أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 17th April,2000العدد:10063الطبعة الأولىالأثنين 12 ,محرم 1421

الاقتصادية

الأمير عبدالرحمن العبدالله الفيصل لـ الجزيرة
صحافتنا الاقتصادية تطرح موضوعاتها بسذاجة
أين حرية المنافسة إذا كان هناك حد أعلى لا يعلى عليه؟
كيف يمكننا بمثل هذا النوع من الشركات أن نواجه الجات؟
* حوار: أحمد الفهيد
صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن عبدالله الفيصل شخصية غنية عن التعريف في مختلف الأوساط الاقتصادية والاجتماعية والرياضية.
فشخصية سموه الاقتصادية الجادة وكفاءته الادارية المتميزة مع ما يتمتع به سموه من عقلية مفتوحة لسماع الرأي الآخر في اسلوب لا تنقصه الصراحة كل ذلك جعل لحوارنا هذا نكهة خاصة وعمقا اقتصاديا خصوصاً وان هذا الحوار، حوار لم يتم الترتيب له، ولكنه كان حوارا جادا، ونقدا حادا للذات.
كان لقاؤنا بسمو الأمير عبدالرحمن الفيصل في احدى المناسبات العامة ودخلنا معه بأريحيته المعهودة في حوار أصبح له متابعون بعد دقائق من بدايته.
في هذا الحوار ناقشنا وبصراحة أمورا كثيرة بداية من السعودة والتصدير وشركات الاسمنت مرورا باتفاقية الجات والمنافسة الدولية وحتى الصحافة الاقتصادية وآليات العمل الصحفي.
في البداية حاولنا ان نطرح سؤالا يكون بمثابة قاعدة ننطلق منها لبقية اسئلتنا الا ان اجابة سموه التي لا تنقصها الصراحة ألغت خريطة حوارنا المبدئية لنستبدلها بحديث حر لا يعرف حدود السؤال والجواب حيث كان سؤالنا.
** تنافس صناعاتنا المحلية نفسها من أجل الوصول الى قدرة تنافسية عالمية، كيف ترون هذه المنافسة باشكالها المختلفة ضمن سعيها المستمر لتنويع الصادرات؟
* للأسف فاشكال تنافس صناعتنا المحلية مجوفة ولا تؤهل بوضعها الحالي رهانا للمنافسة الاقتصادية, أما من ناحية التطوير فيجب ألا ننظر له على انه ترف استثماري بقدر ما هو ضرورة وخيار استراتيجي يهدف الى توسيع قاعدة السوق وتصريف فائض السوق وبالتالي المحافظة على توازن السوق,, واريد هنا ان اتحدث عن تجربتنا في الاسمنت وفي القصيم تحديدا، وأقول كيف يمكننا تبني خيار التصدير كهدف تسويقي أو حتى كهدف تنافسي ونحن نستثمر في منطقة داخلية ولا نشرف على ساحل وفي ظل السعر الحالي فان النقل لأقرب ميناء سيرفع تكلفة المنتج بعد اضافة تكاليف النقل الى ما يقارب 50%؟! بحسبة بسيطة تجعلنا خارج سوق المنافسة تماما؟!
** حسنا,, ألا يمكن ان يتم نقل المواد الخام أو الاسمنت السائب بحيث تتم تعبئته وتصديره من مدينة ساحلية لكي لا نضطر لأن نكون بلد صناعاته ساحلية؟
* لا أبداً,, انا اتحدث هنا عن صناعة الاسمنت وليس عن الصناعات الأخرى، فالنقل بالنسبة لي يضيف للتكلفة 50% فقط للوصول للميناء؟ ثم كيف انقل مواد خام للميناء؟! هل تقصد ان انقل كلنكر خام واطحنه هناك واعبئه هناك ايضا؟ انت تعني انشاء مصنع هناك وهذا غير وارد لأن هناك شركة تقوم بهذا الدور في تلك المنطقة؟! ارجو ان نكون واقعيين في طرحنا وعمليين في حلولنا، فمشاكل التصدير تواجه عقبات حقيقية لا تحل الا بحلول حقيقية وليس بحلول رومانسية كالتي تطرحونها انتم الصحفيين.
أنتم خلقتم مشكلة الأسمنت
** وعلى الرغم من ان اسئلتنا التي نطرحها لا تمثلنا بقدر ما نتقمص فيها آراء القارىء العادي والقارىء المتخصص اضافة الى اصداء السوق، الا اننا قد نتفق مع ضيفنا في رومانسية بعض طروحات الصحافة الاقتصادية.
وفي محاولة منا لرسم صورة أكثر واقعية لوضع شركات الاسمنت التي تعاني من بعض المشاكل والتي ربما يكون من أبرزها مشكلة الزيادة الكبيرة في حجم الانتاج من الكلنكر والاسمنت وهي قضية ارتبطت بمشاريع انشاء لمصانع جديدة لشركات الاسمنت والتي ساهمت بدورها في خلق زيادة كبيرة في حجم الانتاج بالاضافة الى التعديلات التي اجرتها شركات الاسمنت على مصانعها وخطوطها الانتاجية مما ساهم ايضا في زيادة وتحسين حجم الانتاج بشكل ربما سبب مشكلة تهدد استقرار هذا القطاع الذي يقوده عدد من كبار المستثمرين الذين يتمتعون بثقة آلاف المساهمين الذين ربما لا تقنعهم مؤشرات نمو هذا السوق والتي بلغت 6% للعام 1999م مقارنة بالعام 1998م حول آلية النمو البطيء لهذا السوق ومسبباتها وتلك العوائق التي تواجهها الشركات والتي تحد من خصوبة هذا القطاع امام المستثمر، يجيب سمو الامير عبدالرحمن الفيصل.
* انا اعتقد ان مشكلة شركات الاسمنت تعود للتنظيم ولان المشكلة تنظيمية تخطيطية فقد كان لوزارة الصناعة نصيب الاسد في خلق هذه المشكلة, فوزارة الصناعة وانطلاقا من مبدأ تنموي واقتصادي قوي سعت لتوسيع قاعدة المنافسة فيما يهدف لخدمة السوق من حيث الجودة وحفظ مستويات عرض جيدة امام المستهلك وذلك عن طريق توجهها نحو توسيع قاعدة هذا السوق واعطاء العديد من التصاريح لشركات غير قادرة على ان تنتج بشكل تنافسي بل بالعكس فانا كمستثمر قادر على ان ابيع في اسواقها بأقل من تكلفتها الانتاجية! والنتيجة ماذا؟ هبوط للجميع! هبوط في الصناعة ككل, ثم اذا كان الهدف من هذا السماح بالتوسع من أجل توسيع المنافسة لماذا لا نترك للننافس باسعارنا؟! ولكن الحاصل انه لا يوجد حرية في المنافسة بالسعر فهناك حد أعلى، ولايعلى عليه؟! في وقت يكون بالنسبة لنا موسم عندما يبلع سعر كيس الاسمنت 40 ريالا, اذا اين هي حرية التنافس وتوسيع قاعدة المنافسة اذا لم يكن لدي حرية في استثمار حاجة السوق وفترات الطلب المتزايد؟
** نحن كصحافة مع ذلك التوجه الذي يضمن للمستثمر هامشاً ربحياً جيداً ولا يترك المستهلك وحركة الانشاء والتنمية العمرانية تحت التأثير المباشر لتقلبات الاسعار بشكل يضر بالمستهلك وبحركة التنمية الانشائية وكذلك بالسوق وايضا بعض المستثمرين فيه؟
* انتم كصحافة لا تملك الحق في هذا النوع من التقنين، فاما ان تسمح بحرية المنافسة وتكفلها للسوق وفي هذه الحالة اترك السوق يشكل نفسه ويخلق آلياته ويواجه عوائقه ويحلها، او ان لا تسمح مطلقا بالمنافسة وتقنن السوق بشكل معين وبذلك لا يكون هناك حرية في المنافسة, انتم فرضتم على السوق ان يتوسع، وتوسع السوق وكانت النتيجة ان السوق بدأ يتخبط ولحل هذه المشكلة التي خلقت من خارج السوق، تم وضع حدود وسقوف وجدران تحكم المنافسة؟ انا اريد ان اسأل من المستفيد من وجود شركات في مناطق وتنتج بتكاليف عالية وتسوق بناء على هذه التكاليف بسعر مرتفع في حين ان هناك شركة قادرة على ان تبيع في سوق هذه الشركة بأقل من سعر تكلفتها وداخل سوقها الذي لا يصل ل200 طن، هل المستهلك في هذه المنطقة مستفيد؟ هل السوق هو المستفيد؟ هل هذا المستثمر في مثل هذه المنطقة مستفيد؟! أليس من الافضل لو وجه استثماره في اتجاه آخر؟، لايوجد احد يستفيد من كل هذا التقنين الذي اثر على السوق بشكل عام اكثر مما اضاف له، وعندما نطالب بالاندماج يخرج من يقول انه ضد المستهلك؟! ما هو الحل اذا؟
سنعرف قدرتنا التنافسية بعد الجات
** ويستمر صاحب السمو الملكي الامير عبدالرحمن الفيصل في اخذنا عبر هذا الحوار الى ابعاد اخرى اكثر عمقا وجوانب اخرى تعمق احساسنا بالمشكلة عندما يواصل حديثه عن مستقبل هذه مثل الشركات ومثل هذا السوق ومثل هذه الصناعة في ظل انخراطنا ضمن منظومة اتفاقية منظمة التجارة العالمية المعروفة اختصارا بالجات في تساؤل قد يبدو تشاؤميا الا انه واقع يجب ان نلتفت اليه وذلك عندما يستمر في حديثه عن مثل هذه الشركات التي تقف على عكازي الحماية والتقنين عندما اضاف:
* ان مثل هذه الشركات القائمة على اسواق محدودة لا تصل ل200 طن ما زالت مستمتعة بفرصة البقاء وبعض اشكال المنافسة، ولكن ماذا لو فتحت السوق بعد انضمامنا المرتقب للجات! من منهم يستطيع ان يبيع بهذه الاسعار ثم اذا حدث وتمكن من مجاراة السوق، كم سيستمر في الصمود امام مثل هذه المنافسة ولا سيما وان وضع سوق الاسمنت العالمي كما يعلم جميع المشتغلين في السوق يعاني من انخفاض في الاسعار وفائض في الانتاج؟ انا سعودي!,, واشعر بالألم عندما اقول للأسف ان صناعتنا المحلية تخوض منافسة مجوفة مع بعضها البعض، فنحن لدينا تنافس في المنتجات في التسويق ولكن هذه الاشياء لا تسمى صناعة يمكنها الصمود امام حمى التنافس التي تفرضها الجات؟! الصناعة جملة من عدة مفردات بدءا من منشآت ومصانع وخطوط انتاج وسوق وتصدير والاهم من ذلك اليد العاملة، وهذه الاخيرة مهمة جدا ويجب ان نلتفت لها جميعا.
إما الجات,, وإما جزء تافه
من السوق العالمية
** سمو الأمير,, كما تعلمون هناك بعض ممن يتحفظون أو يتخوفون من اثر الجات على صناعاتنا المحلية ولكنهم يقبلون الانخراط في هذه الاتفاقية برغم قلقهم هذا على اعتبار انها ضريبة في مقابل ما تضمنه الجات لمنتجاتنا البترولية التي تمثل 60% من الناتج المحلي والتي ربما تضطرنا للانخراط في هذه الاتفاقية، هل يمكن ان نفهم من كلام سموكم انكم مع هذا التوجه؟
* لا ابدا ليس هذا ما قصدت، وموضوع الجات ليس موضوع اضطرار أو حرية خيار، بل آلية سوق عالمي يجب ان يكون سوقك واقتصادك ضمن دائرتها ما دمت موجودا في هذا العالم,
** ولكن سمو الأمير، ما هو الاثر السلبي المتوقع في حالة الانضمام أو عدم الانضمام؟
* لايوجد اثر سلبي بالمعنى الذي تقصده في الانضمام من عدمه! الموضوع ببساطة ان تكون أو لا تكون، اي سوق بدون الجات سيصبح جزءاً أصغر من ان يمثل شيئاً في السوق العالمية, وهذا ينسحب على سوقنا وانتاجنا المحلي بدءا ببتروله مرورا بصناعته البتروكيماوية نهاية بكل صناعاتنا ومنتجاتنا المحلية، ولكن ما اعنيه قبل قليل هو ضرورة الالتفات لموضوع السعودة,, يجب ان نلتفت لهذه القضية قبل الجات لان هناك احد البنود الرئيسية في نص الاتفاقية يؤكد الى ان حرية العمل مكفولة ومتبادلة بين مواطني تلك الدول الداخلة ضمن الاتفاقية بمعنى ان العامل الاجنبي سيأتي ويدفع ايجار ويعمل في اي مجال بخبرة وكفاءة عالية وسعر اقل لينافس في سوق العمل السعودي، يجب ان ننظر لهذا الموضوع بنظرة عملية وواقعية اكثر وان لا نترك تقييم مثل هذه المشكلة للصحافة التي تضم من هب ودب.
اصحوا!! أنتم وين تحكون؟!
** ويأخذنا سموه عبر حوارنا الثري معه نحو اتجاه آخر وبعد آخر وذلك عندما استمر سموه في حديثه عن الجات ووصل الى قضية السعودة بظروفها المختلفة سواء الاجتماعية أو التأهيلية من خلال تجربته الشخصية كصاحب عمل اضافة الى تقييمه للتجربة مجملا كاقتصادي عندما استمر في حديثه بعد تقييمه الشخصي للصحافة التي يكتب بها كما يقول من هب ودب، حيث اضاف سموه:
* انتوا وين تحكوا؟!! اصحوا,, اصحوا!! هكذا قالها وهو يهز يده في وجهي اتفاقية الجات قادمة وفيها جزء صريح يلزم اعضاءها بفتح سوق العمل وسيأتي لنا العمال من كل مكان وبطبيعة الاتفاقية لن يكون هناك نظام كفالة أو نسبة فكيف يمكن ان نواجه مثل هذا التحدي يجب على الناس ان يعوا مثل هذه الحقيقة وان يغيروا الكثير من مفاهيمهم وقناعاتهم وحتى مناهجهم قبل ان يأتي الوقت الذي يعمل فيه السعودي في مثل هذه الأجواء.
** وما هي مشكلة خريجينا سمو الأمير؟
* مشكلته الأولى انه لا يعرف اي لغة اجنبية وهذه اللغة هي لغة الصناعة ولغة الدول الصناعية، وانا كصاحب عمل معداتي وآلاتي وتجهيزاتي الصناعية بل حتى الكتيبات الارشادية الكتالوجات كلها بلغة انجليزية! أهلوا لي عاملاً يجيد اللغة الانجليزية، واعني يجيد الانجليزية يتكلم الانجليزية ولا اعني يعرف بعض الحروف والعبارات التي حفظها في مراحله الدراسية في الثانوي والمتوسط واترك الباقي لي, المشكلة الثانية تعود إلى العامل أو الخريج نفسه وذلك عندما نستثمر فيه الكثير من الجهد والوقت والمال في برامج التدريب والتأهيل ثم يتركنا عندما يجد أول فرصة للعمل في القطاع الحكومي فهل الخريج يبحث هناك عن وظيفة وليس عن عمل!؟
** سمو الأمير,, الا يعود ذلك ربما لقلة الحوافز؟ ومن جهة اخرى كم تعطون لعامل يحمل الشهادة الابتدائية وشهادة المعهد المهني بعد سنتين من الدراسة والتأهيل؟
* المشكلة ليست مشكلة حوافز فهناك حوافز جيدة ومجزية في نفس الوقت, ولكن اين هؤلاء الخريجون الذين تتحدث عنهم؟
** هناك العديد منهم يبحثون عن أي عمل وانا شخصيا اعرف الكثير منهم؟
* حسنا,, وانا سأجيبك بالارقام من خلال تجربتنا الواقعية، نحن نوظف سنويا من 100 الى 150 عامل من خريجي هذه المعاهد ثم لا يبقى منهم الا عددا لايذكر.
** كم بلغت نسبة التسرب في العاملين السعوديين مقارنة بالنسب الطبيعية؟
* نسبة التسرب بلغت 35% وتعتبر نسبة كبيرة بالمقارنة مع النسب الطبيعية التي تقع بين 6 الى 7%, وعلى انه ولله الحمد نسبة الثبات بدأت ترتفع الا ان التسرب يؤثر علينا خصوصا مع ارتفاع تكاليف التدريب, ولذلك أعود للتأكيد على هذا الجانب واعني بلورة السعودة بشكل يستطيع ان يواجه التحدي, وقبل ان تطلب مني كصناعة ان انافس، اطلب من عاملي ان ينافس كذلك، ولن يكون ذلك الا بالتأهيل بمختلف اشكاله سواء الدراسي والمنهجي أو الاجتماعي والتوعوي.
** اذا كان الواقع كما تصوره لنا سمو الامير فهذا بالتأكيد وضع مقلق! ولكن الا يرى سموكم معي بأن هناك شركات خاضت تجربة السعودة واستطاعت ان تضمن لتجربتها تلك درجة جيدة من النجاح؟,
* اجاب سموه بسؤال كرره عليّ بالحاح أربك ذاكرتي, فأجبته بعد ان تبادلنا مواقع الضيف والصحفي بأنه لا يحضرني الآن نماذج معينة، ولكني اقصد على الاقل تلك الشريحة الملتزمة بنسب السعودة التي تشترطها وزارة الصناعة ومكتب العمل والقطاعات ذات الصلة!
الجيل الرابع من عمال أرامكو
** وعلى انني لا ابرر لنفسي قصور ذاكرتي عن طرح احد النماذج المشرفة التي نجحت في خوض تجربة السعودة، الا ان ظروف اللقاء غير المتوقع وتشعب الحوار الذي اخذنا في اتجاهات ومواضيع فرضت نفسها امامنا كان له تأثيره على البديهة وحضور الذاكرة, وعلى اني الآن وانااكتب الموضوع، اذكر العديد من تلك النماذج الا ان الامانة المهنية تفرض علي عدم الاستشهاد بها دون ان يملك ضيفي فرصة التعليق عليها.
ويستطرد سمو الأمير في مجمل اجابته عن بعض التجارب التي ألمحت لها في سؤالي السابق مقارنا بين تلك التجارب وتجربته هو كصاحب عمل من خلال رئاسته لمجلس ادارة شركة اسمنت القصيم مؤكدا على ضرورة اخذ البعد الاجتماعي والجغرافي في عين الاعتبار عند تقييم تجارب السعودة او حتى عند فرضها كنسبة إلزامية على الشركات حيث يقول:
* ثم فيما لو وجد مثل هذه التجارب ونظرت لها ستجد ان اغلبها في المنطقة الشرقية، لذلك اعتقد انه يجب علينا النظر بعين الاعتبار للمنطقة التي نقيم فيها تجربة السعودة, فنحن في اسمنت القصيم مثلا عندما نلزم انفسنا بتوسيع قاعدة السعودة نُخضع تجربتنا لمقارنة غير عادلة فيما لو تم تقييم تجربتنا بالمقارنة مع الشركات العاملة في المنطقة الشرقية!
** لماذا؟
* عندما نتحدث عن شركات المنطقة الشرقية وسوق العمل المفتوح امامها فاننا نتحدث عن الجيل الرابع لعمال ارامكو، عن جيل كان ابوه وجده عمالاً صناعيين فمن البديهي ان الشركات هناك تتمتع بوجود سوق اكبر للعمالة المؤهلة، او لنقل المؤهلة اجتماعيا, فنظام الورديات ونظرة المجتمع واحترامه للعامل الصناعي جعل هذا السوق يتمتع بميزة نوعية على اسواق العمل في مناطق اخرى.
فشركة ارامكو لم تساعد على ايجاد مناطق ومدن وتجمعات حضرية فقط، بل طورت كثيرا من المفاهيم الاجتماعية في مجال العمل والعمل الصناعي اضافة الى ما قامت به من تطوير مهارات العمال الصناعيين بدءاً من اللغة الانجليزية الى العديد من اخلاقيات العمل والالتزام به ونهاية ببقية البرامج التدريبية الفنية, بينما الوضع مختلف عندما نتحدث عن مجتمع زراعي ريفي في منطقة مثل منطقة القصيم حيث لا يزال مفهوم العمل المهني الصناعي جديداً على المجتمع مما يؤثر حتى على النظرة الاجتماعية لمثل هذا النوع من العمل وذلك بالتالي سينعكس على حجم ونوع سوق العمل امام المستثمرين.
** لا يخفي على سموكم ان تغير المفاهيم والنظرة الاجتماعية وحتى التأهيل النموذجي للعمالة المحلية، يحتاج إلى فترة طويلة من الوقت بمقاييس التغير الاجتماعي الزمنية، فكيف نستطيع تقليص هذه المدة؟
* تقليص هذه المدة يكون بالتخطيط ومتابعة التقييم للمناهج الدراسية في المدارس المهنية وحتى العامة، بالاضافة الى التركيز على التوعية الاجتماعية والاهتمام بذلك الجيل الذي سيواجه الجات وتسليحه بمتطلبات العصر، عندها يمكن ان نطالب القطاع الخاص بالسعودة.
الصحافيون يتحدثون بسذاجة!
** الا يشاركني سموكم في ان وضع سوق العمالة المحلية قد يعطي الشركات والقطاع الخاص العذر في تقليص مساهمته في هذا المشروع الحضاري السعودة من خلال التزامهم بالحد الادنى من السعودة؟ وما هو تقييمكم لمساهمة شركات الاسمنت في سعودة الأيدي العاملة؟
* عندما تتحدث عن قطاع صناعة الاسمنت والسعودة فأنت تتحدث عن قطاع يستثمر فيه حوالي 6 مليارات ريال يملكها سعوديون، وتأتي في نفس الوقت وتطالبهم بالسعودة!؟ ومنطقك هذا فيه تناقض، وفيه كيل بمعيارين لمفهوم السعودة, والسعودة لا شك انها مطلوبة ولكن اذا كانت تنافس، فاذا كنت تطالبني بالمنافسة العالمية كصناعة وصناعيين، من باب اولى ان تطالب عاملي أن ينافس هو ايضا! حتى استطيع بدوري ان انافس بهذا العامل, أما ان تعطيني عاملاً غير قادر على المنافسة لا سعرا ولا نوعا وتطلب مني ان انافس خارجيا! كيف استطيع ان انافس في هذا الوضع؟ ولكن للاسف الطرح المنشور في الصحافة غير مبني على واقع، لنكن واقعيين ونتفق على ان مثل هذه القضايا الاقتصادية اعمق من ان تحلها الصحافة، انتم ايها الصحفيون تتحدثون عن قضايا اقتصادية بسذاجة!!
** عندها قلت لسموه ردا على رأيه في مستوى الطرح الاقتصادي في الصحافة من حيث العمق، بأنني كخريج اعلام لا يفترض ان اكون منظراً اقتصادياً في حين انني ملزم بأن يكون لدي ثقافة اقتصادية وحد ادنى من المتابعة للاسواق المحلية والعالمية المختلفة, وهذا الكلام ينسحب على الصحافة الاقتصادية مما يحفظ لها تميزها عن المجلات الاقتصادية ومجلات العلوم الاقتصادية المتخصصة والمجلات المحكمة، على الاقل من ناحية شريحة المتلقين او القراء.
* يجيب سموه: ربما لا اختلف معك في ذلك، ولكن انظر الى من يكتبون في الصحافة الاقتصادية.
** عفوا سمو الامير ولكن آراء الكتاب كما تعلم تمثلهم هم ولا يتحمل ناشرها اي مسؤولية ادبية عن آرائهم.
* حسنا,, قد نتفق على ذلك ولكن المشكلة تكون عندما تكون هذه الآراء الشخصية لشخص غير مؤهل للحديث عن الاقتصاد والتنظير فيه؟! وانتم مسؤولون امام القارىء عن من تقدمونهم لهم ليضعوا آراء القراء بناء على كتابات هؤلاء الكتاب، وهذا هو الواقع للاسف فتجد في صحافتنا الاقتصادية خياطاً يكتب في الصناعة ودكتوراً بيطرياً يكتب في الاقتصاد.
** المشكلة سمو الأمير ان من نتفق على كفاءتهم قد لا يجدون وقتا للكتابة ونحن كصحافة نسعى لتقديم افضل المتاح وكما يقول المثل العربي من اجدب,, انتجع!,, .
* قاطعني سموه قائلا: للاسف، فالجدب في صحافتنا الاقتصادية جدب عظيم!
** ولكن ومع هذا سمو الامير الا اننا لم نقنط الى الآن ونأمل ان نجد الكاتب الذي يملك المؤهلات ويتفق الجميع على مصداقيته, واسمح لي هنا ان اطلب من سموكم ان تكتب لنا زاوية اسبوعية في اقتصاد الجزيرة .
* وقبل سموه الفكرة مبدئيا الا انه عاد ليستدرك ويفصل في الفكرة، ربما لما لا يخفى على سموه ما يواجه الكاتب من صعوبات في توليد الأفكار خصوصا اذا كان ذلك بشكل اسبوعي واذا كان الكاتب من تلك النوعية التي تفكر مليا قبل تناول اي موضوع فاشار الى استعداده بالمشاركة بالرأي في اي وقت يطرح فيه موضوع يستطيع ان يضيف له, ويضيف قائلا:
ثم اين دورك انت كصحافي مهمته البحث عن الحقائق وتقصيها؟ هل تجلس على مكتبك وتطلب من الآخرين ان يكتبوا لديك!؟ الصحفي مهمته الجري وراء الحقيقة من خلال تقصي المعلومات التي وصل اليها وليس الصحفي من يجلس في مكتبه بانتظار الحقيقة تطرق بابه!
** نعم اتفق معك في ان مهمة الصحفي هي البحث عن الحقيقة ولكن اشكال هذا البحث تختلف، وما اقوم به الآن هو أحد اشكال هذا البحث، ولكن في نفس الوقت فإن رأي النخبة والنظرة النخبوية للاحداث احد اشكال البحث عن الحقيقة ايضا.
* اذاً دورك هو ان تبحث عن هذه النخب وتستكتبها لا ان تترك المجال مفتوحاً لمن اراد.
** ولكن الا ترى معي بأن الطرق مسدودة في آخر النفق باتجاه بعض هذه النخب ؟
* ابدا، الطرق ليست مسدودة.
** الا توافقني سموكم على انني الآن تعرضت لاحد هذه الطرق المسدودة قبل قليل عندما لم اتمكن من اقناعك بالكتابة والمشاركة معنا في تدعيم صحافتنا الاقتصادية!؟
بهذه العبارة انتهى حوارنا مع صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن عبدالله الفيصل بعد ان نكأ الكثير من الجراح، مغربلا بذلك العديد من الأفكار في رؤوسنا ونتمنى ان تروها قريبا على هذه الصفحة بشكل يلبي توقعاتكم في صحافتنا الاقتصادية وحتى توقعات سموه.


أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved