أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 19th April,2000العدد:10065الطبعة الأولىالاربعاء 14 ,محرم 1421

الاخيــرة

أوراق فارسية
نشأة اللغة الفارسية الإسلامية
د, أحمد خالد البدلي
كان عامة المسلمين في ايران لا تحسن العربية، بعد أن دخلت ايران الى الاسلام فلم يكن الايراني يعرف من اللغة العربية الا هذا الجزء اليسير الذي يعينه على اداء الواجبات الشرعية وهنا أحس ولاة الأمر من الايرانيين بخطورة وضرورة الاهتمام باحياء الفارسية حتى يتمكن الايرانيون من الاغتراف من منابع الاسلام العظيمة بلغتهم الفارسية وبدأت تظهر في ايران (خراسان) نهضة علمية ولغوية بالدرجة الاولى تهتم بصياغة التعاليم الاسلامية باللغة الفارسية الجديدة.
وقد ابتدأت تلك الصحوة اللغوية في ايران في عهد الدولة الصفارية فقد كان يعقوب بين الليث الصفاري مؤسس تلك الدولةلايعرف اللغة العربية بل يبدو من سيرة حياته انه كان شديد التعصب على العربية, فقد حكي ان يعقوب هذا عندما استولى على مدينة (هرات) مدحه الشعراء الفرس بقصائد عربية مهنئين بالفتح ومن تلك القصائد قصيدة مشهورة ومتداولة في كتب الأدب الفارسي الاسلامي ومطلعها:
قد اكرم الله أهل المصر والبلد
بملك يعقوب ذي الافضال والعدد
فلم يفهم يعقوب شيئا من تلك القصيدة العربية العصماء فاشتاط غضبا وقال لكاتبه محمد بن وصيف السجزي كيف يجرؤ هؤلاء الاغبياء على مدحي بلغة لا افهمها؟ وكيف يتباهون باللغة العربية ان كانوا فرساً حقاً؟
فنظم محمد بن وصيف السجزي قصيدة فارسية يمدح بها سيده يعقوب ويعتذر عن القصائد العربية التي القيت امام سيده,, ويزعم النقاد الفرس ان قصيدة ابن وصيف في مدح الامير يعقوب هي باكورة الشعر الفارسي الحديث.
ومن أبرز مناشط علماء فارس في خدمة واثراء لغتهم الفارسية، هو ما كانوا يقومون به من نقل امهات كتب الأدب والفقه والتاريخ والتفسير العربية الى لغتهم الفارسية.
بل ان كثيرا من الأصول الثقافية الكبرى التي عدت عليها ايدي الحوادث لاتزال موجودة باللغة الفارسية التي ترجمت اليها في وقت مبكر من حركة النقل والترجمة للآثار العربية الفارسية.
جاء في مقدمة الترجمة الفارسية لمعلمتي الامام الطبري في التفسير والتاريخ ان سبب ترجمتها الى الفارسية كان للسبب التالي:
(فقد حملت في القرن الرابع الهجري نسختان من تفسير وتاريخ الطبري من بغداد الى بخارى عاصمة السامانين، وكانت في اربعين مجلدة وكان الامير يومذاك ابا صالح منصور بن نوح الساماني، فوجد الامير صعوبة في الاستفادة من هذين الكتابين في لغتهما العربية، فأمر باستفتاء علماء ما وراء النهر في جواز نقلهما من العربية الى الفارسية فأفتى العلماء بجواز ذلك، وانه لا بأس على الفارسي ان يقرأ القرآن بالفارسية اذا كان لا يحسن العربية.
وقد اعتمد علماء ما وراء النهر في فتواهم بجواز قراءة معاني القرآن بالفارسية لمن لا يحسن العربية على فتوى الامام ابي حنيفة رضي الله عنه التي تجيز للأعجمي (رخصة وتيسيراً) قراءة معاني القرآن المنقولة الى الفارسية، كما اجاز ابو حنيفة للأعجمي النطق بالفاظ التكبير بالفارسية وان الاعجمي اذا قرأ في صلاته بالفارسية جاز عند ابي حنيفة, أما بقية الأئمة كالشافعي ومالك واحمد رضي الله عنهم فلا يجيزون الصلاة بغير العربية بل ذهب بعض الشافعية الى ان من لا يعرف العربية يصلي بغير قراءة.
وفي هذا الذي أشرت اليه من اهتمام علماء الفرس باللغة العربية والتأليف بها دليل كاف يحمل من اراد اكساب ابحاثه في كثير من ابواب الثقافة الاسلامية الجدية والصرامة، أقول لابد للباحث العربي الجاد من تعلم اللغات الاسلامية عامة والفارسية خاصة.
ومن المؤسف حقا اننا في العالم العربي لا نولي اللغات الاسلامية ما تستحقه من العناية والدرس والاهتمام.

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved