| مقـالات
أوردت في الحلقة السابقة من الإيضاح والإضافة الرسالة التي بعثها الشيخ إبراهيم الدامغ إلى الملك عبدالعزيز مع الإشارة إلى إرساله صورة منها مع تغييرات طفيفة إلى الإمام عبدالرحمن وهي الرسالة التي تضمَّنت تعزيته لهما بوفاة الشيخ الجليل عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ، والإخبار بالصلاة عليه في جوامع الزبير، إضافة إلى حديث عن أمور سياسية مهمَّة.
وفي هذه الحلقة إيراد لرسالة الشيخ إبراهيم المرسلة إلى الإمام عبدالرحمن بن فيصل بتاريخ التاسع عشر من ربيع الأول عام 1343ه وهذا نصُّها:
بسم الله الرحمن الرحيم, حضرة الإمام المبجَّل الموفَّق بعون الله لنيل المقصود جناب الشيخ الفاضل عبدالرحمن بن فيصل السعود لازال موفَّقا في الحركة والسكون، آمناً من شرّ ما يكون، آمين.
أما بعد إهداء وافر السلام ومزيد التحية والاحترام, غير خفي شريفي علمكم أطال الله بقاءكم وأدام فضلكم, ان الداعي قبل هذا حرر كتابا رقم 29 صفر الخير لنجلكم المبرور متضمّنا التهنئة لكما معا في تباشير البشرى التي انجلت فيها غياهب الظلمات عن أم القرى, فيا لها بشارة عمّت قلوب عموم أرباب الحقائق في الورى، وأرغمت معاطس أهل الشقاق والنفاق والافتراء فنسأل ذا العظمة والجلال أن يكون هذا الاحتلال مقروناً بمزيد التمكّن والإقبال حتى لا تبقى بقعة من جزيرة العرب إلا وهي في قبضتكم، ولا عدو معاند إلا وهو مقهور بسطوتكم وتابع لسلطانكم، ومذعن لهيبتكم، وأن يمنحكم في عوائده الجميلة بكل ثناء وطيب، ويضاعف على أيديكم نصرا من الله وفتحا قريبا تستمر فيه الراحة لعموم المسلمين،وتقرّ به عين سيّد المرسلين, وغير خفي أن لهذا الفتح المبين صدى بقلوب عموم العالمين حال كونه بيت الله الحرام، وقبلة عموم الإسلام لما يتطرّق على الحجاج في ماضي الزمان من تكبّد المشاق مع المصارف الباهظة وقلّة الأمان, لذلك لم يزل العموم يحبذون تخليصكم إياه من ورطة تلك العوائق الذميمة، لما يؤملون من علو همّتكم لمستقبله من بسط الراحة والأمنية العميمة، ولاسيما وأن كل مخلص لحضرتكم من جهة يودون حضور نجلكم المبرور في أول وهلة لتحظى أهالي تلك البلاد المقدّسة بحلول أنظاره المستقيمة لجلب عواطف عموم الأنام وانتشار سياسته في عموم الأقطار لتمهيد سبل السلام إذ من المحقق أن من حسن النوايا لتأييد السياسة الشرعية هي بكم أحرى كما هي جل مقاصدكم العالية لتوطيد السبب الأقوى للتعاون على البر والتقوى, ومن الجهة الأخرى يتحقق عند العموم أن تسييركم الجنود المظفرة من الجهات الأربع مع بقائكم في محلكم بدون تكلّف لها شأن عظيم في قلوب العالم أجمع, وحسبما يتحقق عند المخلصين لكم في كلتا الحالتين أن الأخيرة من قبيل السنة والأولى فرض عين, لذلك حررت هذا الكتاب لجنابك لمزيد التأكيد لما هنالك مع علمي أنكم أولى بالعلم والمقاتل، وإنما هذا جهد المقل فاحملونا على السلامة، وفّقكم الله للعدل والاستقامة.
هذا ومن طيّه تجدون جريدة العالم العربي التي تطبع ببغداد بها تفاصيل بعض ما يتجدد من الحوادث في تلك البلاد وبالأخص مسألة الشيخ خزعل مع العجم, والظاهر أن حركة الأتراك على الموصل مرتبطة بحركة الإيران, ولا ريب أن الشيخ خزعل لا يتمكن على المقاومة بالفعل مع أن الانكليز الآن يساعدونه سراً في غير مجاهرة لعلمهم أن حركة الإيران مضرة عليهم من جهة الخليج,, والشيخ خزعل مجتهد لجلب رضا الإيرانيين مهما كلف الأمر, يقال إنه أرسل لهم مبالغ من الدراهم، وأرسل من علماء الشيعة نحو اثني عشر شخصا.
وهم مصممون على احتلال عموم مراكز الخليج المذكور, وبالطبع فإن الشيخ خزعل يذعن لهم لما يعلم أن غالب جنوده من العشائر يكونون عليه عند المقابلة.
لذلك لا يمكنه المخاطرة بعزيزته، لاسيما وأن عدم مجاهرة الانكليز بمساعدته علنا دليل على أن تلك الحركة تحت عوامل مع دول أخرى وبالأخص أمريكا مع المجاورين, وغير خفي أن الشيخ خزعل ميّال بطبعه الى السلم وبالأخص تلك الحركة تتهيب من غوائلها بريطانيا مع عظمتها وقوتها التي أنهكت في تلك الحروب المندفعة, فلا ريب أن الشيخ يتلافى أمره بالسلم مهما أمكنه من السلامة.
ولله في الجميع أمر هو حاضره وغيب هو شاهده وعاقبته هو المرجو لسرّاتها وضرَّاتها، وهو الولي الحميد لا إله غيره ولا رب سواه.
والله أسأل، وبأسمائه الحسنى أتوسل، أن يمنّ بولايتكم على البريِّة، وأن يسعد بوجود طلعتكم الملك والرعيَّة، وأن يجعل الملك فيكم وفي عقبكم إلى يوم الدين, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
هذا وبلاغ السلام الأولاد الكرام وآل الشيخ وكافة السعود الفخام, ومن لدينا كافة يدعون لكم بحسن الموفقية، ويبدون جزيل السلام, ودمتم بحفظ الباري محروسين، وبعنايته مأنوسين، وعليكم السلام في البدء والختام.
المخلص الداعي لكم بالخير إبراهيم العبدالعزيز الدامغ 19 ربيع الأول 1343هـ .
أما بعد كل ما سبق من إيراد ما يبيَّن الدور الذي كان يقوم به الشيخ إبراهيم عبدالعزيز الدامغ، خدمة لوطنه الذي أرسى قواعد وحدته الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، تغمده الله برحمته، فإني لواثق بأن المسئولين عن عاصمة وطننا الغالي وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله سراع الى تقدير من يستحقون التقدير، وبالتالي تسمية شارع من شوارع هذه العاصمة باسم ذلك الشيخ المخلص لدينه ومليكه ووطنه.
والله ولي التوفيق .
|
|
|
|
|