| شرفات
تعز واحدة من أكبر مدن اليمن وهي تبعد عن صنعاء بحوالي 256كم وكانت تعرف قديما باسم العدنية, ويرجع تاريخها إلى القرن الثالث الهجري (9م) وقد سكنها الصليحيون والرسوليون حيث بلغت شأوها في عصر الدولة الرسولية بعدما اتخذها سلاطين هذه الدولة عاصمة لهم.
وتعتبر المدرسة الاشرفية بتعز من مفاخر العمارة اليمنية في العصر الإسلامي عامة وعصر الدولة الرسولية خاصة، فهي منشأة دينية كبيرة متعددة الاغراض التعليمية والدينية، إذ جمعت بين وظيفة المسجد والمدرسة والخانقاة والمعلامة.
ويرجع تشييدها إلى عام 800 ه عندما امر بذلك السلطان الملك الأشرف إسماعيل بن الملك الأفضل المجاهد, وقد رتب الملك الأشرف في هذه المدرسة إماما ومؤذنا وقيما ومعلما وايتاما يتعلمون القرآن ومدرساً على مذهب الامام الشافعي ومعيداً وعدة من الطلبة ومدرسا للحديث النبوي الشريف ومدرسا في النحو والأدب وجماعة من الطلاب أيضا, وأوقف على المدرسة بعض الاوقاف كما زودها بمكتبة كبيرة, ولا عجب فقد كان الملك الأشرف من رجال العلم.
وتطل المدرسة الأشرفية اليوم على تعز بمئذنتيها العاليتين مفصحة عن موقعها كواحدة من روائع العمارة الاسلامية باليمن.
والمدرسة مشيدة بمادتي الحجر والجص وفي بعض أجزائها استخدم الطوب الأحمر الطابوق عوضا عن الحجر.
ولهذه المدرسة اربعة مداخل اهمها المدخل الرئيس في الضلع الجنوبي وهو مدخل بارز مرتفع بني بالحجر المشهر بالأخضر والأحمر مداميك متبادلة ويبرز عن سمت الواجهة بمقدار 3,30م وتتوسطه فتحة مدخل متوجة بعقد مدبب وآخر مفصص.
وبأعلى فتحة الدخول افريز من الحجر نقش به أمر بعمارة هذه المدرسة المباركة مولانا ومالكنا السلطان الأجل الملك الأشرف ممهد الدنيا والدين إسماعيل بن العباس بن علي بن داود بن يوسف خلد الله ملكه ونصره .
ويستكمل هذا النص على قاعدة المئذنة الشرقية بأعلى مدخلها على هذا النحو وكان ابتداء العمارة بهذه المدرسة في ثاني ربيع الآخر سنة ثمان ماية .
ويفضي مدخل المدرسة إلى ردهة مربعة صغيرة تغطيها قبة ضحلة من الآجر على جانبيها إيوانان صغيران كانا يستخدمان للتدريس للايتام بها، أما المدخل الشرقي والمدخل الغربي فهما بارزان ومتماثلان وعلى جانب كل منهما مكسلتان وتغطي كل منهما قبة ضحلة.
ويقع بيت الصلاة في الناحية الشمالية من المدرسة ويدخل اليه من فتحة مدخل تتوسط الضلع الجنوبي لبيت الصلاة على نفس محور المحراب, وتبلغ ابعاد بيت الصلاة من الشرق إلى الغرب 25,4م ومن الشمال إلى الجنوب 7,6م ووسط بيت الصلاة مغطى بقبة شاهقة الارتفاع وعلى جانبي هذه المساحة المغطاة بالقبة من الناحيتين الشرقية والغربية جناحان واحد في كل ناحية وقُدَّ كل واحد منهما بأربع قباب اقل ارتفاعا من القبة الوسطى الرئيسية.
وتقوم القباب في بيت الصلاة على اثني عشر عقدا تحملها أربع دعائم كبيرة أما مناطق الانتقال في هذه القباب فهي عبارة عن حنايا ركنية.
ويزخرف باطن القبة والحنايا الركنية والدخلات المصمتة بها زخارف جصية ملونة غاية في الاتقان تشتمل على دوائر وأشكال نجمية وورود وزخارف التوريق الأرابيسك , وقد استخدمت الالوان المختلفة في توضيح هذه العناصر الزخرفية المختلفة ومنها الابيض والقرمزي والازرق والاحمر مع اسراف ملحوظ في استخدام اللونين الذهبي والفضي.
وقد لعبت الزخارف الكتابية دورا كبيرا في زخرفة القبة الرئيسية بخطي الثلث والنسخ وخاصة في تسجيل شهادة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله .
ويتوسط جدار القبلة المحراب وهو ايضا يزدان بالزخارف الجصية وعلى طاقيته كتابة نسخية تضم سورة الاخلاص وأسفلها شريط من الكتابة الكوفية ويعلو المحراب عقد نصف دائري له إطار مفصص ومزخرف وتظهر على هذا المحراب زخرفة الدروع كما تكتنفه اشرطة كتابية بها آيات قرآنية.
وتضم المدرسة عدة وحدات معمارية اخرى منها قاعتا الدرس في الناحيتين الشرقية والغربية ويغطي كل منها قبو طولي, وهناك ايضا الخانقاه بيت المتصوفة وهي تقع في الناحية الجنوبية وتصميمها على هيئة قاعة مستطيلة مقسمة إلى ثلاثة أجزاء بواسطة عقدين مدببين ممتدين، الجزء الاوسط عبارة عن مساحة مربعة صغيرة تغطيها قبة مرتفعة وعلىجانبيها ايوانان من الناحيتين الشرقية والغربية.
وبالاضافة إلى ما سبق فهناك ساحة للدفن الى جنوب بيت الصلاة (100 متر مربع) وبها عدة اضرحة تعلوها قباب، وثلاثة دهاليز متصلة تتقدم الوحدات المعمارية الرئيسية وذلك في النواحي الجنوبية والشرقية والغربية واخيراً تأتي الحمامات والمطاهير وهي تقع في الناحية الجنوبية الشرقية للمدرسة.
مئذتا المدرسة: لهذه المدرسة مئذنتان غاية في الجمال ويمكن رؤيتهما من مسافة بعيدة من خلال المدرجات المرتفعة لمدينة تعز.
والمئذنة الاولى تقع في الناحية الشرقية وتواجهها الثانية في الناحية الغربية وتبدو المئذنتان شديدتا التشابه للوهلة الاولى وان كان ذلك لا ينفي وجود بعض الاختلافات في التفاصيل الصغيرة.
وتتكون كل منهما من قاعدة مرتفعة مربعة الشكل من حجر الحبش زخرفت من أعلى بدخلات اشبه بالمحاريب معقودة في اعلاها بعقود نصف دائرية، ويرتكز على هذه القاعدة بدن مثمن الشكل وأضلاعه مجوفة على شكل المحاريب الصماء المعقودة ايضا بعقود نصف دائرية وببعضها فتحات ضيقة تشبه مزاغل رمي السهام وذلك بغرض الاضاءة والتهوية.
ويعلو هذا البدن،، بدن آخر مثمن الشكل به زخرفة على هيئة محاريب معقودة, ويفصل بين الدورتين شرفة آذان كبيرة تزدان من الخارج بأشكال الحنايا الصماء الكبيرة والصغيرة, ويعلو شرفة الآذان شرفة اخرى ثم بدن مثمن ثالث متعرج بقبة صغيرة نصف كروية.
ويمكن الوصول إلى درجات هاتين المئذنتين من خلال مداخل صغيرة في الناحية الجنوبية جهة الدهليز الجنوبي.
د, أحمد الصاوي
|
|
|
|
|