| أفاق اسلامية
لقد شرع الله هذا الدين لعباده فجعله سهلاً سمحاً واسعاً، ولم يجعله ضيقاً حرجاً، لتتفتح النفس البشرية من خلال مناهجه وتنمو وتزدهر، فالتيسير روح يَسرِي في جِسم الشريعة كلها وهذا التيسير مبنيٌّ على رعاية ضعف الإنسان وكثرة أعبائه، وتعدّد مشاغله، وضغط الحياة ومتطلباتها عليه، وشارع هذا الدين رءوف رحيم، لايريد بعباده عنتاً ولا رهقاً، إنما يريد لهم الخير والسعادة، وصلاح الحال والمآل, ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا ، والله عز وجل يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر، حتى يبعث النفوس على الأمل، ويحفز الهمم للنشاط والعمل لايكلف الله نفسا إلا وسعها كما علّم المسلمين أن يدعوا ربهم فيقولوا: ربنا ولا تحملّنا مالاطاقة لنابه، واعف عنا واغفر لنا وارحمنا , وجاءت الاحاديث النبوية تؤكد هذا يقول صلى الله عليه وسلم إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين وعن ابي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدين يُسرٌ ولن يشادّ الدين أحدٌ إلا غلبه، فسدّدوا وقاربوا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدُّلجة , ويقول صلى الله عليه وسلم يسروا ولاتعسروا وبشروا ولاتنفروا ونهى الاسلام عن الغلوّ في الدين فيقول صلى الله عليه وسلم لاتغلوا في دينكم فإنما هلك من كان قبلكم بغلوّهم في دينهم .
ومن سماحة الإسلام ويسره : الرحمة العامة بالناس كلهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الراحمون يرحمهم الرحمن, ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء وقال:من لاَيرحَم لايُرحَم وإن سماحة الإسلام وسماحة نبيه صلى الله عليه وسلم لتتجلى واضحة غرّاء حتى في الموقف الثائر الذي تطمئن فيه النفوس إلى الانتقام، فعندما أشير على النبي صلى الله عليه وسلم أن يُمثل بأحد الكارهين له المحرًّضين على حربه، رفض النبي الكريم ذلك، وقال: لا أمثل به فيمثل الله بي وإن كنت نبيّاً ولما فتح مكة قال لقريش: ماتظنّون أني فاعل بكم، قالوا: خيرا، أخ كريم وابن اخ كريم، فقال عليه الصلاة والسلام: لا أقول لكم إلا كما قال يوسف لإخوته:لاتثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهوأرحم الراحمين اذهبوا فأنتم الطلقاء، ومن سماحة الإسلام: أنه كفل الحرية الدينية لأهل الكتاب فهم أحرار في عقيدتهم وعبادتهم ومما قرّره الاسلام: أن مال الذمّي والكتابيّ مَصُون كما للمسلم تماما, وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من أخذ شبرا من أرض بغير حق طُوًّقه يوم القيامة من سبع أرضين ، حقاً: إنه الدين الخالد الذي سعى ويسعى دائما إلى إسعاد البشرية، وإمتاعها بطيبات العيش إلى أن يرث الله الارض ومن عليها.
وصدق الله العظيم حيث يقول: فطرة الله التي فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله ذلك الدين القيم والقائل : إن الدين عند الله الإسلام .
*وكيل قسم القرآن بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
|
|
|
|
|