أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 16th April,2000العدد:10062الطبعة الأولىالأحد 11 ,محرم 1421

مقـالات

طباق وجناس
سنتكم سنة,, ياقوم؟
محمد أحمد الحساني
يوجد في المجتمعات من لديهم القدرة على تبني الشائعات وادعاء الاطلاع على المعلومات ومن ذلك مايتصل بالتغييرات في المناصب الإدارية وعلى جميع المستويات، وليس غريباً أن تحضر مجلساً من المجالس الاجتماعية العامة فتجد فيه من يقدم للحضور قائمة بمن سوف يطلع ومن سوف ينزل وربما ألحق الأسماء بالأسباب الكامنة وراء القرارات المتوقع صدورها قريباً على حد قوله، وليس من حقك أن تسأل الذين يتحدثون بثقة مفرطة، عن مصدر معلوماتهم لا سيما إن كانوا من عامة الناس وإلا اعتبروا ذلك إهانة لهم وتشكيكا في مصداقيتهم وقد يتجاهلون السؤال ويلتفتون إلى غيرك من المتلهفين على سماع آخر أخبار التشكيلات , أما إن كان المتحدث من جماعة أبي لمعة اي أنه محترف شائعات وتشكيلات فانه يجد في سؤالك فرصة لكي يبلغك والحضور انه أطلع على الأمر عن طريق مصادر موثوقة لايرقى إليها الشك، فاذا لم يحصل ما أخبر به وتم تعيين شخص آخر محل الاسم الذي زعم انه ضمن التشكيل وسألته حانقاً أين مصادرك الموثوقة، فلا تفاجأ إن وجدته يواصل دوره التاريخي، ويزعم هذه المرة أن تغييراً ما حصل في الأسماء في آخر لحظة وأن الذي أخبره بذلك هو مصدر الثقة إياه!
وفي الحكايات الشعبية أن شيخ إحدى القبائل اراد إظهار علمه ببواطن الأمور حتى يضخّم نفسه أمام جماعته فكان يأتي بعبارة تحتمل عدة معانٍ وعدة توقعات فهو يقول لهم: سنتكم سنة ياقوم! فان حصل في ذلك العام خير وفير وغيث كثير جاءهم شيخهم يمشي الخيلاء قائلا لهم ألم أخبركم قبل شهور أن سنتكم سنة؟! وإن حصل جفاف وأمراض وموت للماشية وجوع، جاءهم يمشي المشية نفسها ويقول العبارة نفسها حتى يجيبوه قائلين: صدقت والله ياشيخ,, لقد أخبرتنا عما نحن فيه الآن منذ عدة شهور ؟!
ولعل معظم الذين يمشون في الارض بأخبار التشكيلات المزعومة هم من مدرسة هذا الرجل، ولكن نظراً لسهولة الاتصالات فان خيرهم لم يقتصر على مرابع القبيلة التي تقع بين جبلين أو أكثر ولكن المسألة تعدت إلى المدن والقرى والهجر وأصبح للشائعات دويٌ أشد من دوي قصائد المتنبي الذي زعم أنها أسمعت من به صمم!
ويقول أحد الإخوة أنه تعامل فترة من الزمن مع واحد من هؤلاء المؤلفين للشائعات الذي كان ينصحه كل يوم بشائعة جديدة وكان معظم شائعاته عن التعيينات والتنقلات، حتى ضاق به ذرعاً فأراد أن يمتحنه فقام صديق أبي لمعة باقتراع شائعة من عنده وأن فلاناً سوف يعين في المنصب الفلاني خلال الأيام القادمة وأن قراره في قسم النسخ بالجهة المختصة، فإذا به يسمع صوت أبي لمعة على الطرف الآخر من خط الهاتف وهو يؤكد له أن المعلومة صحيحة مائة في المائة وانه كان في طريقه إلى إبلاغه بها كالمعتاد وأن هذه المعلومة وصلته عن طريق مصادره الرفيعة التي يتمتع بها، ثم أخذ يتبرع بتقديم رأيه في الشخصية الإدارية القادمة وما هو متوقع منه من إصلاحات وإنجازات أو العكس، فيما يكون مخترع المعلومة على خط الهاتف يستمع للتفاصيل وهو يحوقل بينه وبين نفسه على ما يرى ويسمع!؟
ولعل المرء لا بد ان يتساءل عن الأسباب التي تؤدي الى نمو هذه الشائعات الإدارية بين فترة وأخرى وقد يجد تساؤله جواباً في أحد الأسباب التالية أو فيها مجتمعة:
اولاً:
ان سبب نمو هذا النوع من الشائعات الإدارية ما يعانيه المجتمع وأفراده من فراغ مع عجز عن ملئه بما هو مفيد فيكون هناك مجال لتداول الشائعات لاسيما مع توفر المقاولين الذين لديهم الاستعداد لإنشاء شائعات مختلفة المقاسات والاحجام والمستويات فيكون في تداولها تسلية للمجتمع وتحقيق لنزعة الشعور بالتفوق من قبل حامليها ومروِّجيها لاسيما عندما تفتح الأذان الطويلة لهم ويتابعون بنظرات الاعجاب على ما اختصوا به من نعمة الوصول الى المصادر الموثوقة؟!
ثانياً:
ان يكون السبب الثاني هو عدم الرضا عن أداء المسئولين الذين تدور الشائعات عن قرب استبدالهم بآخرين فيجد المخترعون الأرض صالحة خصبة لزراعة ما يريدون من حكايات فان تم التغيير حسب التوقعات كسبوا الجولة كلها وإن حصل التغيير ولكن بأسماء اخرى كسبوا نصف الجولة وزعموا ان النصف الآخر تعدّل في آخر لحظة وإن لم يحصل أي تغيير إطلاقاً زعموا ان القرار كله تأجل إلى حين لأسباب اطلعوا عليها ولكنها في زعمهم غير قابلة للتداول!!
ثالثاً: ان تكون هناك تسريبات معينة ولو محدودة في الأسماء المراد تعيينها أو المرشحة للتعيين مما يشجع المتداولين للشائعات على استخدام ماتسرب وإضافة أضعافها من عندهم على طريقة الجن الذين يسترقون السمع للكهنة فاذا حصلوا على خبر صغير قدموه للكاهن استخدمه بعد ان يضيف عليه مائة كذبة من عنده معتمداً على سذاجة مُريديه وانهم سوف يصدقونه في معلوماته التي جاءه بها الجنّي ويعملون له دعاية حولها، متسامحين معه بالنسبة لبقية الأكاذيب، وفي هذه الحالة فان الجهة التي سربت الخبر تشترك في المسئولية مع فرقة (أبي لمعة) فيما حصل من شائعات.
وقد بلغنا أن هناك فريقاً من أصحاب الطموحات الإدارية يقوم بنسج شائعة عن نفسه وأنه مرشح للمنصب الفلاني فاذا جاءه أصدقاؤه لسؤاله عن مدى صحة ماسمعوه تبسّم ضاحكاً من قولهم ودعاهم الى الدعاء له بالتوفيق!
فينصرف القوم من عنده وهم على يقين ان قراره سوف يصدر خلال أيام أو ساعات فان لم يحصل شيء لأن المسألة كلها من اختراعه أطلق شائعة اخرى مفادها ان المسئول الفلاني قد قعد له في الخط لخلاف بينهما في المبادىء، ثم يجد من يصدق انه من اصحاب المبادىء؟
وأخيراً فان الشائعات لا تنمو عادة إلا في المجتمعات التي يتم فيها التكتم على الأخبار المباحة واعتبار كل شيء سري للغاية حتى ورقة التقويم فيجد الهجاصون مرتعاً خصباً لهم لتأليف الشائعات بجميع أنواعها وأحجامها وفنونها الجميلة!! والله المستعان!
صفاقة عميل خائن!
وقف أحد العملاء فيما يسمى بجيش لبنان الجنوبي مصرحاً أن هذا الجيش العميل الذي حارب ربع قرن سوف يواصل نضاله إلى نهاية القرن الحادي والعشرين وأنه لن يحيد عن مبادئه مهما كان الأمر!
وكان ذلك الفأر يتحدث أمام وسائل الإعلام دون أن يرف له جفن وكأنه أحد قادة التاريخ العظام مع انه في حقيقته لايعدو ان يكون عميلاً صغيراً للصهاينة خائن لوطنه قاتل لأبناء شعبه على مدى ربع قرن، مستعداً لمواصلة قتلهم كما صرح قرناً كاملاً.
إن مثل هذه الصفاقة والوقاحة المكتنزة لا توجد إلا في أمثال هذا العميل الذي فقد الحياء تماماً ولم يعد يبالي بشيء مع انه يعلم قبل غيره ان الدائرة ستدور عليه وعلى جيشه قريباً وأنه في أحسن الأحوال سيختفي عن الانظار مرعوباً أو يلجأ الى من استخدموه وسخّروه ضد شعبه وبلده هذا ان قبلوا ان يحتضنوه بعد انتهاء مهامه القذرة وإلا فان حبل المشنقة سيكون في انتظاره لقاء ما قدمت يداه من عمالة ورخص وأعمال شائنة وسوف ننتظر لنرى غداً من الكذاب الأشر؟!
الكاتبة النحريرة
والشاعرة الكبيرة!
إحدى الكاتبات المعروفات أوردت في آخر عمودها الأسبوعي المنشور في إحدى الصحف المحلية أبياتاً لشاعرة قالت عنها إنها جديدة ولكن قامتها مثل قامة الشاعرات الكبيرات، وعندما قرأت الأبيات وجدت أنها مكسورة تكسيراً ومع احتمال ان الأخطاء المطبيعة قد تقف وراء اختلال أوزان الأبيات إلا أنني لم أجد مايبرر وصف الكاتبة للشاعرة بأنها شاعرة كبيرة أو أن قامتها مثل قامة الشاعرات الكبيرات ورأيت أن مثل هذا الوصف يضر بالشاعرة المبتدئة ولايوجهها إلى المزيد من الاتقان والإبداع وانه ليس من التشجيع الأدبي كيل المديح لشداة الأدب أو الصحافة، بل ان تشجيعهم يكون بالأخذ بأيديهم وتوجيههم وإصلاح نصوصهم لغة ووزناً وفكراً وأسلوباً ونشر بعض تلك النصوص بين حين وآخر في أماكن مناسبة من الصحيفة أو المجلة، ولعل ما أوقع الكاتبة فيما ذكر من مبالغة في وصف شاعرة مبتدئة بأنها كبيرة عدم معرفة الكاتبة نفسها بأوزان الشعر وفنونه ولكن ذلك لايعفيها من قيامها بالتصدي لفن لا تعلمه ثم إطلاق النعوت بسخاء غير محمود!
وعملاً بما ألزمنا به الآخرين فإنني احاول إصلاح بعض أبيات الشاعرة المبتدئة حسب علمي المتواضع بالشعر والعروض الذي أدركته سليقة لا تعلماً فأقول:
ان الشاعرة قالت في البيت الأول:


يا طالب الدنيا بدين لست تفقهه
دنياك شؤم وبعد الموت خسران

والصواب عروضياً أن تقول:


يا من بنيت لدنيا لا بقاء لها
دنياك شؤم وبعد الموت خُسران

وجاء بيتها الثاني هكذا:


تبني لدار أنت هادمها
هل يستوي في الفعل هدم وبنيان

والصواب عروضياً أن تقول:


تبني لدار فناء أنت هادمها
هل يستوي عندكم هدم وبنيان

وهكذا يتم تقويم بقية الأبيات,, والله أعلم!

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved