أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 17th April,2000العدد:10063الطبعة الأولىالأثنين 12 ,محرم 1421

مقـالات

شيء من الحق
التجارة الإلكترونية ومعوقات البريد المحلي
د, خالد محمد باطرفي *
طلب صاحبي كتبا من شركة (امازون) الشهيرة لبيع الكتب على الانترنت، ودفع عن طريق البطاقة الائتمانية قيمة الكتب وابلغ بعدها بأن الكتاب ارسل الى عنوانه في جدة، ومرت الشهور تلو الشهور ولم يصله شيء, تكررت المحاولة اكثر من مرة مع كتب علمية ككتاب عن اسماك البحر الاحمر مثلا، او تاريخ الحرب الاهلية الامريكية، ومع ديسكات مدمجة (سي دي) لالحان وسيمفونيات كلاسيكية، ومع ادوات وبرامج كمبيوتر, وفي كل مرة كان المسكين يدفع قيمة هذا المنتجات لشركات عالمية في امريكا او دبي او شرق آسيا، ثم لا يصله شيء.
تجربة هذا الصديق تكررت مع آخرين، ويبدو ان المسألة لم تكن مسألة رقابة محلية بقدر ما أنها (مصادرة) جمركية بدون ان يعطى المتضرر حتى حق معرفة مصير مشترياته، أو اسباب المصادرة حتى يتعظ ويعظ غيره, ويعلم، من باب العلم بالشيء لا غير، اين انتهت اليه هذه المنتجات هل اتلفت، ام بيعت في المزاد العلني او حفظت (من باب الحفظ ليس الا) لدى من اتخذ القرار بالمصادرة؟
اذا كنا اليوم في زمن التجارة العالمية الحرة والتجارة الالكترونية لا نزال عاجزين حتى عن الحصول على مشترواتنا بالبريد، فكيف نأمل ان تتسع دائرة التبادل التجاري على مستوى اعلى واكبر ليشمل صادرات المصانع الوطنية والتعاون التجاري الاقليمي، والسوق العربية والاسلامية المشتركة.
التجارة في هذا العصر تجاوزت المفاهيم التقليدية التي تعارف عليها الناس عبر التاريخ، فلم تعد هناك ضرورة للقاء البائع بالمشتري، ولم يعد من اللازم ان تذهب بنفسك الى محل البيع، سواء كان ذلك دكانا في الحي، أو سوقا كبيرا خارج المدينة، او معرضا دوليا خارج البلاد, ولم يعد من الضروري تواجدك في اسواق العالم وعلاقاتك الشخصية بتجارها.
فمن خلال كهفك الالكتروني في البيت او المكتب تستطيع ان تجوب اسواق العالم كلها على الشاشة، وتستعرض احتياجات الاسواق ومعروضاتها، ثم تتصل مباشرة بالبريد الالكتروني، او الهاتف المصور على الانترنت بممثليها، وتتبادل المعلومات والوثائق والخبرات وتقيم الصداقات والعلاقات العملية، ثم تقر صفقة ما، وتتصل بالبنوك وشركات التأمين وشركات النقل والشحن وغيرها من جهات الخدمات في الاستيراد والتصدير، وتبيع وتشتري، وتدفع وتستلم وانت لم تتحرك من بيتك او مكتبك، ولم تزر احدا ولم يزرك احد, وبذا توفر اجور الوسطاء والموظفين وتكاليف السفر والتنقل والوقت الضائع فيهما، وتحصل على افضل العروض واجود البضائع، في زمن قياسي وبأقل جهد ممكن.
والفائدة بهذا الاسلوب تعم ولا تخص، فالبائع مستفيد، والمشتري مستفيد، والاقتصاد الوطني مستفيد وهذا هو سر الطفرة الاقتصادية في دول الاقتصاد الحر، ومن بين اسباب سيطرة الدول الغربية على الاقتصاد العالمي، فالاقتصاد الدولي اصبح اليوم قائما على التبادل الحر، والتواصل المفتوح، والمعلومة المتاحة على كل المستويات، والبريد والنقل المضمون, ولذا فقد جاءت وسائل الاتصال الحديثة، الانترنت خصوصا لتكرس هذه المبادىء وتعمقها وتفتح لها آفاقا وابعادا لم يحلم بها الانسان من قبل, ورغم هذه الفورة التصاعدية التي لم يشهد لها العالم مثيلا في اقتصاد تكنولوجيا المعلومات، فان التوقعات المستقبلية تشير (حسبما ذكرت مجلة التايم الامريكية الشهر الماضي) الى ان حجم مبيعات التجارة الالكترونية عبر الانترنت سيصل بعد عامين الى تتريليون (الف، الف مليون) وثلاثمائة الف مليون دولار امريكي.
والانترنت الذي فتح ابوابه عندنا مؤخرا وانتشر كالنار في الهشيم فتح لنا ابواب التواصل الدولي العظيم، ووضع لنا قدما على طريق المعلومات السريع، وصار بالإمكان ان تقيم كرجل او سيدة اعمال متجرا على الشبكة الدولية لا وجود له على الارض، او ان تستورد منتجا بالمواصفات التي تحددها والشروط التي تقبلها مباشرة من المصنع بدون وسطاء ووكلاء وبأرخص التكاليف وافضل المزايا.
طبعا كل هذا جميل وعظيم، ولكن تصور انك بعد كل هذه التجربة الرائعة التي حصلت خلالها على السيارة المثالية او جهاز الكمبيوتر المحمول الذي طالما حلمت به، او اقمت علاقة تجارية مثلى مع مصنع كبير, ورتب لكل شيء وحسب حساب كل صغيرة وكبيرة، ثم لا تصلك البضاعة بعد ان دفعت قيمتها، لانها ضاعت في متاهات الجمارك وبدون حتى ان يكتب اليك بشأن مصيرها.
النظام الجمركي في هذا المجال يحتاج الى مراجعة شاملة جملة وتفصيلا، فلا المنطق ولا العدل ولا الانظمة القائمة يمكن ان تسمح بهذا واقتصادنا الحر في اشد الحاجة الى انفتاح لا يمكن ان يتحقق في غياب المحاسبة والتنظيم والمساءلة والعقاب.
*رئيس الشئون المحلية بجريدة الوطن - أبها


أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved