| تقارير
* بيروت د,ب,أ
من هم العملاء في الشريط الحدودي الذي تحتله اسرائيل في جنوب لبنان منذ 22 عاما وتعد بالانسحاب منه في غضون أشهر؟ وكم هو عددهم؟ وماذا ينتظرهم؟.
هم، وفق سلم الخطأ والصواب الذي تعتمده سلطات بيروت قرابة 9,925 شخصا او عشرة في المائة من السكان الدائمين البالغ عددهم 100,000 شخص في المنطقة المحتلة التي لا تتجاوز العشرة في المائة من مساحة لبنان الكلية التي تصل في مجموعها الى 10,252 كيلو مترا مربعا.
وتتألف شريحة العملاء الذين صدرت بحقهم احكام قضائية ومذكرات ملاحقة وتوقيف من 3,235 مقاتلا شاركوا في ميليشيا جيش لبنان الجنوبي المتحالفة مع اسرائيل منذ اندلاع الحرب الاهلية في عام 1975 وقد قتل 635 شخصا منهم في اشتباكات مع تنظيمات فدائية فلسطينية ويسارية لبنانية وإسلامية وبقي منهم 2,600 شخص,الأموات، تصفهم قيادتهم التي يتولاها اللواء المتقاعد من الجيش اللبناني انطوان لحد، بأنهم شهداء لبنان فيما يطالب حزب الله الحليف التنفيذي لحكومة بيروت في حرب تحرير الشريط الحدودي بنبش قبورهم والقاء عظامهم خارج لبنان,أما الاحياء من مقاتلي ما يعرف في بيروت بميليشيا لحد العميلة فتنتظرهم منصات الاعدام او السجون بعد الانسحاب الاسرائيلي.
أحدهم استخدم هاتفا تابعا لشبكة الاتصالات الاسرائيلية منذ عشر سنوات زودته به مؤسسة تلفزة عالمية ليعمل مراسلا صحفيا لها في الشريط الحدودي فصدر بحقه من بيروت حكم غيابي بالسجن مع الاشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات.
جورج شاهين يختصر المأساة بابتسامة ساخرة ووجه بشوش وحديث يغلب عليه طابع السخرية, مستقبل الشاب الاب الذي لم يتجاوز ال29 ربيعا يتلخص في حقيقة واحدة: حكمان غيابيان بالسجن 22 عاما في بيروت: 15 سنة بتهمة تعامل وسبع سنوات بتهمة سيارات .
وعندما سئل عن معنى تهمة سيارات اوضح شاهين انه تاجر سيارات مافيا وهو التعبير المستخدم للاشارة الى السيارات التي تسرقها تنظيمات الجريمة المنظمة في اوروبا وتباع في الشريط الحدودي وغيره من المناطق التي لا يسود فيها حكم القانون، ويقدر شاهين عدد سيارات المافيا التي بيعت في المنطقة المحتلة منذ عام 1994 بنحو اربعة آلاف سيارة,واوضح شاهين انه عندما بدأت الحرب كان عمري اربع سنوات، ملعب المدرسة في بلدتي القليعة اصبح مشغلا لتصليح العتاد والآليات,
أنا عميل يقول شاهين ويضحك، العبارة ليست فقط تصريحا بالحال التي تصفه بها حكومة بيروت، انها عنوان مسرحية سيقدمها مع مجموعة من اصدقائه العملاء على مسرح نادي بلدة القليعة في الاسبوع الاخير من نيسان/ابريل الجاري للسخرية من واقعهم على طريقة المثل العربي الشائع: كالطير يرقص مذبوحا من الالم,المسرحية، كما لخصها شاهين، تصور واقع مقاتل من ميليشيا الجنوبي تصفعه صديقته بعبارة انت عميل فيستفيق على واقع انه عاجز عن تأمين مستقبله ومحاصر بالسلطة اللبنانية التي تريد القبض عليه واسرائيل التي تمنعه من المغادرة عبر اراضيها، فيقرر تصميم منطاد ليهرب به .
ويقول شاهين انه اثناء عملية إعداد المنطاد التي تنفذ بطريقة كوميدية ينهض من بين الاموات شهيد، يسألني لماذا المنطاد؟ فأقول: للهرب, يجيبني بأنه قتل من 25 سنة كي نبقى نحن في قرانا، ولكنني اصر على الهرب، فيطلب ان اصطحبه معي كي يجد وطنا لائقا يدفن فيه الى الابد .
أنا عميل عنوان صارخ لاكثر من مسرحية هزلية في الشريط الحدودي المحتل، هو عنوان لواقع يائس قد يدفع الى الانتحار او تكون نتيجته حياة اسوأ من الموت.
العسكرية، كنا نلعب بالذخيرة الفارغة وبدل لعبة شد الحبل كنا نتنافس في شد حبل المدافع التي يتم احضارها للصيانة، طفولتنا كانت هكذا ,المستقبل، على ابواب الانسحاب الاسرائيلي الموعود وعودة سلطة حكومة بيروت الى المنطقة المحتلة ايقظ الواقع القاسي في عيني شاهين ليواجه حقيقة ان الطريق الوحيد المفتوح أمامه هو الى السجن لمدة 22 عاما، بعيدا عن زوجته وابنه البالغ اربع سنوات من العمر,ويقول بحماسة المستميت عندما كنت في الرابعة بدأت الحرب,, بقينا هنا، وحبي دافع عن بلدتي ضد الفلسطينيين، دولتي لم تحمني حينها مع ان الفلسطيني كان عدوها، فهل تريدني الدولة اللبنانية ان ارتكب الآن بحق ابني نفس خطأ ابي؟ سنبقى هنا، ليس عندنا خيار آخر، فهل تريدنا الدولة اللبنانية ان نقاتلها ويكبر جيل آخر من اللبنانيين في الظروف التي عشناها؟ .
قيادة مليشيا لحد، التي أعلنت انها ستبقى في المنطقة اذا انسحبت اسرائيل، تطالب الدولة اللبنانية بأن تقوم بإلغاء الاحكام والمذكرات القضائية الصادرة بحق المطلوبين في الشريط وبتأمين وظائف في القطاع العام لمقاتليها اسوة بمقاتلي الميليشيات اللبنانية المختلفة التي تصارعت في الحرب الاهلية والتي تمتعت بقانوني العفو والاستيعاب ولكن الاستجابة غير مؤمنة، حتى الآن.
|
|
|
|
|