| الثقافية
الدمام
أصبح قراء الروايات غافلين عما هو حولهم وعن الوقت الذي يمر عليهم عند تركيزهم على ما يحدث للشخصيات في الرواية التي تمثل على المسرح، وفي هذه الحالة الشبيهة بالغيبوبة يشترك فيها كل فرد من افراد الجمهور، خاصة عندما يجلسون في مسرح مظلم ويشد انتباههم على خشبة المسرح المضيء عندها يصنع الممثلون حاسة شد الانتباه من الجمهور الصامت حولهم, وهذا يساعد على إعطائهم قوة للإقناع بتمثيلهم, إن مصطلح (سحر) ارتبط عادة بقوة تأثير المسرح ليجعل الجمهور يصدق ويؤمن، ولو مؤقتا، بواقعية ما يشاهدونه على الخشبة.
صور كريستوفر مارلو (1564 1593م) في مسرحيته (دكتور فوستوس) صلة الوهم بالمسرح بأن جعل الممثلين يظهرون وهم متنكرون بملابس الاساطير والشخصيات التاريخية القديمة مثل هيلين من طروادة والكسندر العظيم حيث ارتفعت إلى مستوى القوى الخفية عند تحقق تمنيات البطل الساحر, وقدم وليام شكسبير في مسرحيته )The Tempest( أحداثاً رئيسية حول لعنة الساحر (بروسبيرو) والذي كان أيضا حاكما منفيا خارج بلاده.
هناك الكثير ممن يصرون على ان هنالك علاقة ما بين المسرح البداكي والمسرح الديني زاعمين ان الممثل، كجسم، تسكنه روح (ألا وهي الشخصية الدرامية) شبيه بالانسان الممسوس بقوى إلهية خارقة.
أخذ نقاد المسرحية الحديثون على عاتقهم تحليل مصطلح الوهم (الأحداث المركبة والتشخيص) بدرجة اقل وبالطرق التركيبية (بالاضافة إلى ان النص يعتبر مادة خصبة للتمثيل) والتي تتصل مباشرة بالوهم.
هناك شيء قوي يؤكد بأن هناك بنية تحتية قوية للنقاش حول قيمة اي عمل ادبي على انها تكمن في الخبرات الخيالية، أو الفحوى، التي تقدم للجمهور، ويركز الكتّاب على ألا يعي الجمهور التفاصيل الصغيرة, وعموما أعجب الكثير من كتّاب المسرح بالعلاقة بين الكلمات التي يكتبونها والقوة التي تصدر من نفس تلك الكلمات عندما تقرأ أو تتلى وفي مسرحية (هاملت) لشكسبير تضمنت مواد شيقة للاسلوب والقدرات للممثلين المعاصرين واستدعت اعتبارات المتشابهات والفروقات بين الخبرة الواقعية للحياة وجودة الحياة على المسرح التمثيلي من خلال الانعكاسات على الممثل.
جسد الممثل الذي قام بدور الدكتور فوستوس في مسرحية مارلو فشل شخصيته بالوصول إلى التفريق ما بين الوهم والواقع عندما اخذ بالحسبان خسارة كل شيء, وكأي شخصية اخرى على المسرح، لم تكن مطالب فوستوس حقيقية بل كانت حضوراً تمثيلياً ضعيفاً.
احيا العديد من كتّاب المسرحيات امثال (لويجي بيرانديللو 1867/ 1936م) و(بيرتولت بريخت 1898/ 1956م) و(توم ستوبارد 1937م/ ,,,,) عادة كتّاب المسرح في القرن السادس عشر الميلادي وهي عادة التلاعب بالجمهور مستخدمين مستويات من الحضور الذهني: تقبل الجمهور للمسرحية (كحقيقة) ووعيهم العقلي الذي يجعلهم يؤمنون بما يرون امامهم.
عارض الناقد الكبير (الدكتور ساميول جونسون 1709/ 1784م) وبشدة مؤيدي فكرة الوهم والذي بنظر جونسون، يغلق أعينهم عن حقيقة التعبير والتمثيل الدرامي، وصرح قائلا: (الحقيقة هي، ان المشاهدين هم دائما يعون ما حولهم بأحاسيسهم ويعلمون من المشهد الاول من المسرحية وحتى المشهد الاخير بأن خشبة المسرح هي دائما وأبدا خشبة مسرح وان الممثل هو ممثل).
إن قارئ اية مسرحية بحاجة إلى ان تكون لديه القدرة على بناء وهم من خياله بينما الناقد يبقى واعيا للعلاقة ما بين الوهم والاساسيات التي بنيت عليها المسرحية, في مسرحية (الملك لير) لشكسبير تضمنت محاولة شجاعة لاشراك الوعي الخيالي والوعي الدقيق في وقت واحد, ومثال على ذلك، (الدوق غلوستر) الذي اصيب بالعمى مؤخراً ينقاد، كما يعتقد إلى حافة الصخرة الشاهقة بمدينة (دوفر) بواسطة متسول معتوه، ولم يكن هذا المعتوه سوى ابنه (توم) الذي كان يلعب دور (ادجار) بملابس التنكر كمتسول، كان غرض (غلوستر) ان يلقي بنفسه من اعلى صخرة (دوفر) ليلقى حتفه, وعند معرفة (ادجار) بهذا الامر دون ان يكشف عن شخصيته الحقيقية لعب على والده خدعة صغيرة حين قاده الى مكان ليستطيع ان يقفز ويسقط دون ان يؤذي نفسه, قال له انه على حافة صخرة (دوفر) وعلى وشك ان يسقط بطريقة شنيعة, رمى (جلوستر) بنفسه إلى الامام وجد نفسه ملقيا على الارض واضطرب مما حدث له, تظاهر (ادجار) في هذه اللحظة بأنه شخص آخر عندما حضر إلى (غلوستر) أسفل الصخرة وتعجب لنجاته من الموت, رأى جمهور المسرحية.
كما فعل (ادجار)، ان (جلوستر) لم يكن بوضع يسمح له بأن يقوم بهذه القفزة المميتة وما هو اكثر بأن يروا ممثلا واحدا يقوم بأخذ يتبادل عدة شخصيات في المسرحية ويقوم بتسمية المكان بصخرة (دوفر) ومع ذلك فإن اصرار الرجل المحبط على الانتحار وصل إلى الجمهور حتى لو ان الدور مُثل ببراعة واقناع.
|
|
|
|
|