان تثبت دائما أن كافة قوانينها وإجراءاتها معلنة، ومتاحة للجميع للاطلاع عليها، وأن القضاء يحترمها ويصدر احكامه بموجبها تحت طائلة النقض.
الأنظمة في المملكة العربية السعودية معلنة، ويحرص ولاة الأمر حفظهم الله على تطبيقها على الجميع عدلا ومساواة بينهم، الا ان هناك ظاهرة بدأت تنتشر في دواوين الدولة ويمارسها بعض الموظفين العامين تحتمي بما يسمى (بالتعليمات).
فعندما يرفض طلبك، أو تدخل في متاهة من الإجراءات، أو يطلب منك تعديل بالحذف او بالإضافة، ولا تجد لذلك أصلاً في النظام، فإن الإجابة هي (التعليمات)، وعبثا تحاول إقناع الموظف أن مواد النظام فوق كل التعليمات، وأن مواد النظام لا تلغى او تُعدل أو تبدل إلا بقرار من ولي الأمر المصدر للنظام، وعندما تتجرأ وتطلب الاطلاع على (التعليمات) المدعى بوجودها، يعد ذلك تحدياً غير مسبوق موجباً للعقوبة التي اقلها الإهمال.
لست من هواة تعليق الأجراس، ولكن هذه الظاهرة مرشحة للانتشار ما لم نتصد لها فمن حق الموظف أن يطبق النظام، ومن حق المواطن أن يطلع على ذلك النظام، ومن أجل ذلك يتم نشر كل المراسيم والقرارات في الجريدة الرسمية أم القرى .
عالجوا هذه الظاهرة فإن في بقائها كثيراً من الشرور.
|
|
|
|
|