| شرفات
تعيش قبائل مياو في نهاية جبال جيجو الصينية الممتدة على طول سهول واسعة تحيط بها الجروف الصخرية والوديان السحيقة ومن الصعوبة الوصول إليها إلا على ظهور الخيل ثم السير على الأقدام لمسافة طويلة لأن المرحلة الأخيرة من الطرقات تشبه المنحنيات الحادة وتمتلىء بالصخور الكبيرة مما يستعصي على الخيل، وتتناثر بعض القرى على جانب هذه المنحنيات ويسكنها قرابة اربعمائة ألف نسمة من أبناء الأقليات في الصين وبيوت هذه القرى مصنوعة من الخيزران وهي تبدو لناظريها وكأنها معلقة في السماء على ارتفاع يبلغ اربعة آلاف متر عن سطخ البحر، وإذا كانت بيوت هؤلاء القرويين مثيرة فإن مظهرهم يعتبر أكثر إثارة وتفردا، حيث يحمل كل واحد منهم على رأسه نحو ثلاثة كيلوجرامات من الشعر الملفوف على زوج من القرون الخشبية والمثبت بمشط وربطة كتانية بيضاء.
وبلغ عدد أبناء مياو المنتشرين في الصين نحو خمسة ملايين نسمة موزعين على مجموعات فرعية تبلغ مائة مجموعة ويتكلم كل منها لغة مختلفة نسبيا عن اقرانها كما تمارس عادات وتقاليد متنوعة تبرز أساسا في مجالات الأزياء والموضة لدى النساء حيث يقوم بعضهن بلف شعرهن على أطر جلدية ومعدنية ويغطينها بالخيوط المغزولة فيما تربط أخريات شعرهن المجدول ضفائر طويلة بقبعات زاهية.
أما أبناء ذوي القرون من قبيلة المياو فيمضون ساعات طويلة كل صباح في لف شعورهم على قرون خشبية محافظين بذلك على تقليد يرجع الى مئات السنين من تقاليد هذا الشعب المختبىء في وديان جيجو الوعرة ففي المناطق الجبلية يرتدي الرجال فقط القرون الخشبية بينما في مناطق اخرى ترتدي النساء قرونا من الفضة تتناسب مع الأساور الفضية والجواهر التي يتحلين بها, ومن التقاليد الشائعة لدى قبائل المياو المهارة في الغزل على نمط بدائي واستعمال النول في حياكة الصوف والكتان ويزيدونه تماسكا باستخدام الشمع والالوان الزاهية المنتقاه من النباتات المحلية وتستخدم النساء الرحى لطحن الحبوب بينما يكدح الرجال في حفر الأرض بحثا عن الفحم وتتحمل النساء عناء رحلة يوم كامل على صعوبة المسالك الجبلية لبيع سلعة ما وشراء اخرى او مقايضتها بشريطة ملونة تضعها على قرون الشعر التي ترتديها, وتقول الاساطير ان قبيلة المياو رحلت عن موطنها الأصلي شرق الصين، واستقرت في مناطق جديدة بعدما اعترض سبيلها نهر عريض لم تستطع عبوره لافتقارهم الى القوارب وتضيف الأسطورة ان أبناء المياو لاحظوا عناكب المياه وهي تسير على سطح مياه النهر فقالوا لأنفسهم إذا كان باستطاعة هذه الكائنات الصغيرة المشي على سطح الماء فلم لا نستطيع نحن! وهكذا حاولوا العبور وكادوا يغرقون جميعا.
ومن التقاليد الطريفة لدى قبائل المياو ان يعيش الرجال والنساء منفصلين كل في جانب من البيت، وفي الشتاء القارس يضعون الماشية والأبقار داخل البيوت لتدفئتها، وبينما يقضي الرجال اوقات فراغهم في لعب الورق تجلس النساء في ساحات البيوت يغزلن الصوف والكتان ويمارسن أعمال التطريز أما الأبناء فغالبا ما يهاجرون القرى المحرومة من الكهرباء والماء والتعليم الى المدن لكنهم يواجهون صعوبات كثيرة في التأقلم داخل هذه المدن التي يهاجرون إليها.
|
|
|
|
|