أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 19th April,2000العدد:10065الطبعة الأولىالاربعاء 14 ,محرم 1421

مقـالات

الإسلام وآداب وأنظمة وقواعد المرور
عبدالعزيز بن محمد الزير
لفت نظري وأنا اتصفح كتاب الأمن في القرآن للواء في ذلك الوقت يحيى بن عبدالله المعلمي المنشور عام 1397ه الموافق 1977م عنوان لأحد فصوله المتعددة يثير التساؤل والاستغراب للوهلة الاولى وهو: الاسلام وآداب المرور والذي تطرق فيه وبأسلوبه الأدبي المميز لتلك العلاقة الوثيقة بين توجيهات الدين الاسلامي والأسلوب الأمثل والصحيح لاتباع انظمة وقواعد المرور المطبقة حاليا، مؤكدا المؤلف في بدايته الى ان الاسلام هو دين العبادة ذو الشأن الوثيق في امور الدنيا، فهو اسلوب حياة ومنهج وتفكير ونظام مجتمع، وان كل أمر من امور الدنيا فضلا عن امور الدين لابد ان يكون له حكم في الاسلام، سواء كان ذلك الحكم صريحا خاصا بذلك الامر بعينه او داخلا تحت قاعدة عامة من قواعد التشريع الإسلامي (علم ذلك من علمه وجهله من جهله).
فالمتتبع والمتدبر لما جاء في القرآن الكريم يجد ان هناك آيات كثيرة ذات فوائد عظيمة وفي غاية الاعجاز والبلاغة مثل قوله سبحانه وتعالى في سورة النحل: (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون), والتي توضح وتصور للمسلمين تلك الوسائل المتنوعة والمستخدمة في سالف العصور والأزمان للنقل البشري والمواد والبضائع او الزينة والوجاهة الاجتماعية والتفاخر، وما زال البعض منها يستخدم حتى الآن في بعض البلدان والاماكن الوعرة، فهي تشبه الى حد كبير في فائدتها واهميتها واغراضها ما نشاهده اليوم ونستخدمه في المملكة العربية السعودية والدول المتطورة الاخرى من أنواع كثيرة ومتعددة للسيارات والدراجات النارية والعادية والطائرات والقطارات والتي ينطبق على مستخدميها من سلوكيات وآداب ما ينطبق على مستخدمي الاساليب القديمة.
لذلك نجد ان هناك الكثير من التوجيهات السامية في القرآن والسنة التي تركز وبشكل خاص على تلك الآداب والسلوكيات الواجب توفرها واتباعها من قبل المسلم اثناء سيره على الأقدام او مستخدما احدى الوسائل السالفة الذكر للنقل القديم او الحديث، يذكر منها المؤلف توجيه الخالق سبحانه وتعالى في قوله الكريم في سورة الفرقان: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا),, الى ان يقول سبحانه (وإذا مروا باللغو مروا كراما)، وقوله تعالى في سورة لقمان: (واقصد في مشيك واغضض من صوتك ان انكر الأصوات لصوت الحمير), للدلالة على الأهمية في أن يكون المسلم اثناء سيره على الأقدام أو عند قيادته لأحدى وسائل النقل الحديثة معتدلا ومتيقظا من خلال عدم تجاوز السرعة المحددة في الطرقات الرئيسية او الشوارع الفرعية، واخذ الحيطة والحذر عند التجاوز او الانحراف او العبور باستخدام الاشارات الضوئية الضرورية تجنبا لوقوع المزيد من الحوادث المرورية المروعة من دهس وتصادم راح ضحيتها في وقتنا الحاضر بحسب الإحصائيات الحديثة الصادرة من الجهات المسؤولة الكثير من الابرياء من كهول وشباب ونساء واطفال، إضافة الى الخسائر المادية المكلفة التي تؤثر على اقتصاد ونمو هذا البلد الطيب,, كما نستفيد من هذه الآية الضرورة القصوى لقائد المركبة للتحلي بالآداب والأخلاق الإسلامية بمراعاة حقوق الطرق وحقوق المشاة وقائدي المركبات الأخرى، وان لا يصدر منه ما يعرض حياة الآخرين للخطر او الإزعاج بشتى أنواعه.
كما وتؤكد آية اخرى في سورة لقمان وهي قوله تعالى: (ولا تمش في الأرض مرحا انك لن تخرق الارض ولن تبلغ الجبال طولا),, الى ارشاد المسلم للطريقة الصحيحة والأسلوب الأمثل عند المشي او القيادة، والتي لو اتبعها الكثير من شبابنا المراهق في وقتنا الحالي والتي تغص بهم بعض الشوارع الرئيسية في بلادنا لانخفضت بمشيئة الله نسبة المشاكل المرورية والجنائية التي قد تحدث نتيجة للدوران بشكل مستمر يمتد لساعات طوال في الشوارع او التسكع في الاسواق الكبرى دون هدف محدد سوى المضايقة المستمرة والمملة للمستفيدين من الشارع او السوق و(التمليح) ورمي الارقام والتغنج امام الفتيات.
كما لم يفت على المؤلف في هذا الفصل الى التطرق لبعض الأحاديث النبوية الشريفة الدالة على أهمية احترام انظمة المرور في الإسلام، حيث ورد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال مخاطبا اصحابه: إياكم والجلوس في الطرقات، قالوا: ما لنا منها بد فإنها مجالسنا قال: اما إذا أبيتم فاعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حق الطريق؟ قال: رد السلام وغض البصر وكف الأذى,, من هنا نجد الاهتمام الواضح من قبل رسول الهدى عليه افضل الصلوات واتم التسليم في التشديد والتأكيد على المسلمين باتباع آداب وقواعد المرور والتقيد بالانظمة والقوانين الخاصة بهذا الشأن من خلال اعطاء الطريق حقه وعدم مضايقة المارة والمشاة والحث على إظهار المودة والمحبة بينهم بإفشاء السلام او الرد عليه، كما يرشدنا الى ضرورة غض البصر والتي تنطبق في قوتنا الحالي على مستخدم هذه الوسائل الحديثة للنقل بعدم إشعال الانوار العالية المبهرة عند مقابلة السيارات القادمة ومضايقته منعا لما قد يحدثه ذلك التصرف من إعشاء لنظر السائق الذي قد يتسبب في حصول كارثة مرورية لا تحمد عقباها ولتفادي التطلع الى ما في داخل السيارة من محارم أو امتعة خاصة لا يجوز للغير الكشف عنها, اما ما يتعلق بكف الأذى في هذا الحديث وهي كلمة جامعة تشمل جميع انواع الاذى والذي يصدر في وقتنا الحاضر من كثير من الشباب المراهق او المستهتر نتيجة لما يقومون به ويتفاخرون بأدائه من تفحيط ورمي السيارة يمينا وشمالا في سرعة جنونية، وما يصدره ذلك من اصوات مزعجة تثير القلق وعدم الارتياج دون مراعاة لمشاعر وظروف الآخرين, ايضا يتضح انه من باب كف الأذى عن الطريق هو التزام اصحاب المركبات وخصوصا الكبيرة منها عدم تجاوز الحد المطلوب من الحمولة لما قد يسببه ذلك من تعريض الآخرين للأذى، والحرص من قبل البعض منهم في عدم ترك عوادم سياراتهم تصدر السموم الزرقاء والسوداء الضارة بصحة المشاة والمارة وقائدي السيارات الصغيرة الاخرى، كما يجب على قائد السيارة بدافع ديني واخلاقي إماطة الأذى عن الطريق بأن يتم ازالة ما وضعه في الطريق من احجار او معدات بعد انتهاء استفادته منها اثناء تعطله ونحو ذلك، وعدم اشغال الارصفة المخصصة للمشاة باتخاذها مواقف خاصة بالسيارات لأن ذلك يفقدها الهدف المنشود من وضعها وما قد يحدثه ذلك من ضرر واعاقة للمشاة في الانتفاع به على الوجه المطلوب.
ايضا يوضح المؤلف في هذا الكتاب ان سائق السيارة مأمور شرعا بتفقد سيارته والتأكد من صلاحيتها من كافة الجوانب سواء ما يتعلق بالاضاءة او الاطارات او المحرك وبربط حزام الأمان وغيرها مما يوجب السلامة، حتى لا يعرض نفسه ومن معه من ركاب او مشاة لاخطار الطريق.
ختاما لهذا الفصل يؤكد المؤلف على طاعة ولي الأمر لأنها واجبة بحكم ما ورد في الكتاب والسنة النبوية المطهرة والتي قال فيها رب العزة والجلال: (يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، فإذا رأى ولي الأمر او من فوضه رأيا فيه صلاح لعامة المسلمين والمشمولين بولايته فإن على افراده طاعته في ذلك, وانظمة المرور التي وضعتها الدولة إنما تهدف الى المصلحة العامة والوقاية من الحوادث والتيسير على الناس, والله نسأل السلامة والعافية,.

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved