Sunday 9th April,2000 G No.10055الطبعة الاولى الأحد 4 ,محرم 1421 العدد 10055



لما هو آتٍ
د،خيرية إبراهيم السقاف
في مسألة الطلاق

(4)
فيما سبق من المقالات الثلاث الماضية في مسائل الطلاق،،،، تابعنا إحدى عشرة حالة طلاق بمصطلح المختصين، وردت بنصوص جاءت من شباب وشابات وقع منهم أو عليهن الأمر ولمّا بعد تجاوزت تجاربهم مداها،،،، إن حاولنا تأطير الأسباب التي أدت إلى الطلاق يمكننا أن نحصرها في الأطر التالية: الأول: المتغيَّر المادي، الثاني: المتغيَّر الاجتماعي، الثالث: المتغيَّر التربوي، الرابع: المتغيَّر الأخلاقي،
ولمناقشة الأمر يمكننا أن نقول: لوحظ أن ما طرأ على المجتمع من متغيَّرات مادية جعلت هناك نيَّة مبطّنة تقوم في صدور الشباب حين يقبلون على الزواج للحرص على الاقتران بمن يتمتع أو تتمتع بمستوى مادي رفيع، رغبةً في: العيش الرغد، أو القدرة على الاستفادة من تحقيق الرغبات اليومية القريبة، أو البعيدة في مأكل وملبس، ومسكن، ومواصلات، وعلاقات، وسفر، ونحوه،، فلمّا لا تتحقق هذه النيّة ولا يقوم بها أحد الطرفين، تنشأ مسألة تتعلّق بمتغيَّر آخر يرتبط بالأخلاق ، والأخلاق متغيّر جزء منه يتعلَّق بتربيتها منذ الطفولة، والجزء الآخر المرتبط بفعل الله فيما قسم للإنسان من هدى في هذا الأمر ونعمة، وهما متغيَّران يرتبطان بالمتغيَّر الاجتماعي الذي يؤكِّد انتشار الماديات ومظاهرها، وظواهرها، وما تأخذ به من تغيير في النظرة الاجتماعية العامة للأفراد، ومن أفكار، ومن سلوك، ومن،،، ومن،،، وهو أيضاً يرتبط بالمتغيَّر التربوي، ذلك الذي تقوم عليه شؤون التنشئة في البيت وما يعلمه الأبوان ويربيان عليه أبناءهما ذكوراً وإناثاً من القيم، والسلوك، والفكر، والمفاهيم، وبمعنى إضافي ما يتعوّد عليه الفرد في حياته ويؤدي إلى قراراته في مستقبله،
ثمة ما يقوم في مسألة الطلاق على ما يشير إلى قصور في تنمية الإحساس بالمسؤولية لدى الإناث والذكور، إذ لوحظ في الحالات التي وردت: عدم تقدير للبناء الأسريّ، وعدم صبر على الطوارىء بين الزوجين، وعدم خوف من نتائج التفكك الأسري، والاتكال على الوالدين والسلوك الخاطىء من استهتار، من الطرفين، أو تعدٍ على المشاعر، أو تجاهل للحقوق التي فرضها الدين في المعاملة المتبادلة، وكذلك للواجبات، أو تطاول على الحدود التي فُصِّلت في هذه العلاقة،،، وكل ذلك يوضح أن ما تقوم عليه مسائل الطلاق جميعها متغيَّرات في جذر البناء الذي تقوم عليه أسس التربية الإسلامية الصحيحة للفرد وصياغة هذا الفرد سلوكاً، وأخلاقاً، وفكراً،،،
ذلك يدعونا إلى التفكُّر في أمر على درجة كبيرة من الأهمية وهو كيف يمكن أن تعاد صياغة الإنسان وفق منظومة السلوك المقبول شرعاً ، وممارسةً ، وواقعاً ؟!،،،
فالشاب المتعلِّم، المستهتر المغرور، الطامح في المال والجاه والسلطة، الذي يضرب، ويحرم من الأولاد، ويطلِّق لأتفه الأسباب، والمستغل لقدرته ونفوذه فيقوم باتهام زوجه بعدم الأهلية لمجرد أنه يرغب في الانتقام منها بحرمانها من تربية أولادها، والمتكبِّر الذي يرفض النصيحة، والذي يبني علاقات خارجة عن أطر الحلال والمعقول والمقبول، ويقيم قراراته في بقاء أسرته أو تمزيقها من أجل ذلك، والذي يضع نماذج الممثلات والمذيعات لأن تكون امرأته مثلهن أو يقوم بتطليقها إن لم تفلح في المحاكاة، أو التي تتسلَّط على زوجها بالشتائم والاعتداءات السلوكية الغريبة، والمستهترة بشؤون واجباتها، أو غير المتنازلة عن أمور يمكن أن تتجاوز فيها حدود الطلاق فتصل إليها دون وعي إلى نتائج ذلك، أو،،، كلُّ ذلك يؤكد أن جميع الطوارىء التي تؤدي إلى الطلاق ترتبط بمسائل تقوم على: التربية الأساس في تنشئة البيت أخلاقاً وسلوكاً، وعلى القصور في التنشئة الدينية على وعي بالمسؤولية ومعرفة الحقوق والواجبات والجائز وغير المقبول، وعلى ما طرأ من متغيَّرات اجتماعية عامة أثَّرت في بنية المجتمع فكراً، وقيماً، و،،، وطّدت أثر المادة في حياة الإنسان كي يتحرَّك وفق معاييرها على اختلاف علاقاتها بحياة هذا الإنسان، فضعفت مقاومة الأسر الناشئة ووقع الطلاق لأن هذه الأسر يقوم أفرادها على أبنية هشّة في تكوينهم التربوي والفكري والإيماني والسلوكي،
فماذا سيفعل الباحثون، وماذا سيفعل المربون؟!
تلك هي المسألة الأساس نحو معرفة أهمية بناء أسرة قبل الإقدام على ذلك،،،
وأن الزواج مؤسسة لا بد أن يعمل على نجاحها وقوام هذا النجاح تربية صحيحة للفرد ذكراً أو أنثى داخل إطار الحقوق والواجبات وما له وما عليه في المفهوم الإيماني القويم بعيداً عن زخارف طوارىء الحياة الدنيا وهشاشة أبعادها،
والأمر بين يدي ذوي الاختصاص،

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تربية وتعليم

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved