| مقـالات
قَد يُشكِلُ أَمرُ الَنَّفَقَةِ عَلى كَثيرٍ ممّن تَلزمُهُ وَقَد يَكُونُ الإِشكَالُ فِي أَحَيانٍ كَثيرةٍ قَد يَكُونُ بسَبَبِ جَهلٍ أَو بُخلٍ أَو إضرَار لَاسِيَمَا بَينَ اَلزَّوجَينِ أَو الأَولَادِ بَعدَ اَلطَّلَاقِ.
وَالَنَّفقَةُ دَينٌ لَازِمٌ إذَا كَانَت مُتَعَينَةً عَلَى إنسَان مَا فَإِنَّهُ يَجَبَُ عَلَيهِ أَدَاؤُهَا وَلَيسَ له خِيَارُ فِي هَذَا مَعَ القُدرةِ عَلَى ذَلكَ.
وَلَعلَ اَلنَّفَقَةَ قَطعُهَا أَو التَّطَاوُلُ بين نفقة ونفقة فلا يُنفق ممن تلزمه إلا بعد طول عهد وقد يكون بعد مشقة تبلغ معها الروح الحلقوم لعل هذا مما يورث الإثم لأن عدم النفقة قد يجر إلى شر سببه عدم الإنفاق (ولاينبئك مثل خبير) فمن هذا فقد أحببت طرق هذا: الموضوع عسى أن يجلب الله به خيراً، ويدفع الله به سوءاً،
فمن الذين تجب لهم النفقة ويحرم تركهم بدونها هم: (1)
1-الأبوان.
2- الأولاد.
قال سبحانه (وبالوالدين إحساناً)
وقال سبحانه (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن)
3- الأجداد.
4- الجدات.
إذا لم يوجد من يقوم عليهم
5- الأعمام.
6- العمات.
إذا كان بينهم إرث ولم يكن هناك حجب.
7- أولاد الأولاد.
مثل ماجاء عن الأعمام والعمات.
والمقصود بالنفقة هذه الأمور:
1 المال.
2 الطعام.
3 الكسوة.
4 العلاج.
5 التعليم.
6 الحماية.
7 الصلة بالنفس.
8 مالايتم الواجب إلَّا به.
9 الرعاية مع القدرة.
وتدور هذه كلها بين: نفقة الحس ونفقة المعنى ،
كما تدور بين القدرة وعدمها (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيثُ لايحتسب) (1)
(وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض) (2)
(ولاتقتلوا أولادكم خشية إملاق) (3)
(وعلى الوارث مِثلُ ذلك)، (4) وللنفقة شروط منها:
1 لازمة لمن كان وارثاً أو أدلى بوارث مع الحاجة, (5)
2 الإنفاق بقدر المراد.
3 أن تكون من كسب طيب.
4 ألّا يستعملها من يأخذها في معصية كبعض (الأبناء) لكن هنا يُنظر الأصلح لهم.
5 أن تكون النفقة مع مقدرة المنفق وعليه في هذا (التقوى).
6 البدء في لوازم الضروريات عند النفقة.
7 طيبة النفس بها.
8 صلاح النية وابتغاء الثواب حتى وان كانت النفقة واجبة.
9 تقديم الأحق في النفقة على غيره أو توزيعها بمقتضى بينهم فلا ضرر ولا إضرار.
10 نظر حالات النوازل.
11 نفقة الابن الكبير الفقير تكون على الأقرب.
12 نفقة الابن المسكين كذلك، لكن يُنظر له عمل كريم، والمسكين أخف حالاً من الفقير قال تعالى :(وأما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر) الكهف،
وقراءة تفسير سورة الكهف عجيبة في ذاتها لمافيها من أسرار كونية وأسرار غيبية وتعلم وتعليم ونفقة وعقل وحكمة وإرشاد ووضع الشيء في موضعه، وأدب ومثال ورواية ولغة معجزة، والكهف دلت على: النفقة والرعاية والحماية والتنزيل بين الأمور كل أمر حسب حاله،
فكم أطمع من (قارئي العزيز) قراءة هذه السورة بتمعن عقلي حاضر ولعلي أنظر هنا أمرين:
الزوجة.
الأولاد, (6)
أما الزوجة فنفقتها على زوجها بقدر ماهو عليه وإذا حصل طلاق رجعي فنفقتها عليه كذلك مادامت في العدة فإذا بانت فلانفقةمالم تكن مرضعاً فلها النفقة بقدر حالها،
والناشز لانفقة لها إذا ثبت نشوزها على تفصيل ليس هذا محله.
والأولاد/ تجب النفقة عليهم كل حسب مطالبه فإن ذهبوا مع أمهم بعد الطلاق فالنفقة واجبة كذلك، ويكون مقدارها حسب حاجتهم ومايكفيهم ومقدرة الأب على ذلك, وعلى الأم والأب مراقبة الله سبحانه وتعالى لئلا يكون الأولاد ضحية عناد أو مكابرة أوحسد وحقد وعلى الأولياء الخوف من الله سبحانه وتعالى وشدة مراقبته، ولزوم الشهامة الحقة، فإن التفريق بين أحد الأبوين وأولاده لاشك أنه عظيم لنزول المصائب الفجأة تلي الفجأة،
وقد كان سلف هذه الأمة يبتعدون جد الابتعاد عن مثل هذا لأنه ليس ضرراً بأحد الوالدين بل هو إضرار، ونزل نفسك يا مسكين منزلة من ضريته، وكان السلف والعقلاء يحذرون من هذا بل كان بعضهم يهرب من القرية حتى لايتم نزع الولد من أحد والديه،
ولو لم يحصل إلا أن هذا يكون سبباً لانشقاق البيت وقطيعة الرحم المحرم ونزول المهالك العاجلة على الفاعل وان بدا منتصراً فان هذا لايعتبر نصراً ولاقوة لأن نتيجته مرة غاية المرارة على الفاعل خاصة مع تقدم العمر وظهور الآثار ومحاكمة الانسان نفسه إذا خلا بها وتعذيبها باللوم ومرارة الندم، فالله إذا أمهل إنما ليأخذ بالتمادي وفي كتاب القاضي التنوخي (الفرج بعد الشدة) عجائب، وفي كتاب الامام ابن أبي الدنيا (مجابو الدعوة) مواقف مروعة, (7)
وقراءة هذين الكتابين توقظ (من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) واذكر سنة 1399 ه في مكة أن أفريقياً عرض مليون ريال 1000,000 من أجل السماح عمن تجرأ عليه وأخذ أختيه من بيته فأبى وكان هذا بعد خمس وعشرين سنة من أخذ أختيه اللتين كان يرعاهما أخذهما لجدتهما، وقد أفادني أحد الجالسين في مخيم (دار الافتاء) من الأفارقة أن حال من فعل ذلك حال سيئة، وقال هي قصة منتشرة في نيجيريا في قرية لا أذكر اسمها الآن.
فعلى الجميع التقوى ونظر مايذهب لما يبقى، فالندم ولوم النفس يورثان الجنون مالم يكن الإنسان أمعة لايدري فانه يتومض ولابد بسهام الليل.
وقد رأيتُ مما يعرض عليَّ شخصياً أن أطنب في حال مايتعلق بالأولاد حتى يتبصر الناس، ويتبصر كل جيل لما له وما عليه, (9)
وحتى يعي الزوج أن منع الأولاد عن أمهم كبيرة من كبائر الذنوب وقد يُسبب له أسفاً لايصلح له كل علاج فمنع الأولاد وأخذهم بقوة أو حيلة ظلم وأي ظلم لكن آثاره لاتكون إلا بعد حين فليس من مصلحة الأب منع الأولاد إِلَّا البطر،
وكم قد تراجع عندي في بيتي أوبعد درس من دروسي كثير من ظنوا أنهم: هم هم فإذا هم قد ظنوا ظناً والظن لا يُغني من الحق شيئاً، وتبين لهم زلل فهم خاطىء، وزلل عجلة سيئة وللعصبية، والانتصار للنفس الشيء العجيب، وكم اتضح بعد سنين وسنين الخطأ يتلوه خطأ آخر تكرر بمجرد عجلة ما، وعصبية ما، وحب للنصرة الذاتية، (10)
المصادر
(1)المحلى,, لابن حزم , والمغني,, لابن قدامة
(2) (4) ابن كثير ابن العربي.
(5)البخاري ومسلم (كتاب الفرائض).
(6)فتح الباري / ج3 / ج8/ج10.
(7) مجابو الدعوة (ط1).
(9)تلبيس إبليس,, لابن الجوزي.
(10)المصدر السابق/ بتمعن.
|
|
|
|
|