| الاخيــرة
(2)
* المنطلق الأساسي في استراتيجية المواجهة هو التيقن من أهمية الاستقرار والأمن، واستيعاب الدروس التاريخية المعاصرة للمجتمعات التي اختل فيها التوازن الاجتماعي، واهتزت أعمدة الاستقرار، بحيث يكون الهدف من المجابهة واضحاً لالسلطة وللمواطن: الهدف هو المحافظة على الأمن والاستقرار كشرط ضروري لكل ازدهار حضاري مثمر، ترتفع فيه المؤسسات، ويرتقي في ظله الأفراد إلى مستويات عليا من العطاء والانجاز، والحياة الايجابية المثمرة.
* وهذا الأمر جوهري ومصيري لأنه في التحليل النهائي يؤكد الوجود ضد العدم،
والبقاء ضد الفناء،
والحوار الإنساني المتحضر,, في مواجهة الغابية المتوحِّشة الرعناء.
* إن من المهم أن نعلم أن الارهاب السياسي يهدف تكتيكيا إلى استثارة السلطة نحو استجابات مندفعة,, متحمسة،
* ويهدف استراتيجيا إلى هز الثقة,, بالسلطة ومؤسساتها,, وقوانينها.
* ذلك أن العنف السياسي,, لا يحسب مكاسبه وانتصاراته بالأفراد الذين يصرعهم أطفالا ونساء وشبابا وشيوخا
ولا في المنشآت والمرافق التي يتعرض لها.
* تلك في الواقع هي وسائله وليست أهدافه.
* أما هدفه الحقيقي المباشر فهو أن يعلن على الملأ بأنه قادر على أن يجتاز الحاجز الأمني.
* وهدفه الحقيقي البعيد,, هو أن يستثير السلطة، ويفقدها توازنها، لكي تستجيب لحظياً دون تمييز، وتندفع دون أن تلتقط أنفاسها، وتتأكد من مواقع خُطاها,.
* فيخترق بذلك حاجز الاستقرار الاجتماعي، والسياسي,, بعد أن اخترق الحاجز الأمني.
*وهذا الذي سبق,, ليس تنظيراً جديداً,, ولا مستحدثاً.
* فالمجتمعات المتقدمة التي واجهت العنف السياسي وتعاملت معه كمشكلة مُلحة,, استطاعت بدراستها لفلسفة العنف السياسي,, وتنظيراته ووثائقه,, وشخصياته,, ان تتعرف على اتجاهاته الاستراتيجية، وأن تستوعب على نحو علمي و مدروس منطلقاته وتكتيكاته وأساليبه،
ولذلك تمكنت من أن تحتويه، وتفرغه من شحنته، وتخفف من آثاره على مؤسساتها السياسية، والاجتماعية.
* يتوجب إذن على السلطة أن تحدد,, وتختار استجاباتها ,, بحيث تجهض الهدف السياسي والاجتماعي للارهاب.
* يجب أن تكون الاستجابة للتحدي تكتيكا مدروسا، يستوعب مساحة الفعل,, وقوته,, ومصدره,.
* وأن يكون موزونا,, وموقوتا,.
يختار,, الزمان,, والمكان والهدف.
* من المُهم أن يستقر في وعي المواطن وضميره,, أن الأمن,, والاستقرار,, لا يتجزأان ولا يفترقان.
* ليس هناك أمن لالسلطة,, وأمن آخر للمواطن,.
* وليس هناك أمن للمؤسسات وأمن آخر للأفراد.
* ذلك ,, أنه اذا تجزأ الأمن فُقد،
واذا تفرق الاستقرار ضاع،
واذا تشتتت الطمأنينة تلاشت.
* ومن هنا ,, فإن وحدة الأمن,, والاستقرار في المجتمعات المتوازنة، المستقرة، التي يسود الانسجام,, علاقة السلطة بالمواطن,, فيها,, أساس استراتيجي هام لمواجهة الارهاب ,, السياسي,, واحتوائه وتفريغه من احتمالاته ,, الملغومة,, الناسفة.
* عندما يكون أمن المواطن,, هو أمن السلطة ،
* وعندما يكون استقرار المؤسسات,, هو استقرار الفرد,.
فلن يستطيع الارهاب السياسي أن يتقدم خطوة,, واحدة نحو هدفه الاستراتيجي في اجتياز حاجز الأمن،
أو حاجز الثقة,.
أو حاجز الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
* سيكون كل مواطن ,, هو العين الساهرة على كل مرفق ومُنشأة,, وناصية شارع.
* وسيكون كل مواطن,, هو الاذن المرهفة,, على كل دسيسة حاقدة,.
او تدبير لئيم.
* هذه التوحدية الأمنية,, هي النسيج الاجتماعي القوي,, الذي لا يمكن أن تخترقه الرصاصة، او تمزقه الشظية، أو تهز أركانه,, العبوة الناسفة,.
* ويجب أن نؤكد هذه الحقيقة,, مرارا,, تكرارا,.
* لأنها تنطلق,, من ارادة الجماعة ,, واصرارها ضد ارهاب الافراد,, وطيشهم.
* وتنطلق من حق الاغلبية,, وقراراتها ضد ارهاب الافراد,, وطيشهم.
* وتنطلق من حق المجموع,, وقراراته ضد طغيان الافراد,, واستبدادهم,, وجنونهم.
* ولأنها أيضا تنطلق من حب الخير، والسلام والنماء,.
ضد جبروت النزوة،
ونزق اللحظة،
وعدمية التعصب الأعمى,.
* ان الاوطان,, الحرة المستقرة,, لا تقوم على أكتاف الجبناء,, والمتخاذلين,.
والمبادرين الى مخارج الهروب، وسلالم النجاة.
* والأمر أولا وأخيرا هو قناعة راسخة,, أصيلة بالوطن,, قضية،
وبالوطن ,, كرامة،
وبالوطن,, ترابا,, وحبا,.
ومستقبلا
* وعندما يعلم العابثون,, والمتشنجون,, وجود هذه القناعة،
واذ يشاهدون ضرباتهم الطائشة,, ترتد,, على تروسها,.
ستخيب آمالهم، وتتبدد أحلامهم،
ويجف,, لعابهم,, على شفاههم.
* إنما يصيب الارهاب السياسي مقتلا,, في مجتمعات,, قُتلت,, وشُيعت جنازتها,, منذ عهد بعيد.
* أما المجتمعات,, الديناميكية,, المتوازنة,.
حيث يعيش أمن الوطن واستقراره في ضمير المواطن، ووعيه،
* وحيث تعي السلطة مسؤوليتها,, وتستجيب في ثقة وهدوء,, ونظرة شاملة، لتحديات هذا الزمن الرديء,,وتشنجاته،
* وحيث يضطلع الفرد بواجبه تجاه وطنه قبل أن يسأل حقه منه،
فتلك مجتمعات تستعصي على العنف السياسي وتتجاوزه
دواما,, وثباتا،
وتعلو عليه,.
صوتا,, وانتصارا,.
|
|
|