| العالم اليوم
أظهرت الكلمات التي ألقيت في مؤتمر قمة دول السبع والسبعين زائد الصين دول الجنوب أن الدول الفقيرة والدول النامية ليست راضية من الاتجاهات الجديدة في السياسات الدولية الاقتصادية، بل ان اكثر هذه الدول متخوفة من هيمنة الدول الصناعية الكبرى على التجارة الدولية مما سيؤدي الى زيادة الهوة بين الدول الغنية والفقيرة التي لاتمتلك مؤسسات وآليات للتعامل مع المستجدات التي اوجدتها العولمة الاقتصادية والتحديات القوية التي افرزتها الاوضاع الاقتصادية السيئة التي تعيشها الدول الفقيرة، كما ان تخلي الدول الصناعية الكبرى الغنية عن مسئولياتها وواجباتها في تأهيل اقتصاديات الدول الفقيرة سيجعل هذه الدول التي تعاني حتى من توفير ابسط متطلبات الحياة لمواطنيها,, سيجعلها مصدراً لكثير من المشاكل والازمات التي ستعصف بالاستقرار العالمي، بل وتهدد كثيراً من النواحي الحياتية من مشاكل صحية واجتماعية وسلوكية, ولقد لامس وكيل وزارة الخارجية الامريكية ألان لارسون هذه الحقيقة حينما قال: ان الامن القومي الامريكي يتطلب التزام مكافحة الفقر الدولي.
وقال إن الاندماج العالمي,, يقرّبنا من مشاكل جيراننا: المرض، المخدرات، الجريمة، الفساد والانحطاط البيئي .
ومضى لارسون، وهو المسؤول عن ملف الاقتصاد والتجارة والشؤون الزراعية، قائلا: إن اعتمادات الولايات المتحدة للمساعدات الخارجية كانت مصممة للحؤول دون المد الشيوعي خلال فترة الحرب الباردة, الآن، ومع تضاؤل الخوف من الشيوعية، تضاءل كذلك الإنفاق الأميركي على المساعدات الخارجية.
واضاف لارسون يقول إنه خلال السنوات الأربعين، وبعد مشروع مارشال مباشرة، كانت سياسة التنمية الأميركية مرتبطة برمتها باستراتيجية الحرب الباردة, ودعمنا التنمية في الخارج، ليس لأننا نحب جارنا وحسب، ولكن أيضاً لأننا خشينا إمكانية التحاقه بالكتلة الشيوعية, وفيما تقلصت الخشية تلك، انخفض الإنفاق في مجال التنمية، وتحول الانتباه بعيداً عن سياسة التنمية .
وأورد وكيل وزارة الخارجية الأميركية امثلة متعددة عن التهديدات عبر الحدود, وقال إن وباء الايدز يهدد بالانتشار في كل أرجاء العالم في عصر التجارة والتنقل العالميين، في حين يزدهر إنتاج الأفيون والمخدرات في الفقر مفسحاً المجال أمام ازدياد الجريمة والفساد اللذين يعيقان التنمية والديمقراطية ويكبتانهما , واضاف لارسون قائلا: إن تلوث الهواء في آسيا يؤثر علىهطول المطر في مونتانا .
وقال: في كل الأحوال، إن حماية مصالحنا في الداخل تتطلب منا استراتيجية متكاملة تشمل تعزيز التنمية الدولية .
وأضاف لارسون يقول إن الوقاية من الجريمة والحرب ونظاماً قانونياً سليماً، امران ضروريان للتنمية, اذ لايمكن للتنمية الاقتصادية أن تحدث إذا كانت الملكية عرضة للسرقة، وإذا كانت الدول غير حصينة، معرضة للحرب، أو إذا كانت العقود غير خاضعة للتطبيق.
اذن وباعتراف احد كبار مسئولي وزارة خارجية اكبر وأغنى واقوى دولة في العالم بالعصر الحديث، فانه ما من دولة بمأمن من انتشار الامراض والمشاكل الاجتماعية وتفشي الارهاب,, وحتى التلوث مادام هناك فقراء يتزايدون في العالم.
واذا كان لارسون يرى ان حماية مصالح امريكا في الداخل الامريكي تتطلب استراتيجية متكاملة تشمل تعزيز التنمية الدولية، فيفترض ان تكون هذه الاستراتيجية موجهة لمساعدة الدول الفقيرة من خلال مشاريع تنمية مؤسسة على رفع مستوى الانتاج وفتح اسواق الدول الغنية لسلع الدول النامية وتمكينها من التقنية المتقدمة، لا أن يبقى العمل بالأسلوب القديم الذي يعتمد على تقديم الصدقات للدول الفقيرة والنامية، مع حرمانها من الحصول على اسباب التقدم,, ومثلما نفذ الامريكيون مشروع مارشال لانقاذ اوربا وانتشالها من الحالة المتردية التي كانت عليها بعد الحرب العالمية الثانية، فان المطلوب الآن مارشال عالمي لانتشال الدول الفقيرة من حالات البؤس المتعددة حتى لايمتد البؤس في صور امراض وارهاب ومشاكل بيئة للدول الغنية والصناعية الكبرى التي ظلت ولعقود طويلة تنعم بخيرات الدول النامية دون أن تساعدها على تحقيق طموحاتها التنموية.
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني Jaser @ Al-jazirah.com
|
|
|
|
|