أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 16th April,2000العدد:10062الطبعة الأولىالأحد 11 ,محرم 1421

الاقتصادية

الجوانب الإيجابية في نظام المناطق لتطوير الاستثمار والسياحة في مناطق المملكة
د, مساعد بن مبروك الحجيلي *
خلال الأيام الماضية عاشت مدينة الرياض فعاليات الندوة الاستراتيجية للتنمية الحضرية في المدن العربية وتناولت الندوة هموم المدن العربية والبحث عن السبل المؤدية إلى تطويرها، وشارك في الندوة الخبراء والمتخصصون لطرح تجارب بعض الدول العربية ودول العالم المتقدم, وعقد الندوة في الرياض يعطي دلالات واضحة على حرص الحكومة السعودية واهتمامها بكل مامن شأنه المساهمة في تطوير مناطق المملكة والاستفادة من تجارب الآخرين، ويوضح الاتجاه الحالي نحو تطوير الاستثمار والسياحة توجه الدول في سياستها العامة نحو محاور تنموية أخرى لم تستغل استغلالا أمثل في السابق, وصدور أنظمة الاستثمار والسياحة حديثا يضاعف من مسئوليات السلطات المحلية في المملكة للمساهمة الفعالة في إنجاح هذا التوجه فيما تتخذه من سياسات محلية على ضوء نظام المناطق, ففي أغلب دول العالم تتبع الإدارة المحلية السلطة المركزية حسب أنظمة ولوائح محددة للصلاحيات وموضعه للقوانين وتتفاوت درجات اللامركزية فيها من دولة لأخرى, وفي المملكة العربية السعودية صدر نظام المناطق عام 1992 لتنظيم العلاقة بين السلطة المركزية والسلطة المحلية بشكل حديث يتناسب مع معطيات هذه المرحلة.
فمن خلال بعض مواد النظام نجد أن السلطة المحلية في المملكة تتحرك في إطار قانوني وتنظيمي خاضع للسلطة المركزية بهدف تلافي أي تعارض بين السياسة العامة للدولة وما تتخذه السلطة المحلية من سياسات على مستوى المنطقة.
ونلاحظ إن نظام المناطق وضع الخطوط الرئيسية لإدارة المناطق حسب المبادئ والأسس العامة التي يقوم عليها النظام السياسي للدولة, وأعطى حرية واسعة النطاق للسلطة المحلية متمثلة في الإمارة ومجلس المنطقة وفروع الوزارات المختلفة في تحديد الأهداف ووضع الخطط والإستراتيجيات للاستفادة من قدرات المنطقة واستغلال ما تملكه من إمكانيات وادوات.
وعدم تقييد مشرع نظام المناطق للمسئولين المحليين يعتبر نوعا من المرونة واللامركزية حتى يتسنى إيجاد الحلول الممكنة للقضايا المطروحة على الساحة المحلية كالقضايا الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية والعمرانية والمالية للمنطقة.
وأعطى النظام صلاحيات واسعة لأمير المنطقة منها العمل على تطوير المنطقة ومحافظاتها، وتنمية الخدمات العامة، وكذلك مجلس المنطقة من صلاحياته النظر في جميع الأعمال التي لا تتعارض مع السياسة العامة للدولة وترك المجال مفتوحا للمجلس بوضع الاقتراحات للأعمال ذات النفع العام للمواطنين وتشجيع إسهام المواطنين فيها.
هناك مواد كثيرة في النظام تتيح لمسئولي المناطق التفاعل مع ما تتخذه الدولة في سياستها العامة من قرارات وخاصة في مجال المشاركة عند وضع الميزانية أو وضع الخطة الخمسية للتنمية ويكون ذلك برفع احتياجات المناطق للجهات ذات العلاقة مثل وزارة الداخلية أو الوزارات والهيئات الحكومية، وتتحمل السلطة المحلية بعد ذلك مسئولية التنفيذ والمتابعة لهذه البرامج التنموية.
إن هذا الوضع يوضح مدى الترابط في العلاقة بين السلطة المحلية والمركزية في الجوانب الهيكلية والمالية، وأصبح في نظر بعض المسئولين المحليين نوعا من البيروقراطية الإدارية خاصة عند الرغبة في تحقيق برامج تنموية محلية أو وضع سياسة محلية تتناسب مع طموحات المنطقة وإمكانياتها.
ولكن هذا لا يعفي المسئولين المحليين من التجديد والابتكار والاعتماد الذاتي على إمكانيات المنطقة وتفعيل دور رجال الأعمال والمواطنين والجهات المعنية.
إن قدرة المسئولين المحليين ومجلس المنطقة ممكنة في تعديل وتكييف سياستهم المحلية المتبعة بما يتناسب والمتغيرات الاقتصادية والمالية في المملكة وفي إطار التشريعات القانونية والإدارية والمالية التي سنها المشرع لنظام المناطق، ومحصلة هذا التعديل له نتائج إيجابية كبيرة في مجالات متعددة وخاصة في مجال إيجاد الأفكار التنموية الجديدة وتمويلها ذاتيا.
* أهمية خصائص المنطقة في التطوير الذاتي:
تمتلك معظم مناطق المملكة خصائص إيجابية كالموقع مثل مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة أو اعتدال جوها كمنطقة عسير والباحة, وكمثال حي على تميز بعض مناطق المملكة بمصادر إنتاجية وسياحية غنية يمكن أخذ منطقة تبوك كمثال فهي تشتهر بالأراضي الخصبة الشاسعة حوالي150,000 هيكتار وقابلة للاستصلاح الزراعي وإنتاج أنواع مختلفة من المنتجات الزراعية، كما تحتوي المنطقة على ثروات معدنيةغنية قابلة للاستثمار بشكل تجاري كالحديد مثلا350 مليون طن , ومن المزايا الأخرى لمنطقة تبوك وجود مواقع أثرية كثيرة ومتنوعة تمثل حقبا تاريخية مختلفة تمتد إلى أكثر من 4000 سنة وكانت تبوك تعرف باسمتابو عاصمة للعيانيين وتوجد في منطقة تبوك أرض مدين ودادان التي أشارت لها الكتب المقدسة, كما تتميز منطقة تبوك بساحل رائع يمتد إلى أكثر من خمسمائة كيلو متر يعتبر من السواحل العذراء التي لم تستغل سياحيا وهي من افضل شواطئ البحر الأحمر ويشابه في طبيعة بحره وأجوائه الساحل المصري المقابل الموجود فيه منتجعات شهيرة عالميا كالغردقة وشرم الشيخ.
وغني عن التعريف أن مناطق المملكة حدث فيها تطورات كبيرة خلال الثلاث عقود الأخيرة سواء في الحجم أو عدد السكان وتوسع كبير في هياكلها الإدارية والاقتصادي، وكذلك توفر أغلب البنى التحتية الضرورية, هذه المتغيرات جعلت ارتباط المناطق في العالم المحيط والخارجي ينمو بشكل متزايد ومستمر.
كيف يمكن إبراز المعالم السياحية وفرص الاستثمار في المنطقة
في ظل السياسة العامة للدولة أنفقت الحكومة الكثير على المشاريع التنموية وتطوير المناطق وتوفير الخدمات الضرورية، مما نتج عنه الكثير من التحولات والتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وتناول هذا التغيير أيضا الجوانب المادية والمعنوية ونوعية الطبقات الاجتماعية وثقافتها، ونشاط الأفراد والوعي العام.
هذه العوامل ساعدت الحكومة في التوجه بعد دراسات مستفيضة نحو التوسع في الاستثمار والسياحة، وما اتخذته من قرارات مؤخرا كدعوة المستثمرين الأجانب للاستثمار وموافقتها على منح التأشيرات السياحية وزيارة المواقع الأثرية في المملكة مما يتطلب من المسئولين المحليين في هذه المرحلة النظر بعمق للإمكانيات المتاحة في كل منطقة فهناك مناطق استثمارية بحتة وأخرى سياحية والبعض الآخر يملك الميزتين معا إن ما تمتلكه بعض مناطق المملكة من مصادر إنتاجية وجمالية تتطلب تعبئة منظمة لتسويق المنطقة من خلال خطط وسياسات إعلامية موجهة ولتجيب أيضا على السؤال المطروح: كيف يمكن الحفاظ على هذه التميز؟ أو بصيغة أخرى كيف يمكن تفعيل هذه القيمة للمصادر الإنتاجية والجمالية للمنطقة واستثمارها والتعريف بها وتعميم فائدتها على المستوى المحلي والدولي.
أمراء المناطق والمسؤولون المحليون يعون أهمية وجود سياسة محلية وما تحتاج له من بذل جهد كبير في التنفيذ من خلال وضع خطط قصيرة وطويلة الأجل لتطوير المنطقة حديثة، وهذا لا يمنع أن تكون هذه السياسة المحلية تعتمد على مصادرها الذاتية في تحقيق بعض الإنجازات الممكنة والوصول إلى ماتهدف إلى تحقيقه سياسة الدولة العامة من تطور ورقي.
إن العمل على تطوير المنطقة يتطلب وجود سياسة محلية ذاتية تشمل محاور التنمية الأساسية، ولابد للمسؤولين المحليين من بذل جهود كبيرة وجبارة لإدراك وتعبئة الوسائل والأدوات التخطيطة والإدارية والاقتصادية التي تملكها المنطقة، كي تساعد بالتالي على الإجابة لأهم تساؤلات سياستهم المحلية: ماهية الأنظمة واللوائح المنظمة المختارة، ماهية الخطط المراد وضعها وأهمية المشروعات الحضارية التي تحملها، ماهو الطموح الحضاري لهذه السياسة؟، ماهي عوامل القوة التي تساهم في تحقيقها؟، كيفية الأداء والتقويم، معرفة النشاطات الفردية والجماعية في المنطقة، وأهمية التعرف على تعدد الخيارات المطروحة وبالتالي التوجه للنشاط الأكثر إقبالا من المجتمع المحلي.
أهمية وجود هيئة تنموية استثمارية محلية في المنطقة
إن ما يبذله أمراء المناطق من جهود كبيرة في تحقيق التنمية الشاملة في المنطقة يدعونا إلى الطلب من كل أمير في منطقته بإنشاء هيئة تنموية متخصصة تحت إشراف ومتابعة أمير المنطقة ويكون الهدف الأساسي من إنشائها عمل البحوث وإعداد الدراسات الاجتماعية والاقتصادية عن المنطقة للوصول إلى تصورات مستقبلية جديدة ومتوافقة مع الاحتياجات المعاصرة.
الهدف الثاني من إنشاء الهيئة هو جمع المعلومات الممكنة عن المنطقة بهدف تحديد ثرواتها ومعرفة فرص الاستثمار الممكنة سواء الزراعية أو الصناعية أو السياحية، والتعاون مع الهيئات والخبراء والمكاتب المتخصصة لعمل لوائح للقطاعات والنشاطات الاستثمارية المختلفة وفرصها واحتواء هذه اللوائح على جميع المعلومات الضرورية للمستثمر لتعطي بدورها صورة إيجابية ودفعة قوية للنشاط الاستثماري, فرجل الأعمال أو المستثمر عندما يبحث عن مكان ليستثمر فيه يتوقع الإجابة على كثير من التساؤلات لديه، مما يتطلب من المسؤولين المحليين البحث عن الوسائل المقنعة لرجال الأعمال حتى يستثمروا في المنطقة وليس خارجها, كيف تجمع المعلومات الملائمة ووثيقة الصلة؟ كيف يمكن إيصال صورة إيجابية عن المنطقة لهذا المستثمر؟ من خلال الإجابة على هذه الأسئلة يتبلور نشاط المسئولين المحليين وسياستهم في المخاطبة غير المباشرة للمستثمرين, مما يؤدي إلى إقناع رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال للاستثمار وإقامة مشاريعهم في المنقطة.
كما تقوم الهيئة بمساعدة السلطة المحلية في وضع الخطط لتطوير قطاع الصناعة والزراعة والسياحة، ويمكن للهيئة أيضا تقديم خدمة الاستشارات وتوفير المعلومات الضرورية.
كل هذه المعومات التي توفرها الهيئة تعتبر شبكة معلومات غنية وبحوث متنوعة للتنمية والتطوير ومتاحة للمهتمين في القطاعات المختلفة من مسئولين أو مستثمرين.
يمكن للهيئة أيضا أن تقدم للمسئولين المحليين الدراسات والتقارير عن احتياجات المواقع السياحية والأثرية من خدمات ومرافق ضرورية كالبنية التحتية، وتوفير الخدمات ذات الجودة للسائح أو الزائر كالخدمات الصحية والأسواق الحديثة والفنادق ووسائل الترفيه على الشواطئ مثل المدن الترفيهية وملاعب رياضية لممارسة النشاطات الرياضية المختلفة.
ويمكن للهيئة المساهمة الفعالة في التعريف بالمنطقة ومعالمها السياحية والأثرية والفرص الاستثمارية المتاحة في القطاعات المختلفة، ووضع سياسة إعلامية تسويقية للمنطقة من خلال زيادة عدد المناسبات العامة والاحتفالات، عقد الندوات العلمية والثقافية، إقامة المعارض والمؤتمرات ، النشاطات الرياضية، المهرجانات وغيرها, كل هذه النشاطات تحدث تقاربا متعدد الفوائد من أجل تعريف أفضل للجوانب الاجتماعية والاقتصادية والحضارية في المنطقة، وأخيرا قيام الهيئة إصدار المطبوعات الإعلامية للتعريف بالمنطقة مثل الأدلة الاقتصادية والسياحية وغيرها.
بطبيعة الحال إن إنشاء الهيئة يحتاج إلى دعم مادي ومعنوي من قبل أمير كل منطقة شخصيا، ودعم رجال الأعمال فيها، وأيضا دعم الجهات الحكومية الممثلة للوزارات الحكومية سواء المادية أو الفنية التي تتناسب مع طبيعة عملها حتى تستطيع الهيئة تقديم خدماتها بشكل علمي وتساهم في إيجاد الأدوات والوسائل الضرورية لتحقيق أهداف السياسة المحلية التي تنتهجها المنطقة.
alhuialy @ hotmail.com


أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved