أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 21st April,2000العدد:10067الطبعة الأولىالجمعة 16 ,محرم 1421

الثقافية

شعر
طفلٌ,,, وتخذلني العبارة
عند إشارة مرورٍ ما شاهدتُ طفلاً، لا أظنه لامس العاشر من أعوامه، الشمس تلهبه سياطها، والعرق يصبغ جبهته، وربما الدمع يتسلل حين يرى أطفالا ضاحكين، يتجول بين السيارات عارضاً بضاعته من مناديل، وشمسياتٍ، ومعطّرٍ، وقفصٍ فيه أطيار أظنها طليقة,,, وعليك أن تكمل المشهد.
تغريك ألوان الإشاره،
والبؤس لم يبرح مداره
ويئن في عينيك تمثال الأسى
طيفاً على
حلم الطفولة يرتمي.
أترى رؤاك إلى الطفولة تنتمي؟
تأتيك فارهة المراكب
ترنو إليك كمجرمِ!
والكل ينهش كبرياءك!
يتطلع الأطفال نحوك ضاحكين
أو شامِتين ,,ويقول والدهم لهم:
هذا عدوٌّ للحضاره.
تغريك يا طفلاً طموحاً
يُبصر الناس انكساره
تغريك يا طفلاً,, وأسئلتي مثاره
تغريك يا طفلاً,, وتخذلني العبارة!
تغريك والشكوى مراره
واراك بالمنديل، بالشمسية المتهالكه
ومعطَّرٍ، ولقد رأيتك حاملاً
قفص الطيورِ ,,عفواً صغيري:
لم تفتهم لغة الإشاره
(حمراء) وانطلقت شراره
حمراء طرف الحظ قد
ابدى لعينيك احمراره
هذا دم الحلم الذبيح
هذا دم الأمل الجريح
حمراء لونٌ مزدوج
معناه ألا تستريح
هذاك يأسك موقدٌ ,,في القلب ناره
حمراء طفلٌ يشتكي
من قاتم اللون احتضاره
حمراء، وانسدلت ستاره
ما بين حلمك والدراسه
حمرا,, وتخذلني العباره
وأضاءت الخضراء، ذا
روض الحياة مرفرفٌ
يبدي إلى الغير اخضراره
وأضاء لونٌ اخضرٌ
والكلّ سار
وبقيتَ وحدك ساهماً
ترجو الأمانيَّ استعاره
والبؤس لم يبرح مداره
فأشارت الصفراء، ذا
أمل الحياه
لسواك كم يبدي نهاره!
لسواك كم يُبدي نضاره!
صفراء بسمتك الشحيبه
صفراء زهرك يا حبيبي،
يشكو لعينيك اصفراره
هذا شحوبك
هذاك بؤسك بعدُ لم
ينفض غباره
صفراء والتفَّ الزمان عليك مبتدئا حصاره
صفرا,, وتخذلني العباره.
يا أيها المحروم من قُبل الحنان
أعرفتها لغة الإشاره؟
هذا صراعك في الحياه
صمتاً تُترجم لي حِواره.
يا بائع المنديل، والعبرات لم تهجر خدوده
وجبينه ما انفك يلثمه العرق
يا بائعاً سمشيةً
والشمس تطرد ظلّه وظلاله
حتى تبدى منتناً
والعطر في يده عبِق
نقّلتَ في القفص الطيور
لتبيعها، هل ذقتَ جائحة الخسارة؟
فالكل باعك حينما
ألجمتَ إذ تشدو الطيور
والطير حُرٌّ قلبه
وأراك في الشكوى سجين
وإذا شدوتَ فبالأنين
وإذا ضحكت فمن جنون
دنياك قد صارت كمين
والبؤس لم يبرح مداره.
لكن رأيتك صامداً
فارفضّ عن نفسي الأسى،
وانداح صدري للأمل
وأتيتَ تهديني نهاره
سعود بن سليمان اليوسف
كلية اللغة العربية
** يلتقط الشاعر سعود اليوسف مشهد بائع المناديل عند إشارة المرور ثم يعيد صياغة هذا المشهد بشكل مأساوي تدمع له العين عندما يصور في قصيدته الموجعة (طفلٌ,, وتخذلني العباره) بائع المناديل كطفل بائس في هذه الحياة مثل قوله:
وإذا ضحكت فمن جنون
دنياك قد صارت كمين
والبؤس لم يبرح مداره
والأجمل في هذه القصيدة هو براعة الشاعر في الربط (الدرامي) بين اشارة المرور وما تعنيه انوارها الثلاثة وبين مأساة الطفل التي تنقلت ما بين الاصفر والاخضر والأحمر,, ولكن هذه المأساة يصبح لها معنى آخر عندما يقرر الشاعر صمود هذا الطفل أمام مأساته بكل شجاعة وبسالة (قد) لا يقدر عليها الكبار!

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved