داخل العدد

رئيس التحرير : خالد بن حمد المالك

أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 18th April,2000العدد:10064الطبعة الأولىالثلاثاء 13 ,محرم 1421

مقـالات

شدو
فن السلب منحا! 2
د, فارس الغزي
ذكرت في المقالة السابقة مقتطفات من حصاد سني الدراسة في الخارج من الجدل الثقافي مع زملاء وأصدقاء من الأمريكيين حول حقوق المرأة وحريتها، وهنا أواصل التجديف في هذا الموضوع بالقول: ان موضوع حقوق المرأة في الغرب والشرق على حد سواء، لم ولن يتم فهمه، ناهيك عن إفهام الآخر عنه، بمعزل عن تاريخ الهيمنة السياسية من قبل الغرب المادي على الشرق الروحاني، وهي الهيمنة التي تمخضت، وكما هو معلوم، عن هزيمة الشرق على يد الغرب وإخضاعه عسكريا واقتصاديا وحضاريا، ولذا فلاغرابة في مبادرة الغرب باتخاذ حقوق المرأة في الشرق معولاً من معاول الضغط السياسي، وذلك، بالطبع، لتأكيد ديمومة الاذعان والاستغلال والتبعية والتقليد,
إن مبادرة الغربيين في تسييس حقوق المرأة، واتخاذ نموذج حقوقها لديهم معيارا للحكم على تقدم أو تخلف الآخر، لم تخرج الى حيز الوجود انتصارا في الحقيقة للمرأة كإنسان وهي التي يقتل من بني جنسها المئات يوميا في شوارعهم! وانما لمآرب أخرى ذات خلفيات سياسية واقتصادية لا يفك طلاسمها الحقيقية سوى ميكافيليتهم السياسة، والتي لم تتوان تاريخيا عن تسخير واستخدام كل ما من شأنه تحقيق الهيمنة والمال، بغض النظر عن الأخلاق والمبادىء الانسانية.
إنهم بمجرد استخدامهم مصطلحات انسانية فضفاضة كحقوق المرأة مثلا يصطادون، في الحقيقة، عصافير عدة! بحجر واحد: هروبا من واقعهم، واسقاطا على مناوئهم، فحصولا على مآربهم منه, فلا غرابة إذن وكما ذكرت آنفا أن نرى موضوع حقوق المرأة، وخصوصا في أعقاب انهيار الشيوعية، وقد أصبح يتصدر أجندة المفاوضات مهما كان موضوع تلك المفاوضات وذلك لغرض الكسب والكسب المادي فقط ,, شأنه شأن أي سلعة رأسمالية استهلاكية ولتكن عرض أزياء، أو أدوات تجميل، أو تجارة جسد، وهلم جرا.
إن المفاهيم النظرية المجردة والمزخرفة اعلاميا لحقوق المرأة لديهم ليست، في الحقيقة، سوى امتداد لازدواجية المعايير الغربية في تعريف ومن ثم اخضاع كل ما له صلة بالحق والانسانية طبقا لما تفرضه مصلحتهم.
ولنا في ازدواجية مفهوم حقوق الانسان لديهم خير شاهد: حيث إنهم في الوقت الذي يطبقون عقوبة الاعدام على سبيل المثال: تم اعدام ما يقارب من 200 فرد في ولاية تكساس فقط منذ أن أصبح بوش الابن حاكما لها منذ خمس سنوات! نجدهم، وبكل صفاقة، لايترددون في اتخاذ عقوبة الاعدام باسم حقوق الانسان كسيف مسلط ووسيلة من وسائل الضغط السياسي والابتزاز الاقتصادي للآخر! .
إنهم وأقصد الغربيين لم يمنحوا المرأة لديهم ما يسمى عبثا بحقوقها لانسانية فيهم، بل إنهم أطلقوا سراحها بعد أن انتفت حاجتهم الرأسمالية الداعية الى ركونها في المزرعة أو في البيت : حيث وعندما لاحت في الأفق بوادر حاجة رأسمالية تتطلب ضرورة خروجها خصوصا حاجتهم الماسة لها للعمل في المصانع التي أقفرت وخلت في أعقاب انصراف الرجال لمسارح القتال في الحرب العالمية الثانية أقول: انهم لم يترددوا حينئذ في تسخيرها باسم حقوقها للعمل في المصانع الملوثة بأدخنة الرأسمالية الجشعة المقيتة! ومن ثم طلاء وزخرفة هذا التسخير باسم منحها حقوقها , حدث كل هذا بالطبع بعد فراغ الرجل الأبيض من مهمة ترسيخ حقوقه وتدعيم وجوده، على حساب حقوق الأقليات الأخرى بما فيها النساء! حدث كل هذا، كذلك، بعد أن جعلت المرأة مخلوقا من الدرجة الثانية وذلك عن طريق ما يعرف بمؤسساتية القانون : وهي الظاهرة التي تعرف بالتمييز المؤسساتي ضد المرأة ودائما ما تشير اليها عبارات علمية من قبيل: Instituionalized and built in the system sexism, وما على المشكك في تلك الحقائق سوى استعراض مقتطفات من تاريخ حركات الحقوق المدنية للنساء في الغرب ليكون على بينة مما ذكرت.
وهنا، ألا يحق لأي عاقل منصف أن يتساءل عن جدوى حقوقهن لديهم في ظل ما يدور الآن من عنف دموي ضدهن,, قلة أعداد من ينتخب منهن للكونجرس أو مجلس النواب على الرغم من حريتهن المزعومة,, تفاوت ما يتقاضين من مرتبات قياسا على مرتبات الرجال رغم أنف المساواة,, توالي الأحكام القضائية الصادرة ضدهن عند نزاعات الطلاق والتي غالبا ما تكون نتيجتها، كحق رعاية الابناء Custody مثلا، لصالح الرجل,, احتكار الرجل في حال أراد ذلك حق الاشتراط عليهن بالتوقيع مسبقا قبل الزواج بعدم أحقيتهن بالمطالبة بأي قرش! من ثروته في حال الطلاق وهو أمر يعرف agreement Pre-nuptial,,, استفحال معدلات ما يعانين من قتل وعنف واغتصاب الى الدرجة التي تحد من تحركاتهن خوفا من العواقب,, بل الى الدرجة التي اضطرت المحاكم هناك الى سن قوانين حديثة تجرم الاقتراب من الضحية أو منزلها لمسافات معينة! وتعرف قانونيا باسم قوانين مكافحة التعقب أو الملاحقة Anti-Stalking Laws، والتي صدرت في أعقاب حملات شنتها منظمة من منظماتهن، الى درجة قيام تلك المنظمة بالتهديد باللجوء الى الأمم المتحدة للمطالبة بملاذ آمن لهن Safe-haven، وعلى غرار مايوجد في كوسوفا وجنوب العراق!!,, وأخيرا وليس آخرا البتة! : استمرار النظر اليهن كمادة واستغلالهن جسدا واحتقارهن فكرا، حتى من قبل شريطية! السيارات هناك، والذين، وحسب ادعاء المنظمة النسائية الوطنية الأمريكية لا يتوانون عن استغلال المرأة ماديا وذلك عن طريق رفع سعر المركبة قياساً على الأسعار التي يتيحونها للرجل!!,, والى ختام تلك السلسلة من المقالات,, الى المقالة القادمة والأخيرة.

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة][موقعنا]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved