أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 17th April,2000العدد:10063الطبعة الأولىالأثنين 12 ,محرم 1421

مقـالات

السياسة الإعلامية السعودية
المبادىء وتلبيتها لحاجات المجتمع
د,ماجد بن عبدالعزيز التركي
تمهيد
شهدت المملكة العربية السعودية، في العقدين الماضيين تطوراً كبيراً في وسائل الاتصال، مواكباً للنهضة الشاملة في مختلف المجالات، الأمر الذي جعل المملكة تزيد من اهتمامها بالمجال الإعلامي، لما له من اثار بعيدة المدى، تتداخل مع مختلف الأبعاد التي يعيشها عالمنا الحاضر.
وقد توصلت المملكة لصياغة نظامها الإعلامي، بوضع أسسه ومبادئه التي تتسق مع السياسة العامة للدولة التي تستند إلى الإسلام عقيدة وشريعة (1).
وقد جاءت السياسة الإعلامية في المملكة (الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم 169، بتاريخ (20/10/1402ه)، في أسسها ومبادئها وتوجهاتها، امتداداً لخط سير الوسائل الإعلامية في المراحل السابقة، ابتداء من عهد الملك عبدالعزيز يرحمه الله وصدور المرسوم الملكي الاول (2) بتأسيس الإذاعة، حتى صدور هذه السياسة.
وحيث إن السياسة الإعلامية، هي الأولى من نوعها في تاريخ المملكة، وما سبقها لايعدو كونه نظاماً لإحدى الوسائل او توجيهات ملكية في مناسبات إعلامية، لذا رأى الكاتب ان يجعل هذا المقال على فقرتين:
الفقرة الأولى:
التوجيهات الرسمية لسياسات الإعلام في المملكة.
الفقرة الثانية:
شمول السياسة الإعلامية لحاجات المجتمع واهتماماته وذلك بهدف الوقوف على المراحل السابقة لإصدار السياسة الإعلامية الحالية، ومدى ترابطها واتصالها في مجال المبادىء والمفاهيم ، مما يساعد على إدراك التطور في النواحي الفكرية وتوسع مجالات العمل الإعلامي.
أولاً: التوجيهات الرسمية لسياسات الإعلام في المملكة:
بدأ الإعلام في المملكة، بالبث الإذاعي كأول مجال إعلامي رسمي بعد جريدة (أم القرى) يزاول نشاطه ويقدم برامجه في المجتمع السعودي، ولقد حدد المرسوم الملكي (3) الذي اصدره الملك عبدالعزيز (رحمه الله) النظام الإذاعي، وأسند الإشراف على الإذاعة ووضع البرنامج إلى الأمير فيصل بن عبدالعزيز (يرحمه الله) نائب الملك عبدالعزيز في الحجاز آنذاك وتعد سياسة الإذاعة التي تعمل بمقتضاها تابعة للسياسة العامة للدولة، والتي قامت على الإسلام واستمدت شريعتها منه، ويظهر هذا من خلال الملاحظات الواردة في المرسوم الملكي، والتي تشير إلى الآتي:
النظر فيما يمكن إذاعته من القرآن الكريم إيماناً بقول رب العباد :(ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون) (4) ، وقوله تعالى :(تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا) (5) ،وقوله تعالى :(الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد) (6) .
التأكيد على إذاعة المواعظ الدينية والمحاضرات التاريخية.
نشر الأخبار الخارجية كماهي، مع ملاحظة عدم شتم أحد، أو التعريض بأحد، أو المدح الذي لامحل له.
يلاحظ في الأخبار الداخلية الواقع، وتلاحظ عادتنا في السكوت على ما اعتدنا السكوت عليه، ونشر مااعتدنانشره.
ضرورة العمل على تحسين هذه البرامج وتمرين المتعاونين وتدريبهم على هذه الأعمال, (7)
هذه أبرز ملامح السياسة الإعلامية (الإذاعية بالتحديد) في عهد الملك عبدالعزيز من خلال نص المرسوم الملكي، وقد سارت الإذاعة في عهد الملك سعود علىنفس الاتجاه، مع التوسع في مجالات عملها وزيادة ساعات البث وفتراته ومواسمه، وقد جاء في كلمة الملك سعود (يرحمه الله) بمناسبة مرور العام الرابع على تأسيس الإذاعة (8) بعض الملامح الهامة لمبادىء ومهام الإذاعة، ومنها:
للإذاعة رسالتها العالميةورسالتها الوطنية، أما في داخل البلاد فهي مدرسة تبدأ بأولى خطوات الثقافة وترتفع إلى أعلى درجاتها.
وهي (أي الإذاعة) المذياع الذي تنادي منه الجهات الرسمية والهيئات المختلفة مواطنيها إلى ما يحسن أن يتمسكوا به من الأخلاق الفاضلة والصفات الحسنة.
تعرفهم على أمجادهم وتاريخ بلادهم وعلى ماكانوا عليه في ماضيهم العظيم من العزة والقوة والاتحاد.
كما تطلب منهم التمسك بالصالح من القوانين وبما يجب أن يراعوه من الأنظمة والتعليمات التي تضمن حقوقهم وترعى سلامتهم في أمور دينهم ودنياهم.
تعرف الشعوب بعضها ببعض، فيزيد التعارف بين الناس، وفي هذا مقدمات التفاهم والتواد والسلام بين البشر.
وفي عام (1387ه) ألقى الملك فيصل يرحمه الله خطاباً بمناسبة افتتاح مبنى وزارة الإعلام (9) حدد من خلاله مهمة وسائل الإعلام، وتناول بعض الممارسات الخاطئة التي تخرج بهذه الوسائل عن وظيفتها الأساسية، ومن ذلك:
ان هذا المرفق عليه مسؤولية كبيرة تجاه الله سبحانه وتعالى ثم تجاه الشعب والوطن.
ليست مسؤولية هذا المرفق أن يكيل المديح أويتزلف، أو يبرز الصور والمناظر للأشخاص أو للأفراد أو للمسؤولين، لأن هذه الأساليب ليست اساليب المؤمن بالله، المؤمن بوطنه وأمته.
مسؤولية هذاالمرفق أن يكون في خدمة الدين وفي خدمة الوطن وفي خدمة الشعب.
على هذا المرفق أن يتولى تقديم ماينفع أمتنا ومواطنينا في أمر دينهم ودنياهم وتوجيهها إلى ما فيه صالحهم وصالح وطنهم (10) .
وجاء في ورقة العمل التي قدمها مندوب وزارة الإعلام إلى المؤتمر العربي الحادي عشر، للدفاع الاجتماعي بالمغرب (11) ، أن رسالة الإعلام السعودي، دعم وترسيخ قواعد الإسلام والعمل على تحصين المستمع والمشاهد المسلم ضد أي فكر يهدف إلى الحض على ارتكاب الجريمة أو الشروع فيها.
وتناولت هذه الورقة ، طبيعة البرامج الإذاعيةوالتلفزيونية في المملكة، منها:
عدم إذاعة مايبرز اعمال الجريمة او مايشير إليها أو التلفظ بما يساعد عليها.
عدم تقديم مايوحي بأعمال السحروالشعوذة ومناظر المشروبات الروحيةوالمخدرات أو التلفظ بها او التمثيل بشربها.
عدم ظهور الملابس العارية اوالضيقة بدرجة ملحوظة.
حظر المشاهد التي بها تماثيل عارية في الديكورات وخلافها.
هذه ابرز ملامح التوجهات الرسمية لسياسات الإعلام في المملكة، ابتداء من عهد الملك عبدالعزيز يرحمه الله حتى عام (1402ه) تاريخ صدور الموافقة على السياسة الإعلامية في المملكة العربية السعودية أحد مجالات هذه الدراسة.
ويتضح من خلال هذا الاستعراض، التزام سياسات الإعلام في المملكة بمبادىء الدين الإسلامي واعتمادها مبادىء لوسائل الإعلام.
ثانياً: شمول السياسة الإعلامية لحاجات المجتمع واهتماماته
تشترك المجتمعات على اختلافها، على جملة من الحاجات والاهتمامات، تعمل علىتحقيقها،وترى ضرورة رعايتها، وتختلف فيما بينها في جوانب الإطار الفلسفي لهذه الاحتياجات، ترتيبها حسب الاولوية، ولعل من ابرز احتياجات المجتمعات:
تحقيق الأمن الاجتماعي، برعاية الأفراد على اختلافهم، والعناية بالأسرة، ومواجهة الجريمة، ومعالجة المشكلات الاجتماعية المختلفة.
تحقيق الأمن الفكري، في اطار الاتجاه العقدي للمجتمع، والعمل على دعمه، وتشجيع روافده الثقافية،ومواجهة التيارات المضادة له.
تحقيق الأمن السياسي، في الداخل بدعم أواصر المحبة والتعاون، وفي الخارج بالتعامل المناسب مع القضايا الدولية ذات الصلة.
تحقيق الحرية، للأفراد فيما يخصهم، للجماعة فيما يعمها.
إلى غير ذلك من الاحتياجات الفرعية المتعددة التي تختلف باختلاف المجتمعات،وبالنظر في السياسة الإعلامية السعودية نجد العناية بهذه القضايا والتأكيد عليها، وطرح شيء من اساليب الممارسة التي تضمن تحققها، ومن أبرز اهتمامات السياسة الإعلامية، الآتي:
تأصيل مبادىء وقيم الشريعة الإسلامية في نفوس الناس (12) .
تأصيل القيم الإسلامية وترسيخ التقاليد والعادات العربية الكريمة (13) .
توثيق روابط الحب والتآزر (14) .
تأصيل روح التكافل الاجتماعي بين المواطنين (15) .
النهوض بالمستوى الفكري والحضاري والوجداني للمواطنين (16) .
الاهتمام بالأسرة والطفل والمرأة والشباب، بتقديم البرامج المدروسة (17) .
مكافحة الأميةوالتخلص منها (18) .
التأكيد على احترام حقوق الأفراد والجماعات (19) .
ضمان حرية التعبير في وسائل الإعلام ضمن الأهداف والقيم الإسلامية (20) .
كما اكدت السياسة الإعلامية، على العناية بالوسائل المحققة لهذه الاحتياجات كدور النشر، وانتاج البرامج، وانتهاج الموضوعية في الطرح والانتصار للحق عند المعالجة, ودعمت هذا كله، بتبني السياسة الإعلامية كجزء من السياسة العامة للدولة (21)
***
(1)ابراهيم محمد شجر: النظام الإعلامي للمملكة العربية السعودية (دراسات سعودية، محرم 1406ه ، ص221) بتصرف واختصار.
(2)رقم 7/3/16/3996, بتاريخ 23/رمضان/1368ه، الموافق 18 يوليو1949م.
(3)المرجع السابق(4)آية رقم (27) من سورة (الزمر).
(5)آية رقم (1) من سورة (الفرقان).
(6)آية رقم (1) من سورة (ابراهيم).
(7) للاستزادة فيما يتصل بنشأة الإذاعة وتطورها وسياستها، انظر: بدر احمد كريم : نشأة وتطور الإذاعة في المجتمع السعودي, (الكتاب العربي السعودي) الطبعة الاولى، جدة, تهامة 1402ه، وانظر: د, محمد معوض ابراهيم: الإذاعة في عهد الملك عبدالعزيز آل سعود (مجلة الدارة، تصدر عن دارة الملك عبدالعزيز الرياض، العدد الرابع من السنة الخامسة عشرة، 1410ه, ص63 91).
(8)إبراهيم أمين فودة: جلالة الملك سعود والإذاعة (مجلة المنهل، 3/ربيع الاول/1373ه ص160 - 163).
(9) خطاب الملك فيصل (يرحمه الله) بحفل افتتاح مبنى وزارة الإعلام في جدة :(مجلة المنهل، 1/محرم 1387/ه، ص1213).
(10)للاستزادة انظر : خطاب وزير الاعلام الشيخ جميل الحجيلان، في حفل افتتاح مبنى وزارة الاعلام، المرجع السابق ص(1415 16).
(11) دور وسائل الإعلام في الوقاية من الجريمة، موضوع قدمه مندوب وزارة الإعلام السعودية إلى المؤتمر العربي الحادي عشر للدفاع الاجتماعي, الذي عقد بمدينة طنجة المغرب ,, انظر:(مجلة المنهل رمضان /1402ه ص (409).
(12)انظر المادة رقم (1).
(13)انظر المادة رقم (3).
(14)انظر المادة رقم (6).
(15)انظر المادة رقم (24).
(16)انظر مقدمة مواد السياسة، والمواد (24) (25)
(17)المواد (8) (9) (10) (11).
(18)المادة (16).
(19) المادة (24).
(20)المادة (26).
(21)انظر: ابراهيم شجر: النظام الإعلامي للمملكة (ص224وما بعدها), مرجع سابق, انظر: بدر احمد كريم: قراءة في السياسة الإعلامية (مجلة الفيصل، ربيع الآخر 1406ه ص 53 54), وانظر: ساعد الحارثي, سياسات الاتصال في المملكة , (الرياض: الأمانة العامة للمجلس الأعلى للإعلام, بحوث ودراسات, 1405ه ص99 وما بعدها).
*استاذ السياسات الإعلامية المساعد

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved