| محليــات
نسمع كثيرا عن الآباء والأمهات الذين لايقومون بمسؤوليات الأبوة والأمومة كما يجب,, عن المنشغلين بشتى أمورهم الذاتية الى حد عدم متابعة احتياجات أبنائهم، وعن الآباء والأمهات الذين يسيئون معاملة أولادهم وبناتهم,, عن القساة,, والبخلاء بمالهم او بعواطفهم,, واللامهتمين, هؤلاء يشير اليهم الجيران والأقارب , الزوج أو الزوجة, يشتكي منهم ابناؤهم وبناتهم يبعثون بتفاصيل اخطائهم ومعاناتهم معهم واتهاماتهم لهم الى صفحات الجرائد والبرامج النفسية في الصحف والفضائيات ,ولكن هناك فئة اخرى تعاني وقلما نسمعها تشكو أو نسمع من يصغي لشكواها أو يتحمس لحل مشكلتها,, هذه فئة الأطفال الذين يهتم بهم آباؤهم وأمهاتهم أكثر مما يجب ,, أو يتوقعون منهم انجازات لايستطيعونها، أو أن يحققوا لهم أحلاما عجزوا هم عن تحقيقها.
المجتمع مبرمج على أساس أن الوالد المثالي أو الأم المثالية هو من يضحي في سبيل أولاده,, يسهر الليل من أجلهم,, يتغرب ليوفر لهم الحياة الكريمة,, والمقصود هنا هو مظاهر واحتياجات الحياة المادية وليس العاطفية لانه في بعده عنهم لن يستطيع التواصل معهم عاطفيا عن قرب ولا توفير الإشراف اللازم لتربيتهم وربما لو سألنا الأولاد لفضلوا بقاء أبيهم قريبا منهم,, وربما اشاروا الى ان تغربه هو مسبب تعرضهم للضياع والتعطش العاطفي ولتأثير رفقة السوء.
وهناك ايضا الآباء والامهات الذين يتوقعون في أولادهم بذرة العبقرية التي تنتظر فقط ان يساعدوها على البزوغ والإثمار، فيلاحقون الطفل بطلبات فوق ما يستطيع من الانصراف الى الدراسة وعدم اللهو والابتعاد عن كل الرفقاء مما قد يشغله عما يحتاجه ازهار تلك البذرة من التركيز.
وهناك من يحملون الطفل أو الطفلة ما هو اكبر من قدرة كتفية الغضتين باسم تعليمه المسؤولية والاعتماد على النفس، واعداده لمسؤوليات الحياة,, والحقيقة انهم فوق حرمان الطفل من طفولته، لا يفعلون ذلك حقا بقصد بريء يتمحور حول تنشئة الطفل وانما يفرغ الأب أو الأم على كتفي الصغير بعض مسؤولياتهما التي يجب عليهما تحملها لاتحميله مسؤوليتها, هنا نجد الأم التي تترك العناية بالبيت أو الإخوة الأصغر على كاهل ابنتها أو ابنة زوجها,, والأب الذي يكلف ولده القيام بمسؤولياته في العائلة أو حتى في العمل.
لا يستطيع الطفل الشكوى لأن هذا الحمل الثقيل يقدم اليه على أنه فعل حبي منهما ولخدمته وتربيته,, ويتعلم أن يحمل قدر المسؤولية الأبوية على كتفيه دون أن يشكو لأحد,, لا يستطيع حتى الاعتراف لنفسه بالغضب من استغلال أبويه له.
وهناك الوالدان المثقفان اللذان يصبح أبناؤهما خاصة الأول، حقل تجارب للنظريات التربوية والنفسية, هؤلاء لايعاملان الطفل بعفوية العاطفة الأبوية بل بمقياس نظري من التصرفات والتعاملات، ويطلبان منه ردود فعل محددة, وليس العفوية وينتهي ذلك الطفل المسكين عاجزا عن تقبل انفعالاته.
|
|
|
|
|