| أفاق اسلامية
* حوار: فهد بن راشد الغميجان
يوم عاشوراء يوم عظيم له ذكرى تاريخية عزيزة على نفوسنا، يوم نجى الله فيه موسى وقومه، واغرق فرعون ومن معه، اليوم العاشر من الشهر المحرم، ولذا سمي بيوم عاشوراء، فصومه يكفر السنة الماضية وزلاتها وذنوب تلك السنة ما اجتنبت الكبائر باذن الله، فعلاً انها فرصة لمراجعة النفس والمبادرة لصيامه وهو يوافق والله اعلم يوم غد السبت.
وبهذه المناسبة التقينا بفضيلة الدكتور صالح بن غانم السدلان استاذ الدراسات العليا بقسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية الذي بين مراتب صيام هذا اليوم المبارك، فاليكم طيات هذا الحوار:
* فضيلة الدكتور مع إطلالة عام جديد ندخل في شهر محرم فيه يوم مبارك الا وهو يوم عاشوراء، فما فضل ذلك اليوم، وما حكم صيامه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه اجمعين اما بعد: فشهر الله المحرم هو احد الاشهر الحرم التي عظم الله امرها، وذكر فضائلها فقال سبحانه: ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها اربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن انفسكم وهذه الاشهر الحرم هي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم وشهر رجب، واشهر الله المحرمة هي هذه الاشهر وفضلها عظيم، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم محرم كاملاً فلما فرض رمضان ترك صيامه، وفيه اليوم العاشر، وفضله في صيامه، ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم علم ان اليهود يصومون ذلك اليوم فسأل لماذا تصومون ذلك اليوم؟ فقالوا: هذا يوم نجى الله فيه موسى وقومه ونصومه شكراً لله، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:نحن اولى منكم بموسى، فأمر الرسول بصيامه، والصيام الذي يشرع بهذه المناسبة هو صيام اليوم العاشر، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لما صام اليوم العاشر قال:لئن عشت الى قابل لأصومن يوماً قبله او يوماً بعده، وقال: خالفوا اليهود صوموا يوماً قبله او يوماً بعده ، وعلى هذا يكون صيامه على ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: صيام ثلاثة ايام، يوم التاسع ويوم العاشر ويوم الحادي عشر، وهذه المرتبة اكملها.
المرتبة الثانية: صيام التاسع والعاشر او صيام العاشر والحادي عشر.
المرتبة الثالثة: صيام العاشر فقط، فان النبي صلى الله عليه وسلم صام العاشر وتمنى ان عاش الى قابل ان يصوم التاسع مع العاشر او الحادي عشر معه، ولكنه لم يعش عليه الصلاة والسلام.
اما مسالة الاعمال، فليس هناك اعمال تشرع في هذا اليوم كما يظن البعض، والناس على اختلاف، فقد ابتدعوا بدعاًعظيمة، وتختلف هذه البدع من طائفة لاخرى ومن بلد لآخر، فهناك من يوسع في نفقته علىاهله فتراه يشتري الحلوى والملابس، ويحتفل بهذا اليوم، فذلك لا اصل له، ومنهم من يصوم الايام السبعة الاولى من هذا الشهر وبعضهم يصوم التسعة الاولى وكذلك لا يشرع عمرة فيه، ولا يشرع تعظيم هذا اليوم بذكرى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وإلقاء الخطب، كل هذه من الامور المبتدعة، في هذا اليوم لا يشرع إذاً الا الصيام فقط.
* فضيلة الشيخ هل الاعمال في هذا اليوم تضاعف الاجر؟
لا,, الاعمال في يوم عاشوراء لا تضاعف، فهذا الشهر محرم وعظيم، من ضمن الاشهر الحرم التي من الله بها على عباده فان الناس في الجاهلية كانوا في خوف وفتنة وتعد وتسلط فكان الناس في الجاهلية يحترمون هذه الاشهر الحرم، ولهذا فالله سبحانه قال في كتابه: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياماً للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد,, ففي الاشهر الحرم مصالح عظيمة للناس لما لها من الامان والبعد والكف عن التعدي والتسلط الذي يكون عليه الناس في الشهور الاخرى.
اما نحن فقد جاءنا الاسلام وجعلنا نعيش في امان واستقرار وعبادة وشكر لله عز وجل.
فإذاً: الاعمال والصوم لا يضاعف أجرها في هذا اليوم، فان الله عز وجل يقول: كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر امثالها الى سبعمائة ضعف الى اضعاف كثيرة الا الصوم فانه لي وانا اجزي به ، فالصوم لا يعلم ثوابه الا الله.
اما الاعمال الحسنة بعشر امثالها الى سبعمائة ضعف.
* ومتى كان تاريخ ذلك اليوم، وما موقف الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام من هذا اليوم؟
اما تاريخ هذا اليوم الذي انجى الله فيه موسى وقومه واغرق فيه فرعون فهو اليوم العاشر من هذا الشهر المحرم، اما تاريخ اليوم الذي صامه الرسول صلى الله عليه وسلم فهو في السنة التاسعة، فقد استجاب الصحابة لهذا اليوم وصاموا ونادى المنادي في ضحى ذلك اليوم انه من صام ولم يفطر فليكمل امساكه بالصوم، ومن افطر فليصمه وليمسك عن الاكل.
* وما موقف الاديان الاخرى من هذا اليوم، وما حقيقة تلك البدع التي ترتكب بمناسبة ذلك اليوم؟
اما موقف الاديان الاخرى فاليهود كانوا يصومون كما جاء عنهم، ولعلهم غيروا وبدلوا لان اليهود اهل تغيير وتبديل، فلا ندري هل هم غيروا وبدلوا ام بقوا على صومهم، اما الاسلام فليس هناك عمل مشروع ومعروف غير الصوم.
* الى ماذا تعزون تفريط كثير من الشباب هداهم الله في استغلال فرص طيبة ذات اجر عظيم كصيام يوم يكفر سنة ماضية، ما علاج ذلك التقصير؟
لاشك ان سبب ذلك التقصير هو الجهل بالحكم الشرعي، التكاسل عن هذه العبادة، وهي نافلة تشرع وينبغي لمن استطاع وتمكن ان يصوم، وينبغي توجيه وتوعية المسلمين وعامة والشباب خاصة.
* فضيلة الدكتور، الرسول صلى الله عليه وسلم: امر بصيام هذا اليوم، فهل هذا الامر يعني الوجوب؟
النبي صلى الله عليه وسلم فعلاً امر وصام ولكنه ليس على الوجوب، لان الله عز وجل قال: وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وقال سبحانه وتعالى: يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم والمراد به صوم شهر رمضان، والرسول صلى الله عليه وسلم قال:بني الاسلام على خمس ذكر منها صيام رمضان.
* فضيلة الشيخ، انقضت سنة وحلت سنة جديدة، فما تعليقكم على تسارع الزمان، من خلال نصيحة توجيهية للمسلمين، من التفكر لهذه النقلة السريعة، حتى يتسنى المبادرة للتوبة والعمل الصالح انطلاقاً من هذا اليوم الفضيل؟
لاشك ان تصرم الايام والليالي وسرعة مضيها ومرورها كما قال عز وجل:يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا ، فهذه عبرة وذكرى وموعظة، فالايام الماضية لا يمكن ان تعود، ولا يمكن للانسان ان يتدارك ما فيها الا بالتوبة، ويتدارك اخطاءه بالتوبة، لاشك ان فيه عظة، قال تعالى:وما نرسل بالآيات الا تخويفاً ، فانه كل يوم يمضي يقربه من الآخرة ويبعده عن الدنيا، فلابد من التوبة والاستغفار والاستعداد والاتعاض، يقول سبحانه: افلم يسيروا في الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ويقول عز وجل: افلم يسيروا في الارض فتكون لهم قلوب يعقلون بها او آذان يسمعون بها وقال جل وعلا: ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد .
|
|
|
|
|