| الريـاضيـة
50 نجوم الثمانينيات,, ماذا صنع بهم الزمن,, وكيف استعد لاعبو اليوم,, للغد؟! ألف ريال أدخلت (فلتة الثمانينيات) السجن,,!! جثة مهاجم كبير بقيت في ثلاجة الموتى (6) أشهر!! سعيد غراب,, ومشكلة الديون |
كتب خالد الدوس:
ضم عقد الثمانينيات الهجرية العديد من المهاجمين الافذاذ والنجوم الكبار الذين كانت لهم صولات وجولات ونجاحات مع فرقهم وانديتهم في تلك الحقبة المندثرة وحين نصف ابرز تلك الاسماء الكبيرة التي ذاع صيتها وضربت شهرتها الآفاق في عالم الفن والابهار الكروي فيأتي كل من سعيد غراب ومبارك العبدالكريم واحمد الدنيني ورجب خميس (يرحمهما الله) على قمة هرم النجومية.
ورغم الشهرة والمال والمجد العظيم الذي حققته تلك الاسماء خلال مشوارها الرياضي الحافل بالانتصارات الذهبية والانجازات العظيمة,, إلا أنها لم تشفع لها في بناء مستقبل معيشي افضل لعدم استثمار تلك المكتسبات الاستثمار الامثل.
وعبر الجزيرة نقدم (4) حالات واقعية تحوي قصصا مأساوية وصورا محزنة عن حياة تلك الاسماء الرنانة التي كانت حياتها مستقرة وتنعم في رغد من العيش وتبدلت احوالها بين عشية وضحاها, واصبحت تعاني من مرارة الحياة وتبعاتها القاسية,, كل هذه الشجون الانسانية تطالعونها عبر هذه السطور مع ان هذه الحالات تعد نماذج لحالات اخرى عديدة ولكن نحن نستعرضها للعبرة فقط.
بلاشك يعد النجم الدولي السابق سعيد غراب الذي مثل نادي الثغر (الاهلي حاليا) في السبعينيات الهجرية ثم انتقل لنادي الاتحاد بجدة ولعب في صفوفه فترة طويلة حقق من خلالها شهرة واسعة وتألقا بديعا لدرجة انه سبق المستوى الكروي للفرق السعودية في تلك الحقبة، فهو يعد اسطورة كروية فريدة من نوعها قلما تتكرر في ملاعبنا,, وممن حظوا بمتابعة مستمرة من عشاق الرياضة بالمملكة,, امتاز هذا النجم العملاق بالمهارات الفردية العالية وقدرته الفائقة على احراز الاهداف من اصعب الاماكن,, فضلا عن حضوره الذهني داخل المنطقة وتبعا لذلك انهالت عليه العروض المحلية والخارجية,, ولكنه عاد مرة أخرى لفريقه الاصلي (الاهلي) وقاده للحصول على العديد من البطولات والانجازات الذهبية في اوائل التسعينيات.
وتوج (سعيد غراب) نجوميته اللامعة باختياره افضل لاعب بالمملكة في تلك الحقبة الفارطة ورغم أن هذا المهاجم الاسمر حظي بشهرة واسعة وبلغ مجدا كرويا رفيعا لم يبلغه اي لاعب في عصره,, إلا أن ذلك لم يشفع له ذلك في فك اسره وتحريره من قيود الحياء والخجل حين ادخلته الديون للسجن أياماً وبعد ان ضاق عليه الخناق جاءه الفرج حيث تدخل صاحب القلب الكبير والايادي البيضاء سمو الامير سلطان بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب وتكفل (يحفظه الله) بسداد ديونه البالغة (50) الف ريال عقب ان عاش (الغراب) أياما مريرة ولحظات عصيبة وهو يجد نفسه (فجأة) داخل دهاليز السجن.
رجب خميس (6) أشهر في ثلاجة الموتى!!
ثمة حالة ثانية تكشف قصة مأساوية لنجم هلال الثمانينيات اللاعب رجب خميس (يرحمه الله) الذي يعد اول لاعب في تاريخ الكرة السعودية يحرز (3) اهداف (هاتريك) في بطولة جلب بها اول انجاز لفريق الهلال في تاريخه (كأس جلالة الملك لموسم عام 1381ه) في اللقاء الذي جمع البطل بفريق الوحدة بمكة المكرمة على ملعب الصايغ بالرياض حيث شكل (رجب خميس) بمفرده هلالا كاملا استطاع ان يهزم فرسان مكة بتحركاته المزعجة وانطلاقاته الخطرة وسرعته الفائقة على تخطي المدافعين وامام هذا سعى قطبا الغربية الاهلي والاتحاد لضمه بعد ان قدموا له كل ألوان الاغراءات مستغلين (الفترة الحرة) التي تسمح بانتقال اللاعب لأي ناد يريده بلا قيود او شروط لكنه فضل البقاء في ناديه الذي قدمه للملاعب واشتهر من خلاله الى ان اعلن اعتزاله في النصف الثاني من عقد الثمانينيات الهجرية، وقبل ايام خلت حكى لشخصي لاعب الهلال السابق مبروك المتعب الشهير ب (الدبلي) قصة مأساوية لزميله اللاعب رجب خميس الذي توفي في الموسم الماضي في احد مستشفيات العاصمة (الرياض) واشار الى ان رجب خميس جاء من المنطقة الغربية وترك زوجته وأولاده هناك من اجل علاج مرضه (,,,)!! وتوفي في المستشفى وبقيت جنازته في الثلاجة (6) اشهر بعد ان رفض ذووه استلام الجثة بحجة طلبهم لنقل الجنازة للمنطقة الغربية نظرا لعدم قدرتهم (اي ذويه) على تأمين مبلغ لشراء تابوت ب (1500) ريال ونقلها بالطائرة لدفنها وتشييعها هناك وواصل حديثه قائلا قام احد مشجعي الهلال القائمين ممن يعملون في ذلك المستشفى بالتوجه لنادي الهلال وتحدث مع بعض مسئوليه حيال قصة لاعبهم السابق المتوفى ومكوثه في الثلاجة هذه الفترة في ظل ظروف ذويه وعدم قدرتهم على تأمين ذلك غير انه لم يجد التجاوب والاهتمام من أولئك المسئولين فما كان منه اي المشجع الإنسان الذي سار في طريق الخير وابتغاء وجه الله عز وجل الا ان توجه الي (والكلام على لسان الدبلي) بحكم انه يعرفني شخصيا ويدرك انني اعمل لدى صاحب السمو الملكي الامير الوليد بن طلال واخبرني عن تلك القصة فقمت وأنا في ذروة الحزن والأسى متوجها للامير الوليد بن طلال وبعد ان علم بالموضوع طلبت من سموه الكريم مبلغ (2000) ريال لشراء تابوت ب (1500) ريال و(500) ريال قيمة تذكرة نقل الجنازة بالطائرة للمنطقة الغربية لدفنها وتشييعها هناك وكعادته يحفظه الله قدم شيكاً بمبلغ (2000) ريال واستلمته فقمت بشراء تابوت وتأمين تذكرة سفر ونقل جثة رجب خميس من ثلاجة الموتى حيث تم تشييعها ودفنها هناك بعد ان بقت (6) اشهر بالمستشفى في مشهد محزن للغاية تبكي لها النفوس وتدمي لها القلوب في الوقت ذاته.
مبارك العبدالكريم ومرارة الحياة!!
الحالة الثالثة تحكي معاناة احد رموز هدافي حقبة الثمانينيات وأول قائد هلالي هو المهاجم (مبارك العبدالكريم) الذي اشتهر بالتسديد من مدى بعيد وامتلاكه لقدم قوية وممن يمتلكون فكرا كرويا عاليا,, حيث ساهم وبفعالية في قيادة (فريقه) لإحراز انجاز تاريخي فريد من نوعه تمثل في حصول الهلال على كاس جلالة الملك وتلاه كاس ولي العهد لموسم عام (1384ه) فجمع الازرق بقيادة نجمه الهداف البارع مبارك العبدالكريم كأسين في موسم واحد كأول فريق يحقق هذا اللقب الغالي.
شكل (مبارك العبدالكريم) عقدة مزمنة لفريق الشباب الذي تخصص في زيارة شباكه مرارا وتكرارا حتى وان كان في اسوأ حالاته الفنية والصحية.
حيث انضم لمنتخب الوسطى (اوائل الثمانينيات) وكان احد نجومه البارعين واستمر في ميدان الكرة حتى اعلن اعتزاله وتعليق حذاء النجومية وذلك في النصف الثاني من تلك الحقبة.
ظل هذا القائد الهلالي الفذ مضرب مثل في الاخلاص والتضحيات لفريقه لدرجة انه باع منجرته في شارع الوزير تقديرا لظروف ناديه الذي مر بظروف حالكة في سنة من السنوات.
واليوم من يشاهد اول من حمل شارة الكبتنية الزرقاء وما يعانيه من ظروف صعبة افقدته القدرة على مواجهة تحديات العيش والانفاق حيث ذكر احد زملائه المقربين وممن تربطه به صداقة قوية ومتينة وفضل عدم ذكر اسمه (,,,)!! أن احوال مبارك العبدالكريم في هذا الوقت يرثى لها فهو لا يملك سكناً ولم يتزوج ويعيش هذه الايام على (,,,)! بعد ان ضاقت به الارض ذرعا واثقلت الظروف بشتى ضروبها كاهله,,,!!.
احمد الدنيني,, وحياة البؤس!!
اما الحالة الرابعة,, التي عاشت حياة بؤس في آخر عمرها,, فهو مهاجم فريق النصر اللاعب احمد الدنيني يرحمه الله الذي جاء من فريق النهضة شبلا مغمورا وانضم لفريق النصر في اوائل الثمانينيات,, حيث تجلت موهبته التهديفية البارعة داخل الساحة الرياضية على نحو لافت للانظار لقدرته الفائقة على تخطي المدافعين بمهارة,, وبراعته على اصطياد الكرات الهوائية وترجمتها الى اهداف داخل المنطقة، فضلا عن امتلاكه لقدم قوية وبنية جسدية جيدة.
وازاء ذلك ظل (الدنيني) المهاجم الاول لفريقه الذي قاده لاحراز العديد من الانتصارات والبطولات والانجازات حتى ان الرياضيين ربطوا انجازات فارس نجد باسمه في تلك الحقبة المنقضية,, بل ان البعض وصفوه بالنجم الذي سبق زمانه لإمكاناته الفنية وقدراته التهديفية.
انضم لمنتخب الوسطى الذي شارك معه ابان دورة المصيف التي كانت تقام بالطائف عامي (86 87) وشكل مع مهاجم اهلي الرياض مبارك الناصر ثنائيا خطيرا,, واستمر في تمثيل فريقه حتى حقبة التسعينيات الهجرية حيث اعلن اعتزاله وتوديع الملاعب.
وبالمقابل قدم (هداف النصر في الثمانينيات) العديد من التضحيات والوفاء لناديه ومن ذروة إخلاصه انه قدم مبلغا من المال دعما لفريقه اثناء احد المعسكرات الخارجية طبقا لما ذكره مدافع فريق نجمة الرياض السابق فهد بن منيف الشهير ب (سعدا) الذي تربطه بالدنيني علاقة وصلة عائلية، ضاربا اروع الامثلة في الوفاء والاخلاص لناديه الذي قدمه لساحة النجومية.
وفي آخر ايامه (يرحمه الله) ظل معتمدا على دخل شهري بسيط لا يكفي لسد احتياج فرد واحد فعاش وضعا مفعما بالبؤس والمعاناة والعوز الى ان توفي (يرحمه الله) فقيرا وقد خلف بين اسوار هذه الحياة ايتاما في صورة جسدت ابلغ معاني الحزن والاسى لنجم كانت شهرته ضاربة الآفاق وحاز على صيت عال في سماء المجد.
انه الزمن الذي لا يعترف بالالقاب ولا الشهرة!!.
هدف توعوي,,!!
الجزيرة,, حين تنشر تلك الحالات المأساوية والاحداث المحزنة عن ابرز نجوم الكرة في تلك الحقبة المنقضية,, فإنها تهدف الى حث وتوعية لاعبي اليوم الذين يعيشون نظام الاحتراف او (لغة الاموال كما يقال) وينعمون من رواتبه العالية والمجزية,, فضلا عن المكافآت الكبيرة التي ينالونها عند تحقيق بطولة او انجاز,, على استثمار اموالهم الاستثمار الامثل بصورة تكفل الوقوف امام اي عائق من عوائق الحياة الاجتماعية والمعيشية مستقبلا,, عقب اعتزالهم ورحيلهم عن الملاعب,, بيد ان ثمة شريحة كبيرة من اللاعبين لم تدرك اهمية ذلك في ظل الاسراف في إشباع الرغبات بشكل تصل فيه درجة الاحساس والشعور بالمسئولية للحضيض وهنا مربط الفرس.
اعرف لاعباً دولياً كان احد نجوم المنتخب الوطني الاول الذين شاركوا في مونديال 1994م بأمريكا وممن ساهموا بفعالية في حصول الاخضر على كأس خليجي 1994 حيث حصل على مكافأة بلغت 400 الف ريال بعد تحقيق الاخضر هذين الانجازين وخلال موسم او يزيد صرف امواله في طريق (,,,) بلا تعقل او هوادة وإزاء ذلك وصل مؤشر رصيده في البنك للصفر,, في صورة كشفت مدى انحدار مستوى الثقافة والوعي لبعض لاعبينا الذين لا يدركون المعنى الحقيقي للمسئولية التي تقع على عاتقهم والمشكلة بأن هذا اللاعب لا يحمل سوى الشهادة الابتدائية,, وامام هذا سجل زميلنا اللاعب اعترافه بحجم الخطأ الذي ارتكبه في حق نفسه واخذ يؤنبها امامي شخصيا,, إنها صورة حقيقية تعكس حال بعض لاعبينا الذين هم بلا ريب بحاجة لتوجيه وتثقيف نحو بناء مستقبل معيشي افضل, وحتى لا يؤول مصير هؤلاء كمصير اسلافهم الذين شابت رؤوسهم من مرارة العيش وقساوة الحياة أحببنا وعبر هذا المنبر نقل هذه الصور المأساوية الواقعية لجيل اليوم فلعل هناك من يعتبر ويستفيد من دروس الآخرين.
|
|
|
|
|