| الاقتصادية
نتابع اليوم حديثنا عن مظاهر قصر النظر لدى الشركات المساهمة والذي بدأناه الأسبوع الماضي, من مظاهر قصر النظر لدى الشركات اغفال أهمية مفهوم التسويق The Marketing Concept وهو المفهوم الذي يقود التفكير الاستراتيجي للشركات الناجحة والتي تبني جميع عملياتها ونشاطاتها على قواعد راسخة من التوجه نحو العميل وتقدير لغة السوق والعمل وفق احتياجات وتصورات سعادة مدير عام التسويق.
هذه النقاط تمثل ما يعرف باسم التوجه نحو العميل وتصنيف الشركات التي تتبنى هذه المفاهيم بأنها في قمة النجاح التشغيلي والاستراتيجي, شركاتنا من ناحية أخرى تهتم بالانتاج والعمليات الروتينية وما يدور في ورش العمل وساعات الدوام والمواد الخام والتفاوض مع الحكومة للحصول على حمايات أو امتيازات وتهمل التسويق اي لا تبني عملياتها ونشاطاتها على أسس من التوجه التسويقي أو من خلال الحاجات والرغبات والامنيات التي تتكون وتتلون لدى جماهير العملاء المحترمين.
ومن مظاهر قصر النظر لدى شركاتنا كذلك تقديمها للمظهر على حساب الجوهر, فهناك شركات تحرص أشد الحرص على المنظر الخارجي من حيث المباني الرخامية والمداخل المزخرفة والأثاث الأنيق ولكنها تفشل في الاحتفاظ بالزبون، أو كسبه والأهم كسب ولائه، ومن ثم تقع في مشكلة عدم القدرة على تحقيق نتائج مرضية وانجازات معقولة, هذا السلوك ارتبط في نواحٍ كثيرة، برؤيتنا للجودة وكيف انها تخسر في الشكل أو الديكور وليس في المحتوى أو عمليات الاحتكاك والممارسة مع العملاء خاصة عند تقديم الخدمات أو تصميم المنتجات, ومن أشكال هذا القصور الاهتمام بالعبوة أكثر من أداء المنتج أو مكوناته والتضخيم في الاسم بدون أسس حقيقية من الجودة الملموسة مما يرفع ربما درجة الانطباع الايجابي لدى العميل الذي ينصدم مع أول احتكاك مع المنتج من حيث معايير الاستخدام الفعلي وليس معايير الشهرة والاشهار الانطباعية.
ومن المظاهر المألوفة لقصر النظر لدى الشركات المساهمة الشغف الكبير بهيكل الشركة القابضة وما يتبع ذلك من أساليب ادارية معينة حتى لو لم تكن هناك حاجة ماسة لها, وحسب مفهوم الشركة المساهمة فهي تقوم أو تؤسس لتتخصص في نشاط بعينه ولكن على العكس تتجه بعض الشركات المساهمة بعد فترة معينة الى الاستثمار في نشاطات متباعدة خاصة عن طريق الاستحواذ شراء أو امتلاك نسب متفاوتة من الأسهم في شركات أخرى قائمة وتبعا لذلك تبدأ في اعتناق شكل هيكل الشركة القابضة على الرغم من ان أقرب وصف لنشاط مثل هذه الشركة هو الصندوق الاستثماري .
هيكل الشركة القابضة لا يتوافق البتة مع مفهوم التخصص وهذا يأتي بنا إلى واحدة من أهم مثالب الادارة في الشركات المساهمة وهي الاستهانة بالتخصص والخوض في غمار التنويع غير المتناسب أو غير المدروس,
أليس من المستهجن ان يكون غرض احدى الشركات المساهمة المعروفة هو الاستثمار في الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة والنقل,, وغيرها!! أين التخصص؟!
ويبدو ان الشركة لا ترى مانعا من العمل في مجال الاتصالات والانترنت فهو مجال حديث أو حداثي والخدمات الصحية فهي ممتعة والخدمات التعليمية فهي مربحة ,, وهكذا دواليك.
التخصص من أهم عناصر الادارة والتركيز الاستراتيجي هو شعار الشركات الناجحة كما جاء في الكتاب الشهير البحث عن الامتياز لبيترز ووترمان.
هذه الشركات تعمل ولديها رؤية صريحة ومعرفة أكيدة بما هي مجالات عملها؟ ماذا تريد؟ أين تعمل؟
واذا استمرت شركاتنا في الاستهانة بالتخصص وعدم العناية بالتركيز الاستراتيجي فانها ستسير ولكن كالمنبت لا سفرا قطع ولا ظهرا أوجع!!
|
|
|
|
|