Sunday 9th April,2000 G No.10055الطبعة الاولى الأحد 4 ,محرم 1421 العدد 10055



يوم أن بكى القصيم
رحم الله فضيلة الشيخ محمد المنصور

المكرم رئيس تحرير صحيفة الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مع تسليمنا بقضاء الله وقدره إلا أن المصيبة تعظم بفقد العلماء العاملين فهم مصابيح الأرض الذين ينيرون للناس طريق الرشاد ويحذرونهم من طريق الزيغ والفساد.
إن مما آلمنا كثيراً انه في الوقت الذي ما زلنا نكفكف دمعنا ونلملم جرحنا حزناً على فقد كوكبة من علمائنا الأجلاء, إذ بالموت ينزل بساحة عالم آخر وشيخ جليل.
هل حقاً مات فضيلة الشيخ محمد بن صالح المنصور؟
نعم مات ذلك الشيخ العالم العامل المخلص, مات ذلك الداعية المجاهد الذي وهب حياته وجهده خدمة لدينه وأمته الاسلامية.
مات من وقف ضد مخططات اعداء الاسلام وافكارهم، مات من أوضح زيغ وظلال كثير من البدع التي ظهرت في هذا الزمان، نعم لقد مات رحمه الله والموت حق علينا جميعاً ولا راد لقضاء الله, قال تعالى: كل نفس ذائقة الموت وقال سبحانه كل من عليها فان وقال جل وعلا قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ,.
وإنني في الحقيقة لا أدري لمن أقدم العزاء أولاً، لأبنائه أم لطلابه أم لعامة المسلمين أم للعلم,, وان كنت أرى الأخير أولى من غيره حيث فقد العلم بموته أحد أركانه الحصينة الذي قد لا يجود الزمان بمثله، وهذا مصداق ما جاء في الحديث الصحيح حيث قال صلى الله عليه وسلم ان الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الرجال ولكن بذهاب العلماء فإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساً جهالاً فسألوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا,.
ويحسن بنا تقديم نبذة مختصرة لحياة شيخنا رحمه الله.
هو الشيخ العلامة أبو عبدالله محمد بن صالح المنصور، ولد في مدينة بريدة عام 1350ه وكف بصره وهو دون العاشرة من عمره حفظ القرآن على يد الشيخ محمد الوهيبي ثم انتقل الى الرياض لطلب العلم حيث درس في المعهد العلمي ثم كلية الشريعة، كما تلقى العلم على يد كل من الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ والشيخ عبداللطيف بن ابراهيم آل الشيخ والشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ محمد أمين الشنقيطي والشيخ عبدالعزيز بن رشيد والشيخ عبدالله الخليفي.
بعد ذلك تولى منصب القضاء في مواقع مختلفة مثل: تربة والبقوم والسليل والباحة وتبوك ومكة المكرمة.
وفي عام 1388ه طلب اعفاءه من القضاء عمل بعد ذلك في التدريس والتوجيه بمكتبة بريدة العلمية خلفاً للشيخ عبدالله بن حميد رحمه الله حتى عام 1410ه.
وبعد جهد ودأب على العلم والتعليم والافتاء والتدريس ووعظ الناس وارشادهم بعد تلك الحياة العامرة فاضت روح شيخنا الى بارئها عز وجل وذلك يوم السبت 26 من ذي الحجة سنة 1420ه، وقد شهد جنازته جمع غفير ضاق بهم جامع حي الخليج ببريدة.
ففرشت الساحات والطرقات والممرات، مع هذا كله لم يتمكن كثير من الناس من الصلاة عليه فلم يكن امامهم إلا الذهاب إلى المقبرة وانتظار جنازته رحمه الله وبعد أن أدى الناس صلاة الجنازة يتقدمهم صاحبه ورفيق دربه والدنا صاحب الفضيلة الشيخ حمود بن عبدالله العقلاء حفظه الله وسدد خطاه حينها حمل الشيخ على أعناق الرجال وساروا به إلى المقبرة مشياً على الأقدام، وفي المقبرة كان مشهداً عجيباً لم أرى مثله قط، فقد ضاقت المقبرة باعداد المشيعين مما جعل الكثير منهم يأثرون الاصطفاف على جنبات المقبرة ليكتفوا بالقاء نظرة أخيرة على جنازة شيخهم وعالمهم قبل ايداعها قبرها.
اللهم رحمتك السابغة ومغفرتك الواسعة لشيخنا وأحسن به العوض للإسلام والمسلمين,هنيئاً لك يا شيخنا هذا الوداع المؤثر وتلك الدموع التي ذرفت من أجل فراقك وابشر بخير عظيم انشاء الله تعالى فالناس شهود الله في أرضه, ظل الشيخ رحمه الله يعمل في التدريس في المكتبة والمسجد والجامعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فرع القصيم .
وقد تلقى العلم على يديه جمع كبير من طلبة العلم منهم:
فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء، وفضيلة الشيخ صالح المحيميد رئيس محاكم المدينة المنورة وفضيلةالشيخ سليمان العمر رئيس محاكم مكة المكرمة والدكتور سليمان العبيد الحمود وفضيلة الشيخ عبدالعزيز العقل وغيرهم كثير مما لا يتسع المجال لسردهم جميعاً.
لم ينقطع الشيخ عن طلابة فقد كان يدرس في مسجده حتى آخر أيامه حيث كان له درس بعد الفجر ودرس آخر بعد المغرب وهما مستمران طيلة أيام الاسبوع ما عدا يوم الجمعة.
أما حياته الخاصة فقد كان رحمه الله متواضعاً وسمحاً كريماً طيب المعشر دمث الأخلاق يأسرك بمحبته اثناء حديثك معه.

حوى السبق في كل المعارف ياله
إمام همام حاز كل الطوارف
وقد صار ممنوحاً بكل فضيلة
بظل ظليل بالعوارف وارف
وحاز بجد واجتهاد ومنحه
لما عنه حقاً كلَّ كلُّ الفطارف
وقد صدق الإمام أحمد رحمه الله حيث قال: قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم يوم الجنائز .
وانني واثق ان تلك المشاهد التي صاحبت تشيع جثمان الشيخ محمد المنصور لن تغيب عن جنازة كل عالم عامل صادق لأمته مجاهد في سبيل خدمة هذا الدين والذب عن عقيدة الاسلام، وقبل ان أودعكم أناشد احبتنا من علمائنا الأفاضل أن يتكرموا بتأليف كتب تتحدث عن حياة وسيرة هذا العالم المجاهد الذي افنى حياته خدمة لهذا الدين وأهله.

الله يعليه في الفردوس منزلة
فضلاً وجوداً وتكريماً واحسانا
والله يوليه الطافاً ومغفرة
ورحمة منه احساناً ورضوانا
ثم الصلاة على المعصوم سيدنا
أزكى البرية ايماناً وعرفانا
* وقفة تأمل:
هل هذا عام الحزن الثاني؟!
حقاً ان عامنا الذي مضى 1420ه هو عام الحزن الثاني فبعد العام الذي توفي فيه عم الرسول أبو طالب وزوجته خديجة رضي الله عنها والموسوم بعام الحزن لم يأتي بعده عام هو أشد على المسلمين من عامنا الذي مضى فقد رزئت الأمة الاسلامية بفقد جمع مبارك من علمائها الأجلاء الذين نذروا حياتهم في سبيل خدمة عقيدة التوحيد حفظكم الله من كل مكروه وسوء.
مثنى بن حمود الشعيبي
بريدة
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تربية وتعليم

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved