| محليــات
في خطاب صيغ بلغةٍ سياسية لا تنقصها الوقاحة، وبشروط تعكس مدى احتقار صُنّاع القرارات الاسرائيلية للإرادة الفلسطينية/ العربية كما تدل على تحدٍّ صفيق لقرارات الأمم المتحدة، أعلن وزيران إسرائيليان أول أمس أن إسرائيل بإمكانها الاعتراف بدولة فلسطينية في حال تراجع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عن المطالبة بانسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي الفلسطينية، ووافق على إرجاء تسوية مسألة القدس الشرقية !!
ويضيف الوزيران الاسرائيليان وهما الوزير لدى رئاسة مجلس الوزراء حاييم رامون ووزير الأمن الداخلي شلومو بن عامي قولهما: هناك فرصة متاحة أخيراً لإعلان دولة فلسطينية ذات سيادة محدودة على المسائل الأمنية ومنزوعة السلاح !!
وقال الوزيران أيضاً: ليس بإمكاننا التوصل إلى اتفاق إذا استمر ياسر عرفات بالمطالبة بمائة في المائة من الأراضي المحتلة كما لا يمكن التوصل إلى اتفاق على الوضع النهائي في حال طالب الفلسطينيون بالعودة إلى حدود 1967م التي كانت قائمة قبل الحرب التي استولت بها إسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية !! - انتهى -والمعروف أن إسرائيل ضمت إليها القدس الشرقية عام 1980م بموجب ما أسمته قانون القدس عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل ,إذن، ما تقدم بلسان الوزيرين الاسرائيليين في حكومة ايهود باراك الحالية يترجم ترجمة صريحة ومحددة الألفاظ والمعاني والأهداف لحقيقة استراتيجية إسرائيل السياسية التي تخوض بها المفاوضات مع الفلسطينيين بشأن التسوية النهائية لقضية الشعب الفلسطيني التي كانت وما زالت إلى اليوم جوهر الصراع العربي الإسرائيلي في الشرق الأوسط.
وبموجب هذه الاستراتيجية السياسية التي تلتزمها إسرائيل في مفاوضاتها مع الفلسطينيين، تكون إسرائيل قد حددت، ليس فقط المساحة الجغرافية للدولة الفلسطينية، بل ورسمت مواصفات الدولة بكل أبعادها الديموغرافية حيث إنها -إسرائيل- تعارض بعنادٍ معلن عودة اللاجئين الذين طردوا من فلسطين المغتصبة عام 1948م والمشردين الذين أبعدوا عام 1967م، كما حددت البعد السياسي والدبلوماسي للدولة الفلسطينية بحيث يكون أمر تمثيلها الخارجي بوزارة الخارجية الاسرائيلية أو مجرد تمثيل فلسطيني صوري للسياسة الخارجية.
كما حددت البعد الأمني بحيث تتحول سلطات الدولة الفلسطينية إلى مراكز شرطة تساهم مع الشين بيت في حماية أمن إسرائيل!.
وحددت أيضاً البعد الدفاعي بحيث تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، وبدون جيش يدافع عن ترابها وشعبها ومؤسساتها ويحمي مواردها الاقتصادية والمائية!.
وغني عن القول أن كل هذه الشروط التي تسمح إسرائيل بموجبها بقيام الدولة الفلسطينية والاعتراف بها، لا تتناقض فقط مع مجمل قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالشأن الفلسطيني، بل وتلغى تلك القرارات وكأنها لم تكن.
ومن بين أهم تلك القرارات التي ألغتها إسرائيل، القرار رقم 181 الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر 1947م والذي قضى بتقسيم أرض دولة فلسطين بين اليهود الذين أقاموا إسرائيل على الجزء الذي حُدّد لهم، والفلسطينيين الذين حُدّدت لهم جميع أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة لاقامة دولتهم عليها.
كما أن إسرائيل بمحاولتها تحجيم البعد الديموغرافي لسكان الدولة الفلسطينية بمعارضتها لعودة اللاجئين الفلسطينيين منذ العام 1948 والعام 1967، إنما تلغي القرار الدولي رقم 194 الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948م ويقضي بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم واستعادة ممتلكاتهم من أراضٍ وعقارٍ، ومزارع ومؤسسات ,, إلخ.
خلاصة القول :إن استراتيجية إسرائيل السياسية والأمنية والعسكرية تمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وطنية كاملة وعلى كامل التراب الفلسطيني الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين الآن ,وهكذا تحول إسرائيل عملية السلام برمّتها إلى ملهاة !.
الجزيرة
|
|
|
|
|