أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 16th April,2000العدد:10062الطبعة الأولىالأحد 11 ,محرم 1421

عزيزتـي الجزيرة

في مدرسة الشيخ عبدالله بن محمد بن مانع التاريخية
كان الشيخ عبدالله بن محمد المانع قاضيا لمدينة عنيزة ولاه الملك عبدالعزيز رحمهم الله جميعا وأسكنهم فسيح جناته القضاء هناك ولما لفضيلته من سمعة طيبة وذكر حميد وددت أن أسطر للقراء بعض الملامح التاريخية عن حياته وسيرته ومدرسته في ذلك المعهد الذي واكب بداية توحيد الجزيرة العربية سياسيا وترسيخ الأمن الشامل فيها وتركيز العقيدة الاسلامية الصحيحة فيها من قبل المؤسس المرحوم الملك عبدالعزيز,, فقد كان رحمه الله موفقا في تنظيم وقته وفي الاحسان الى الناس ونصحهم ووعظهم والرأفة بهم حتى انني سمعت من بعض معاصريه انه اذا حكم على أحد الخصوم بحكم يحاول ان يرضيه ولو بمنحه مبلغا من المال ليخفف به عنه من ألم الحكم الصادر عليه نفسيا اضافة الى احضاره مراجع كبرى من الفقه ليقرأ على الخصمين القاعدة الشرعية التي بموجبها صدر الحكم الشرعي ليكونا على اقتناع بحكم الله وتلاوة الآيات الكريمة التي تناسب الموقف جريا على قول الله عز وجل في محكم كتابه الكريم: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ولقد كان لمدرسته التربوية في المنزل وفي خارجه أكبر الأثر في الاصلاح ولزوم الاستقامة والرغبة في فعل الخير والمعروف والتسابق الى الأعمال الصالحة والتحلي بالفضائل والتقوى.
لقد كان رحمه الله وفي منزله في عنيزة يملك مكتبة زاخرة بأمهات الكتب التاريخية والتفسير والفقه والأدب بما يربو على ثلاثة آلاف كتاب ثلثاها مخطوطات والثلث مطبوع ومرسل الى فضيلته من البحرين وقطر والهند ولبنان من الشيخ المرحوم مقبل الذكير والشيخ محمد العلي البسام من الهند فلنتصور في ذلك الوقت مع صعوبة المواصلات وبعد المسافات كيف وصلت اليه تلك الكتب وحافظ عليها رحمه الله لقد كنت آنذاك صغيرا وكان فضيلة الشيخ محمد العثيمين يتردد على منزلنا ليتزود العلم من تلك الكتب التي لا توجد الا في مكتبته رحمه الله وبعد ما توفي - رحمه الله - تولى الاشراف عليها والدي رحمه الله الشيخ عبدالرحمن المانع وكان اماما لمسجد المسركف ولجامع الضليعة.
وقد تولى امامة الجامع الكبير بعنيزة بعد الشيخ عبدالله الشيخ عبدالرحمن الناصر السعدي رحمه الله وقد كان الامام الملك عبدالعزيز رحمه الله اذا زار عنيزة يزور الشيخ عبدالله المانع في منزله في ذلك العهد رغم ان الأسواق هناك صغيرة وضيقة جدا ولا أنسى مكارم أخلاق معالي الدكتور عبدالعزيز الخويطر ووفاءه بهذا الموقف حيث انني في زياراتي لمعاليه في جلسته الأسبوعية يشيد بمنهجه واخلاقه رحمه الله مذكرا للحاضرين الذين لم يعرفوا عن سيرته فجزاه الله خيرا ومتعه بتمام الصحة والعافية والتوفيق الدائم لمعالي الأمور وكان رحمه الله يحرص اشد الحرص على تحفيظ القرآن الكريم لكل ابنائه وبناته فعلى سبيل المثال كان والدي حافظا للقرآن الكريم عن ظهر غيب وكذلك العمات فقد ادركت عمتين لي حافظتين للقرآن الكريم والعلوم والآداب فهما والدة الشيخ عبدالعزيز العلي بالمدينة المنورة والمدرس بالمسجد النبوي رحمه الله والجامعة الاسلامية والأخرى والدة الاستاذ عبدالرحمن الحمد القاضي مدير تعليم الرياض سابقا وقد كانت رحمها الله تقرأ القرآن الكريم غيبا في كل وقت وفي اثناء اعمالها بالمنزل من طبخ وخياطة وغيرها,, فلنتصور تلك التربية الاسلامية وتأثيرها في النفوس على الصعيد العملي,, ان المرء عندما يتلو كتاب الله عز وجل في كل وقت لابد وان يجني الثمار الآتية.
* ارتباطه بالله عز وجل خالقه دائما.
* حصول البركة والتوفيق في حياته.
* امتثال ما يؤمر به واجتناب ما ينهى عنه بمجرد تلاوته وسماعه للآيات الكريمة.
* حفظ الله عز وجل له من كل شر ومكروه ومصائب وأمراض.
* اشغاله لوقته فيما ينفعه بالدنيا والاخرة.
الى غير ذلك من الفوائد الجليلة التي لا تخفى على كل مؤمن واذكر اننا كنا في جلسة مع معالي الدكتور سليمان السليم وزير التجارة والمالية السابق في منزله في ديوانيته الاسبوعية ليوم الجمعة فقال احد الحضور واظنه والد محافظ عنيزة يحيى السليم بأنه وفاء من الوطن وابنائه فقد اختير اسم فضيلته ليكون احد الشوارع باسمه تخليدا لذكراه وعرفانا بما قدمه للمسلمين من خدمات قضائية وتعليمية وارشادية ومساعدات عامة ولا شك ان ذلك رمز وفاء لمن تعلموا الوفاء وعلموه ولمن كانوا يضيئون الطريق للآخرين وتقتدي بهم الاجيال القادمة التي تتطلع الى الشرف والعزة والبناء والاصلاح انطلاقا من مسيرة الرسالة الاسلامية التي كلفنا الله عز وجل بالقيام بها وابلاغها للعالم وجعلنا بموجبها خير أمة اخرجت للناس كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وقد كتب عنه فضيلة الشيخ عبدالله العبدالرحمن البسام رئيس محكمة هيئة التمييز بالمنطقة الغربية سابقاً في كتابه التاريخي الشهير علماء نجد خلال ثمانية قرون نبذة عن حياته واعماله وانجازاته بما يستحقه جزاه الله خيرا وأمد في عمره المبارك بتمام الصحة والعافية والتوفيق واذكر انني قرأت رسالة خطية من الامام الملك عبدالعزيز رحمه الله الى فضيلته وفيها يوضح له أحوال الناس واختلاف مفاهيمهم وان القاضي ينبغي عليه الإلمام بهذه الامور ووضعها في الاعتبار حتى تكون الأحكام الشرعية مطابقة للواقع والحقيقة وبعيدة كل البعد عن الظلم والاخطاء والهوى وذلك ضمن سلسلة التوجيهات الملكية الكريمة التي يرسلها رحمه الله للقضاة آنذاك في مملكته لمساعدتهم في اداء اعمالهم على الوجه الشرعي الصحيح الذي يهدف اليه رحمه الله في تطبيق قول الله عز وجل: يا داود انا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ان الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب وقوله تعالى: ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي وهو الظلم وقول الله عز وجل: ولا يجرمنكم شنآن قوم على ان لا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى وشنآن قوم بغضهم وقوله عز وجل: يا أيها الذين امنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين الى غير ذلك من الآيات الكريمة التي توجت الحكم بالعدل وتنهى وتحذر من الظلم والجور والبغي والبهتان واتباع الهوى والفساد في الأرض رحمهم الله جميعاً.
واذكر انه عندما زار مدير المعارف العام الشيخ محمد بن مانع عنيزة قبيل تحويلها إلى وزارة للمعارف زار تلك المكتبة حيث كان بداية تعليمه رحمه الله فيها حيث ولد يتيما ونشأ وترعرع في هذا البيت باشراف عمه الشيخ عبدالله حتى شب وسافر لطلب العلم بداخل المملكة وخارجها حتى توفي رحمه الله في قطر مستشاراً لحاكم قطر آنذاك الشيخ عبدالله بن قاسم آل ثاني,, وبعد هذه لمحة قصيرة للقارىء عن ماضي الآباء والأجداد الذين كافحوا في سبيل الله لاعلاء كلمة الله بنور من الله وصدق واخلاص مع الله.
محمد عبدالرحمن المانع

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved