| عزيزتـي الجزيرة
قال تعالى: (إن في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما انزل الله من السماء من ماء فأحيا به الارض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والارض لآيات لقوم يعقلون)164البقرة.
لقد خلق الله سبحانه وتعالى السموات والارض ومابينهما وخلق الليل والنهار والشمس والقمر وأبدع في خلقه وأعجز ودعا البشر إلى التفكر في هذه المخلوقات والتأمل في صنعها وبديع تركيبها.
وما اجمل ما قاله الشاعر قديماً:
تفكّر في نبات الأرض وانظر إلى آثار ماصنع المليك عيونٌ من لُجينٍ شاهدات بأن الله ليس له شريك |
وأزعم أن الجغرافيين هم من اكثر فئات المجتمع استجابة لهذه الدعوة، حيث إن التفكر في المخلوقات من اساسيات علمهم وركائزه الثابتة، يقول الشيخ عبدالعزيز العقل حفظه الله: إن الجغرافيين من اقرب الناس إلى معرفة الله سبحانه وتعالى بالإضافة إلى ذلك فإن الجغرافيا والمعلومات الجغرافية الموجودة في القرآن الكريم من أفضل طرق الدعوة إلى الله وكذلك إثبات نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم، فعندما ظهرت مثلاً نظرية ان الاكسجين يقل اذا ارتفعنا الى طبقات الجو العليا في قرن ماض قلنا لهم إنها في كتاب الله منذ اربعة عشر قرنا ويزيد, قال تعالى (فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لايؤمنون)125سورة الأنعام.
وعالم البحار الفرنسي الذي ذهل عندما علم عن قوله تعالى: (او كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض اذا اخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نوراً فماله من نور)40 سورة النور وكيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم بما علمه الله واطلعه على تلك الاسرار،من تراكب الأمواج وان البحر عبارة عن ظلمات بعضها فوق بعض مع العلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعش عند ساحل البحر ولم يركب البحر في حياته، إذاً من الذي اخبره هذه الاسرار التي يصعب على الإنسان الحصول عليها مالم يكن قد درس البحر وعلومه وبصورة مستفيضة ودقيقة, مما سبق يتضح جليا أن الدعوة إلى الله عن طريق الجغرافيا من افضل طرق الدعوة الى الله لان كثيراً من البشر الذين هم على غير ملة الإسلام لايقرّون ولايفقهون القرآن الكريم ولكن إذ استخرجنا من العلوم الجغرافية الموجودة في القرآن الكريم وشرحناها لهم وخاصة العلماء منهم والمفكرين نجد أنها تؤثر فيهم وتخرسهم عن المجادلة، وكثير منهم يسلمون وبقناعة تامة, إن الإنسان الذي يقوم بدعوة إلى الله لابد ان يكون مطلعا على النظريات الجغرافية أوملما بعلوم الجغرافية لان الجغرافي بالإضافة الى انه يعرف النظريات يعرف كذلك معلومات عن البلدان وعن البيئات وعن الشعوب وعن طرق عيشهم، لان معاملة اهل الجبال تختلف عن معاملة أهل الوديان، وأهل السواحل يختلفون في تفكيرهم عن اهل المناطق الداخلية، وهذا يتطلب شخصية معينة تعرف كيف تتعامل مع كل هذه الأجناس والأنواع، وهذه الشخصية تتجسد في الجغرافي لأنه يجوب بلاد الدنيا وهو في مكانه وبين كتبه، يعرف عنها ما لايعرفه غيره، لذا ينبغي الاستفادة من الجغرافيا في هذا الميدان المهم وهو الدعوة إلى الله، والرسول صلى الله عليه وسلم عندما بعث معاذا إلى اليمن أعطاه درساً في الجغرافيا عندما اخبره عن حالة أهل اليمن من الناحية الدينية وكيفية التعامل معهم، لذلك ينبغي على الداعية دراسة الشعوب التي سوف يذهب إليها وكذلك دراسة بلادهم ومعرفة النظريات العقلية الجغرافية للرد عليهم, أما الجغرافي فان الحمل عليه اكبر لأنه يمتلك هذه المعلومات والامكانيات للدعوة إلى سبيل الله سبحانه وتعالى بالتي هي احسن.
وفي الختام ماكان في هذا المقال من صواب فمن الله وماكان به من خطأ فمن نفسي والشيطان وأعوذ بالله منه كما أود أن اشكر جريدة الجزيرة على ما تقدمه من جهود لخدمة هذه البلاد ومواطنيها، وماتهيئه من مساحات مناسبة لأهل التخصصات العلمية والإنسانية لخدمة وتنوير القراء.
والله يحفظكم ويرعاكم
عبدالرحمن بن سليمان النصيان المعيد في قسم الجغرافيا جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية |
|
|
|
|