| متابعة
* هافانا واس
دعا خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود مجموعة السبعة والسبعين والصين إلى التركيز على جوانب التعاون المثمر فيما بينها وكذلك بين الشمال والجنوب واعطاء المزيد من اهتمامات المجموعة الى التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وأهاب أيده الله بالمجتمع الدولي تبني خطوات عاجلة وثابتة وبشكل شامل ومتعدد الوجوه من أجل تسريع النمو والقضاء على الجوع والجهل والمرض والفقر واقامة علاقات اقتصادية دولية ترتكز على العدل والمساواة وتقوم على المنافع المتبادلة وتعتمد على أسس من المسؤوليات المشتركة بين الدول النامية والدول المتقدمة.
جاء ذلك في كلمة وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود لمؤتمر قمة الجنوب الأولى لمجموعة السبعة والسبعين المعقود حالياً في العاصمة الكوبية هافانا والقاها معالي مساعد وزير الخارجية رئيس وفد المملكة العربية السعودية إلى المؤتمر الدكتور نزار بن عبيد مدني.
وفيما يلي نص كلمة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين
فخامة رئيس جمهورية كوبا السيد فيدل كاسترو
أصحاب الفخامة
أصحاب المعالي
أيها السادة الكرام
يطيب لي أن أعرب باسم بلادي عن بالغ التقدير لفخامة الرئيس فيدل كاسترو ولحكومة كوبا وشعبها على استضافة هذا المؤتمر والجهود الكبيرة التي بذلت في سبيل اعداده وتنظيمه وانني على يقين من أن تقلد فخامته رئاسة قمتنا هذه سيكون له الأثر البالغ في انجاح أعمالها وجعل مداولاتنا تسير في جو من الوئام والتعاون وذلك لما يتمتع به فخامته من حكمة وخبرة ومراس.
تنعقد قمة الجنوب هذه في وقت يتطلب منا العمل لتفعيل التعاون وتركيز الجهود من أجل مواكبة التطورات الدولية ومسايرة المتغيرات الهامة على الساحة الدولية، ان انتهاء الحرب الباردة وافول عهد الاستقطاب الثنائي الذي طبع العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية أدى إلى بروز معالم نظام دولي جديد يرتكز على معطيات جديدة تقوم أساساً على القوة الاقتصادية والتطور التكنولوجي والتقدم الثقافي وقيام تكتلات اقتصادية اقليمية وقواعد جديدة للتجارة العالمية وبزوغ ظاهرة العولمة.
ومع أن دولنا تنظر إلى ظاهرة العولمة على أنها ظاهرة تحمل في طياتها خصائص ايجابية باعتبارها تشكل اطاراً جديداً في العلاقات الدولية يستهدف تحقيق التنمية الشاملة والمساواة بين الأمم وتوسيع آفاق التعاون بينها بما يخدم قضايا الأمن والسلام والرخاء في العالم إلا أن ما أخذ يصدر في الآونة الأخيرة من دعوات وأفكار تطالب بانتقاص سيادة الدول واعتماد التدخل في شؤونها الداخلية تحت ذرائع وحجج شتى ليعتبر تعدياً سافراً وخرقاً خطيراً لمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة الأمر الذي سوف يحرف ظاهرة العولمة عن مسارها وعما كانت تتطلع إليه البلدان النامية.
ان مجموعة السبعة والسبعين والصين مدعوة الآن أكثر من أي وقت مضى للتركيز على جوانب التعاون المثمر فيما بينها وكذلك بين الشمال والجنوب واعطاء المزيد من اهتمامات المجموعة إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية باعتبار انه لا استقرار ولا أمن بدون تنمية شاملة وهناك حاجة لقيام المجتمع الدولي بتبني خطوات عاجلة وثابتة وبشكل شامل ومتعدد الوجوه من اجل تسريع النمو والقضاء على الجوع والجهل والمرض والفقر واقامة علاقات اقتصادية دولية ترتكز على العدل والمساواة وتقوم على المنافع المتبادلة وتعتمد على أسس من المسؤولية المشتركة بين الدول النامية والدول المتقدمة.
وإننا ندعو الدول المتقدمة إلى اتاحة المشاركة الفعالة لدول الجنوب في عملية صنع القرار الدولي والتعاون المخلص المشترك من أجل صيانة كرامة الانسان وتحقيق العدالة والمساواة بين بني البشر، كما وندعو الدول المتقدمة إلى فتح اسواقها أمام منتجات الدول النامية وانهاء نظام الحماية ولابد من ايجاد صيغ وآليات مقبولة لتسهيل عملية نقل التكنولوجيا الفاحشة الغلاء إلى الدول النامية وبشروط وتكلفة مقبولة للطرفين والتعاون في صنع الحلول لمشكلة الديون وتهيئة الظروف الملائمة لانجاح منظمة التجارة العالمية كي تستكمل الرؤية المؤسسية للنظام الاقتصادي العالمي.
فخامة الرئيس
لقد أسهمت المملكة العربية السعودية في دفع عجلة التنمية في البلدان النامية والبلدان الأقل نمواً على وجه الخصوص واعتمدت ونفذت العديد من البرامج التنموية ومنحت مساعداتها السخية لهذه البلدان لتمكينها من مواجهة مشاكل الفقر والتخلف ووضعها على الطرق المؤدية إلى التنمية والاستقرار وتؤكد المملكة العربية السعودية تأييدها الكامل والقوي للمبادئ التي يقوم عليها النظام التجاري المتعدد الأطراف في اطار منظمة التجارة العالمية,ولابد من الاشارة هنا إلى أن الشكوك حيال عدالة النظام التجاري المتعدد الأطراف آخذة في التزايد وخاصة في أوساط البلدان النامية وهناك علامات على وجود صعوبات تكتنف العلاقات التجارية الدولية فعلى الرغم من الانجازات التي تحققت حتى الآن فان الشعور السائد لدى البلدان النامية هو أن المزايا التي ينطوي عليها النظام التجاري المتعدد الأطراف لم يكن لها فيها حظ أو نصيب يذكر فالبلدان النامية لديها قناعة قوية بان الاتفاقيات الحالية لجولة الارواغوي لم تنفذ تنفيذاً كاملاً حيث ان منظمة التجارة العالمية تباهي بكونها تلك المنظمة التي تقدم للعالم نظاماً قائماً على قواعد القانون الذي يحكم التجارة الدولية وينظمها ومبادئ الشفافية والقدرة على التوقع وتحقيق المنافع المتبادلة للجميع فليست هناك قواعد محددة وواضحة المعالم في اجراءات عملية الانضمام لعضوية المنظمة وليس هناك نص أياً كان يتضمن شروط وأحكام الانضمام.
ان عالمية منظمة التجارة العالمية يجب أن تتحقق في أسرع وقت لتقوية النظام التجاري المتعدد الأطراف ولابد من اتاحة المساعدة المناسبة للدول النامية الساعية إلى الانضمام وعلى هذه القمة ان تطالب بتسهيل انضمام الدول التي تتفاوض حالياً للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية وذلك بشروط ميسرة وألا يطلب من هذه الدول أكثر مما التزمت به الدول الأعضاء الحاليين في المنظمة وكذلك منح الدول النامية المرونات الكافية التي تتطلبها ظروفها التنموية, ان هناك حاجة إلى عملية انضمام شفافة ومبسطة تتمشى مع قواعد وضوابط منظمة التجارة العالمية.
فخامة الرئيس
إن الفجوة بين الدول الغنية والدول النامية تزداد اتساعاً عاماً بعد عام خاصة في مجالي التعليم والتكنولوجيا مما عمق الفروق الشاسعة بين غنى الدول المتقدمة وفقر الدول النامية وقد فشلت المفاوضات الاقتصادية بين المجموعتين فيما يسمى حوار الشمال والجنوب في التوصل إلى صيغة لجعل العلاقات الاقتصادية بين الطرفين أكثر تكافؤا ولا زالت دول الشمال تضع العقبات والعراقيل أمام صناعات الدول النامية التي تسعى جاهدة إلى دخول أسواق الدول الصناعية ومن ذلك سعي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الى ايجاد مكان لصناعاتها البتروكيماوية في أسواق الدول الصناعية المتقدمة.
فخامة الرئيس
إن القضايا التي تواجهها بلداننا والتحديات القائمة هي بالحجم والاتساع ما يقتضي منا التبصر فيها وتحليل أسبابها بموضوعية وعمق بحيث لا نكتفي بالقاء الملامة ومسؤولية نشوئها على الطرف الآخر ويتولد لدينا بالتالي شعور زائف بالارتياح والرضا ان الصراعات البينية والتهاون في الالتزام بمبادئ القانون الدولي وعدم احترام الشرعية الدولية واللجوء إلى استخدام القوة والعنف في تسوية المنازعات قد أدى إلى اهدار الطاقات البشرية واستنزاف الموارد الطبيعية فيما لا طائل فيه مما أدى إلى تعميق مظاهر التخلف الاقتصادي والاجتماعي واعاقة برامج التنمية فصار البون شاسعاً بين بلدان الجنوب وبلدان الشمال, فلا تنمية بدون استقرار ولا استقرار بدون احترام كامل لمبادئ الشرعية الدولية وبدون اعتماد الحوار والتعاون في علاقاتنا ومعاملاتنا مع بعضنا البعض ومع الأطراف الدولية الأخرى, إن بلداننا لا تزال تعاني من المشاكل والأزمات التي تقيد حركة التنمية فيها,, وتعوق مسيرة التقدم والتطور للحاق بركب الحضارة العصرية,فلا يزال العراق يرفض التعاون مع الشرعية الدولية لانهاء الأوضاع التي ترتبت على غزوه واحتلاله الكويت في عام 1990م وبما يسمح برفع المعاناة عن شعب العراق الشقيق وإلغاء العقوبات المفروضة عليه مع المحافظة التامة على سلامة العراق ووحدته الاقليمية.
كما لا يزال الاحتلال الاسرائيلي يجثم على الأراضي العربية في فلسطين والجولان السوري وجنوب لبنان وبينما جنحت الدول العربية للسلام وفق قرارات الشرعية الدولية 242 و 338 و 425 ومبدأ الأرض مقابل السلام التي تشكل المرجعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط التي أقرها مؤتمر مدريد في عام 1991م تعمل اسرائيل بكل ما بوسعها على اختلاق الأزمات ووضع العراقيل والعقبات أمام مسيرة السلام في المنطقة, وتستمر اسرائيل في رفض الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة وتتنكر للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني بما في ذلك حقه في تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة في فلسطين وعاصمتها القدس الشريف, ولذلك فانه من واجب المجتمع الدولي أن يقف بكل حزم وجدية لالزام اسرائيل بالانصياع للارادة الدولية وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات العلاقة القاضية بانسحاب اسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه الوطنية بما في ذلك حق اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف,ولا تزال الصراعات الدامية الداخلية والاقليمية الأخرى في افغانستان والصومال وجنوب آسيا والبلقان وأفريقيا تبدد الأمن والاستقرار وتعرقل عجلة التنمية في هذه البلدان مما يستدعي المطالبة بالتوقف الفوري للاقتتال واللجوء إلى الحوار والتفاهم لحقن دماء أبناء الشعب الواحد والالتفات إلى التنمية والبناء.
ومن المعوقات الرئيسية للتنمية هو تخصيص قسط كبير من المداخيل الوطنية للدول لغرض السلاح والسعي لتحقيق تفوق على الآخرين في هذا المجال وقد أثبتت التجارب أن ارتفاع مستويات التسلح لدى أي دولة لا يوفر لها أمناً بل انه يفتح المجال لسباق التسلح في المنطقة وذلك على حساب التنمية فيها,وانطلاقاً من هذا المفهوم تولي المملكة العربية السعودية اهتماماً كبيراً بجهود نزع السلاح ولا سيما اسلحة الدمار الشامل وتعمل جاهدة بالتعاون والتنسيق مع الدول العربية الأخرى لجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل,ونشعر في هذا الخصوص بقلق شديد ازاء رفض اسرائيل الانضمام لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية واخضاع برامجها النووية للرقابة الدولية كما يهمنا زيادة فعالية معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية وذلك عن طريق تفعيل نظام الضمانات وجعل المعاهدة ذات صبغة عالمية بشكل إلزامي الأمر الذي يساهم بشكل كبير في تحقيق بيئة آمنة في العالم.
فخامة الرئيس
ان شعوبنا تتطلع إلى هذا اللقاء الكبير يحدوها الأمل في أن تكون مقررات هذا المؤتمر على المستوى الذي يحقق لها طموحاتها في العيش في أمان من الخوف والجوع وبما يوفر للأجيال القادمة حياة أفضل وغداً أكثراً اشراقاً وطمأنينة.
أكرر شكري وتقديري مرة أخرى لفخامتكم ولحكومتكم على كل ما بذلتموه من جهود.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
|
|
|
|
|