أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 14th April,2000العدد:10060الطبعة الأولىالجمعة 9 ,محرم 1421

تقارير

(ستاسي) أسوأ جهاز مخابرات في العالم
استخدم مواد إشعاعية خطيرة ضد الألمان الشرقيين المنشقين خلال السبعينيات والثمانينيات
* برلين د,ب,أ كليف فريمان
لقد كان يوما ما واحدا من اكثر الشخصيات قوة في الشرق الشيوعي، والآن فإن اريخ ميلكا البالغ من العمر اثنين وتسعين عاما، هو شخص منحني الظهر يعاني من الشيخوخة، وقعيد كرسي متحرك في منزله بأحد الاحياء الكئيبة بشرق برلين.
وبعد ان تم انتزاع كل سلطته وامتيازاته منذ زمن بعيد، فإنه من الصعب الآن الاعتقاد بأن هذا الرجل المسن الهزيل البنية كان يوما ما رئيس جهاز المخابرات السيىء السمعة ستاسي الذي كان يطلق عليه اسم وزارة امن الدولة في دولة ألمانيا الشرقية الشيوعية سابقا.
وقد تعرض ميلكا للمحاكمة بعد اعادة توحيد المانيا إلا انه نجا من حكم بالسجن لمدة ستة اعوام بسبب حالته الصحية.
واليوم، فهو غير معروف لمعظم صغار السن من الشباب الذين يعيشون في الضواحي التي كانت شيوعية شرقية من برلين: انه مجرد اثر قديم ومزدرى من العهد السيىء، عندما كان جهاز ستاسي يفرض رقابته على ارواح ستة عشر مليون مواطن في الشرق.
وفي حين انه اصبح شخصية نكرة، إلا ان القليل فقط من الاشخاص في شرق ألمانيا هم الذين يمكنهم نسيان شبكة المخابرات الضخمة التي اقامها ميلكا وترأسها على مدى عقود في المانيا الديمقراطية السابقة المانيا الشرقية .
وبعد عشرة أعوام من زوال سور برلين فإن هيئة جاوك التي اقامتها الحكومة الالمانية للنظر في الملايين من ملفات ستاسي التي خلفتها وزارة أمن الدولة السابقة مازالت تتعامل مع عشرات الآلاف من الطلبات من مواطنين حريصين على معرفة الى اي مدى تم التجسس عليهم في السنوات السابقة.
وهناك ملايين الملفات الشخصية في منشآت هيئة جاوك ببرلين تحتوي على ثروة من الحقائق حول كل شخص تقريبا في ألمانيا الشرقية السابقة.
وقد يكشف القاء نظرة على احد هذه الملفات، عن الذوق الموسيقي لاحد الاشخاص فضلا عن آرائه السياسية وعن حضوره حفل عيد ميلاد قبل عشرين عاما واي فضائح او شؤون تورط فيها وهكذا.
وفي بعض الحالات كان جهاز ستاسي يعرف عن حياة الاشخاص اكثر مما يمكن لهؤلاء الضحايا تذكره بأنفسهم.
ويقول المؤرخون العاملون مع هيئة جاوك والتي اكتسبت اسمها من اسم القس السابق في مدينة روستوك يواخيم جاوك الذي يتولى مسؤولية إدارة الاكوام اللانهائية المتراصة من الملفات ان وزارة ميلكا كانت قاسية ولا رحمة عندها في تعاملها مع الاشخاص الذين كانت تعتبرهم غير موالين للدولة.
وقد كشفت الوزارة المصغرة لجاوك مؤخرا عن ان عملاء ستاسي قد استخدموا عدة مواد اشعاعية نشطة وخطيرة ضد بعض الالمان الشرقيين المنشقين خلال السبعينيات والثمانينيات.
وقد أثار هذا الكشف موجة اشمئزاز في المانيا شرقها وغربها، وفي عام 1988 وحدها قام جهاز ستاسي، كما تردد، بدفع اربعين الف مارك ثمنا لمواد اشعاعية نشطة، تم شراؤها من مؤسسة روزيندورف السابقة للابحاث النووية القريبة من دريسدن.
واحتفظ مسؤولو ستاسي ايضا بسجلات اداء تحوي تفاصيل عن المواد التي طلبتها وتلقتها بموجب اتفاقية وقعها ضابط في جهاز ستاسي برتبة ليفتنانت كولونيل مع رئيس معهد روزيندورف في عام 1972.
ويذكر ان الجاسوس الراحل كلاوس فوكس الذي كانت مهمته التجسس في المجال الذري خلال الحرب العالمية الثانية ظل يعمل في معهد روزيندورف على مدى عشرين عاما بعد اطلاق سراحه من السجن في بريطانيا في اواخر الخمسينيات.
وفيما يبدو فإن رودولف باهرو الكاتب العلمي الذي خاب ظنه في النمط الشيوعي السائد في جمهورية المانيا الديمقراطية في منتصف السبعينيات كان واحدا من الضحايا البارزين لجهاز ستاسي.
ففي عملية غير عادية في عام 1977 عالج جهاز ستاسي نسخا من مخطوط سري للغاية كان باهرو يريد من الناس في الشرق قراءته بمواد خطيرة ذات نشاط اشعاعي.
وادى هذا العمل من جانب وزارة امن الدولة الى تمكين عملاء ستاسي من تحديد الاشخاص الذين تلقوا المخطوط والذين على اتصال منتظم مع باهرو.
وفي صيف عام 1977 ابلغ باهرو صديقه الموسيقي يواخيم لوكيوس بخططه الرامية الى توزيع هذا المخطوط في الشرق.
وكان ذلك خطأ فادحا حيث ان لوكيوس كان مرشدا لجهاز ستاسي ويعمل تحت اسم رمزي هو رولف اندرسون وذلك وفقا لما ذكرت مجلة دير شبيجل الالمانية الاخبارية.
وبعد تحذيرهم قام عملاء وزارة امن الدولة بشن حملة ضد هذا الكاتب، شملت استخدام مواد ذات نشاط اشعاعي وتم في وقت لاحق القاء القبض على باهرو وحكم عليه بالسجن لمدة ثمانية اعوام، وامضى باهرو ستة عشر شهرا في سجن باوتسين المرعب وذلك قبل ان يسمح له بالذهاب الى الغرب.
ولعدم شعوره بمعالجة مخطوطاته بالمواد المشعة من جانب ستاسي، قام باهرو بنفسه بحزم هذه المخطوطات وارسالها الى باهرو وانهم تسببوا في اصابته بمرض السرطان الذي كان السبب في وفاته في عام 1997.
وكانت زوجته التي انفصل عنها، قد انتحرت قبل ذلك بأن القت بنفسها من قمة سارية النصر الشهيرة المعروفة باسم زيجرزويله ، بحديقة حيوان برلين.
وانطلقت شائعات العام الماضي تقول ان ستاسي استخدم عمدا آلات لأشعة اكس لاطلاق مستويات من الاشعاع على السجناء المنشقين في جيرا بشرق ألمانيا خلال سنوات الحرب الباردة.
وقد غذى هذه الشكوك، وفاة اثنين آخرين من الالمان الشرقيين بمرض السرطان في السنوات الاخرة وهما الكاتب يورجين فوكس والممثل والمغني جيرولف باناخ.
وكان المنشقون من الالمان الشرقيين قد امضوا فترات في سجن ستاسي في جيرا، حيث تعرضوا لاشعة اكس اثناء تلقيهم علاجا طبيا.
وفي حين لم يتمكن المحققون من تأكيد تلك الشائعات يقول مسؤولون في حكومة برلين ان هناك ادلة تثبت استخدام ستاسي لمواد ذات نشاط اشعاعي ضد بعض المواطنين في جمهورية المانيا الديمقراطية السابقة.
ويقول هؤلاء المسؤولون ان ذلك لا يعني ضرورة تقديم أناس للمحاكمة في المستقبل القريب، وذلك لأن المهلة المحددة للمقاضاة قد انتهت في معظم الحالات.
أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved