أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 17th April,2000العدد:10063الطبعة الأولىالأثنين 12 ,محرم 1421

محاضرة

حقوق الإنسان في الإسلام
** نص محاضرة معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد عن: حقوق الإنسان في الإسلام التي ألقاها معاليه مؤخراً **
الحمد لله رب العالمين، القائل في محكم كتابه وهو احكم الحاكمين :ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً .
احمد الله جل وعلا الذي يعلم من خلق، وهو اللطيف الخبير، واثني عليه الخير كله على أمره ونهيه، وعلى شرعه وهديه، فهو سبحانه وتعالى الذي خلق الناس، وهو الذي ارشدهم، وشرع لهم مافيه كمالهم وصلاحهم في دنياهم وآخرتهم، فالحمد له جل وعلا كثيرا، كما تفضل علينا جزيلا، واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، واشهد ان محمداً عبدالله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا.
اما بعد:
فان مما ينبغي للمرء المسلم ان يحرص عليه، ان يتعلم من دينه مالم يكن يعلم، او ان يثبت في علمه ما قد ينسيه الزمن اياه، ويتناساه مع كثرة الصوارف، وتعدد الشواغل، ولاشك ان هذه الشريعة شريعة الاسلام شريعة كاملة مباركة لم يأت للناس قط شريعة اكمل منها، فقد جعل الله جل وعلا لكل نبي شرعة ومنهاجا، وجعل شريعة محمد عليه الصلاة والسلام أكمل الشرائع واتمها باقية ما بقي الزمان، الى يوم القيامة، صالحة لكل زمان ومكان، مهما تعددت الامكنة، واختلفت الاحوال، فان في شريعة الاسلام الحل لكل عويص والحفاظ على كل حق، والرفعة لكل مافيه اعزاز الانسان من حيث كونه انسانا، واعزاز المسلم ورفعته، لانه يحمل رسالة التوحيد، لهذا وجب على الجميع ان يتعرفوا الى محاسن هذه الشريعة، وان يعلموا من احكامها ومقاصدها واسرارها وما امرت به من الحقوق، ما يبعثهم على ان يحافظوا عليها، وعلى ان يدعوا اليها، وعلى ان لا ينصتوا لكل داع من دعاة الضلالة الذين يريدون ان يصدوا الناس عن الحق بأسماء وشعارات مختلفة، فنحمد الله جل وعلا ان جعلنا من المقبلين على هذه الشريعة، المتعلمين المتأدبين بأدب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ان هذه المحاضرات التي اقيمت في هذا الجامع المبارك، التي جعل عنوانها:
الحقوق الشرعية من اهم ما يجب ان يتعرف عليه المؤمن، وان يعلمه المسلم، وذلك لان الله جل وعلا اقام السموات، واقام الارض على حقين: على أداء حقه جل وعلا، وعلى اداء حقوق العباد، وكل الرسل من اولهم الى آخرهم، والكتب انما انزلت لبيان هذين الحقين: حق الله جل وعلا بعبادته وحده دونما سواه، والكفر بالانداد والطواغيت المختلفة، وطاعة رسوله الذي امر بطاعته في ذلك الزمان والمكان، ثم اداء الحقوق الى الخلق، فأنزل الله جل وعلا كتبه، وبعث رسله للقيام بهذين الاصلين، قال جل وعلا :لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ، وقال جل وعلا :ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام لمعاذ: أتدري ما حق الله على العباد؟ فقال: الله ورسوله اعلم، قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ، فبين بهذا ان الحقوق التي جاءت بها الشرائع بأجمعها، وشريعة الاسلام بخصوصها، هي اداء حق الله جل وعلا واداء حقوق الخلق، اي حقوق الانسان، وحقوق الناس.
وهذا يبين لك مع تأملك كتاب، الله جل وعلا ، وسيرة وسنة النبي عليه الصلاة والسلام هذه الكلمة، اما الحقوق الشرعية فقد تقدم تفصيل الكلام فيها في عدة محاضرات من اصحاب الفضيلة المشايخ جزاهم الله عنا جميعاً خيراً .
ومن الامور التي كثر في هذا الزمان ذكرها، واستفاض الحديث عنها، ما يسمى حقوق الانسان، وهذه الكلمة التي جعلت عنواناً لهذه المحاضرة، تتصل بها بحوث كثيرة، سواء منها البحوث الشرعية، العقدية او العبادية، والبحوث القضائية، والسياسية، والمالية وغيرها من البحوث، ويتصل بها ايضاً من جهة اخرى ما تنشره الدول الكبرى او الامم المتحدة مما اسموه مواثيق حقوق الانسان: ولإطلاق هذا اللفظ كما تعلمون قصة، فان لفظ حقوق الانسان لفظ محدث، لم يأت في الشريعة، ولم يأت في الكتاب، ولا في السنة، ولم ينص عليه بهذا اللفظ اهل العلم وائمة الاسلام، ولكن مدلوله موجود في الكتاب، ،موجود في السنة، كما تبين لك من هذه السلسلة من الحقوق الشرعية، لكن لما اتى هذا الزمان، وقامت الحرب العالمية الثانية ،وانتصر فيها الحلفاء بقيادة امريكا على المخالفين وقامت هيئة الامم المتحدة كونوا نظاماً عالمياً جديداً، فمصطلح النظام العالمي الجديد ليس وليد ما بعد حرب الخليج وانما هو مصطلح ظهرت مبادؤه واسسه بعد الحرب العالمية الثانية، لتستخدمه القوى العظمى من الدول حينما تريد فرض شيء جديد على الامم وعلى الشعوب وعلى الناس على اختلاف بلدانهم وثقافاتهم.
فبعد الحرب العالمية الثانية ارادوا وضع نظام عالمي جديد تتمكن به الدول العظمى من السيطرة على سائر الدول، والسيطرة تكون ثقافية تارة، وتكون من جهة قوة النظر والممارسة للحريات تارة، وتكون القوة من جهة التدخل في شؤون البلاد التي يريدون التدخل فيها، فكان من جملة التنظيم العالمي الجديد ما اعلن عام 1948م باسم النداء العالمي لحقوق الانسان ووضعت وثيقة من هيئة الامم المتحدة من ثلاثين مادة، ثم جرت عليها تعديلات واضافات, فهذه الوثيقة هي التي ينادى الان بها مع ما طرأ عليها من اضافات، وتسمى حقوق الانسان.
وحقوق الانسان التي تنادي بها الامم المتحدة، وتنادي بها الدول الغربية، ترجع في الحقيقة الى جهتين: جهة الحرية، وجهة المساواة بين الناس، ومن ضمن ما جاء فيها الغاء الرق بجميع انواعه، واعتباره عملاً باطلاً لا يجوز ابقاؤه، وفصلوا في انواع الحريات: الحرية الفردية، والحرية السياسية، والحرية المالية، والمساواة، والحرية القضائية، والحقوق، والجنسيات، وفصلوا ايضاً في امور المساواة بين الرجل والمرأة، والمساواة بين الناس، على اختلاف الوانهم، واختلاف طبقاتهم، واختلاف دولهم في الحقوق وفي الممارسات، وفي اختيار البلد الذي يريد ان يعيش فيه، الى غير ذلك من التفاصيل التي ترجع الى اصلين مهمين، وهما:
1 حرية الانسان.
2 المساواة بين الانسان والانسان.
ومن ضمن تلك البنود التي وردت: منع انواع التصرفات، وتقييد حق الدولة في التعامل مع الناس، ومن هنا تدخلت الدول الغربية، والامم المتحدة في شؤون كثير من الدول، وفرضت عليها اشياء، وربما نشرت اعلانات عن بعض الدول متهمة اياها بأنها لا تطبق تلك الحقوق، وربما كان التدخل اعظم في شؤونها وسؤالها ماذا عندكم من تحقيق هذه الحريات؟ مع ذكر الحالات الفردية، ودخلوا ايضاً في الحريات السياسية، ونادوا بالديمقراطية، وان الشعب يحكم نفسه، وتقوم الحملات الانتخابية والبرلمانات على ماهو موجود في الدول الغربية، ولاشك ان الشعوب التي ليست بذات وعي اذا ادخلت عليها هذه المبادىء فانه يسهل السيطرة عليها، وان تحكم بمن يكون ممالئاً للغرب، وبخاصة بعد الحركات التحررية والاستقلال الذي جاء بعد الحرب العالمية الثانية في كثير من الدول، وعدم قبول الاستعمار بأنواعه للاعلان بحقوق الانسان، والنداء العام، له ظروفه، وله بواعثه التي انشأته، وله ايضاً اهدافه التي تخدم مبادىء الدول الاستعمارية الكبرى.
هذه الكلمة تتردد، والمسلم يجب عليه ان يكون معتزاً بدينه، وان يكون واثقاً من ان الحق الذي يكون للانسان فانه يكون حقاً عظيماً اذا كان من الله جل وعلا ، لانه لا احد اعلم بالخلق وما يصلحهم من الله جل وعلا كما قال سبحانه: ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ، فان الله سبحانه وتعالى فيما شرع، هو الذي يحفظ حق الانسان، وهوالذي يحفظ حقوق الناس على مختلف انواعهم، ولهذا بحث كثيرون في هذه المسألة مسألة حقوق الانسان ، واثبتوا ان شريعة الاسلام، وسيرة نبينا عليه الصلاة والسلام والاحكام في الكتاب والسنة ، وافعال الخلفاء الاربعة ومن بعدهم، هي اعظم وثيقة مبكرة لحقوق الانسان، عالية في تنظيرها، وعالية ايضاً في تطبيقها، فقد طبقت تطبيقاً كاملاً في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وفي عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وارضاهم كتب باحثون كثر في هذا الموضوع ، ثم ان الذين كتبوا في هذا الموضوع، منهم من نظر نظرة ضعف الى اعلان حقوق الانسان من هيئة الأمم المتحدة واراد ان يجعل كل مادة من ذلك الاعلان لها سبق في تاريخ الاسلام، او في شريعة الاسلام، حتى الغاء الرق ومساواة الرجل بالمرأة، حاولوا ايجاد سابقة لهما، وتسويغها، وهذا الضعف يكتنف كثيراً من الباحثين في مواجهة ما عند الغرب من اتهامات او من اعطاء سبق في بعض الموضوعات، وفي بعض الحقوق والحريات ونحو ذلك، ومنهم من بحث المسألة بحثاً علمياً جيداً في مجلات وفي مقالات مختلفة، وبينوا ان حقوق الانسان المطبقة في الغرب، والمعلنة من الامم المتحدة، منها ما الشرع جاء به، ومنها ماهو مصادم للشرع من اساسه ، والله جل وعلا امرنا ان نرجع الحكم اليه سبحانه وتعالى ، فقال: وإن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ، وقال جل وعلا :إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه والحكم لله يكون في المسائل العلمية، كما يكون في المسائل العملية، وهذه المحاضرة لن تتسع لان نذكر لك كل ما يتعلق بهذا الموضوع، لكن نحاول تقريب الموضوع، ليفهم على ضوء الاصول الشرعية فهماً لا لبس فيه، ليبين لك ان ما ينادي به الكفرة واتباعهم من اعطاء حقوق الانسان على ما يريده المستعمرون وما يريده اعداء الاسلام، وان متابعتهم في هذا الامر ليس فيها مصلحة الاسلام ولا المسلمين، بل ان ذلك يقضي الى التدخل في شؤون المسلمين، وصرفهم عما هم عليه من التمسك بالدين الى اشياء يتابعون فيها الغرب، في الحريات، وفي المساواة، وفي العلاقة بين الرجل والمرأة، وفي الامور المالية، وفي الامور الحقوقية والسياسية الى غير ذلك.
ففهم اصل حقوق الانسان يتوقف على فهم معنى قول الله جل وعلا :ولقد كرمنا بني آدم ، فان تكريم الله جل وعلا النبي آدم، كما قال العلماء، يرجع الى امرين الاول تكريم الله جل وعلا للنبي آدم في خلقته وخلقه، وفيما سخر له مما في السماء ومما في الارض، والله جل وعلا بين ذلك في الآية، والثاني تكريم الله جل وعلا ابن آدم ورفع منزلته عن الحيوان وعن غيره، وتفضيله على كثير ممن خلق تفضيلا في كل ما يتصل بسعادته، والمصالح التي تتوخى في عيشه وعلاقته بنوع الانسان، وانما جاءت الشرائع لبيان حق الله جل وعلا ، وحق العباد، فقول الله جل وعلا في اول الآية: ولقد كرمنا بني آدم وقوله في آخر الاية وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا هذا يرجع الى الخلق، ويرجع ايضاً الى التشريع والتنظيم، وما امروا به من عبادة الله وحده، ومن اتباع المرسلين والانبياء، فالحقوق التي تدخل تحت هذه الكلمة حقوق الانسان كما ذكرت لك، ترجع الى نوعين عند المستغربين، بل عند الغربيين الى الحرية والى المساواة، وكلمة الحرية هذه التي نادوا بها لا توجد مطلقة حتى في بلادهم، لان الحرية المطلقة من دون قيد في ان يفعل الإنسان ما شاء دون ان يحاسب على ما فعل، لا وجود لها في اي مكان من الارض، بل توجد الحريات حيث وجدت لكن تنتهي الى حد بعده يقال للناس ما بعده ممنوع لست حراً في ذلك، وهذا يعطيك تصوراً عن ان كلمة الحرية لا توجد على الارض الا نسبية، اما الحرية المطلقة في كل شيء، في المال، وفي السياسة، وفي القضاء، وفي التصرف في النفس، وفي الدماء، ومع الاولاد، فانها لا توجد كاملة بلا قيد في اي مكان من الارض، وانما توجد حرية تختلف البلاد فيها سعة وضعفاً، بحسب قوة اعطاء الحريات، وكلمة الحرية التي هي جزء من حقوق الانسان التي يدعون لا توجد مطلقة عندهم، واذا كان كذلك، واذا وضعوا لها القيود البشرية بمحض آرائهم، فنقول: ان هذا الاصل يدل على ان وضع القيد على الحرية محا كلمة الحرية من ان تكون مقبولة لكل انسان، فاذا كانت الحرية يمكن ان تقبل، ويركن اليها فينبغي ان تعطي الانسان حريته فيما شاء، فتكون منادياً بالحرية المطلقة، واما اذا قيدته في حرية دون حرية ظاهراً يعني قانوناً قيده، وباطناً ايضاً قيدته باستعمال خفي، وبتسلط على ماله، وعلى قدراته بأمور خفية، فانه لا يسلم ان تكون تلك الحرية مطلقة: اذاً فأساس الحرية التي نودي بها في حقوق الانسان يجب ان تنظر اليها من جهة ان الحرية لا توجد مطلقة، بل لابد ان تكون مقيدة، يعني ان الانسان ليس حراً في اي مكان من الارض، تام الحرية في التصرفات بما شاء، وانما له حدود يصفونها ويفصلونها، ومن اجل ذلك جاء ما يسمى بالبروتوكلات، وجاء ما يسمى بالايتيكيت، وجاء ما يسمى باشياء تمنع من لم يلتزم بها في الامور الرسمية في المراسم، وفي دخول الانسان بلباسه في اي مكان، وفي حضوره وفي كلامه، فهناك نوع من عدم الحرية موجود في كل مكان، وهذا يرجع الى ما رأوه انه لا يناسب ان يعطى الانسان حريته فيه، لمنافاته للذوق تارة، ولمنافاته للعلاقات تارة اخرى، ولمنافاته لحقوق اخرى من جهة ثالثة، اذاً فهذا الاصل، وهو ان الحرية في حقوق الانسان تكون مطلقة هذا منفي.
الامر الثاني: المساواة، والمساواة التي نادوا بها تعني مساواة الرجل بالمرأة في كل شيء، وتعني مساواة الناس جميعاً، في اخذ الحقوق، وفي اعطاء حقوقهم، واجرهم، وفي التعليم، وفي الصحة، والاستشفاء، وفي السفر، وفي تحديد المكان الذي يرغب ان يقيم فيه، في حدود دولته كما نصت عليه موادهم، وفي الغاء الرق الى آخر ذلك، وهذه المساواة منها ماهو مقبول، ومنها ماليس بمقبول، كما سيأتي بيانه ان شاء الله تعالى ، ولسنا هنا بصدد نقد ذلك الاعلان الوثائقي، وما تبعه من تصحيحات واضافات، لكننا بصدد بيان ان حقوق الانسان الكاملة، وحقوق الانسان العالية اعطاها رب الانسان للانسان، والبشر اذا اراد ان يعطي الحق لغيره، فانه لن يسلم من الهوى، فالذي يقنن القانون اياً كان، فانه سيدخل فيه هواه، ولهذا تجد ان القوانين الغربية، كالقانون الفرنسي والقانون الامريكي وغيرهما من القوانين، تخضع للتغير بين فترة واخرى، إما لان اول مانشأ القانون كان لاجل مصلحة إما للدولة في انشائه، او لنفوذ من الكبراء في تلك الدولة في بعض المسائل، وإما لتغير الزمان، تغير الزمان فتغيرت الاحوال، ولهذا بين الله جل وعلا ان حكم الجاهلية هو حكم الهوى، فقال سبحانه: وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم ، لان كل حكم يخالف حكم الشريعة، فلابد ان يكون قد تسلط عليه، الهوى فمنع من الصواب، والهوى لاشك يحرف عن اداء الحقوق على ماهي عليه إذا فتلك المبادىء قامت على أساس نظر بشري، يدخله الهوى، تمليه مصالح الدول الكبرى، ورغبتها في السيطرة على الدول الضعيفة، او الدول التي فيها خيرات.
واذا رأيت ما كان الناس عليه قبل مبعث محمد عليه الصلاة والسلام سواء العرب، عرب مكة وما حولها، او من في الجزيرة، او من في الشام، والعراق، ومصر، وفارس، والروم، وجدت ان باب سلب الحريات كان مفتوحاً على مصراعيه، وان المساواة منفية، بل ان شريعة الغاب هي التي كانت سائدة، فالقوي يأكل الضعيف او يتسلط الناس بعضهم على بعض؟ ولهذا قال ربعي لقائد الفرس، لما قال له: مالذي جاء بكم؟ يعني انتم عرب، مالذي جاء بكم الى ارض فارس، قال: ان الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد الى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا الى سعة الدنيا والآخرة، جاء النبي عليه الصلاة والسلام واوحي اليه بشرعة الاسلام، وامره الله جل وعلا بأن يصدع بالحق وان ينذر عشيرته الاقربين، ثم ينذر الناس جميعاً وجعل رسالته رحمة للعالمين، فقال: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين , لما بعث النبي عليه الصلاة والسلام كان المجتمع مجتمعاً تنفذ فيه الصراع الطبقي، والتميز الطبقي على اشده، فهذه القبيلة افضل من هذه القبيلة، وهؤلاء ارفع، وهؤلاء متسلطون على غيرهم، ونحو ذلك من الاعراف القبلية التي فيها تباين واضح وتفضيل بعض الناس على بعض، فجاءهم النبي عليه الصلاة والسلام بالاصل العظيم ، وهو قول الله جل وعلا : يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، فجعل الكرم والفضل والتميز لمن كان اتقى، لا للجنس، ولا للون، ولا للقبيلة، ولا للبلد، وانما جعل التفاضل بحسب التقوى: إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، وفي هذا المعنى قال نبينا عليه الصلاة والسلام لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ، وجاء في الاثر ايضاً: الناس سواسية كأسنان المشط ، وهذا كما هو معروف في التكليف، فقد جعل الله جل وعلا الناس سواسية في الخطاب الشرعي، لا فرق بين ذكر وانثى، وحر وعبد، وغني وفقير، الناس جميعاً مأمورون بتوحيد الله جل وعلا ومأمورون بامتثال اوامره، وتقواه بحسب الاستطاعة، وهذه مساواة كاملة في التكليف، كذلك لما جاء الاسلام الغى التفرقة بين الناس بل آل الامر الى المؤاخاة، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يؤاخي بين المهاجرين والانصار، بل ربما آخى بين حر وغيره في المدينة، بل جاء عن علي رضي الله عنه انه جعل سلمان الفارسي من اهل البيت، فصح عن علي رضي الله عنه انه قال: سلمان منا اهل البيت ويروى مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح مرفوعا، وانما يصح موقوفا على علي رضي الله عنه كما اخرجه الامام احمد وابو نعيم وجماعة, هذه المساواة، وعدم التفريق بين الناس من اجل الامور التي كان للاسلام فيها قصب السبق في مضمار حقوق الانسان واعطائه حقه من حيث انه ابن لآدم، فالجميع متساوون في حقوقهم امام الله جل وعلا ومتساوون ايضاً في اداء الحقوق والواجبات بينهم وبين الناس, فقد امر النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة على جمع غفير من المسلمين، وامر بعده اسامة بن زيد، وامضى ذلك اللواء ابو بكر الصديق رضي الله عنه ولما فتح المسلمون الامصار، وانتشر الاسلام آل الامر الى ان يكون من الاعاجم، من ابناء فارس وغيرهم علماء اجلاء في مختلف العلوم والفنون، وان يكون منهم
ائمة المساجد، يستقي الناس منهم العلم، بل جاء في تاريخ الاسلام ان كثيراً من الاعاجم قادوا المسلمين في العلم والفتوى، وقادوا المسلمين في امور كثيرة، فمن امثلة العلماء الذين كانوا قادة في العلم: ابو حنيفة رحمه الله تعالى والامام البخاري رحمه الله تعالى الذي صار كتابه الجامع اصح الكتب بعد كتاب الله تعالى، ولا احد المسلمين الا ويعرف الامام ابا عبدالله محمد بن اسماعيل البخاري، والامثلة غير البخاري وغير ابي حنيفة من ائمة الاسلام كثيرة، اذاً لما عمل الناس بتعاليم الاسلام ألغيت الفوارق، وصار هؤلاء الاعاجم قادة للعرب وائمة للعرب، وصاروا مقدمين، لم؟ لانهم حملوا الدين، ورفعوا راية التوحيد، وراية لاإله إلا الله محمد رسول الله ولا فرق بين اعجمي وعربي الا بالتقوى، والمسلمون لما كانوا متأدبين بآداب الاسلام لم يكن بينهم ذلك النزاع الطبقي، وذلك النزاع والفروقات الجاهلية، لانهم لم يقبلوا بامامة هذا، ولم يقبلوا بتقدم هذا، بل سلموا للجميع، لان الناس في هذا المقام سواء، الى ان آل الامر الى ذهاب الدولة: القرشية، والدولة الاموية، والدولة العباسية، ونشأت دولة المماليك، ثم نشأت دولة بني عثمان يعني في اولها حين كانت صالحة، ودان المسلمون لهم، وصاروا هم القادة وهم الامراء، لانهم رأوا ان في ذلك مصلحة شرعية، وتحقيقاً لمصالح العباد, إذاً فأول من الغى التفريق الطبقي، ومارسه فعلاً، وارشد الناس اليه، بل صار الجميع لا حرج في صدورهم من تطبيقه، هو الاسلام، وتاريخ الإسلام غني بهذا, إذاً فالاسلام هو الذي اصل هذا الاصل العظيم، اصل المساواة، وتاريخه يشهد بهذا، اما جانب المساواة في الحقوق فلا شك ان الشريعة قد حققته على اكمل الوجوه واتمها, وفي الشريعة امران مهمان، الاول: المساواة، والثاني: العدل، اما العدل فواجب مطلقا, وأما المساواة فتجب في ابوابها وليست مطلقة وتوضيح ذلك: أن العدل هو اداء الواجب، واعطاء كل ذي حق حقه بلا تعد في ذلك، فهذا هو العدل الذي امر الله جل وعلا به امراً مطلقاً، فقال: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ، فالعدل ان يعطى كل صاحب حق حقه، هذا هو العدل بين الناس، فلا يحرم احد من حقه، لاجل انه كذا وكذا، بل يجب ان يعطى حقه بما يناسب مقامه، ولهذا جاءت الشريعة بعدم تساوي الناس في ارتكاب المخالفات التي هي دون الحدود، فصح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود ، وهذا فيه ترك للمساواة في هذا الامر، وذلك للمصالح الشرعية العظيمة المترتبة على ذلك، وكان عمر رضي الله عنه لا يساوي في العطاء اهل بدر مع غيرهم، بل كان لا يساوي في العطاء من بيت المال بين السابقين الى الإسلام والمتأخرين، بل اعطى كل احد ذي حق حقه، واعطى كل واحد بحسب سابقته، وهذا هو العدل، لان التسوية بين الناس مع اختلافهم في نصرة الاسلام، واختلافهم في قدراتهم ليست مشروعة ، بل المشروع هو العدل، اما المساواة في الشرع فمأمور بها في الحقوق، وفي امور كثيرة مثل الحقوق القضائية في القضاء، واخذ الحق، فيجب على الناس، وعلى الدولة، وولاة الامر، وعلى القاضي ان يكون الناس عنده سواسية لا يفضل احدا على احد، حتى اذا اتى عند القاضي المسلم وغير المسلم، فانه لا يميز المسلم على غير المسلم في مجلس القضاء، لان هذا مجلس عدل وحكم، والناس سواسية فيه، وهذا حق مطلق للانسان في ان يحكم بشريعة الاسلام بأن يحكم ويأخذ حقه بقوة القضاء، وقد قال جل وعلا :فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئاً يعني اهل الكتاب وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين,, الآيات، هذا هو الحق، فالواجب ان يتساوى الجميع في اداء الحقوق، وهو حق اعلنه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اعظم اعلان في مسائل كثيرة، اولها: في بيان سبب هلاك اليهود، وان اليهود هلكوا لما فرقوا في الاحكام الشرعية، والحدود، والقضاء بين الشريف والوضيع وبين ذي المكانة في القوم وغيره فقال عليه الصلاة والسلام : وايم الله لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ، فدماء المسلمين واموالهم واعراضهم متكافية متساوية، فليس ثم تفريق بين عرض وعرض، وليس ثم تفريق بين دم ودم، وليس ثم تفريق في القضاء وفي الشريعة بين حق مالي وحق مالي، بل الجميع سواسية امام شرع الله جل وعلا ، ولهذا ربما مكن النبي صلى الله عليه وسلم من اخطأ عليه من نفسه، ليقتص منه، بل قال عليه الصلاة والسلام رحمة بأمته:اللهم أيما عبد مؤمن سببته فاجعلها عليه رحمة وتعرفون قصة الصحابي في بدر لما عرض النبي صلى الله عليه وسلم الصفوف ووجد صدره بادياً، فلكزه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أقدني يا رسول الله، ففتح له النبي عليه الصلاة والسلام ، بطنه، فقبل بطنه ذلك الصحابي، وقال: اردت هذا، او كما جاء في الحديث, اذاً فالناس سواسية في الحقوق القضائية سواء اكانوا مسلمين ام غير مسلمين، حقهم في القضاء، واخذ الحقوق لهم في شريعة الإسلام واحد لا يختلف الناس في ذلك فلا نأخذ الحق للمسلم على النصراني، ولا نأخذ الحق للمسلم على اليهودي، بل بالبينات: اد الامانة الى من ائتمنك، ولا تخن من خانك: وان احكم بينهم بما أنزل الله ، والله جل وعلا امرنا ان نكون قوامين بالقسط شهداء لله، ولو على انفسنا وقال جل وعلا : ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ، وفي عهد الصحابة رضوان الله عليهم كان يأتي اليهودي والمسلم الى مجلس القضاء، فلا يميز المسلم على اليهودي في المجلس، بل هم من جهة الحكم الشرعي، ومن جهة القضاء سواسية، فهذا خصم وهذا خصم، فواجب ان يكونوا سواء، وألا يكون هناك حيف، لم؟ لانه اذا وجد التميز في هذه المسائل دب الفساد الى الارض، والله جل وعلا امرنا باصلاحها، ونهانا عن افسادها، فقال سبحانه :ولا تفسدوا في الارض بعد إصلاحها وادعوه خوفاً وطمعاً او اصلاح الارض يكون بالعلم برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وبأداء الحقوق الشرعية التي جاء بها نبينا عليه الصلاة والسلام، واعظمها التوحيد ، وترك الشرك، وفسادها يكون بالتفريط في حق الله جل وعلا اولاً، وبالتفريط في حقوق الخلق، فيدب الفساد في الارض شيئاً فشيئاً حتى يحل غضب الله جل وعلا:ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ثم ان الناس في بلد الاسلام، بل الناس في الارض كلها في الشريعة اقسام:
الاول: المسلم
والثاني: الكافر الذمي يعني اليهودي والنصراني او اهل الكتاب الذين لهم ذمة، وهذه لها تعريفات عند الفقهاء.
والمعاهدون هذا قسم ثالث، والمستأمنون هذا قسم رابع، والحربيون قسم خامس، فتبين بهذا ان اقسام غير المسلمين في الارض اربعة اقسام، لان غير المسلم إما ان يكون ذمياً وإما ان يكون معاهداً، وإما ان يكون مستأمنا، وإما ان يكون حربياً، وقد امر النبي صلى الله عليه وسلم بأداء الحقوق لهؤلاء، بل امر الله جل وعلا بأداء الحقوق لغير المسلمين في كتابه اذا لم يكونوا حربيين مظهرين للعدواة، فقال جل وعلا : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون فالحق الذي للذمي ثابت في الشريعة، فلا يعني كونه كافرا ان نهضمه حق الانسانية، بل هو حق جعله الله جل وعلا له ، قال عليه الصلاة والسلام : من آذى ذمياً فقد آذاني او كما جاء في الحديث، وصح عنه عليه الصلاة والسلام انه قال: من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة ، لماذا؟ لان المسلمين يسعى بذمتهم ادناهم، وهذا المعاهد قد جاء بعهد، وجاء بأمان، وكان في بلاد الاسلام بأمان وعهد، فالواجب الا يعتدى عليه في نفسه، وألا يعتدى عليه في دمه، والا يعتدى عليه في عرضه، والا يعتدى عليه في ماله، فالحقوق واجبة له شرعاً، والنصوص في اداء حق اهل الذمة وحق المعاهدين وحق المستأمنين متعددة، وكلام العلماء في ذلك كثير.
اما الحربيون فهم الذين بيننا وبينهم حرب، فهؤلاء بيننا وبينهم حرب في احكام كثيرة تتعلق بهم، وحتى لو تمكنا منهم، فانهم اذا كانوا اسارى فانهم يكرمون، واذا تمكنا منهم فانه لا يقتل الوليد، ولا يقتل الطفل، ولا تقتل المرأة، ولا يتقل منهم الشيخ العجوز ونحو ذلك من الامثلة، مع ان في شرائع اخرى يقتل الجميع كما ذكر ان في شريعة موسى عليه الصلاة والسلام ان الجميع يقتلون في حال الحرب, اما شريعة الاسلام فالله جل وعلا قضى فيها لما في ذلك من المصلحة لامتداد الشريعة الى قيام الساعة بألا يقتل من المحاربين الا المقاتلة فقط، واذا اسر فان للاسرى احكاماً كثيرة.
اما الذمي في دار الاسلام فله حقوق اذا كان في بيته فانه يمارس ما شاء، لكن ليس له ان يعلن في شارع المسلمين، او ان يظهر شيئاً من المحرمات، وليس له ان يظهر دينه يعني هذا في المعاهد والمستأمن، اما الذمي ففيه تفصيل الكلام، كما اذا كان في ارض قد فتحت، وفيها الكنائس والبيع كما في بلاد الشام وفي مصر والعراق ونحو ذلك، لكن في العموم مثل الحالة عندنا في هذه البلاد ليس له ان يظهر، وكذلك حتى في البلاد الاخرى ليس له ان يظهر ناقوساً، وليس له ان يظهر صليباً، وليس له ان يظهر شرب الخمر، وليس له ان يجاهر بالزنى، فهذه الامور ليس له ان يظهرها في بلاد المسلمين، ولكن ان شاء ان يشرب الخمر في بيته فله حق ان يحفظ سره، وان شاء ان يفعل في بيته ما شاء فهذا له، والشريعة تحفظ له هذا الحق، لكن الاعلان به ممنوع، فلا يجوز له ان يظهر في بلاد المسلمين ما يخالف شريعة الاسلام، اما اذا استتر بذلك فاننا لا نبحث عنه، وايضاً في ممارستهم المالية كأن يأتي تجار يستأذنون عمر فيبقيهم في المدينة، ولا يمنحهم ان يمكثوا اكثر من ثلاث ليال، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يبقى اليهود والنصارى في جزيرة العرب، ويتاجروا، وينتفعوا الى غير ذلك من أداء الحقوق المالية, ومن هذا العرض السريع يتضح ان شريعة الاسلام اعطت الحقوق المالية والمساواة والعدل في أبواب كثيرة، تجلت في أروع صورها في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم في عهد الخلفاء الراشدين، هذا قسم,
أما القسم الثاني الذي يتعلق بحقوق الانسان، فهو متصل بالحريات، والحريات كما ذكرت لك لا توجد الا مقيدة، والحرية الشخصية تتنوع فمنها حرية المرء في تصرفاته المالية، ومنها حرية الانسان في تصرفاته في سفره واقامته، وفي اختياره للبلد الذي يعيش فيه ونحو ذلك، ومنها الحرية السياسية التي يعبر عنها بهذا التعبير، ومنها الحرية الدينية بأن يختار أي دين له فهذه الحريات تطرقت اليها مواثيق حقوق الانسان.
وأما الشرع كما ذكرت لك فانه لا توجد حرية مطلقة، لأن جعل الناس احرارا مطلقا يتصرفون كيف يشاؤون في أي مجال من المجالات مضاد لمصلحة الناس بأجمعهم ومعلوم ان مصلحة الناس، ومصلحة المجتمع، ومصلحة الأمة مقدمة على مصلحة الفرد بخصوصه باتفاق الشرائع، وباتفاق المبادىء، لهذا كفل الاسلام وكفلت شريعة الاسلام للانسان الحرية العظيمة في أمور كثيرة، لكن بحيث تصب هذه الحرية في المصالح التي جاء الاسلام برعايتها، والمعلوم لديكم ان الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وبدرء المفاسد وتقليلها، وأيضا جاءت بالمحافظة على الضروريات الخمس التي لا تستقيم حياة الناس الا بالمحافظة عليها، وهي المحافظة على الدين، والمحافظة على النفس، والمحافظة على المال، والمحافظة على العقل، والمحافظة على النسب أو العرض، هذه الضروريات الخمس جاءت الشريعة بالمحافظة عليها، والا فان الناس في اكثر شؤونهم احرار في شريعة الاسلام.
ومن أوجه الحرية التي كفلها الاسلام للانسان انه حر في تصرفاته المالية لكن بشرط ان يكون راشدا، ينفق ماله في ما فيه صلاحه، أما اذا أراد ان يفسد ماله بما يعود عليه بالضرر، فانه يحجر عليه، وثم باب معروف في الفقه اسمه: باب الحجر، حتى الرجل الكبير اذا اساء التصرف في امواله بدل ان يحفظها لنفسه أو لأولاده، ويحسن تصرفه فيها فانه يبذرها كيف يشاء، ثم يبقى هو عالة على غيره، فهذا اذا احتج اهل المصلحة اولاده أو احتج أقرباؤه على تصرفاته فانه يحجر عليه في ماله.
ولا يقال ان ورث مالا كثيرا فانه يمكن منه، لأنه لا يعقل ان يمكن ذو ثماني سنين، أو عشر سنين من شراء سيارة على هواه، أو السفر والتصرف في أمواله كيفما يشاء، من أجل ذلك جعلته الشريعة تحت ولاية الولي يفعل في مال اليتيم ما هو الأصلح، وقد قال جل وعلا في حال هؤلاء: فان آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم ، والرشد هو معرفة التصرف والصلاح في المال فتبين ان ثمة حرية كبيرة في المال، بحيث يمتلك الانسان ما شاء من المباحات، ويتصرف في ماله كيف يشاء في حدود رشده وما فيه مصلحته ومصلحة من يعول.
أما اذا خالف ذلك فان الحرية هنا تنقص، لماذا حبست الحرية مع ان له الحق في ان يتصرف في ماله؟! لأنه لو أعطي هذا الحق وتصرف في ماله كيف شاء، لأوقع الضرر على نفسه والمرء اذا أراد ان يضر نفسه، فانه واجب على الجميع ان يمنعوه، ويراعوا مصلحته، لماذا؟ لأن المسلمين في شريعة الاسلام اخوة، فالمؤمون اخوة يسعى بذمتهم ادناهم يتكافلون ويتناصحون، فليس للمرء ان يفعل في امواله ما يشاء، وان يرتكب ما يضره في دنياه أو في آخرته، اذن فالحرية المالية مكفولة، ومنع الانسان من تصرفه بماله كما ترون من تطبيقها مثلا في مجتمعنا قليل جدا ونادر ان يحجر على المرء تصرفاته المالية، والأكثر ان يتصرف في المال كيف يشاء اذا كان في حدود ما أذنت به الشريعة.
ومثال آخر من الحريات الحرية التي تسمى الحرية السياسية، وهذا المصطلح ورد ومورس في الغرب، ويريدون به الانتخابات الديمقراطية، والانتخابات الديمقراطية تارة تكون عادلة وتارة تكون بتأثير، لأن الناس الذين ينتخبون, وانتم ترون الآن في الدول المتقدمة التي تمارس هذه الانتخابات بالدعايات والترويج لها، فصاحب المال الذي يكون أكثر دعاية ويستطيع ان يقنع الناس، فانه يكسب الأمر، وقد لا يكون الاصلح فعلا، لكن الناس انتخبوه لظنهم انه هو الاصلح، وهم يخدعون الناس جميعا، لأنهم لا يعلمون مصالحهم، ولا يعرفون من يختارون، ثم ان ادراكات الناس مختلفة، بل ان اكثر الناس ليسوا من ذوي العقول الواعية، وليسوا ممن يعرف مصالح العباد ويعرف مصالحهم الدنيوية، ومصالح الامة الخاصة، ومصالح الامة العامة، فأكثر الناس لا يدركون هذا، ولهذا دخل التأثير في نتائج هذه الانتخابات، وكان ممن يؤثر في الانتخابات بالمال الجهات اليهودية والصهيونية التي تمتلك من المال ما يفوق الوصف، فتؤثر في الانتخابات هنا وهناك، مما يترتب على هذه الانتخابات وجود برلمانات لا تخدم دائما مصالح الامة في تلك البلاد.
أما في الشريعة الاسلامية وفي تاريخ الاسلام، وفي تطبيق الاسلام، في عهد خلفائه الراشدين فانه جعل امر الولاية لأهل الحل والعقل، ولم يجعلها للناس جميعا فالامام هو الذي يختار الاصلح لتولي هذه الامور، فالشريعة لم تجعل الناس سواسية في هذا، يستوي أجهل الناس مع أعقل الناس، ويستوي الذي لا يعرف أحكام الشريعة مع العالم في اختيار الوالي، هذا له صوت، وهذا له صوت، هذا لم تأت به الشريعة، ولو كانت المساواة بهذا الفعل لكان هذا من المساوىء، بل جعلت الشريعة، الأمر الى أهل الحل والعقد، ولهذا لما توفي ابو بكر رضى الله عنه نص على عمر، وعمر رضى الله عنه جعل الولاية في أهل الشورى, وهذا موضوع يطول.
اذن فالحريات السياسية التي يزعمون، والبرلمانات والانتخابات على هذا النحو الموجود، هم لم يطبقوه في كل مكان اولا، وايضا ليست المصلحة حتى في بلادهم الا في ارضاء الناس، أما المصلحة الفعلية فقد تولى من الرؤساء ومن يلي أمور البلاد الغربية من ليس أصلح الموجود، لكن الناس هكذا أرادوا,ومما يتصل ايضا بموضوع الحريات السياسية على حسب مصطلح القوم انهم يريدون بالحريات السياسية ان يكون لأي فئة من الناس تكوين حزب، وهذا الحزب ينشأ في الناس وينشط ويؤثر في السياسة العامة بحسب توجهات الحزب، لهذا وجد في الدول الغربية والدول الشرقية أحزاب متضاربة، فهذا حزب ديمقراطي، وهذا حزب جمهوري، وهذا حزب اشتراكي في بعض الدول، وهذا حزب للعمال,, الى آخره.
وهذه تتنافس، فاذا انتصر الحزب في شيء ما نفذ اغراضه وفكرته وآراءه السياسية والوجودية والقضائية، نفذها في الناس جميعا، ولذلك تجد ان انتصار حزب على حزب لما تكونت الحريات التي يسمونها السياسية ليس فيه رضا الناس، بل تجد ان اصحاب الحزب يبقون راضين، وأما غيرهم فيودون ان هذا الحزب لم ينتصر، ويذمون افعاله، ويذمون آراءه فاذا تمكن الحريات السياسية على حسب ما وضع عندهم جعل هناك منافسات بين احزاب سياسية قد لاتقود البلد الى فكرة واحدة، والى مصلحة واحدة، وقد لا تقود الناس الى الرضا بتصرفات الدولة جميعا، مما يترتب عليه اضرار كبيرة اذ ينتصر حزب بحكم الحرية السياسية والديمقراطية ثم لا يقبل به، وامامكم تجارب عظيمة في ذلك، لما انتصرت بعض الاحزاب الاسلامية في الجزائر، وفي تركيا لم ترض الدولة بذلك، لأن الحكم عسكري، وهم يريدون ديمقراطية، وحقوق انسان، لكن اذا انتصر الاسلاميون فان هذا غير مقبول، ولهذا حتى حقوق الانسان والامم المتحدة، وحتى الدول الغربية لم تمارس حقوق الانسان بحسب ما أعلن، بل تخلفوا عن كثير منها في المبادىء التي نادوا بها، والكلام يطول في ذكر مخالفات الدول الغربية والامم المتحدة والكفرة بأنواعهم، والمنافقين لما تزعموه من حقوق الانسان في الحرية السياسية.
أما الشريعة فجاءت بشيء عظيم من هذا الباب، بشيء أعظم من كل التجارب التي مرت بالبشرية، وهو مبدأ النصيحة، والتعبد لله جل وعلا بنصيحة ولاة الامر، فان نصيحة ولاة الامر فرض شرعي، كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم فأئمة المسلمين نصيحتهم واجبة، ولا خير فيهم اذا لم يسمعوا النصيحة، ولا خير في المؤمنين ايضا اذا لم يقولوا النصيحة، لكن كيف تصل هذه النصيحة؟ ان قنوات وصول هذه النصيحة غالبا ما كانت في زمن الاسلام الاول كانت عن طريق اهل الحل والعقد واهل الشورى الذين يستطيعون ان يعرفوا ما يناسب مما لا يناسب في هذا الباب، فالحرية التي نادت بها تلك المبادىء لا يجوز ان يقال بها في الاسلام، حرية الدين وحرية التفكير، أما حرية الدين فهم يقولون للانسان ان يختار اي دين شاء، يعني اذا كان تديناً في نفسه، ليس فيه تعد على الآخرين أو ممارسات متعدية، فله ان يختار أي دين شاء، أما دين الله جل وعلا الذي انزله سبحانه وتعالى على رسوله، وهو الاسلام، فهو الدين الحق، ولذلك من اختار الاسلام دينا، وصار مسلما، فانه لو اراد ان يقول:
انا حر اختار غير هذا الدين، فانه لا يقر عليه لماذا؟ لأنه اصبح كالمجنون الذي لا يعرف مصلحته، فمصلحته انما هي في دين الاسلام، في الدنيا وفي الآخرة، ولو سمح له بالانتقال لسمحنا له ان يكون من أهل النار، لذلك فانه من ارتد عن دينه فانه يقتل، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه ، فأي مسلم اختار غير دين الاسلام فانه يجب قتله، ومن يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه .
أما غير المسلم فانه يختار الدين الذي يشاء لا نكره الناس على ان يكونوا مؤمنين، والنبي صلى الله عليه وسلم أقر اليهود والنصارى على ديانتهم ولكن دعاهم وأمرهم ونهاهم، ولما فرض الجهاد خيروا بين ثلاث خصال، بين ان يجاهدوا، أو ان يدفعوا الجزية، ويقروا على ما هم عليه الى آخر ذلك، اذن فالحرية الدينية مكفولة لكن بشرط ان لا يكون تم انتقال من الاسلام الى غيره، لأن الاسلام هو الدين الحق، والشريعة جاءت بحفظ مصالح الناس، وتغيير هذا الدين يدل على ان من اختار ذلك غير راشد, ومن الحريات التي ذكرت وهي ممنوعة في الاسلام، على اطلاقها التي هي حرية التفكير، وحرية التعبير عن الرأي، أي ان: كل انسان حر، ومن حقوقه ان يبدي، أي فكرة يريد ان يبديها، وأي رأي يريد ان ينشره، فانه لا يحاسب عليه,
وأما في الشريعة فهذا غير صحيح، فلم تعط الشريعة لأحد ان يقول ما شاء، وذلك ان الناس مختلفون في استعداداتهم، والشريعة جاءت بتعبيد الناس لربهم جلا وعلا وليسوا في الادارك سواء, فاذا مكن الافراد على ايراد الشبهات على من كان ضعيف الايمان، وليس عالماو مؤهلا لرد شبهة الشيطان فان ذلك يفضي الى مفاسد عظيمة عامة، ولهذا لما جاء صبيغ بن عسل الى المدينة، وصار يدور على الناس ببعض الاسئلة التي فيها ذكر متشابهات من القرآن، ويقول ما الذاريات ذروا، وما الحاملات وقرا؟ ما المراد بكذا اتاه عمر رضى الله عنه وعلاه بالدرة، والدرة بالكسر هي العصا، أي ضربه بالدرة، وقال له: انت تقول كذا وكذا وتفشي في الناس ذلك, قال:
نعم، شيء أجده في رأسي، يعني لماذا تمنعني، فعلاه بالدرة عمر رضي الله عنه الى ان قال: يا أمير المؤمنين، ذهب الذي كنت أجد, يعني عافاني الله, وفهمت، ولم يعد عندي شبهة، فنفاه عمر رضى الله عنه وأوصى بأن لا يخالط الناس حتى لايؤثر فيهم,
لماذا ,,, ؟
لأن الشريعة بعثت الرسل، لماذا؟ لتعبيد الناس لربهم جل وعلا فاذا وجد من يريد ان ينشر ما شاء، ويفسد في الناس, كان مضادا لأصل بعثة الرسلك فبعثا نبينا عليه الصلاة والسلام لتعبيد الناس لربهم جل وعلا بتحقيق حقائق الاسلام بالعبودية لله جل وعلا رب العالمين.
فاذا اتى أحد يريد ان ينقض هذا الاصل، أو ان يحفر من تحت حتى يسقط البناء ولو باثارة الشبهات فيجب ان يضرب على يده، فليس عندنا في الاسلام حرية مطلقة في التعبير عن الرأي، فهناك أشياء تعبر فيها عن رأيك، ما لم تكن قادحة في السنة، ولا في القرآن، ولا في أصول الاسلام,
أما اذا اتى ايراد الأفكار بما يطعن في الدين، أو يذهب هيبته، أو يبعد الناس عن التعبد لله رب العالمين، فهذا مناقض لأصل البعثة التي هي تعبيد الناس لرب العالمين, ومما ينبه عليه ما ذكرته لك من اننا جميعا لسنا في استعداداتنا سواء، وجملة الناس عاطفيون، فليسوا جميعا علماء يقومون الأمور بالدليل والبرهان والمصالح والمفاسد، بل ان عامتهم يأخذون الكلام الذي يؤثر، حتى ان القاضي قد يتأثر، لكون أحد الخصمين ألحن بحجته من بعض، فيقضي على نحو ما يسمع، كما ثبت في الصحيح ان النبي عليه الصلاة والسلام قال: فيما معنى الحديث يأتيني احدكم فيكون ألحن بحجته من الآخر، فأقضي له، وانما اقضي على نحو ما أسمع، فايما امرىء قضيت له من حق أخيه شيئا، فانما هو قطعة من النار، فليأخذ، أو ليدع، أو كما قال عليه الصلاة والسلام فاذا فتح باب حرية الرأي بما يؤثر على الناس في دينهم، فان ذلك يذهب الديانة، ويضعف الاسلام ويذهب آثار البعثة، واقتناع الناس بدين الله رب العالمين,
وانتم ترون الآن الدول التي فتح المجال فيها للآراء على اختلاف انواعها كيف ان الناس اخذوا يتأثرون بكثير من الأفكار، وابتعد كثير منهم عن دينهم, نسأل الله السلامة والعافية, اذن فأكثر الناس عاطفيون يأخذون الكلام على عواهنه دون تمحيص، ولا يعرفون وجهة النظر الأخرى، ولا شك ان ثم واجبا على العلماء ان يبينوا فساد قول كل صاحب مقالة فاسدة، لحماية الدين، والدفع عن دين محمد عليه الصلاة والسلام لكن هذا لا يتاح دائما، فلو قيل بحرية الرأي مطلقا لصار ذلك سببا لإفساد عقائد الناس، وديانتهم، لأن الناس ليسوا في مستوى رد الشبهة, فاذن نقول: ان الديانة شريعة الاسلام جاءت بحفظ حقوق الانسان، سواء أكان هذا الانسان والدا أو ولدا أو زوجا أو زوجة، أو اماماً، أو رعية، أو قاضيا، أو مقضيا عليه، أو واليا، أو مولى، أو أميرا، أو مأمورا، أو حراً، أو عبدا، ذكرا، أو انثى، جاءت الشريعة بحفظ هذه الحقوق، وقد تبين ذلك واضحا من المحاضرات التي مضت، والتي ستأتي كما تبين ما كفلته الشريعة لأنواع الانسان من الحقوق، كحق الوالد وحق الوالدين، وحق الاولاد، وحق الزوج وحق الزوجة، وحق الانسان على الانسان، وحق المسلم على المسلم، وحق الكافر، فان الكافر له حق أيضا, اذا كان جاراً لك، كما ان المعاهد له حق المعاهدة، وحق الاستئمان فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا طبخ مرقة في بيته أرسل لجارهم اليهودي منها، لمصلحة شرعية, فاذن الشريعة كفلت الحقوق, كلها: الحقوق المالية، وحقوق الجوار، والحريات، لكن بما يخدم المصلحة التي جاءت الشريعة بتحقيقها.
والشريعة لم تأت لتحقيق مصالح الدنيا فقط كما هي مبادىء الكفار, وانما اتت لتحقيق مصالح الدنيا والآخرة، ففيها صلاح المعاش وصلاح المعاد، وصلاح الدنيا، وصلاح الآخرة، فهذه جمل يسيرة فيها ذكر أصل هذا الموضوع المهم، وهو موضوع حقوق الانسان، وكل ما ذكرته لك لا يفي بهذا المقام، ولا يمكن ان يغطي كل جوانبه، لكن يفتح لك بابا الى فهم هذه الكلمة التي يكثر تردادها، ولابد من اليقين من ان أي بلد تعظم فيه الشريعة، وتعلو فيه الشريعة، وتطبق فيه شريعة الاسلام، فانه يكون هو الأحفظ لحقوق الانسان وكلما ضعف تطبيق الشريعة في بلد، فهو الضعف في تحقيق حقوق الانسان، لأن حقوق الانسان الشرعية، مرتبطة بتحقيق الشريعة، في حياة الناس، فاذا حققت الحقوق القضائية والحقوق المالية، والعدل بين الناس ورد المظالم والحريات التي أذنت بها الشريعة فهذا يعني ان الناس اخذوا حقوقهم، وان الانسان في هذه الدار اخذ حقه.
ومعلوم ان اكمل تطبيق لحقوق الانسان هو عصر النبي عليه الصلاة والسلام وعصر الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وأرضاهم وفي كل دولة من دول الاسلام التي مضت الأموية، والعباسية الى زماننا الحاضر، كلما كان تطبيق الشريعة أكثر وأعظم كان حفظ حق الانسان أعظم وأكثر,
هذه لمحات موجزة قصيرة في هذا الخضم الواسع,
أسأل الله جل وعلا ان يجعلنا من الدعاة الى دينه، ومن المصابرين الصابرين، وان يجعلنا من أنصار شريعته، ومن حملة العلم ومحصليه، ومن الذابين عن سنة سيد المرسلين وشريعة رب العالمين، انه سبحانه جواد كريم، أسأل الله جل وعلا ان يغفر لي ولكم ذنوبنا، اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا، في امرنا، وكن لنا يا ربنا ولا تكن علينا، اللهم هيىء لنا من أمرنا رشدا، اللهم حبب الينا الايمان، وزينه في قلوبنا، وكره الينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهم انا نسألك ان تجعلنا من اتباع الحق، ومن القائمين به، ومن الذابين عن دينه، اللهم وفقنا لما فيه رضاك وجنبنا ما تسخطه وتأبى يا أكرم الأكرمين، اللهم وفق علماء المسلمين لرد كيد الكائدين، ولنصرة الدين، اللهم ألهمهم رشدا في أقوالهم، وفي أعمالهم، واجزهم خيرا، اللهم وفق ولاة امورنا لما تحب وترضى، واجعلنا واياهم من المتعاونين على البر والتقوى، وهيىء اللهم لهم البطانة الصالحة التي تدلهم على الخير، وتحثهم عليه، وباعد بينهم وبين بطانة السوء التي تأمرهم بالشر وتحثهم عليه، انك أكرم الأكرمين، وأجود الأجودين، وصلى الله وسلم وبارك على النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved