أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 16th April,2000العدد:10062الطبعة الأولىالأحد 11 ,محرم 1421

الاقتصادية

مشهد التنمية وظاهرة الحضرنة في زمن العولمة!!
سيتحدد شكل التنمية في بداية القرن الحادي والعشرين بالعولمة وتعزيز الاتجاه الى المحلية, ورغم ان هاتين القوتين تتيحان للبلدان الفقيرة فرصا للنمو لم يسبق لها مثيل، فقد تفضيان ايضا الى الاضطراب السياسي والاقتصادي اذا لم تتم تقوية الأطر المؤسسية.
يقول شاهد يوسف مدير تقرير البنك الدولي عن التنمية في العالم 1999/2000م: منذ نشأة الدولة القومية الحديثة فإن البلدان تذهب وتجيء بين السعي الى التكامل الأوثق مع باقي العالم (العولمة) والانسحاب الى الانعزالية والحمائية في نفس الوقت الذي تسعى فيه الفئات المحلية الى قدر اكبر من الاستقلال (المحلية).
بَيدَ ان تأثير العولمة والمحلية رغم التاريخ الطويل لهما ظل ضعيفا وعابرا الى الآن, وقد تميزت العقود الختامية للقرن العشرين عن الفترات السابقة بالتعجيل المذهل للعولمة والمحلية.
لماذا العولمة؟!!
لقد دخلت العولمة في الخطاب المتعلق بالتنمية في بداية الثمانينيات، مع نشر كتاب جون نيسبيت المعنون الاتجاهات الكبرى: عشرة اتجاهات جدية تغيّر حياتنا .
وأصبحت هذه الكلمة الآن عملة رائجة وتدل على تطورات ايجابية مثل اندماج أسواق السلع وعوامل الانتاج، وتطورات سلبية مثل تلف البيئة وتلوثها وزيادة تعرض البلدان للصدمات الخارجية التي تعجل بأزمات البنوك والأزمات النقدية.
ومع ذلك، فان المرحلة الحالية من العولمة من طراز مختلف بصورة خاصة، نتيجة لازدياد حصة السلع الداخلة في التجارة والتي يجري تصديرها الآن وانجازات التقنية والتغيرات في تركيب تدفقات رؤوس الاموال والدور المتعاظم للهيئات الدولية والمنظمات غير الحكومية والشركات متعددة الجنسيات.
ويمكن تسمية عقد التسعينيات بعقد العولمة اذ كانت الاتفاقية العامة للتعرفات والتجارة (الجات) تضم 102 عضو في 1990م، وتضم منظمة التجارة العالمية التي حلت محل (الجات) 134 عضوا في 1999م, ونمت نتيجة لذلك التجارة في السلع والخدمات بضعف سرعة نمو الناتج المحلي الاجمالي خلال التسعينيات.
لقد اجبرت العولمة الدولة القومية على تركيز اهتمامها على قضايا فوق قومية، وحدت بصورة متزايدة من الاختيارات المتاحة لها, وفي الوقت نفسه، يجبر الاتجاه الى المحلية الدول على الاهتمام بدينامياتها دون القومية وعلى تلبية الاحتياجات المحلية, وقد تم تأليف عدد كبير من الكتب عن العولمة.
بَيدَ ان المحلية لا تزال تثير الدهشة والاستغراب فما هي هذه الظاهرة؟!!
الاتجاه الى المحلية هو المطالبة بالاستقلال الذاتي، وللاتجاه الى المحلية اسباب كثيرة، منها: الاستياء من عدم قدرة الدولة على تحقيق وعود التنمية، والتركز المتزايد للسكان في المناطق الحضرية, وفي عالم تقوم فيه العولمة بهدم الاختلافات الثقافية، يوجد سبب ثالث يتمثل في الرغبة في تعميق الاحساس بالانتماء الى مكان, ويتمثل سبب رابع في احتدام المنافسة بين الوحدات دون القومية في بيئة مفتوحة، بالاضافة الى احجام المجتمعات الاغنى عن تقاسم الموارد مع جيرانها الاقل غنى.
ومن الظواهر التي تدفع في الاتجاه الى المحلية وتسهم في الإحساس الناشىء بالهوية المحلية، ظاهرة الحضرنة, فمع دخولنا القرن الحادي والعشرين يعيش نصف سكان العالم في مناطق حضرية.
منذ وقت قريب عام 1975م كانت هذه الحصة اعلى قليلا من الثلث، وبحلول عام 2025م سترتفع الى الثلثين تقريبا.
وسيحدث اسرع تغير في البلدان النامية، حيث سيعيش قرابة ثلاثة ارباع الأجيال القادمة في مناطق حضرية.
وفي حين ان الحضرنة بادئة في الهبوط في البلدان ذات الدخل الأعلى، فإنها تبدأ الآن في بلدان اخرى اقل دخلا.
ومن المتوقع ان يزيد سكان الحضر ب 1,5 مليار نسمة تقريبا على مدى العشرين سنة المقبلة, وسوف يطرح معدل الحضرنة والاعداد المطلقة المتعلقة بها احد التحديات الرئيسية للتنمية في القرن القادم.
من المتوقع، ان تعزز العولمة والاتجاه الى المحلية آفاق النمو السريع والمستديم في البلدان النامية, ذلك ان زيادة توافر السلع والتخصيص الاكثر فعالية للموارد، والتداول الاكثر حرية للمعرفة والاوساط الاكثر انفتاحاً وتنافسية، وتحديث انظمة الادارة والتوجيه يمكن ان تسهم جميعا في النمو الاسرع.
بَيدَ ان هناك مخاطر ايضا، ينبغي الحذر منها فالعولمة يمكن ان تفضي إلى تعرض اكثر لتقلبات رؤوس المال، وانتشار الفقر والعنف والقلاقل.
في تقرير عن التنمية في العالم 1999/2000م يستكشف البنك الدولي سبل التغير المؤسسي بالاشارة الى القضايا الرئيسية التي سيواجهها العالم في اوائل القرن الحادي والعشرين، مثل عدم استقرار الاقتصاد الكلي في البلدان النامية، عندما تصبح اكثر اندماجا في الاقتصاد العالمي، وتغير المناخ، واللامركزية السياسية والمالية والوظيفية ، والحضرنة السريعة.
كما يذكر التقرير ان فرص العولمة والمحلية لن يتم انتهازها، كما لن يتم احتواء المخاطر، بدون مبادرات مؤسسية على جبهات كثيرة.
ورغم ان مظاهر كثيرة للعولمة، تدفقات رؤوس الاموال والهجرة والمشكلات البيئية قد استحوذت على الاهتمام العالمي خلال التسعينيات، فقد كانت القوة الدافعة نحو الاندماج العالمي خلال اكثر من قرن هي التجارة المتنامية في السلع والخدمات.
بَيدَ انه عند نهاية القرن العشرين يقف النظام التجاري العالمي عند مفترق طرق.
فهل ستزداد قوة دفع الاصلاح التجاري في قطاعي الزراعة والخدمات، وهما حاسمان بالنسبة للافاق الاقتصادية المستقبلية للبلدان النامية؟! ام ستستسلم الدول لردة متزايدة ضد الاصلاحات، منسحبة الى ما وراء حدودها ومبددة فرص التنمية؟!
يقول سايمون ايغنيت: ان كل البلدان يمكنها ان تكسب اكثر مما تخسر من انفتاح اسواقها.
ومن ثم ففي الوقت الذي تبدأ فيه جولة جديدة من المحادثات حول التجارة ينبغي ان يتعهد المجتع الدولي بالسعي الى مزيد من الاصلاحات التجارية.
ختاما اقول ان كل تغير تصحبه غالباً مخاطر عدة وقد كانت ازمة شرق آسيا رسالة تنبيه الى مخاطر العولمة، في حين تبرز الازمات المالية التي نشأت عن تصرف الولايات المتحدة في البرازيل مخاطر الاتجاه الى المحلية.
بَيدَ ان قوى العولمة والمحلية يوفران، في الوقت نفسه الكثير من حوافز التنمية اذا امكن التكيف معها وتجنب سلبياتها.
ولهذا ينبغي علينا ان نبذل قصارى جهدنا لتقليل المخاطر الى حد ادنى، لضمان ان تكون التنمية مستقرة ومستديمة.
ان الطريق المؤدي الى هذا المستقبل ممهد بالمؤسسات الجيدة عالية الفعالية والكفاءة والتقنية وذات معلوماتية متقدمة.
إعداد:د, زيد بن محمد الرماني
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
عضو جمعية الاقتصاد السعودية عضو الجمعية السعودية للإدارة

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved