| أفاق اسلامية
من النظم السياسية التي جاء بها الاسلام وحث عليها مما قد تخفي على بعض الناس معاملة الاسير والذي يعتبر في الاصل انسان حربي معاد للاسلام واهله، محارب لله ورسوله صاد عن سبيل الله بكل ما أوتي من قوة، غير انه وقع في الاسر.
فقد كانت الامم السابقة على اختلافها تعامل الاسرى معاملة سيئة وتتمعن في التنكيل بهم وحرمانهم من ادنى حقوقهم الإنسانية، وحين جاء الاسلام وهو دين الرحمة والمودة والاحسان في كل شيء وردت في الكتاب العزيز وسنة رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو البر الرؤوف الرحيم كما وصفه ربه بذلك، اقول وردت ايات واحاديث صحيحة في هذا المجال العظيم مما له علاقة بتنظيم العلاقات السياسية والدولية في الاسلام يقول الله تبارك وتعالى ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا, انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا انا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم اطعموا الجائع وفكوا العاني يعني الاسير وعودوا المريض.
كما ورد في صحيح الامام البخاري رحمه الله ذكر قصة ثمامة بن أثال زعيم بني حنيفة في اليمامة بلاد نجد والذي دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الاسلام فأبى، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة فجاءوا بذلك الرجل فربطوه في سارية من سواري المسجد فخرج اليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما عندك يا ثمامة؟ فقال: عندي خير يامحمد، ان تقتلني تقتل ذا دم وان تنعم تنعم على شاكر، وان كنت تريد المال فسل منه ما شئت، فتركه حتى اذا كان الغد قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: ما عندك يا ثمامة؟ قال: ما قلت لك، ان تنعم تنعم على شاكر,, فتركه حتى كان بعد الغد فقال: ما عندك ياثمامة؟ فقال: عندي ما قلت لك, فقال اطلقوا ثمامة، فانطلق الى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال: اشهد ان لا إله إلا الله وأشهد ان محمدا رسول الله، ثم قال: يامحمد والله ما كان علي وجه الارض وجه ابغض اليّ من وجهك، فقد اصبح وجهك احب الوجوه اليّ, والله ما كان من بلد أبغض اليّ من بلدك ، فأصبح بلدك أحب البلاد اليّ، وإن خيلك آخذني وأنا اريد العمرة فماذا ترى؟ فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره ان يعتمر ، فلما قدم مكة قال له قائل منهم صبوت قال لا ولكن أسلمت مع محمد صلى الله عليه وسلم ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الى آخر ما ورد في تلك القصة العظيمة.
فتنبه أخي الكريم الى ما ورد في تلك القصة من الدروس والعبر ومنها: حسن معالمة النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الاسير وإكرامه ووضعه في المسجد ليراقب ما يفعله المسلمون من صلاة ودعاء وقراءة القرآن الكريم وليشاهد عن قرب التطبيق العملي لهذا الدين الحنيف,, فكانت النتيجة تحوله الى الدين الاسلامي بسرعة وكونه اصبح داعية الى دينه الجديد بكل عزة واباء.
ومنها جواز استخدام الامكانات الاقتصادية للتضييق على العدو وهو ما يسمى اليوم بالحصار الاقتصادي.
ومنها ان ولي الأمر مخير فيما يتعلق بالأسير بين اربعة امور حسب مصلحة الامة وهي المن والفداء والقتل والرق.
واما المراد بقوله ان تقتل تقتل ذا دم اي تقتلني يا محمد فلك الحق في ذلك وقيل: ان تقتلني فسوف يطالبك قومي بدمي وكان زعيما مطاعا في قومه.
اذا علم ذلك وما كان يفعله الاسلام في حين قوته وانتصاره مع الاسرى فانظر الى ما يفعله اعداء الاسلام حين تدور الدائرة على اهل الاسلام ويقع بعضهم في الاسر وما يلاقونه من قسوة وانتهاك لابسط حقوق الانسان وما حدث في الاندلس والبوسنة والهرسك وفلسطين والشيشان وغير ذلك ليس منا ببعيد، فاعتبروا يا أولي الابصار.
* كوالالمبور ماليزيا mustashar@makloob.com
|
|
|
|
|